.
.
قال الحافظ بن رجب - رحمه الله - : لا تمحى الذنوب من صحائف الأعمال بتوبة ، ولا غيرها، بل لا بد أن يوقف عليها صاحبها
ويقرأها يوم القيامة .
واستدل بقوله تعالى : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ }
وقد ذكر بعض العلماء المفسرين أن هذا هو القول الصحيح عند المحققين . وقد روي هذا القول عن الحسن البصري
وبلال بن سعد الدمشقي .
قال الحسن البصري في العبد يذنب ثم يتوب ويستغفر : يغفر له ولكن لا يمحاه من كتابه دون أن يقفه عليه ،
ثم يسأله عنه .
ثم بكى الحسن بكاء شديدا، وقال: لو لم نبك إلا للحياء من ذلك المقام لكان ينبغي لنا أن نبكي .
وقال بلال بن سعد : إن الله يغفر الذنوب ولكن لا يمحاها من الصحيفة، حتى يوقفه عليها يوم القيامة، وإن تاب .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : " يُدْنِي اللَّهُ تَعَالَى الْعَبْدَ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ فَيَسْتُرُهُ مِنَ
الْخَلائِقِ كُلِّهَا ، وَيَدْفَعُ إِلَيْهِ كِتَابَهُ فِي كِلَلِ السَّتْرِ ، فَيَقُولُ لَهُ : اقْرَأْ يَابْنَ آدَمَ كِتَابَكَ ، فَيَقْرَأُ ، فَيَمُرُّ بِالْحَسَنَةِ فَيَبْيَضُّ لَهَا وَجْهُهُ ،
وَيُسَرُّ بِهَا قَلْبُهُ ، قالَ : فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَتَعْرِفُ يَا عَبْدِي ؟ قَالَ : فَيَقُولُ : نَعَمْ يَا رَبِّ . قَالَ : فَيَقُولُ : إِنِّي قَبِلْتُهَا مِنْكَ ، فَيَسْجُدُ ،
فَيَقُولُ : ارْفَعْ رَأْسَكَ ، وَعُدْ فِي قِرَاءَتِكَ ، فَيَمُرُّ بِالسَّيِّئَةِ فَيَسْوَدُّ لَهَا وَجْهُهُ ، وَيَوْجَلُ مِنْهَا قَلْبُهُ ، وَتَرْتَعِدُ مِنْهَا فَرَائِصُهُ ، وَيَأْخُذُهُ
مِنَ الْحَيَاءِ مِنْ رَبِّهِ مَا لا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ ،
فَيَقُولُ اللَّهُ : أَتَعْرِفُ يَا عَبْدِي ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ يَا رَبِّ . فَيَقُولُ : إِنِّي أَعْرَفُ بِهَا مِنْكَ ، قَدْ غَفَرْتُهَا لَكَ ، فَلا يَزَالُ حَتَّى يَمُرَّ بِحَسَنَةٍ تُقْبَلُ ،
فَيَجِدُ وَسِيلَةً تَغْفِرُ ، فَيَسْجُدُ ، فَلا يَرَى الْخَلائِقُ مِنْهُ إِلا ذَلِكَ ، حَتَّى يُنَادِيَ الْخَلائِقُ الْخَلائِقَ بَعْضَهُمْ بَعْضًا : طُوبَى لِهَذَا الْعَبْدِ الَّذِي
لَمْ يَعْصِ اللَّهَ قَطُّ ، وَلا يَدْرُونَ مَا قَدْ لَقِيَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا قَدْ وَقَفَهُ عَلَيْهِ " .

%madlin% @madlin_1
محررة برونزية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

رحيق مزهر
•
يارب رحمتك




الصفحة الأخيرة