هل من عودة قبل الموت

ملتقى الإيمان

يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء، واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا).
معاشر المؤمنين، معاشر الأحبة:
هناك مدخلُ رئيس، وهناك حقيقةُ لا بد من طرحِها، وقضيةُ لابد من مواجهتِها.
قضيةُ لابد أن نواجهها نحن.
لا بد أن يواجهها كل واحدٍ في هذا المسجد.
ولابد أن يواجهَها كلُ مسلمٍ وكافر.
كلُ بعيدٍ وقريب.
كلُ ذليلٍ وحقير.
كلُ عزيزٍ وأمير.
كلُ صعلوكٍ ووزير.
هيَ حقيقةُ الموت، هي نهايةُ المطاف، هي خاتمةُ الدنيا.
كلُ البشرية تشهدُ وتعلم وتنطقُ أن نهايتَها هي الموت، وأن منتهى الطريقِ بالنسبة لها هي الانقطاعُ عن هذه الدنيا.
انقطاعُ النفسَ، وانقطاعِ الروحَ، وانقطاع الجوارح فالعينُ لا تبصر، واليدُ لا تتحرك، والأذنُ لا تسمع، والنفَسُ لا يجري، والدماء لا تتحرك، والشرايينُ لا تنبض.
إنها النهايةُ الأخيرةُ التي يواجهها ويقفُ أمامَها كلُ صغيرٍ وكبير، كلُ بعيدٍ وقريب.
كثيراً ما سمعنا بشباب كانوا في غفلةٍ،
كانوا في بعدٍ،
كانوا في تسلطٍ،
كانوا في قسوة، كانوا في جفاء،
كانوا في غلظةٍ،
كانوا في قطيعةٍ وعقوقٍ.
بعضُهم يشهدُ ويقرُ على نفسِه يقولُ ما ركعتها في المسجد مع الجماعة.
وبعضُهم يقولُ ما جانبتُ كأسَ الخمرِ مرة.
وبعضُهم يقول ما سافرت إلا واقعت الفاحشة.
فإذ به في يوم من الأيامِ تجده باكيا، خاشعا، ساجدا راكعا.
سبحان مقلبَ القلوبِ والأبصار، ما الذي غير هذا ؟
ما الذي بدل أحوالَه ؟
ما الذي غيرَ أحوالَه ؟
إنه اللهُ جل وعلا.
ولكن كيف السبب، وما هو السبيل وأي طريقة وصلت إلى قلبه؟
قدر اللهُ على الكثيرين منهم أن يقفوا مشهدا ماثلا حقيقيا لا محيصَ ولا مناصَ عنه.
قدر اللهُ للكثيرين منهم أن يقفوا أمام حقيقةِ الموت وهم يشهدون بأمهات أعينهم، وأمهات أبصارِهم، يشهدون صديقا، يشهدون حبيبا، يشهدون قريبا.
ولا ينفعُ طبيبُ ولا يجدي نحيبُ.
حدثني أحدهم قال:
كنتُ مسافرا للدراسةِ إلى الولايات المتحدة الأمريكيةِ، وكان شأني شأنُ كثيرٍ من الشبابِ الذين يقضون الليل في الملهى والمساء في المرقص والعبث الذي تعنيه كلمةُ العبثِ بأبعادِها ومعانيها.
وذات يوم وكنا آيبين، كنا راجعين من ملهانا وعبثنا وتقد بعضنا إلى السكن، أما واحد منا فلقد استبطأناه وتأخرناه.
ثم قلنا لعله يأتي بعد سويعة أو بعد ساعة أو بعد هونيهه.
ثم لم ننزل ننتظر لكنه ما آتى، فنزلنا نبحث يمينا أو شمالا، وخاتمة المطاف قلنا لابد أن يكون في الكراج، أو في الموقف الذي يجعل للسيارة تحت البناء.
فلما دخلنا ذلك البناء، دخلنا موقف السيارة، ووجدنا السيارة لا زال محركها يدور وصاحبنا قد انخنعت رقبته على إطار السيارة وهو في مكانه والموسيقى الهاديةُ لا زالت تسمعُ منذ آخرَ الليلِ، حد اللحظة التي فتحنا فيها باب السيارة وهي تدندن وتطنطن.
فصحنا نادينا تكلمنا، يا أخانا يا صاحبَنا، فإذا به قد انقطعَ عن الدنيا منذُ اللحظةِ التي أوقفت سيارتَه في ذلك الكراج.
هذه نهايةُ أشعلت في قلوبِ الكثير من أولئك الشبابِ يقظةً وغيرَةً وعودة وإنابة وتوبةُ وخضوعا إلى الله فعادوا إلى اللهِ تائبين ما شربوا بعدها، ولا فعلوا بعدها بل أنابوا واستكانوا لربهم.
يتجاوز أسأل اللهَ أن يثبتنا وإياهم، وأسأل الله أن يعامل صاحبهم بعفوه وأن عنا وع
0
296

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️