الله جل جلاله المُسَعِّرُ :
لم يرد الاسم في القرآن ولكن سماه به النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد ورد الاسم في صحيح السنة مطلقا معرفا مسندا إليه المعنى محمولا عليه مرادا به العلمية ودالا على كمال الوصفية ، ففي سنن الترمذي وقال حسن صحيح وكذلك عند أبي داود وابن ماجه وأحمد وصححه الألباني جميعهم يروي عن أَنَسٍ رضي الله عنه أنه قَالَ : ( قَالَ النَّاسُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ غَلاَ السِّعْرُ فَسَعِّرْ لَنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ ، وإني لأَرْجُو أَنْ أَلْقَي اللَّهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ وَلاَ مَالٍ ) .
وكذلك أخرجه أحمد برواية فيها تقديم وتأخير ، وفيها قَالَ أَنَس رضي الله عنه : ( غَلاَ السِّعْرُ عَلَي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ سَعَّرْتَ ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ هُوَ الخَالِقُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ الْمُسَعِّرُ ، وإني لأَرْجُو أَنْ أَلْقَي اللَّهَ وَلاَ يَطْلُبُنِي أَحَدٌ بِمَظْلَمَةٍ ظَلَمْتُهَا إِيَّاهُ فِي دَمٍ وَلاَ مَالٍ )
والمسعر اسم من أسماء الله دل على صفة من صفات الفعل ، والتسعير في حق الله يتعلق بنوعي التدبير ، فالتدبير منه ما هو متعلق بتصريف المقادير وهو التدبير الكوني ومنه ما هو متعلق بالحكم التكليفي وهو التدبير الشرعي ، فالأول هو المقصود عند إطلاق الاسم في حق الله ، لأن ارتفاع السعر أو انخفاضه مرتبط بالتدبير الكوني والتقدير الأزلي ، فالسعر يرتفع بين الناس ؛ إما لقلة الشيء وندرته ؛ وإما لزيادة الطلب وكثرته ، وهذا أمر يتعلق بمشيئة الله وحكمته ، فهو الذي يبتلي عباده في تصريف أرزاقهم وترتيب أسبابهم ، فقد يهيأ أسباب الكسب لإغناء فقير ، وهو الذي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر وهو على كل شيء قدير ، فهذا تدبير الله في خلقه وحكمته في تقدير المقادير .
وإذا ألزمنا الناس في هذه الحالة أن يبيعوا بقيمة محددة مع تيسر الأسباب وبسط الأرزاق ، فهذا ظلم للخلق وإكراه بغير حق واعتراض على الله عز وجل في تقسيم الرزق ، ولذلك قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ وإني لأَرْجُو أَنْ أَلْقَي اللَّهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ وَلاَ مَالٍ ) ، فقد رتب النبي صلى الله عليه وسلم الحكم علي الوصف المناسب ، فمن حاول التسعير على المعنى السابق فقد عارض الخالق ونازعه في مراده ومنع العباد حقهم مما أولاهم الله في الرخص أو الغلاء ، فبين صلى الله عليه وسلم أن المانع له من التسعير أن يتضمن ظلما للناس في أموالهم لكونه تصرفا فيها بغير إذنهم فقال صلى الله عليه وسلم : ( وإني لأَرْجُو أَنْ أَلْقَي اللَّهَ وَلاَ يَطْلُبُنِي أَحَدٌ بِمَظْلَمَةٍ ظَلَمْتُهَا إِيَّاهُ فِي دَمٍ وَلاَ مَالٍ ) ، فالنهي عن التسعير مرتبط بوقوع الظلم على العباد ، أما التسعير المتعلق بالتدبير الشرعي فهو منع الظلم وكفه عن الناس وذلك بمنع استغلال حاجتهم أو احتكار التجار لسلعتهم طلبا لزيادة الأسعار ، كأن يمتنع أرباب السلع من بيعها مع توفرها وضرورة الناس إليها إلا بزيادة عن القيمة المناسبة ، فهنا إلزامهم بقيمة المثل من الأحكام الوجبة ، فالتسعير هاهنا أمر شرعي وإلزام بالعدل الذي ألزمهم الله به
شرح إسم المُسَعِّر :
المسعر في اللغة اسم فاعل من التسعير ، فعله سعر يسعر تسعيرا وتسعيرة ، يقال : أسْعَر أهلُ السوق وسَعَّرُوا إذا اتفّقوا علي سِعْر ، وهو من سَعَّر النار إذا رفعها ، لأن السِّعْر يوصف بالارتفاع ، وسَعَرت النارَ إذا أوقَدتَهما وسعَّرتها بالتشديد للمبالغة واسْتَعَرَتْ وتَسَعَّرَتْ اشتعلت واستوقدت ، ونار سَعِيرٌ يعني مستعرة ومرتفعة ، والسعير النار والسعار حر النار ، ومنه قوله تعالي : } كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً { ، وكذلك قوله تعالي : } وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ { ، وناقة مسعورة كأَن بها جنوناً من سرعتها وكلب مسعور من شدة نهشه وعضه في الناس أو مسعور بمعنى جوعان متلهف للطعام والالتهام .
والمسعر سبحانه هو الذي يزيد الشيء ويرفع من قيمته أو مكانته أو تأثيره في الخلائق ، فيقبض ويبسط وفق مشيئته وحكمته ، والتسعير وصف كمال في حقه وهو من صفات فعله وحكمه وأمره ولا اعتراض لأَحد من خلقه عليه ، فهو الذي يرخص الأشياء ويغليها وفق تديره الكوني أو ما أمر به العباد في تدبيره الشرعي ، قال المناوي : ( المسعر هو الذي يرفع سعر الأقوات ويضعها ، فليس ذلك إلا إليه ، وما تولاه الله بنفسه ولم يكله إلى عباده لا دخل لهم فيه )

الذاكرات @althakrat
محررة ذهبية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

كويتية حرة
•
بارك الله فيك يا الذاكرات على هذه الأفادة

كويتية حرة :
بارك الله فيك يا الذاكرات على هذه الأفادةبارك الله فيك يا الذاكرات على هذه الأفادة


الذاكرات
•
كويتية حرة :
بارك الله فيك يا الذاكرات على هذه الأفادةبارك الله فيك يا الذاكرات على هذه الأفادة
حياّكِ الرحمن أخيتي

الصفحة الأخيرة