الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: قال الله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون * واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب، وقال الله عز وجل: ]يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً.
قال ابن حزم رحمه الله في المحلى: "والجلباب في لغة العرب التي خاطبنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ما غطى جميع الجسم لا بعضه".
وروى البخاري ومسلم عن أم عطية رضي الله عنها قالت: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى: العواتق، والحُيّض، وذوات الخدور، فأما الحُيّض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين"، قلت: "يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب؟"، قال: "لتلبسها أختها من جلبابها". قال الشيخ أنور الكشميري رحمه الله في فيض الباري : "وعُلم منه (أي الحديث) أن الجلباب مطلوب عند الخروج، وأنها لا تخرج إن لم يكن لها جلباب".
وروى الإمام أحمد والبيهقي عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أنه قال: "كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة مما أهداها له دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال: "مالك لم تلبس القبطية؟"، قلت: كسوتها امرأتي، فقال: "مُرها فلتجعل تحتها غلالة فإني أخاف أن تصف حجم عظامها" صححه الضياء المقدسي وحسنه الهيثمي في المجمع. وروى ابن سعد في الطبقات عن هشام بن عروة رحمهما الله تعالى: أن المنذر بن الزبير قدم من العراق، فأرسل إلى أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما بكسوة من ثياب مروية وقهوية رقاق عتاق، بعد ما كف بصرها، قال: فلمستها بيدها، ثم قالت: أفٍ رُدوا عليه كسوته. قال: فشق ذلك عليه، وقال: يا أمه، إنه لا يشف. قالت: إنها إن لم تشف فإنها تصف. قال: فاشترى لها ثياباً مروية وقهوية، فقبلتها، وقالت: مثل هذا فاكسني.
r ما جاء من وعيد شديد فيمن يلبس من النساء اللباس الشفاف أو الضيق أو الكاشف لبعض جسدها وما شابه ذلك: روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وقد فُسر قوله:"كاسيات عاريات"، بأن تكتسي ما لا يسترها، فهي كاسية، وهي في الحقيقة عارية، مثل من تكتسي الثوب الرقيق الذي يصف بشرتها، أو الثوب الضيق الذي يُبدي تقاطيع خلقها مثل عجيزتها وساعدها ونحو ذلك، وإنما كسوة المرأة ما تسترها فلا تُبدي جسمها، ولا حجم أعضائها لكونه كثيفاً واسعاً" .
r أن في لبس المرأة للبِنطال الضيق بدون جلباب تشبه بالكافرات وأهل البدعة والضلالة: روى أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من تشبه بقوم فهو منهم" صححه ابن حبان والذهبي والعراقي وجوده ابن تيمية وحسنه ابن حجر. قال الإمام الصنعاني رحمه الله في سبل السلام عند شرحه للحديث: "والحديث دال على أن من تشبه بالفساق كان منهم أو الكفار أو المبتدعة في أي شيء مما يختصون به من ملبوس أو مركوب أو هيئة".
r أن في لبس المرأة للبِنطال الضيق بدون جلباب تشبه بالرجال: روى الإمام أحمد وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل" صححه ابن حبان والحاكم وأقره الذهبي. وروى أبو داود عن ابن أبي مُليكة قال: قيل لعائشة رضي الله عنها: إن المرأة تلبس النعل؟ فقالت: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرَّجلة من النساء"، فإذا كان هذا في النعل فما بالك بلبس البِنطال الضيق. وقال أبو داود في مسائل الإمام أحمد : "سمعت أحمد سئل عن الرجل يُلبس جاريته القرطق؟ قال: لا يلبسها من زي الرجال، لا يشبهها بالرجال".
r أن القدمين مما يجب على المرأة سترهما: جاء في حديث رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن عن ابن عمر رضي الله عنه أن أم سلمة رضي الله عنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: "يرخين شبراً"، فقالت: إذن تنكشف أقدامهن؟! قال: "فيرخينهن ذراعاً لا يزدن عليه" صححه الترمذي والنسائي. قال البيهقي: "في هذا دليل على وجوب ستر قدميها"، وقال النووي: "أجمعوا على جواز الجر للنساء". وقال ابن حزم رحمه الله في قوله تعالى: "]ولا يضربن بأرجلهن ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته… والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته… ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته". قال الشيخ حمود التويجري رحمه الله: "…ورجال هذا الصنف من النساء، شركاء لهنّ في الخزي والعار، وجديرون بمشاركتهنّ في العقوبة في الدار الآخرة، لأن الراضي بالذنب كفاعله. ولإهمالهم أمر نسائهم، وتركهم ما أوجبه الله تعالى عليهم من رعايتهن، وتعليمهن، وتأديبهن، وأمرهن بالمعروف ونهيهن عن المنكر، والأخذ على أيديهن، والحرص على إبعادهن عن جميع الأمور التي تفتنهن بالرجال، وتفتن الرجال بهن، وقد قال تعالى: ]الرجال قوامون على النساء. وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: "فاتقوا الله أيها المسلمون، وخذوا على أيدي نسائكم، وامنعوهن مما حرم الله عليهن من السفور والتبرج وإظهار المحاسن والتشبه بأعداء الله من النصارى ومن تشبه بهم، واعلموا أن السكوت عنهن مشاركة لهنّ في الإثم وتعرض لغضب الله وعموم عقابه، عافانا الله وإياكم من شر ذلك" .
r ما هو الواجب المُلقى على عاتقنا؟!: قال الله عز وجل: ]يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. قال قتادة رحمه الله في قوله تعالى: ]قوا أنفسكم وأهليكم ناراً. وقال ابن حزم رحمه الله في المحلى : "فمن ترك الصغير والصغيرة حيث يدربان على سماع الكفر ويتمرنان على جحد نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى ترك الصلاة والأكل في رمضان، وشرب الخمر والأُنس إليها حتى يسهل عليهما شرائع الكفر أو على صحبة من لا خير فيه والانهماك على البلاء، فقد عاون على الإثم والعدوان، ولم يعاون على البر والتقوى، ولم يقم بالقسط ولا ترك ظاهر الإثم وباطنه، وهذا حرام ومعصية، ومن أزالهما عن المكان الذي فيه ما ذكرنا إلى حيث يُدرّبان على: الصلاة والصوم وتعلم القرآن وشرائع الإسلام والمعرفة بنبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتنفير عن الخمر والفواحش، فقد عاون على البر والتقوى، ولم يعاون على الإثم والعدوان، وترك ظاهر الإثم وباطنه، وأدّى الفرض الذي عليه".
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله تحذيراً من التبرج: "فالواجب: الحذر من ذلك غاية الحذر، ومنع النساء منه، والشدة في ذلك، لأن عاقبته وخيمة وفساده عظيم، ولا يجوز التساهل في ذلك مع البنات الصغار. لأن تربيتهن عليه يفضي إلى اعتيادهن له وكراهيتهن لما سواه إذا كبرن، فيقع بذلك الفساد والمحذور، والفتنة المخوفة التي وقع فيها الكبيرات من النساء. فاتقوا الله عباد الله، واحذروا ما حرم الله عليكم، وتعاونوا على البر والتقوى، وتواصوا بالحق والصبر عليه، واعلموا أن الله سبحانه سائلكم عن ذلك ومجازيكم على أعمالكم".
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله: "كما على طلبة العلم بيان أحكام هذه المسائل والتحذير منها" .
r شبهات شيطانية: أحدها وجود أحد أهل العلم أو الملتصقين بالعلم ممن تقع منه زلة منكرة ويقول بخلاف النصوص الصريحة لشبهة ساقطة وقعت في ذهنه، أو يهوّن من هذا المنكر ويسكت عنه، فيظن بعض الجهلة من عوام الناس أنه في سعة من أمره، أو أن الأمر فيه خلاف معتبر بين أهل العلم. وإبطالاً لهذا الذي لا يستحق أن يُسمّى شبهة نورد النصوص التالية:
صح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "ثلاث يهدمن الدين: زلة العالم، وجدال المنافق بالقرآن، وأئمة مضلون" رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله. وقال ابن عبد البر رحمه الله: "الاختلاف ليس بحجة عند أحدٍ علمتُه من فقهاء الأمة إِلاَّ من لا بصر له، ولا معرفة عنده، ولا حجة في قوله" . وقال ابن دقيق العيد رحمه الله:
وليس كل خلاف جاء معتبرا إلا خلاف له حظٌّ من النظـر
وهنا سؤال مهم جدا يطرح نفسه، وهو: ما الحكمة من وجود زلة العالم؟ والجواب على هذا السؤال موجود في حديث رواه البخاري في صحيحه ـ حول أيام الجمل ـ جاء فيه أن عمار بن ياسر رضي الله عنهم قال: "إن عائشة قد سارت إلى البصرة والله إنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة ولكن الله تبارك وتعالى ابتلاكم ليعلم إياهُ تُطيعون أم هي؟"، فهو الابتلاء إذن! ليعلم الله هل نطيعه أم نتبع العالم على زلته، قال الله تبارك وتعالى: ]تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير * الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور، وزيادة على بطلانه فإن ظاهره يدل على أن المرأة كانت مرتدية للسروال تحت الجلباب.
r وصايا ونصائح وتوجيهات: قال الله سبحانه وتعالى: ]الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم. قال ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره في قوله تعالى: ]الرجال قوامون على النساء.
قال الله سبحانه وتعالى: ]وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولىولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى.
وروى البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما تركت بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء". وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "استوصوا بالنساء… الحديث".
وروى النسائي في سننه "باب البيعة على فراق المشرك" عن جرير رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبايع، فقلت: يا رسول الله ابسط يدك حتى أبايعك واشترط عليّ فأنت أعلم، قال: "أبايعك على أن تعبد الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتناصح المسلمين وتفارق المشركين" صححه النسائي والألباني. وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في عقيدة الفرقة الناجية: "والهجرة: الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام. والهجرة فريضة على هذه الأمة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، وهي باقية إلى أن تقوم الساعة".
وصح عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال: "يا ابن آدم، دينك دينك، فإنما هو لحمك ودمك" .
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وسلم تسليما كثيرا، (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب)، والله الموفق.

أسد الإسلام @asd_alaslam
عضوة جديدة
هذا الموضوع مغلق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️