السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسباب الحياة السعيدة ؟

ـ الهدى والإيمان , والاستقامة على أمر الرحمن , ومخالفة الهوى والشيطان , ومجانبة
الكفر والفسوق والعصيان.
ـ العلم النافع فإنه يشرح الصدر, ويعظم الأجر, ويرفع الذكر , ويحط الوزر , وهو من
أعظم الذخر , وبركته العمل به في التصديق والنهي والأمر .
ـ كثرة الاستغفار والتوبة من الذنوب , وإدمان قرع باب علام الغيوب , وسؤاله الفتح على
القلوب , فإنه التواب على من يتوب .

ـ دوام ذكره على كل حال , في الحل والترحال , والثبات والانتقال ,
و اللهج بياذا الجلال ,
مع موافقة القلب اللسان عند نطق هذة الأقوال.
ـ الإحسان إلى العباد, ونفع الحاضر والباد ,وتفقد الفقراء ,وأهل البؤس والإجهاد ,وقضاء
حوائجهم بالإمداد , وإدخال الفرح عليهم والإسعاد.
ـ شجاعة القلب في الأزمات , وثباته في الملمات , وقوته عند الكربات , وعدم انزعاجه
للواردات , ومجانبة قلقه في المصيبات .

ـ تصفية القلب من الحقاد , وتطهيره من الفساد , كل الغل وحسد الحسّاد , وترك الانتقام
من العباد , والحلم على أهل العناد.
ـ اطّرح فضول النظر والكلام , والخلطة والمنام, والتوسط في الأمور على الدوام ,
ومجانبةالإسراف والتبذير في كل أمر هام .
ـ محاربة الفراغ , والقناعة من الدّنيا بالبلاغ , وعدم الروغان مع من راغ , ومجافاة
كل طاغ وباغ .

ـ العيش في حدود اليوم الحاضر , ونسيان أمس الدابر, وعدم الاشتغال بالغد لأنه في حكم
المسافر, فأمس ميت , واليوم مولود وغداً لناظر .
ـ النظر إلى من هو دونك في المواهب , من الصحه والعلم والمكاسب , وكيف انك فوقهم بفضل
الواهب , وأن عندك ماليس عندهم من المطالب .
ـ نسيان ما مضى من الأكدار , والغفلة عما سبق من الأخطار , وتجاهل ما سبق في الزمان
وصار , فلا تفكر فيه ماتعاقب الليل والنهار , فهو كالزجاجة التي اصابها الانكسار.

ـ وإن حصلت نكبة فقدر أسوأ ما يكون , ثم وطن نفسك على احتمالها في سكون , واجعل
التوكل على الله والركون , فإنه كفاك ماكان وسيكفيك ما يكون .
ـ ترك التوقع للأزمة , ولا تكن في ما يخاف منه في غمة , فمن صدق مع ربه كفاه ما أهمه
, وما تدري لعل هذا اليوم لا تتمه .
ـ واعلم ان الحياة قصيرة , فلا تقصرها بالأفكار الخطيرة , والهموم المثيرة , والأحزان
الكثيرة , فإن الحياة حياة الفرح والسرور ولله الخيرة .

ـ وإن أصابك مكروه فقارن بين مابقي وما فات ,لتجد أنك في نعم وخيرات , وأنه بقيت لك
مسرات , وأن ما عندك يزيد على مافقدته مرات .
ـ ولا تخف من كلام الحسّاد , ولو كان غايه في الخبث والفساد , فما يحسد إلا من ساد ,
وليس عليك ضرر , إنما الضرر على أولئك الأوغاد , و سيكفيكهم الله إن الله بصير بالعباد.
ـ واجعل أفكارك فيما يفيد , واجعل نصب عينيك كل أمر حميد , وإن حسنت أفكارك فأنت سعيد
, لأنك من صنعها كمن يصنع الحديد .

ـ ولا تؤخر عمل اليوم إلى الغد , فتتراكم عليك الأعمال وتجهد , فلكل يوم عمل محدد ,
فكن مع كل يوم مولود أمجد .
ـ وابدأ بالأعمال بالأهم ، وجوده حتى يتم , وعليك بالكيف لا بالكم , واستخر الله قبل أن
تهم , فإن العناية ثَمّ .
ـ وتخيّر من الأعمال ما يناسبك , وصاحب من على التقوى يصاحبك , فإن صاحبك ساحبك ,
واعلم أن هناك رقيباَ يحاسبك .

ـ وتحدّث بالنعم الباطنة والظاهرة , والمواهب الباهرة , فإن التحدّث بها يطرد الهموم
القاهرة , ويعيد السعادة النافرة.
ـ وعامل الزوجة والولد و الأقارب برؤية المناقب , ونسيان المثالب , فما من أحد إلا
فيه معائب , ولو تركت كل ذي عيب ما وجدت من تصاحب , يطيب جانب ويسوء جانب .
ـ وعليك بكثرة الدُعاء , والفأل وحسن الرجاء , ولا تيأس مهما عظم البلاء واشتدت
الظلماء , و كثر الأعداء , فإنّ الأمر بيد رب الأرض والسماء .

ـ و لا تخف من الثقلين , ولو ملؤوا الخافقين , فإنهم لن يضروك إلا بإذن رب العالمين ,
فنواصيهم في قبضته وهو ذو الكيد المتين .
ـ وكل شئ بقضاء وقدر , فاصبر عند نزول المصاب أو فذر ,فكل شئ في أم الكتاب مسطّر,
وإذا وقع القضاء حار الفكر , وعمي البصر .
ـ ورب مكروه عندك نعمة , نجاك الله به من نقمة , وأحلك به صهوة القمة , فلا تكره ما
قدّره الله وأتمه.

ـ و تأسي بالمصابين , ففي العالم آلف المنكوبين , والناس بالكوارث مطلوبون , ومن النعم
مسلوبون , و بالأقدار مغلوبون .
ـ وكل هذا الخلق يشكو دهره , ويبكي عصره , ويندب أمره , وقد أنهى بالهم عمره , فاعلم
أن مع كل تمرة جمرة .
ـ واعلم أن اليسر مع العسر , ومع الصبر النصر , وأن الغنى بعد الفقر, والعافية بعد
الضر, والدهر حلو ومر .

ـ وعليك بالصبر الجميل , وتفويض الأمر إلى الجليل , والرضا بالقليل , والعمل بالتنزيل
, والاستعداد ليوم الرحيل .
ـ واعلم أن فضول العيش أشغال , وكثرة المال أغلال , وإقبال الدنيا هموم وأثقال , وأن
خير النعم راحة البال .
ـ ومن وقع في عرضك وفجر , وأسمعك ما يوجب الضجر , فتجاهله ولا تجبه حتى يندحر , والكلب لا يملأ فمه إلا الحجر.

ـ وما رأيت مثل العزلة , يملك فيها العبد دينه وعقله , ويرتح من كل سفيه وأبله , فإن
أكثر الناس لا يساوى بقلة , فالزم بيتك فلن تجد مثله .
ـ ولا يعجبك إقبال الناس إليك , فإنهم مع الدهر عليك , وما أتوا إلاّ لمرادهم فيك ,
وما مضى من التجارب يكفيك .

ـ والبس الملابس البيض النقيّة , وعليك بالروائح الزكيّة , ومارس الرياضة البدنية,
وقلل من شرب المنبهات الرديّة و ادمن الأوراد الشرعية.
ـ وردّد دعوة ذي النون , و أكثر ذكر المنون , وهوّن الأمر يهون , ولا ترضى في الدّين
الدنية , وارض من الدنيا بالدون , وسبحان ربك رب العزة عما يصفون.
فضيلة الشيخ د. عائض بن عبدالله القرني
