علكه بالفراوله
9 ] ـ إقناع الإبن بأنه سيجد المتعة والتسلية في هذا الأمر : قد يكون
الإبن – كما ذكرت سلفا – جاهلا بالحكم الشرعي لهذه الجريمة ، أو ربما كانت
غائبة عن باله ولا يعرفها أو لم يسمع بها من قبل ، غير أن هذا الجهل وهذا
الغياب قد يجُرّانِهِ إلى الوقوع فيها دونَ أن يُدركَ خطورتها بادئ الأمر
ويعرف الضرر المترتب عليها ، خصوصاً إن كانت الدعوة إلى ممارستها قد أتتهُ
ممن يثقُ فيه ويحبه حباً جماً ولا يحب أن يرفضَ له طلب أو يرد له رغبة ..
وحين يعرف صديق السوء الذي دعاه لممارسة هذه الجريمة بأن الإبن لا يعرفها
ولم يسمع بها من قبل فلن يجد صعوبة بالغة في إقناعه بأنها لعبة مسلية يعبر
له فيها عن حبه إياه وأن الكثير من الأصحاب يمارسونها وأن الذي لا يمارسها
يعتبر ناقص وغير متطور ، وسيجد المسكين نفسه مخدوعاً بهذه الأوهام باحثاً
عن الكمال الإجتماعي المزعوم ، فيُسلمُ نفسه ورجولته إلى الذئب المخادع
الذي سيُكشر أنيابهُ له فيما بعد بسبب إستهانة الإبن في الأمر إبتداءً ،
وجهله به وبعواقبه الوخيمة ..
ـ وجود ( زعيم ) لهذه الجريمة في كل حي وفي كل مدرسة : وهذه للأسف
ظاهرة دنيئة وقذرة بكل ما تحملهُ الكلمة من معنى ، لم أكتبها وأضعها في
الموضوع إلا لأني متأكدٌ بنسبةِ 200% من أنها موجودة في مجتمعاتنا وبكثرة ،
هذا الزعيمُ القذر من صفاتِه أنه في الغالبِ أكبر من جلسائه وأصحابه بأربع
أو خمس سنوات ، وهو في الغالبِ طالبٌ كسولٌ يعيد السنوات في دراسته ويفشل
دائماً ، ويكون في الحي صاحب سلطةٍ ومهابةٍ بين أوساط الشبابِ فيه ، وهو
معروفٌ بممارستِهِ الشاذة وأنه زعيمُ هذه الجريمةِ النكراء في حيهِ
ومدرستهِ ، ولن يكون بمنأى عن مداومة الإستدعاء في مراكز الشرطة بسبب
جرائمه المتعددة وإنتهاكاته السافرة ..
وجودُ هذا الزعيم مدعاة للخوف على الأبناء منه ومن شره وشر أعوانه ، فهو
إبليس المصغر ، إن وقعت عيناهُ على إبنٍ أو طالبٍ وأعجبَهُ منظره وفكرَ في
الإعتداء عليهِ فلن يجد صعوبة في الحصول عليه ولو بالقوة وإراقة الدماء ،
ويحرص المحيطون به على تنفيذ رغباته الساقطة ويتقربون إليه بإحضار المردان
له حتى يرضى عنهم ويشهد لهم بأنهم خير أعوان .. ألم أقل لكم بأنه إبليس
المصغر ؟
زعيم القذارة والدناءة رغم خطره وصعوبة التعامل معه إلا أن الإبن قد يسلم
من شره وضرره إن كان خروجه من المنزل مقنن وتحت نظر والديه ، وكذلك إن كانت
لوالده كلمة في الحي والمدرسة حيث لا يجرؤ أحد على مخالفته أو التعرض له أو
لإبنه بسوء ، وغالبية زبائن هذا الزعيم المأفون هم من الغلابى والمساكين
المضطهدين في بيوتهم حيث يجدوا عنده بعضا من كرامتهم المسلوبة – ظناً
وتوهماً – ويستعبدهم فيما بعد لقضاء شهوته المتأججة وإتخاذهم خلان لهذا
السبب ..
ـ التحايل على الإبن بوسيلة أو بأخرى من أجل الإنفراد به : يحاولُ
الشابُ إستدراجَ الإبن وإعطائه الثقة الكاملة من خلال ملازمتهِ الدائمة
والدفاع عنه إن لزم الأمر والظهور أمامه بمظهر المحب له والحريص عليه ، ومع
تقوية أواصر العلاقة بينهما يحاولُ الشابُ التحايلَ على هذا الإبن حتى
يُسلمه نفسهُ كي يمارسَ معه الفاحشة .. فتارة بإظهار الإعجابِ بهِ أمامَ
الأصدقاءِ بحضورهِ ، وتارة أخرى بالتصريح له بالحبِ والعشق ، وثالثة
بالتأكيد عليهِ بأنه حبيبهُ وعشيقهُ للأبد ..
بعدها ، إن وجد الشابُ من هذا الإبن نفوراً منه وإبتعاداً عنه بسبب مشاعره
الشاذة وأفكاره القذرة فسيلزم حدوده ويعرف أنه لن يحقق مرادهُ مع هذا الإبن
فيدعه – في الغالبِ – ويبحث عن آخر ، وأما إن وجدَ من هذا الإبن موافقة لما
يقول وكانت هذه الموافقة مصحوبة بإبتسامة أو مجاملة فسيدركُ الشابُ بأن هذا
الإبن من السهل الإيقاع به وجرّه إلى وكر الرذيلةِ والعار لأنه ألانَ لهم
القول مع أول محاولة ..
ـ حفظ صور مخلة عن الإبن وتهديده بها دوماً : قد تكون هذه الصور
حقيقية للإبن من خلال تصويرهم إياه وهو في وضع مُخِل في موقف سابق ، وقد
تكون مدبجلة ومركبة خصوصاً مع إنتشار برامج التصميم وسهولة التزوير فيها ..
وفي كلا الحالتين فإن الإبن حين يقع نظره على هذه الصور فسيتمنى لو أن
الأرض انشقت وابتلعته قبل أن يراها ، وهو يدرك بأن وجود هذه الصور عندهم هو
أسلوبٌ وضيعٌ منهم وخطة محكمة للضغط بها عليه حتى يأتيهم متى ما طلبوا ذلك
منه ..
إن كانت الصورة مركبة فقد يجد الإبن في نفسه قوة ورباطة جأش يستطيع بها
إنكار نسبة هذه الصور إليه ويتحجج بأن الإنترنت وبرامج التصميم قد سهلت كل
عسير ، وتزداد قوته إن وجد دعماً وإهتماماً ومناصرة من والده .. أما إن
كانت الصور حقيقية فالتأنيب الداخلي في نفسهِ وشعوره بالمرارة في داخله حين
رؤيته لها ؛ يجعله ضعيف الحجة .. ولو أنكرَ بلسانهِ لعرف من أمامَهُ كذبه
من عيونه وطريقة تحدثه ..
ـ الإغراء المادي : كانوا في السابق يغرونَ النساءَ بالمادة ،
وانقلبَ الحالُ الآن على الأبناء الذكور .. وقد يتعجب القارئ الكريم وتتعجب
القارئة الكريمة من إمكانية توفر المادة بيَدِ هؤلاء السفهاء ، وهل هم في
حاجة المال في كل مرة يرغبون فيها بممارسة هذه الجريمة !! والواقع المؤسف
يؤكدُ بأن عدداً غير بقليل من هذه التحرشات والإنتهاكات السافرة تتم بمقابل
مادي ، خصوصاً إن كان الإبنُ يجد تقتيراً وبخلاً لا يطاقُ من والده ..
لا أدعو هنا إلى إغداق المال على الأبناء حتى لا يبحثوا عنه في الخارج ،
ولكن الإقتصاد في الصرف ووضع المال في موضعه الصحيح كفيلٌ بألا يلتفتَ
الإبنُ لمثل هذه الدعاوى المنحرفة .. وربما تستغربوا وتصابوا بالدهشة إن
قلتُ لكم بأنّ هذا الإغراءَ الماديّ لا يتمثلُ في عشرة آلاف ريال مثلاً أو
ألف ريال أو حتى خمسمائة ريال ، بل والله بعضهم يقبل بعشرة ريالات وعشرين
ريالا وبعضهم بريالين مقابل أن يسلمهم نفسه ، ويزداد المبلغ إن رغب الشابُ
القذر الدنيء في الممارسة بطريقةٍ غريبةٍ شاهدها في صورةٍ أو مقطع وأحبّ أن
يطبقها ..
ـ استغلال رغبة الإبن بالممارسة وبحثه عنها : فالإبن الذي أدمن على
هذه الجريمة سيبدأ هو في البحث عنها حتى يشبع تعطشه لها ، وثبت طبيا بأن
الشخص الذي سبق له أن تعرض لحالات إغتصاب فإنه يصاب بجراثيم وبكتيريا تنتشر
عند شرجه وتصيبه بالحكة المستمرة ولا سبيل له – في نظره – للخلاص منها إلا
بممارسة هذه الجريمة ، وهذا التحليل الطبي يفسر سر بحث كثير من الأبناء عمن
يطفئ فيهم هذه الشهوة بسبب ممارستهم لها في السابق وإدمانهم عليها ..
وبحث الإبن الدؤوب عن هذه الممارسة الشاذة يسهل كثيرا على ضعاف النفوس
مهمتهم فقد كفاهم مؤونة البحث عن فريسة جديدة وسلمهم نفسه حتى يحقق مبتغاه
وراحته الوهمية .. وسيجدوه كلما بحثوا عنه لأن الطرفين اتفقا في البحث عن
هذه الممارسة إشباعا لرغباتهما .. وسيُعرف الإبن فيما بعد بأنه هو من يبحث
عمن يرتكب فيه هذه الجريمة وسيصبح مزارا لأصحاب القلوب المريضة والفطر
المنكوسة ..
ـ توسيط الأطفال لإستدراج الإبن : وهذه الظاهرة تشمل كلا الجنسين ،
فبها يُستدرج الأبناء الذكور وكذلك الفتيات والبنات .. لكني أقصدُ بها هنا
إستدراجُ الأبناء الذكور خصوصاً إن كانت أعمارهم لم تتجاوز الثانية عشرة أو
الثالثة عشر وكان للشابِ الوضيع الذي يبحثُ عنهم إخوة يماثلوا هذا الإبن
المسكين في العمر ، وبطبيعةِ الحال فسيلعبُ هذا الإبن مع زملائِهِ وسيذهب
معهم إلى بيوتهم أو إلى النوادي أو النزول إلى الحارة والحي ..
وتعلق قلبُ الشابِ الوضيع بهذا الإبن يجعله يوسّط أخيه الأصغر الذي يماثلُ
الإبنَ في عمره كي يُعَرفه عليه ويزوره في منزله ومن ثم يختلي به هذا
الشابُ القذر كي يمارسَ معه هذه الفاحشة سواء وافق أو أمتنع مع أخذ التعهد
عليهِ بعدم الإبلاغ وتهديده بالقتل والضرب إن أبلغ ، وهكذا يظنُ الأب بأن
إبنه يذهب لزيارة صاحبه وفي الواقع أن إبنه يذهب لأخذ دروس خصوصية في نزع
الرجولة عنه كما تنزع ملابسه عنه عند ممارسته لهذه الجريمة ..
وحديثي هذا لا أقصد منه حرمان الأبناء من زيارة أصدقائهم ، فبعض أباء
الأصدقاء أنفع للإبن من والده ، ولكن الذي يجب أن نعيه وندركه بأن الطيبة
الزائدة والسذاجة الدائمة تعود أحيانا على الإبن بمصائب لا حصر لها ، وكان
بالإمكان دفعها ودفع خطرها قبل الوقوع إن وجد الإبن والدا متبصرا متعقلا
يزن الأمور ويعرف أبعادها ويدرك متى يسمح للإبن بالذهاب ومتى يمنعه وكيف
يقدم له هذا السماح أو هذا المنع ..
هذا ما أستطعتُ جمعه وإدراكه من أساليبِ الكلاب الضالة والذئاب البشرية في
إغواء الأبناء وإستدراجهم للوقوع في هذه الجريمة البشعة .. بالطبع هناك بعض
الأساليب التي لم أكتبُها نظراً لأني أجهلها ولم تمر علي ، لكن أغلب الطرق
التي أراها تحدثُ في مجتمعنا اجتهدتُ في تسطيرها بعاليهِ حتى يَحذر منها
الأباء والأبناء والأمهات وحتى نتدارك ما يمكن لنا تداركه قبل فوات الأوان
، فلا يعيبنا أن نخطا .. وإنما العيب والعار في أن نخطأ ونسكت عن الخطأ أو
نصر عليه بحجة الفشل الإجتماعي أو الفشل التربوي ..
.
يتبع ..
علكه بالفراوله
وقد يسأل سائلٌ .. ماهي الأماكن التي غالباً ما تتم فيها ممارسة هذه
الجريمة النكراء ؟
فأكثر هذه الأماكن هي الأحياء بشكل عام وما تفرّع منها من ملاعب أو عمائر
تبنى أو عمائر مهجورة أو مواقف سيارات موصدة ومغلقة .. وكذلكَ الأمر يشمل
المدارس رغم قلة ممارسة الفعل داخلها ، لكنهم يخططوا ويرتبوا وينسقوا فيها
حيث إذا خرجوا خارجها لا يبقَ أمامهم إلا التنفيذ .. والأمر أيضاً يشمل
بيوت الأصدقاء والأقارب ، ولا يُشترط أن تكون بيوت أصدقاء الإبن نفسه ،
فربما ذهب مع والده أو والدته إلى الجيران أو الأصدقاء ثم انزوى الأبناء
بعيداً عن الأنظار كي يمارسوا هذه الجريمة ..
وهي تشمل كذلك للأسف الشديد حلقات التحفيظ ، وهذا أخطر جزء بالموضوع بأكمله
وهو أن يتم إستغلال حلقات تحفيظ القرآن الكريم لممارسة هذه الأعمال
الإجرامية ، وأنا هنا لا أتهم مدرسي هذه الحلقات فهم أهلُ خير وصلاح وهذا
لا يبعد عنهم الزلل فمنهم من قبض عليه وهو يباشر في تلميذه وبعضهم يمهد
لذلك .. لكني أقصد تحديداً ؛ الأبناء الذي يُجبروا على الإلتحاق بالحلقاتِ
رغمَ كرههم لها ، وإنما التحقوا فيها بناءً على أوامر والديهم ، فهؤلاء لا
همّ لهم في الحفظ ولا يبحثوا عنه ، وإنما يُقلبوا النظرَ يمنة ويسرة بحثاً
عمن يجدوا فيه بُغيتهم كي يستدرجوه ويعتدوا عليه ..
ومن الأماكن التي تتم ممارسة هذه الجريمة فيها إضافة إلى ما سبق .. لقاءات
العائلة ، ولا يُقصد بهذا إساءة الظن في أبناء العم وغيرهم من الأقارب
فمنهم الشرفاء الذين يدافعوا عن الأبناء وهم مصدرُ عز وفخر لأهلهم ، لكن
المقصد هو من كانت لهُ أفكار شاذة وإهتمامات دنيئة فهذا لا يجد حرجاً في
التحرش بإبن عمه أو إبن خالته إن وجدَ الفرصة مواتية .. والأمرُ كذلكَ يشمل
النوادي الرياضية وكذلك مراكز الأحياء خصوصاً إن كانت الفوضى هي شعارها فلا
رقابة على الصغار ، ولا فصلَ بين الكبير والصغير فيها ويُترك الأمر للجميع
كي يتصرفوا كما يحلو لهم ..
وكذلك من الأماكن المهمة والتي يجب أن ننتبه لها جميعاً ؛ أوساط العمالة
الوافدة سواء في المحال التجارية أو الأسواق أو المطاعم وتزداد خطورة الأمر
إن ذهبَ الإبن في أوقاتٍ غير معهودة كآخر الليل أو قبل العصر .. والأمرُ
كذلكَ يشملُ غرف السائقين ، فكم من الأبناء تعرضوا للإغتصاب والإعتداء من
قِبل سائقي المنازل وفي غرفهم الخاصة المعزولة في الحوش ، حيث يسمحُ الأب
للإبن بالجلوس مع السائق في غرفته متى شاء ، وهذا خطأ جسيم خاصة إن كان
الإبن لا يقدر على دفع الشر عن نفسه ..
تقريباً هذه أبرز الأماكن التي يجد فيها ضعاف النفوس الفرصة سانحة لممارسة
الرذيلة .. نسأل الله الحفظ والصون ..
.
وبعد أن عرفنا سوية أسبابَ الوقوع في هذه الجريمة ثم الأساليب المستخدمة من
قِبل ضعاف النفوس لغواية الأبناء وإسقاطهم في هذا المستنقع الآسن ، وكذلك
الأماكن التي يكثرُ فيها ممارسة هذا العمل ؛ جديرٌ بنا أن نتعرف على أثر
هذه الجريمةِ على الإبن وأهل بيته حتى يدرك كل عاقل متبصر وتدرك كل عاقلة
متبصرة مرارة الواقع الذي قد يعيشه أبناءنا دون أن نشعر ، وإلى أي مدىٍ
يمكن أن يؤثر عليهم وعلى مستقبلهم ورجولتهم ..
وسأبتدئ بذكر الأثر المترتب منها على الإبن المفعول فيه :
ـ إنعدام ثقة الإبن بنفسه : وبدأتُ بهذه الجزئية لأهميتها وأثرها
عليه .. حيث يصبح الإبن بعد عدةِ ممارساتٍ تتمُ معهُ ؛ مشتت التركيز ، شارد
الذهن ، فاشل في الدراسة .. لا يشغل باله إلا هذه الجريمة وكيف ومتى ولماذا
وأين يمارسها ، وسيجدُ في نفسهِ الخوف والرعب من المستقبل ، فينطوي في
منزله كالبنات ، لا يجرؤ على الخروج حتى لا يوصم بأنه #$%&!@ ، وتنعدم ثقته
في نفسه فلا يتجرأ على الإقدام على أي خطوة صغيرة كانت أو كبيرة خوفاً من
الفشل وحتى لا تزداد عليه مصائبه وآلامه ..
إن المتأملَ في هذه الممارسة يدرك بجلاء أن الطرف الأول مستبد متجبر ، نزعت
الرحمة من قلبه فغدا ذئبا شرسا في صورة بشر ، والمسكين الثاني منقهر ذليل
مكسور العين لا يجرؤ على رفع نظره فيمن حوله خشية أن يذكروه بهذا الواقع
المرّ والحقيقة المؤلمة .. وهكذا تستمر فصول هذه المسرحية المؤسفة بين طرفي
نقيض كل منهما يصارع نفسه ؛ الأول لتحقيق نشوته ، والثاني لتأنيبها وزجرها
..
ـ إهمال نفسه ودراسته من أجل التفكير دوما بهذه المعصية وآثارها :
حيث أثبتت الدراسات بأن التعرضَ لمثل هذه الممارساتِ من أهم أسباب تدني
المستوى الدراسي وإهمال الواجبات المدرسية والدروس ، والإخوة الأكارم في
الإرشاد الطلابي يدركون هذا الأمر جيداً بحكم عملهم الذي يحتم عليهم مجالسة
الطلاب ومصارحتهم ومعرفة أسباب تدني مستوياتهم الدراسية ، وسر التراجع
البارز في درجاتهم وتحصيلهم ؛ خصوصاً إن كانوا معروفين فيما قبل بالجدِ
والإجتهادِ والمثابرةِ ..
ومن جهة أخرى فإن إستغلالَ فترة الإختبارات لممارسةِ هذه الجريمة لهُ أثرٌ
كبيرٌ على سوء تحصيل الإبن من هذه الإختبارات ، فأيُ تركيز ينتظرهُ وهو
يُهان يومياً بسبب إدمان السفهاء للممارسة فيه !! إن ممارسته لهذا العمل في
فترة الإختبارات مُكرهاً أو مُخيّراً تعودُ عليهِ بالآلام والأوجاع
والاضطرابات النفسية التي تشتت تركيزهُ وتجعلُ الدراسة آخر أفكاره
وإهتماماته ..
ـ تحوله إلى الجنس الثالث ورغبته في الممارسة : فإذا أدمنَ الإبنُ
ممارسة هذه الجريمة وأصبح بحثهُ عنها وفرحه بها معْلمٌ بارز في حياته تحوّل
إلى الجنس الثالث واختفت الرجولة في نفسه وحديثه وحركاته وسائر أموره ،
وهذا التحول يعني أنه صار مريضاً من الداخل ، مهزوز الثقة ، مشتت البال ،
لا همّ له ولا غاية إلا في ممارسة هذه المعصية وإشباع رغبته منها حتى يؤكد
هذا التحول فيصبح أحد المنتمين إلى هذا الجنس الشاذ ..
وتحوله هذا يجعله كذلك أشبه بالجنس الأنثوي منه إلى الجنس الذكوري ،
فإهتماماته تتركز على العطورات والمنظفات وأمور الزينة وسائر إهتمامات
البنات ، وطريقة مشيه وحديثه تعطي صورة مبسطة لمن ينظر إليه عن الواقع
المرّ الذي يعيشه بعد أن وُأدت الرجولة في نفسه بسبب إدمانهِ ممارسة هذه
المعصية وحرصهُ وبحثهُ عنها حتى يُدمنها وتتسبب في إماتة رجولته ووأدها ..
ـ السمعة السيئة التي تلحق به وبأهله : وهذه السمعة ستظل ملازمة لهُ
، وبها سيُعرفُ دائماً ، فإذا ما جاءت سيرة أبيهِ في المجالس قالوا هو ذاك
الرجل الذي أهمل إبنه حتى أعتدي عليه ، ولن يستطيع الإبن تغيير هذه السمعة
إلا بصعوبةٍ بالغةٍ وبإجراءات وخطوات متعبة ومكلفة في سبيل تصحيح ما أفسدهُ
في صِغره ، وهذه السمعة لا تقتصر عليه أو على أبيهِ بل تشمل كافة أهل بيته
ذكوراً وإناثاً ، صغاراً وكباراً ، وسيَعرفُ القاصي والداني بأن بيت فلان
به إبن أعتدي عليه جنسياً من قِبل أصحابه أو الشباب في الحارة ..
ـ الأعراض الطبية والجسدية : ثبتَ علمياً بأن إدمانَ ممارسةِ هذهِ
المعصيةِ يتسببُ في عدةِ أمراض تصيبُ الشخصَ المعتدى عليهِ ، تبدأ بفطرياتٍ
وبكتيريا تنتشرُ حول فتحة الشرج فتصيبه بالحكة الشديدة وأحيانا تلتهبُ
فتتحول إلى جروح تنزف دماً ، إضافة إلى توسع فتحةِ الشرج وربما يتسبب هذا
الأمر في عدم تحكمه بالتبرز أعزكم الله ، كما أن الشخصَ المعتدى عليهِ لن
يتمكنَ من الجلوس براحة كما كان في السابق بسبب الآلام الناجمة عن الإعتداء
القذر الذي تعرضَ لهُ .. والذي ذكرتهُ لكم ؛ عبارة عن معرفةٍ عامة من خلال
ما أسمعُ به من حولي ، ولكني أنقلُ لكم الآن ما ذكرهُ الأستاذ محمد كامل
عبدالصمد في كتابهِ ( الإعجاز العلمي في الإسلام ) ، عن الآثار المترتبة
على ممارسة هذا الفعل ..
إلى جانب الأضرار الإجتماعية كفساد المجتمع بنفشي الرذيلة وسريان الإنحلال
بين الناس ؛ فقد أثبت العلم الحديث أن هنالك أضرارا طبية محققة مثل الورم
الليفي التناسلي Lympho granulama venereal الذي ينتشر بصورة كبيرة بين
اللواطيين ، ويظهر هذا المرض على صورة قرح تنتشر في الأعضاء التناسلية
لاسيما القضيب وفتحة الشرج ..
كما يحدث تضخم واضح في الغدد الليمفاوية المجاورة ، وقد تمتلئ هذه الغدد
بالصديد فتتكون فيها خراريج صغيرة سرعان ما تنفجر فتتكون جيوب Sinuses
ويَصحَب ذلك عادة إرتفاع في درجة الحرارة ، وغثيان ، وآلام بالمفاصل ،
وصداع شديد .. فإذا تفاقم المرض حدث تورم كبير في الأعضاء التناسلية
الخارجية لكل من الذكر والأنثى ، ويحدث هذا التورم عادة نتيجة إنسداد في
الأوعية الليمفاوية بسبب الإلتهاب المزمن الذي أصابها ..
وفي اللواطيين - خاصة السلبي منهم - يصاب الشرج غالباً ، فيحدث به إلتهاب
شديد يؤدي إلى إفرازات صديدية وقرح كثيرة ، وفي النهاية يحدث ضيق شديد
Stricture في فتحة الشرج ينتج عنه زيادة في الإفرازات الصديدية ، مع نزف
دموي من الشرج ، مما يسبب إنسدادا كاملا في فتحة الشرج ..
وقد يصاب المريض نتيجة هذا بأورام خبيثة في الأعضاء التناسلية لا سيما
سرطان المستقيم ..
ولا يقتصر الضرر الذي يسببه اللواط على نقل الأأمراض التناسلية والجنسية ،
ولكن ثبت أن هناك علاقة وطيدة بين اللواط وبين إلتهاب الكبد الوبائي ، ذلك
أن إلتهاب الكبد الوبائي الذي يسببه فيروس (ب) الذي ينتقل أثناء ممارسة
اللواط - لا سيما السلبي - الذي يصل إليه المرض عن طريق اللواط الإيجابي ..

وقد أثبتت الدراسات أن هذا الفيروس المسبب لإلتهاب الكبد الوبائي يكون
موجودا في اللواطيين بنسبة 5% في إنجلترا ، في حين أن نسبته في المصابين عن
طريق الحقن ونقل الدم لا تتجاوز 2% ، أي أن نسبة الفيروس (ب) في اللواطيين
تزيد عنها في الآخرين بمقدار خمس وعشرين مرة ..
كما أن اللواط يصيب صاحبه بمرض وهو مرض يفقد الجسم مناعته ..
وتوجد حقيقة علمية تؤكدها الأبحاث والإحصاءات هي أن أغلب المرضى في أمريكا
وغرب أوروبا من الشواذ جنسيا ، ويقدرون بحوالي 75% من المرضى الحاملين
لفيروس الإيدز ، وتكثر الإصابة في الشاذ السالب المفعول فيه عنها في الشاذ
الموجب الفاعل ..
وهذا ما تخوف منه الرسول صلى الله عليه وسلم

يتبع ..
علكه بالفراوله
] ـ الذل المترتب على ممارسة العمل فيه ووقوعه تحت رحمة الأنجاس ( كسر
العين ) : فالإبن الذي يُمارسُ فيه الشابُ القذرُ هذهِ المعصية لاشكَ أنهُ
سيصبح مكسورَ العين لا يتجرؤ على رفع النظر في هذا الشابِ أو رد أوامره ،
فيصبح له كالعبد ، يخدمه ويذلل له العقبات ويذهب لتنفيذ إحتياجاته وهو في
مقابل هذا لا يُكافئ إلا بمزيدٍ من الإعتداءات السافرة .. لأنهم نزعوا من
قلوبهم الرحمة والشفقة ويحاولوا جاهدين تعبيد هذا الإبن وجعله أسيراً
لشهواتهم ، منفذاً لرغباتهم دون ممانعة أو رفض ..
ـ إدمانه هذه المعصية وعدم مقدرته الخلاص منها : وكما أن السفهاء
الرعاع الأراذل يبحثون دوماً عن الإبن لقضاء شهوتهم فيه ، فكذلكَ الإبن
الذي اعتادَ ممارسة هذهِ المعصية سيجدُ في نفسهِ الرغبة الجامحة للمارسة
حتى يُطفئ شوقه وتعطشه لهذه الممارسة ، لا أود التوسع في هذه الجزئية
لبشاعتها وقذارتها لكن المقصود منها أن الإبن مع كثرة الممارسة يصبح هو من
يبحث عمّن يمارس فيه هذه الجريمة وليس العكس ..
ـ تعرضه الدائم للتهديد بواسطة أي باحث عن هذه الشهوة القذرة : فإذا
أراد أحد الشباب أن يمارس هذه المعصية فإن الأصابع من حوله تشير إلى فلان ،
ذلك الإبن الذي أصبحَ مرتعاً خصباً لأهل النفوس السقيمة والقلوب المريضه
فيذهب إليهِ ويهددهُ بالفضح عندَ والده وعند أهل الحارة إن لم يستجب لطلبه
ويسمح له بالممارسة معه ، وإن حاول الإبن الرفض أو الإمتناع فسيضطر هذا
الشابُ القذر إلى الإستعانةِ بمن سبق لهم الممارسة مع هذا الإبن حتى
يُقنعوه ويُرضخوه للأمر الواقع إن أبى ورفض ..
ـ محاولة إرغامه على إحضار أخواته أو الشغالة إلى هؤلاء السفهاء :
وهذا مسلكٌ خطيرٌ قد يصلُ إليه الإبن ، فمعَ كثرةِ الممارسةِ يصبح عبداً
لهم – كما أسلفت – لا يجرؤ على رفض طلب لهم أو الإمتناع عن تنفيذِ رغباتهم
، فيبدأ الأرجاس الأراذل في إرغامِهِ وإجبارهِ على إحضار أخواتِهِ أو
شغالتهم ، قد تظنوا بأن الأمر مبالغ فيه لكنهُ واللهِ حقيقة موجودة في
مجتمعنا والمآسي المترتبة عليها كثيرة ، خصوصاً إن كنّ أخواته أصغر منه
سناً ولا يدركن خطر الذهابِ إلى مثل هذهِ الأماكن الموبوءة ..
ـ إنتشار صور أو مقاطع مخلة عنه أثناء الممارسة : وهذا الأثر من
أكثر الآثار تأثيراً في نفس الإبن ، فيُقيدهُ عن الإبداع والعطاء ولا يجرؤ
على الخروج من المنزل أو التفكير بعمل شيء ما ، فكلما حاول أن يُفكر أو
يَعمل ؛ طرأ في بالهِ المقطع الذي أخذه له أصحاب النفوس المريضة وهو يتعرضُ
للإعتداء القذر ، أو ربما أقتصروا على صورة أو صورتين يهينوهُ بها ويُطلعوا
أصحابهُ عليها كسراً لعينه وتحقيراً من شأنه ، فيصاب بالعذابِ الداخليّ
وربما تسبّبَ ذلك الأمر في متاعب نفسية تلحقُ به ..
وبعد الفراغ من التعرض لأبرز الآثار التي تلحقُ بالإبن بسببِ تعرضهِ
للإعتداء الجنسيّ .. أعرضُ لكم بإيجاز فيما يلي الأثرَ المترتبَ على هذه
الجريمةِ لدى أهل بيته ..
ـ الأب : وهو إن كانَ لهُ ضميرٌ حي فهو أكثر الناس تأثراً بما حدث ،
يتفطرَ قلبهُ حسرةً وكمداً وحزناً على المصير الذي آل إليه إبنه والحال
المتردية التي وصلَ إليها بسببِ ممارسةِ هذهِ الجريمة ، كانَ الأبُ يمني
نفسه بإبن ٍ حكيم راشدٍ عاقل يتفجرُ قوة ونشاطاً ويكون خير عون له في كبره
ومستقبله ، فيُصدم بإبن منهكِ الجسدِ خائر القوى قد وُأدت الرجولة من نفسه
وأصبح منعزلاً منطوياً عمن حوله بسبب حدوثِ إعتداء عليه وسيكون في حاجة إلى
من يعينه على عكس ما كان يخطط الأب ..
الأثر في نفس الأب كبيرٌ وبالغ ، رغم أنهُ يبدو للناظر متماسك ومتحكم
بأعصابه إلا أنه من الداخل منهار ومتحطم بسبب ما حدث ، يُصاب في زهرة حياته
وسر سعادته فيتغير حاله وتتبدد آماله ويصبح يفكر في إبنه والمصير الذي
ينتظره أكثر من تفكيره بأي شيء آخر .. يسيطر هذا الأمر على كل لحظة من
لحظات حياته ويصبح شغله الشاغل ، لا يخطط إلا له ولا يفكر إلا فيه فيقل
إنتاجه في عمله ووظفيفته ، ويتشتت تركيزهُ في مجتمعهِ ويتصرف بغير ما يجبُ
عليه أن يتصرف ..
ـ الأم : والأم في الأثر المترتبِ عليها لا تقلُ كثيراً عن حال الأب
، فالمتضرر من هذه الممارسة هو إبنها فلذة كبدها وسِر سعادتها وأنسها ..
إلا أن عاطفتها ومشاعرها ربما تكون أكثر محاولة من الوالد في نشل الإبن مما
تعرض له ، ومحاولة بدء حياة جديدة خالية من مثل هذه الجرائم والنكبات ..
وحدوث شيء من هذا التغيير لن يُغير من الآلام القاسية التي تعرضت لها حين
بلغها ما بلغها عن إبنها ، وربما زاد التأثير عليها فأصيبت بمضاعفات صحية
خصوصاً إن كانت ممن تعاني من مشاكل في القلب أو السكر أو الضغط .. وما
أكثرهن في زماننا ..
ـ الإخوة والأخوات : كذلك الإخوة والأخوات عليهم أثرٌ لا يُنكر من
جرّاء تعرُض أخيهم لإعتداء جنسيّ سافر ، فإن كانَ هذا الأخُ أكبرَ منهم
فإنهُ يقدمُ لهم قدوة سيئة تتمثل في الإنطواء وإعتزال الناس ومداومة الجلوس
في المنزل وعدم القدرة على الإعتماد على النفس ، وكلما كبروا كبر هو معهم
وأظهر لهم ضعفاً في الشخصية وسوءا في التصرف يعود عليهم بالأثر السلبي ..
وأما إن كان أصغر منهم فهو يقدح في تقدمهم السني عليه حين تهاونوا في
الإهتمام به ورعايته حتى استطاع ضعاف النفوس الإيقاعَ به في مستنقع القذارة
.. وستظل كرامتهم – إن وُجدت – تحرك فيهم الرغبة الجادة في إنتشال الأخ
الأصغر مما هو فيه حتى يبدأ حياة سوية مهما كان ماضيها ..
.
هذه هي الآثارُ المترتبة على الإبنِ وأهله .. وبقي لي قبل ختام الموضوع أن
أعرّج على أبرز الطرق والأساليب للخلاص من هذهِ الجريمةِ - إن وَقعت - حتى
ينهجها وتنهجها من ابتلاها الله بإبنٍ مصابٍ بهذهِ المعصية .. ولا أزعمُ
بأني أستوفيتُ كافة هذهِ الطرق والأساليب ، وإنما اجتهدتُ في ذِكر ما أراهُ
مُساعداً ومُسانداً لإخراج الإبن مما هو فيهِ وجعله ينسى ما مضى ، ولكي
يبدأ حياة جديدة نظيفة طاهرة لا تعترف بنقص البدايات وإنما بكمال النهايات
..

يتبع ..
علكه بالفراوله
ومن هذه الطرق والأساليب ما يلي ..
ـ دعاء الوالدين : فأثرُ الدعاءِ بارزٌ وواضحٌ لا ينكرهُ أو يجحدهُ
أحد ، والدعاء حينَ يصدرُ من الأبِ
لإبنه أو من الأم لإبنها فسيكون له أثر بإذن الله في صلاح الإبن .. فإن كان
قد ابتلي بهذا الداء العضال أو لم يبتلى به ففي كلا الحالتين حري بالوالدين
أن يدعوَا لهُ بالصلاح والرشادِ والبعدِ عن مواطن الرجس والقذارة .. ولا
غنى للإبن في كل أموره وشؤونه عن دعوات والديه التي تصحبه في حياته فتيسر
له سبل النجاح والسداد وتهيء له أسباب السمو والتميز ..
ـ الوقوف مع الإبن وليس ضده : وهذا أمرٌ قد يتعجب منه البعض لكن
نقيضه موجود ، وأعني بالنقيض أن يتصرفَ الوالدُ حينَ سماعِهِ للخبر بهمجيةٍ
وتخلفٍ ، حيثُ يضع اللومَ على ولدِهِ ويكيل له السِباب والشتم وأنه ولدُ
سوءٍ ، وربما يمتدُ الأمر في كثير من الأحيانِ إلى ضربٍ وإعتداء جسديّ مؤلم
وقاسٍ بحق الإبن .. وهذا الأب المغفل – مع الإعتذار عن هذا الوصف – نسيَ أن
سببَ وقوع الإبن في هذا المسلكِ الخطير هوَ تعاملهُ مَعَهُ .. فإمّا أن
يكون مفرطاً في الدلالِ والترفِ وإما أن يكونَ الحجاج بن يوسف الثقفي رقم 2
، والحالتين غير إيجابية ..
يفترض أن يجدَ الإبنُ من والدهِ العطفَ والمواساة ، والوعد بأخذِ الثأر له
مِمَن أعتدى عليه وظلمَه ، وأن يُرسخ الأب في ذهن إبنه بأن ما حدث ماهو إلا
إعتداءٌ على هذا الإبن وأن الأبَ لن يَهدأ ولن يَرتاح ، ولن يغمضَ له جفنٌ
حتى يأخذ بحق ولدهِ مِمَن اعتدى عليه ، وحينها سَيَعيشُ الإبنُ من الداخل
فرحة عظيمة رغم مرارة ما تعرض إليه ، وسببُ هذه الفرحة يعودُ إلى أنهُ رأى
من والدهِ ما يسرُهُ ، وشعَرَ بأن والدهُ معه ، وأنه يقدم مصلحته على كل
إعتبار ، وشتانَ بين هذا الأبِ في مراعاتِهِ لمشاعر إبنهِ وبين المغفل في
النموذج الأول الذي زاد مواجع إبنه وكان أول من وقف ضده ..
ـ الإنتقام والإقتصاص من الفاعل بحضور الإبن : فالفاعل في الغالبِ لن
يخرُج عن محيط العائلة أو محيط الحي والمدرسة ، ووصول الوالد إلى هذا
الفاعل لن يكونَ بالأمر الصعب إن كان يعرف منزله أو يدرك بأنه إن ذهب إليه
في المدرسة فسيجده .. والمطلوبُ من الوالدِ إذا عرفَ الفاعل وعرف أين يجدهُ
أن يستشير أصحاب الرأي المسدد ؛ الذين يضعوا مصلحة الإبن فوقَ كلّ إعتبار ،
كإمام المسجدِ مثلاً أو الأخ الأكبر أو الجار القريب ..
فربما كان أسلم الحلول مع المعتدي أن يُضرب ويُجلد ويُسجن ويُسلم للجهات
الحكومية ، وربما تزيد هذه الإجراءات أو تنقص بحسب المصلحة العامة وما
تقتضيه ، والشاهد في القضية ألا يتصرف الأب بعاطفة الإنتقام وحدها لأنه إن
كان كذلك فسيذهب إلى الفاعل وربما قتلهُ لشدة غضبه ، بل يستشير ويأخذ أراء
أهل المشورة ثم يذهب إلى الفاعل ويتصرف بناء على مقترحاتهم ، ولو أخذ الإبن
معه حتى يريه ماذا يفعل بمن اعتدى عليه فسيكون لهذا الفعل في نفس الإبن
أثرٌ بالغ ، مع إشتراط حفظه وإبعاده عن الفاعل فيما بعد ، حتى لا يتحين
الفرصة للإيقاع بهِ من جديدٍ أو ضربه وإلحاق الضرر به على أقل تقدير ؛
إنتقاماً منه ومن والده ..
ـ الكشف الطبي لإزالة الآثار التي قد تعيده إلى هذه الجريمة :
والمرادُ بالكشف الطبيّ هو أن يُعرض الإبن على طبيبٍ مختص حتى يفحصه ويرى
إن كان به آثار من جراء الإعتداء القذر عليه ، فربما احتاج الإبن لأدوية أو
علاجات أو مرهم لأجل أن تزول آثار هذا الإعتداء نهائياً وألا تتسبب في
إحراج الإبن مستقبلاً ، كما يُستحسن عند الكشف على الإبن أن يُعرض على طبيب
لا يعرفه الإبن وألا يُذهب به إلى الطبيب القريب كإبن العم الطبيب مثلا أو
الخال الطبيب أو الجار الطبيب ونحوه ، فستظل صورة الطبيب وهو يفحصه باقية
في ذهنه طيلة حياته ، وأن يكشف عليه طبيب لا يعرفه أدعى وأحرى لأن ينسى
الإبن الحادثة بعد فترة ..
ـ تغيير المسكن ومكان الدراسة إن دعت الحاجة : وهذا أمرٌ لا يلجئ
إليه الوالدُ إلا إذا شعرَ بأن البقاءَ على الوضع الحالي سيتسببُ في متاعب
ومصائب لا حدَ لها ولا حَصر ، فربما كان الإعتداء قد تم في مدرسة الإبن وأن
القاصي والداني في المدرسة قد سمعوا بهذا الإعتداء وعرفوا الإبن وصاروا
يتندرون عليه ، فهنا يجب على الأبِ أن يبعدهُ عن هذه المدرسة مهما كانت
مميزاتها كأن تكون قريبة من البيت أو به مدرس يعرفه الأب ونحو ذلك ، من
الضروري كذلك ألا يعرفَ الطلابُ إلى أين سينتقل هذا الطالب ، وإنما يؤخذ
ملفه ويبتعد عن هذا المجتمع الذي لا بقاء للإبن فيه بعد أن تعرضَ لما تعرض
..
وإن كان الإعتداء قد تم في الحي وعرف الناس بالخبر وصارَ هو حديث مجالسهم
وشغلهم الشاغل وأحسّ الإبنُ بأنه لن يستطيع أن يخرج للناس ولن يستطيع أن
يتأقلم ويتكيف مع همزهم ولمزهم فيه وأنه قد تعرض للإعتداء ، فمن العقلانية
أن يُغير الأب مسكنه حرصاً على سمعة إبنهِ ومشاعِرهِ من أن تتعرضَ للتحطيم
والتشويهِ بيد من لا يُقيمون للأخلاق وزناً في حياتهم ، فالإبنُ في مرحلةِ
ما بعد الإعتداء بحاجةٍ إلى دعم معنويّ كبير ، وقد لا يتحقق هذا الدعم في
ظل بقائه في ذات الحي الذي تعرضَ فيه للإعتداء

يتبع ..
علكه بالفراوله
8 ] ـ محاولة كتمان الأمر قدر المستطاع حفاظاً على مشاعر الإبن : وأعني
بهذه الجزئية ألا يتم إبلاغ الجيران أو الأقارب بهذا الأمر مطلقاً ، قد
يخفي الأبُ الأمرَ ولا يظهرهُ للناس ، لكن الأمهات مع الأسف الشديد لا يجدن
حرجاً في التحدث للجارات والصديقات بكل صغيرة وكبيرة تحدث في المنزل ، فإنّ
إنتشار الخبر أمرٌ مزعجٌ في كل أحوالهِ لهذا الإبن ، وربما أثرّ عليهِ
مستقبلاً ، وربما صادفه في طريقهِ أو مدرستهِ من يُذكره بهذا الأمر بعد أن
عَلِمَ به من خلال والدته .. فالحذر مطلوب ، وكتمان الأمر مهم وضروري
حفاظاً على مشاعر الإبن ، وحتى لا يتكدر أو يحز في نفسه ..
ـ محاولة نسيان ما حدث وعدم تذكير الإبن به مطلقاً ، فالتأنيب
الداخلي يكفيه : وهذه الجزئية قريبة من سابقتيها .. والمراد بها أن ينسى
الوالدان ما حدث وألا يتهورا بتذكير الإبن به أو التحدث عنه بحضرته ،
بالطبع فإن الأب لن ينسى ما حدث وكذلك الأم لكن مع ذلك لا ينبغي عليهما أن
يتحدثا عن هذا الأمر بحضرة الإبن مطلقا ، فهو إن تذكره في نفسه شعر بالخزي
والإحراج والذل ، فما بالكم إذا سمع والداه يتحدثان عن هذا الأمر وكأنه أمر
عابر لن ينزعج أحد إن تحدثا فيه ..
ـ إلحاق الإبن بصحبة صالحة ( معروفة وموثوقة ) تعوضه ما افتقده :
فالإبن بعد تعرضه للإعتداء سيكون في حاجة ماسة إلى فتح صفحةٍ جديدةٍ مع
نفسه ومع المحيطين به ، وإلحاقه بصحبة صالحة به نفع عظيم له ولأهله ، ألا
ليت الأباء يدركوا أثرَ الصحبة الصالحة في حياة الإبن ، والله لو علموا
أثرها حق المعرفة لبذلوا الغالي والنفيس من أجل إلحاق الإبن بها ، لأنه
سيجني من ورائها إستفادة هائلة وتجربة عظيمة ستكون خير عون له في حياته ..
فالصديق الصالح هو خير عون في المُلمات والمَصائب ، يشعر المرءُ معه بأنه
مُنعمٌ بصديق حبيب قريب يصاحبه ويزامله لا لشيء إلا لأجل الحبِ في الله
وإبتغاء ثواب رب الثواب والجزاء على هذه الصحبة ، وهنا أود التنبيه بأن ليس كل صالح صالح ،
فبعضهم يستترون بالدين لأجل تمرير أفكارهم الضالة والمنحرفة .. والمفترض من
الأب أن يسأل أهل المشورة كإمام المسجد مثلا في كيفية توفير الصحبة الصالحة
لهذا الإبن حتى يُعوّضَ عما فقده من قبل ..
ـ تحفيظه كتاب الله ففيه الراحة والسعادة وإستعادة الثقة بالنفس :
لأنه حين يحفظ كتاب الله ويشعر بأنه قد قطع شوطاً لا بأس فيه من الحفظ
سيتولد لديه الشعور بأنه لا يزال قادراً على الإبداع وعلى الإنتاج ، فيزداد
همة وعزيمة لأجل حفظ أكبر قدر ممكن وإسعاد الوالدين بذلك ، ومع كثرة حفظه
لاشك أنه سيكون فخوراً بما فعل وستعود الثقة إليه بعد أن زالت في وقت مضى ،
ومع المداومة والحفظ والتشجيع سيجد سلوته وراحته وأنسه ، وستتغير نظرته
كثيراً للحياة من جراء حفظه لكتاب الله تعالى وإتقانه له ..
ـ تكريم الإبن داخل العائلة لأي إنجاز يفعله من أجل تشجيعه : قد
تكون تكلفة هذا التكريم قليلة ، عشرون ريالا مثلا أو أربعون أو خمسون ، لكن
أثرها في نفس الإبن لا يمكن تخيّـله وإدراكه ، لأن الإبن بحاجة إلى مثل هذا
التكريم حتى يستعيد ثقته بنفسه وينسى ما تعرض له من إعتداء قذر ، ولا أقصد
بالإنجازات تحقيق الصعاب والمشاق وإنما يتحين الأب أنصاف الإنجازات لتكريم
هذا الإبن ، كأن يحصل على الدرجة الكاملة في إحدى المواد الدراسية أو يتمكن
من حفظ سورة من كتاب الله أو تختاره والدته كأكثر إبن يخدمها في المنزل ،
وغيرها من الإنجازات التي تؤثر عليه في علاقته مع غيره وثقته بنفسه قبل ذلك
..
ـ قطع الصلة بأهل الفاعل حتى لا يتأثر الإبن نفسيا بهم : وربما تجد
الأم صعوبة في ذلك أو يجد الأب صعوبة في ذلك ، لكن مصلحة الإبن فوق كل
إعتبار ، ففي كل مرة يسمع الإبن صوت والدة الفاعل وهي تطلب والدته على
الهاتف أو يرى والدَ الفاعل ووالده يجالسه في مجلس المنزل فسيتذكر تلك
اللحظات المؤلمة التي مرت بها والتي تربط هؤلاء بالفاعل بحكم أنهم والديه
أو حتى إن كانوا إخوته أو أخواته ..
وتزداد الصعوبة إن كان الفاعل من أبناء الأقارب ، فمن الصعب أن تقطع الأم
علاقتها بأختها أو يقطع الأب علاقته بأخيه ، ولذا يجب تقنين العلاقة والحرص
على إبعاد الإبن عن كل ما يذكره بالماضي السيء الذي تسبب به من لا يخاف
الله ولا يراقبه ، وإذا منّ الله على الإبن وكبر ورشد فحينها يمكن له أن
ينسى الموضوع بطريقته أو يتكيف مع الواقع الذي يعيشه ..
ـ إعطاء الإبن الثقة الكاملة للتحدث عما بداخله لوالديه : وهذه
الجزئية شبيهة بجزئية مضت ، والمراد منها أن يمنح الوالدان الإبنَ الثقة
الكاملة في نفسه ، وألا يُشعراه بأن ما حدث سيتسبب في نزع الثقةِ عنه وأنه
ليس أهلا لها ، بل يكونا قريبين منه أكثر من أي وقت مضى ويُشعرانه بهذا
القرب حتى يجد الإبن في نفسه الثقة الكاملة التي تساعده على التحدث مع
والديه بكل شفافية وأريحية ، لأن الإبن قد يشعر بأن والديه أو أحدهما قد
تغيرت معاملتهما للأسوء معه فيكون هذا عائقاً له عن فتح قنوات جديدة للحوار
مع والديه ، ويكتفي بالروتين اليومي الذي لا يقدم في حياته ولا يؤخر ..
هذهِ برأيي أبرز الطرق والأساليب التي ينبغي أن ننهجها للتخلص من آثار هذه
المعصية ، قد تكون هناك طرق أخرى لم أستوفها في موضوعي ، وهذا عائدٌ لنقصي
بالمقام الأول وقلة حيلتي .. وإن كانت برأيي تستحق الإهتمام لأنها تمس
الإبن بالمقام الأول وتساهم بعد عون ربي وتوفيقه في تخفيف مصابه وإنتشاله
من آثاره الوخيمة إن صدق الوالدان في ذلك واحتسبا الأجر عند الله ، والطرق
والأساليب وكيفية إستخدامها عائدة إلى الوالد وإلى حكمته وتريثه وإختياره
الصائب للتصرف الصحيح والأمثل ، فقد تناسب أبناء دون أبناء ، وأباء دون
أباء ..
.
إخوتي الأباء ، أخواتي الأمهات ، أسأل الله العلي القدير أن يكتب لي ولكم
صلاح القول والعمل وأن يجعل ما نقوم به حجة لنا وفي ميزان حسناتنا وألا
يجعل لأحدٍ غيره حظا فيه ولا نصيب ، وأرجو أن أكون قد وُفقت فيما أردت
الكتابة عنه وأن يكتب الله له القبول لدى الأعضاء والزوار الكرام ، وما
وجدتموه من خير وبر ومعروف فهو من الله وحده أهل الثناء والحمد ، وما كان
من تقصير وزلل فمن نفسي وبشريتي ومن الشيطان ، ولا كامل إلا رب الكمال
سبحانه ..
ولا يكتمل الموضوع ومقصده إلا بإثراءاتكم وتعديلاتكم على ما جاء فيه ، فقد
اخترت الكتابة من نظرة أحادية كما يبدو لي ، وربما كان من الزوار والقراء
من لو أضاف وكتب لأثرى الموضوع وأفاد إفادة يجهلها عقلي القاصر .. لهذا
فأرحب بنقدكم وملاحظاتكم سواء بالرد أو على البريد المدون بالتوقيع ، طامحا
ومُأملا أن يكون الهدف هو إبتغاء مرضات الله والسعي لما فيه الخير لأبنائنا
وأبنائكم ..
أشكركم على تشريف الموضوع بالزيارة ، وأدعو الله أن يحفظ أبناءنا وأبناءكم
وأن ينبتهم النبات الحسن ويبعد عنهم سفهاء القول والعمل وأشدد في ختام
الموضوع على أبرز نقطتين في نظري لصلاح الأبناء وتنشئتهم النشئة الإسلامية
الزاكية ، ألا وهي الأب وقربه من ابنائه ، والصحبة الصالحة وأثرها في صلاح
الأبناء ، وطالما توفرت هاتين النقطتين في حياة الإبن فهي توطئة وتهيئة
لجيل واعٍ ناجح مسدد ، وإن اختلت الموازين وفقدت هذه الركائز فسيكون الحال
كماهو مشاهد في السجون والشوارع ، نسأل الله الحفظ والصون ..
لا تَنسَوني وَوَالِدَيّ مِن صَالِح دَعَوَاتكُم ..
أرَق تَحَايَاي وأعَطرَهَا لكُلِّ مَن شارَكَ أو أكتَفى بالزيَارَةِ ،
وَجَزاكُمُ اللهُ خَيرَاً ..
.
هادئ الطباع ، الساحة العربية ..
السبت 7 / 3 / 1426 هـ ..