هل ثبت أن التدخين يسبِّب السرطان؟
د. فهد بن محمد الخضيري - مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث رئيس وحدة المسرطنات
الإجابة: نعم،
فقد ثبت في أحدث دراسة دام الإعداد لها مدة 50 عاماً, وتناوب عليها جيلان من كبار الأطباء, منهم البروفيسور سير ريتشارد دول من كلية الطب في أكسفورد خلال عقد الخمسينيات, أن التدخين مسؤول مباشرة عن 11 نوعاً من أنواع السرطان, مثل تلك التي تضرب الأنف والحنجرة والرئة والكلى والمثانة.??
وشارك في تلك الدراسة خلال كل تلك الأعوام الطويلة أكثر من 34 ألف متطوع من المدخنين وغير المدخنين, وقد تأكد من دراسة أخرى في اليابان أن التدخين يكوّن العامل المشترك في حدوث السرطان عند عشرة آلاف مريض سرطان بأمراض مختلفة كان التدخين هو العامل المشترك في سبعة آلاف منهم, مما يؤكد أنه قد يكون سببا لإثبات أن ما يقارب من 70% من المصابين بالسرطان هم من المدخنين (وهي الحقيقة التي يقوم بتأكيدها العديد من الباحثين حالياً).
ويشكل المدخنون ما نسبته 90% من مرضى سرطان الرئة و80% من مرضى سرطان الحنجرة والفم ونسبة تفوق 50 في المائة من مرضى سرطان المثانة، حيث إن جسم المدخن يحاول التخّلص من المسرطنات والسموم الأخرى عن طريق تنقية الدم منها في الكلية ثم طرحها بالمثانة لتخرج مع البول، وأثناء مرور تلك المسرطنات والسموم بالمثانة وبقائها بالمثانة لعدة ساعات تسبب تلفا نسيجيا وتحول الخلايا إلى خلايا سرطانية، ويعد مرض السرطان أحد الأمراض القاتلة التي يصاب بها معظم المدخنين وأهمها الرئة والفم، وأهم المواد المسرطنة التي تم عزلها من السجائر والجراك والمعسل هي الهيدروكربونات المسرطنة، وكذلك النيتروآرينات التي تتشكل أثناء الاحتراق وتترسب بالجسم على شكل محلول أسود اللون يغطي أسطح الرئة ويقلل من فعاليتها، ويسبب التحول الخلوي، ويسبب مرض الأمفيزيميا (سوائل لزجة سوداء اللون تملأ الرئة، وكذا مرض تمدد الرئة)، وكذلك يوجد مواد أخرى من السموم المسرطنة التي تسبب تكسر الكروموسومات وتزيد من نسبة الخلل في المادة الوراثية مما يهيئ الجسم للتسرطن، ففي دراسة عن تكسر كروموسومات المدخنين ومقارنتها بغير المدخنين ثبت أن المدخنين تتكسر لديهم الكروموسومات بنسبة تصل إلى 90 ضعف نسبة التكسر لدى غير المدخنين، ومعروف أن تكسر الكروموسومات والخلل في المادة الوراثية سبب لتحول الخلايا إلى خلايا سرطانية. ووجد أن عينات خلايا المدخنين المصابين بسرطان الرئة تحوي خللاً كبيراً في جينات p53 وجين K ras.
ومعلوم أن التكسر الجيني والخلل الوراثي أيضاً قد يستمر في الأجيال التي يكون أحد والديها مدخناً مما يهيئ العائلة لأمراض وراثية أو استعداد وراثي للسرطان والأمراض الأخرى ذات العلاقة بالتكسر الكروموسومي.
واهم تلك المواد الخطيرة على الخلايا النيتوز أمين والبنزو آبايرين، وهما مادتان خطيرتان يتم استخدامهما في الأبحاث الطبية لسرطنة حيوانات التجارب خلال أسابيع قليلة فقط من حقن الحيوان, وهي للأسف توجد بالسجائر بتراكيز قليلة ولكنها تتراكم وتزداد مع استمرار التدخين لأكثر من خمس أو عشر سنوات.
ويكوّن ثاني أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين تراكيز عالية تقلل من فوائد المواد الغذائية وتقلل من فعالية الدم في نقل الأوكسجين، وهناك مواد تسبب نقص المناعة، وضعف المناعة يقود المدخن للإصابة بأمراض كثيرة، ويعجز الجسم عن إصلاح الخلل في الخلايا التي تتسرطن مما يجعلها تتزايد في الجسم، بينما يستطيع الجهاز المناعي عند غير المدخنين القضاء على تلك الخلايا قبل نموها واستشرائها، حيث يعجز جسم المدخن عن ذلك وتستمر بالنمو بسبب ضعف مناعة المدخن.
ودلت أبحاث كثيرة موثقة على أن 90- 95% من حالات سرطان الرئة معظمها تصيب المدخنين . 80- 85% من حالات الالتهاب الشعبي والمزمن من القصبات. 35% من جميع حالات السرطان بكل أنواعها 25% من وفيات القلب والسكتة الدماغية. 50% من حالات الوفيات عند غير المدخنين، واستناداً الى نتائج هذه الأبحاث العلمية فإن هناك علاقة وثيقة بين التدخين وكل من سرطان الرئة، تليف الكبد، أمراض الشريان التاجي، الذبحة الصدرية، سرطان الفم والبلعوم والحنجرة، وحالات مرضية أخرى كالعقم، الاكتئاب، الإدمان، الشيخوخة، الشيب، الصلع، تلوث البيئة، إسقاط الأجنة، الروائح الكريهة، أمراض اللسان والفم واللثة، وإتلاف حاسة الشم والذوق).
وهناك سرطانات أخرى مثل البلعوم الذي يكون 40% من المصابين به هم من المدخنين والمعدة والدم والبنكرياس والكلى لها علاقة مباشرة بالتدخين؛ لأن الدم يحمل سموم السجائر والمسرطنات ويتجول بها على أعضاء الجسم أثناء الدورة الدموية فينقل تلك السموم لكل أعضاء الجسم.
وهناك أمراض كثيرة ليست سرطاناً ولكن لها علاقة وثيقة بالتدخين مثل أمراض القلب وتصلب الشرايين والسكتة القلبية وكذلك الربو وكذلك الالتهابات الفيروسية التي يكون التدخين أحد أهم عوامل استشرائها وتقدمها وعدم سيطرة الجهاز المناعي عليها، وكذلك يقلل التدخين من فعالية الأدوية ويقوم التدخين بمنع نشاط بعض الأدوية أثناء المعالجة ضد الالتهابات أو ضد بعض الأمراض الفيروسية، وهناك دراسات تؤكد أن الحاملين لبعض الفيروسات الكامنة (التي لم تنشط بالجسم) ستكون فرصة نشاط الفيروس لديهم اكبر بخمسة أضعاف الحاملين للفيروس الذين لا يدخنون، وذلك بسبب انخفاض المناعة لديهم.
alkhodairy63@hotmail.com
ذكرى البيعة @thkr_albyaa
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️