قد تقولين ليس عندي مال ولا علي حقوق فلماذا أوصي؟
أقول لكِ أن الفقهاء رحمهم الله تعالى ذكروا أنه يستحب للإنسان أن يكون له وصية حتى ولو لم يكن صاحب مال أو حقوق .. وأن يوصي من وراءه بتقوى الله عز وجل وطاعته .. قال تعالى :{ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } .. وقال جل شأنه :{ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَـهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } .. أليس لديك ما توصين به أهلكِ وذويكِ من تقوى الله وطاعته؟ هل تبخلين على نفسكِ أن تكون لكِ كلمة طيبة من ورائك ينفع الله بها وتؤجرين عليها؟!!! لقد أوصى كثير من السلف ولم يكونوا أهل مال ولا جاه ولا عقار .. وهناك كتاب مطبوع بعنوان وصايا العلماء عند الموت وهي وصايا حقيقية لبعض الصحابة والتابعين وهذا الكتاب من أنفع ما كتب في الوعظ ولو كانت وصاياهم مقصورة على الحقوق والديون لما تناقلها الناس واستفادوا منها ..
وإليكِ هذه القصة الواقعية التي تبين لكِ مدى أثر الوصية بالخير لمن وراءكِ:
كانت فتاة في العشرينات من العمر مريضة بالسرطان في الدم .. أعاذنا الله وإياكم من كل سوء .. لكنها كانت صابرة محتسبة فهي بحمد الله على قدر من الاستقامة والعلم .. وكان لها أخ يكبرها في السن لكنه مفرط في أمر الصلاة .. حاولت نصحه بكل طريقة مباشرة وغير مباشرة .. لكنه لم يكن يدع لها فرصة للكلام بل ربما أهانها واستهزأ بها .. كتبت وصيتها عملاً بالسنة وكتبت معها رسالة خاصة إلى أخيها المضيع للصلاة وخاطبته بأسلوب كأنها تتحدث معه بعد الموت ونصحته بشأن الصلاة وكان مما جاء في وصيتها له:
تعلم أني أحبك حباً عظيماً ولك علي حق عظيم .. وقد اجتهدت في نصحك في حياتي فلم تدع لي فرصة للكلام ولم تطق أن تسمع مني حرفاً واحداً .. فأسألك بالله العظيم أن تقرأ وصيتي هذه إليك ..
"أخي الحبيب:
إنني الآن في حفرة ضيقة مظلمة .. لا مؤنس فيها ولا جليس .. وقد كنت بالأمس بينكم وأنا اليوم أتوسد التراب وأفترشه .. وقد كنت بالأمس أرقد على سرير ناعم ووسادة من ريش لبست ثيابي ولم يخطر ببالي أن ينتزعها أحد غيري .. وأما الآن فلا تسل عن حالي وما فعله القبر فيّ .. لقد خرق أكفاني .. ومزق بدني .. ومص دمي .. وأكل لحمي .. وفكك أوصالي .. وأصبحت رهينة عملي ولم ينقذني إلا صلاتي .. فالله الله بالصلاة ولا تغرنك دنيا بقاؤها قليل .. وعزيزها ذليل .. وغنيها فقير .. شابها يهرم .. وحيها يموت ..
أخي الحبيب:
تعال إلي هنا .. وزرني في قبري واسأل القبور ما صنعت بالأبدان .. وكيف أكلت الديدان العظام ..
اسألهم عن الألسن التي كانوا بها يتكلمون .. والأعين التي كانوا بها ينظرون .. والآذان التي كانوا بها يسمعون .. واسألهم عن الوجوه الحسنة والأجساد الناعمة .. ما صنعت بها الديدان؟! محت الألوان وأكلت اللحمان وعفرت الوجوه وكسرت الفقار وأبانت الأعضاء ومزقت الأشلاء .. قد حيل بينهم وبين العمل ..
. فكم من ناعم وناعمة أصبحت وجوههم بالية قد سالت الأحداق على الوجنات .. وامتلأت الأفواه دماً وصديد .. ولم يلبثوا إلا يسيراً حتى عادت العظام رميماً" ..
ثم أوصته بطاعة الله وبر والديه .. وكتب الله تعالى أن تموت بذلك المرض .. فيقرأ أخوها الوصية فتزلزل كيانه ويندم على معصيته ويحافظ على الصلاة .. فيكتب الله لها أجره بعد موتها .. فما أعظم هذه الوصية ..
منقول .
عروب الحجاز @aarob_alhgaz
عضوة فعالة
هذا الموضوع مغلق.
ظبيه
•
بارك الله فيكي وجزاكي الله خيرا اختي علي تذكيرنا بكتابت الوصيه**الذي ينبغي على المسلم كتابتها قبل نومه وضعها تحت وسادته***فئنه لا يدري متى يموت****
الصفحة الأخيرة