واشوقي لربي

واشوقي لربي @oashoky_lrby

محررة برونزية

هل نحن متفاهمون؟

الملتقى العام


هل نحن متفاهمون؟
رسالة الإسلام
الجمعة 11 ذو الحجة 1428 الموافق 21 ديسمبر 2007















بقلم: جمال ماضي

التفاهم بين الناس يزيد المحبة بينهم ويقوي أواصر الرابطة , ويعلي من التقارب العاطفي بين أفراد المجتمع , ويظهر نجاح التفاهم بالإنصات والإصغاء إلى كلام الآخرين , وقد قالوا في معني الإنصات: هو حمل نية العمل لما يقال , لك أن تتصور لو أن هذا المعنى انتشر بيننا كأفراد في المجتمع , ماهو أثره على المجتمع والكل فيه يفهم مرامي الكلام وعلى استعداد لتقديم كل عون , وتحويل الكلمات والألفاظ إلى واقع حي , وبث الحياة في الشعارات حتى تتحقق آثارها بين الناس .

بهذا التفاهم تقترب المساحات والمسافات بين أفراد المجتمع , حيث لا فروق بين آباء وأبناء , وأزواج وزوجات, ومديرين وعاملين , وقادة وأتباع , فإذا بالأداء يتحسن وبالعمل يتطور , وبالعلاقات تتجمل , في أبهج حياة وأسعد لحظات .

فلماذا نخرج عن هذه الأجواء النادرة إلى أجواء مشحونة بالتوتر والانفعالات , تصغر الكبير , وتورط الهادئ , وتحول حياتنا إلى حرائق نحن الذين نشعلها بعدم تفاهمنا وتفهمنا كأفراد بعضنا لبعض بدلاً من الصراع والانشقاقات والتشنجات والانفعالات !!

فالتفاهم يجعلنا منتبهين ومركزين وواثقين , ويجنبنا الوقوع في سوء الظن أو الفهم الخاطئ أو السيطرة بدون دليل .

فالتفاهم يعني بعد هذا العرض : ( الأجواء الودية الصافية التي يسودها الاحترام والسكينة والتحلي بالصبر وسعة الصدر , والقدرة الجيدة على تجنب محاولات الضغط والسيطرة ليحل محلها التحابب والتقارب المتبادل بين أفراد المجتمع ) .

في كثير من لحظات حياتنا اليومية نشعر بخطئنا في فهم الناس , أو نحس بأننا قد أسأنا فهم مقاصدهم ونواياهم , وبالتالي فقد نسيء تقديرنا واحترامنا لهم , ويتدخل الشيطان لتعميق الفجوة والجفوة معاً , وهو العدو المتربص الذي يؤرقه تفاهم الناس في مجتمعاتهم !! وعليه كان الواجب علينا أن نبحث في أصول التفاهم لنعمل بها ونمارسها في مجتمعاتنا .



أصول التفاهم

أولا: حسن الظن

إن حسن الظن يؤدي إلى سلامة الصدر , وتدعيم روابط الألفة والمحبة والتفاهم بين أبناء المجتمع , فلا تحمل الصدور غلاً ولا حقداً , فالرسول صلي الله عليه وسلم يقول : ( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً ) .

ومما يعين على حسن الظن الدعاء , وأن تضع نفسك بمنزلة الغير , وأن تحمل الكلام على أحسن الوجوه , وأن تفتح أبواب الأعذار لغيرك , وأن تتجنب الحكم على النيات أو تعامل الناس بحكم مسبق.

والذين يسيئون الظن ويقعون في هذا المستنقع , إما لقلة الإيمان أو عدم شعوره بالثقة في نفسه , أو شعوره بالدونية أي أنه أقل من غيره , أو لارتكابه المعاصي فيظن أن الجميع يفعلون ذلك , ومن ثم كانت العواقب خطيرة , حيث يجره سوء الظن إلى المزيد من الذنوب , فتتحول حياته إلى جحيم , حيث يلصق التهم بالأبرياء بلا سند ولا دليل .

ولذلك كان منهج عمر بن الخطاب : لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرا وأنت تجد لها في الخير محملاً , وكان محمد بن سيرين يقول : إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذراً , فإن لم تجد فقل : لعل له عذراً لا أعرفه .



ثانيا : الإنصات

يقول تعالي : ( فإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) , فالسماع غير الاستماع , والاستماع غير الإنصات , فالاستماع التفهم لما يقال , والإنصات حمل نية العمل لما فهمت , وهكذا يكون الإنصات طريقاً للتفاهم بين الناس .

ومن فوائد الإنصات الجيد : تعلم شيء جديد والتأكد من المعلومة وإظهار الاهتمام وبناء علاقات , وكل هذه الفوائد هي التفاهم بعينه الذي يتحقق بين الناس , فهل فعلاً نحن نجيد فن الإنصات ؟

إن أغلب مشاكلنا تبدأ من سوء التفاهم , وسوء التفاهم منشؤه من قصور في تلقي الرسالة ! وهذا القصور يرجع بدوره لسبب واحد : أن أحدنا لا يجيد فن الإنصات !! , فيقاطع ولا يتفهم وجهة النظر , ويفسر الكلام على هواه , وينشغل بالرد على المتحدث دون تركيز على الرأي المطروح , وكما قيل في ذلك : ( التعب الذي يأتيك من متابعة الإنصات خير بألف مرة من سوء التفاهم !!) .

ولكي نصل إلى إنصات جيد وفعال يوصينا خبراء التربية بالتالي :

- لا تقاطع أحداً أثناء حديثه

- ركز على الأفكار الأساسية

- تجنب التعبير عن الضيق بملامح وجهك

- انتبه إلى تعبيرات من يحدثك

- تجنب الانصراف عن الحديث

- انتبه إلى الاحتفاظ بهدوئك

- ركز فهمك للأشياء المقصودة

- لا تتكلم أثناء كلام الآخر

- فكر في تعبيرك قبل حديثك

- لا تنفعل بمجرد سماع النقد والاعتراض

- أظهر ترحيبك بالاعتراض والنقد

فما أجمل أن تتحقق فينا الآية الكريمة , في قوله تعالى: { وتعيها أذن واعية} حيث نحتضن الغضب والغاضبين , ونمتص الألم ونحتوي المتألمين , ونعبر عن ذلك كله بالعين قبل الأذن , فالإنصات بالعين كما بالأذن .

ولذلك يلجأ الناس دائماً للمنصت لهم لأنه المغناطيس الذي يلجئؤون إليه لتفريغ همومهم وأحزانهم وأفراحهم .



ثالثاً : المصلحة المشتركة

لو حرص كل منا على مصلحة الآخر قبل مصلحته , لصدق وتحقق التفاهم بين أبناء المجتمع , والإسلام يعلم أبناءه أن أي تعارض بين مصلحة الفرد والمجتمع فعليهم أن يقدموا على الفور مصلحة المجتمع , لأنها المصلحة العامة , فالرسول صلي الله عليه وسلم حينما رفض المال والسلطة والجاه والمكانة كان في الأصل يرفض المصلحة الشخصية التي قدمت بين يديه , فهو كصاحب رسالة غلب وقدم مصلحة الأمة العامة , لتكون قاعدة كل من يعمل في المجتمع .

ومن ثم كانت القاعدة الإسلامية : ( لا ضرر ولا ضرار) بمعني أن أحكام الاسلام ليست موجبة للضرر بل كلها نفع , ثم إن الإسلام لا يسمح بضرر الإنسان للآخر , وحتي ضرره على نفسه , كما أنه لا يسمح بمطلق الضرر حتي على الحيوانات والطبيعة .

ومن ثم فأي تنظيم للمجتمع بوضع قانون يلجأ إليه أفراده , لابد أن يقوم على هذه القاعدة فلا يسيطر عليه الأهواء والمصالح الشخصية , فتضر أكثر مما تنفع .



رابعاً : التفاوض الهادف

إذا كان معني التفاوض : ( أنه عملية اتصال بين شخصين أو أكثر يدرسون فيها البدائل للتوصل لحلول معقولة لديهم أو بلوغ أهداف مرضية لهم ) , فإنه لابد له من هدف واضح : وهو الوصول إلى حل وسط يرضي جميع الأطراف , وبهذا نقول : إن التفاوض الهادف هو الطريق إلى التفاهم بين أفراد المجتمع , حيث التعاون لا التصارع , وإلا كانت العواقب وخيمة حينما يتصور البعض أن هدف التفاوض هو الانتصار على خصمه وهزيمته وتحقيق الفوز عليه بأي ثمن .

ومن أجل تفاوض هادف لابد من أن تكون المعلومات متوفرة وأكثر دقة من الطرفين , للوصول إلى إحداث توازن يشجع على التوصل إلى حل وسط , يحقق فوز الاثنين معاً , بعيداً عن أي ضغوط خارجية لا تؤدي إلا إلى تفكك أواصر المجتمع , ومحو المحبة بين أفراده , أو بمعني آخر : إحداث حاجز يحول بين تفاهم الناس , وبالتالي لا يحظي المجتمع بأي أمن واستقرار .



3
309

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

دانة الطائف.
دانة الطائف.
مشكووووووووووووووووووره على الطرح الرااااااااااااااااااااائع..
مـــوهـــومـــه*
بارك الله فيك على الموضوووع الرائع
فعلا مهما كنا يحتاج لنا التعلم اكثر (وفوق كل ذي علم عليم)

شكرااا لاختيارك

ودمتم بود
واشوقي لربي
واشوقي لربي
دانة الطائف

مهمومة شاكرة لكم مروركم