تكتبها - ناهد باشطح
"قال هوميروس: العقل السليم في الجسم السليم"
- حكمة يونانية -
أكدت دراسة حديثة أن التمارين الرياضية لا تفيد جسم المرأة فحسب وإنما تمتد فوائدها لعقلها أيضا وقال فريق بحث من جامعة كاليفورنيا "إن الدراسة التي شملت نحو ستة آلاف امرأة أثبتت أن الكسل من شأنه أن يرتد وبالا على القدرات الذهنية للمرأة،
وعرضت الدكتورة "كريستين يافي" التي أشرفت على البحث نتائج الدراسة أثناء الاجتماع السنوي للأكاديمية الأميركية لعلم الأعصاب، حيث لاحظوا أن الانخفاض في القدرات الذهنية والإدراك كان أقل بين النساء النشيطات.
وانه على الرغم من الاختلافات بين مجموعات النساء اللواتي شملتهن الدراسة، فقد وجدوا علاقة ما بين النشاط البدني والتدهور الذهني في جميع المجموعات".
ترى والمرأة لدينا لا تمارس النشاط البدني "الرياضة" كيف نحكم على قدراتها الذهنية وفق نتائج تلك الدراسة؟
هل يمكن أن نصف أنفسنا أنا مجتمع خامل لا يتميز أفراده بالنشاط البدني والحركة؟وما أهمية هذا النشاط وعلاقته بحياة الانسان وسعادته؟
ولأن الطفلة السعودية لا تمارس الرياضة في المدرسة ولا يوجد نشاط رياضي في الجامعة ولا توجد مراكز رياضية صحية متوفرة للمواطنة البسيطة فكيف يمكن ان يكون مستقبل صحة المرأة؟!!
البنيان و أساسه:
لا يمكن لأي إنسان أن يعتاد الرياضة بين يوم وليلة في سن متقدمة من العمر اذ لا بد كما يؤكد الخبراء من البدء في مرحلة الطفولة المبكرة حيث تدريب الحواس الداخلية في الجسم من أوتار، وعضلات، وأربطة لتشكل فيما بعد ذخيرة للجسم في مختلف الحركات الرياضية،
وواقع الحال لدينا يؤكد خمول أطفالنا حيث يكشف د. "هزاع الهزاع" الأستاذ والمشرف على مختبر فسيولوجيا الجهد البدني في جامعة الملك سعود من خلال ورقة عمل قدمها في "الندوة العربية الاولى حول السمنة والنشاط البدني في الوطن العربي" سبتمبر 2002م في البحرين عن (أن الأطفال السعوديين غير نشيطين بدنيا بما يحقق الفوائد الصحية لهم ويقلل بإصابتهم بأمراض نقص الحركة فحوالي 60% من البنين في الرياض غير نشيطين بدنيا (أي لا يمارسون الحد الأدنى المطلوب من النشاط البدني المعتدل الشدة اليوم ضمن المدة والتكرار الموصي بهما من قبل الهيئات الطبية والجمعيات العلمية).
بل أن من يمارس نشاطا بدنيا صحيا لا يتجاوز 15% من المجموع الكلي للبنين!!).
وتشير البحوث التي أجراها الدكتور وزملاؤه في مختبر فسيكولوجيا الجهد البدني بجامعة الملك سعود للأطفال السعوديين إلى أن (حوالي 27% من البنين في مدينة الرياض لديهم مستويات مرتفعة من الدهون الثلاثية في الدم وحوالي 23% منهم لديهم مستوى مرتفع من الكوليسترول. كما أن ما نسبته من 4- 11% من الأطفال والناشئة السعوديين لديهم مستويات مرتفعة من ضغط الدم الشرياني.
وأن ما يجري من نشاط داخل دروس التربية البدنية المدرسية لا يكفي لتحقيق اللياقة القلبية التنفسية (لياقة القلب والجهاز التنفسي) للتلاميذ. بالإضافة إلى أن التلاميذ غير نشيطين بدنياً أثناء دروس التربية البدنية المدرسية، حيث إنهم غالبا لا ينالون حظهم من ممارسة النشاط البدني خارج أسوار المدرسة.
و اكدت نتائج بحوث أجريت على طلاب المدارس في مدينة الرياض أن نسبة الشحوم لدى التلاميذ قد ازدادت خلال السنوات العشر الماضية).
إنني فقط أتساءل عن قواعد بنية جيل المستقبل الصحية؟!!
صحة النساء:
إذا كان أولادنا الذين يمارسون بعض الرياضة في المدارس وبعضهم يمارسها عبر النوادي بهذا الحال فكيف هو وضع البنات في المدارس اللواتي لا يمارسن الرياضة؟!
بالإضافة إلى عدم وجود نوادٍ اجتماعية بمعنى أن يكون النادي في كل حي وليس قاصرا على بعض النساء اللواتي يستطعن دفع تكاليف الالتحاق به!
من المؤسف أن تساهم المرأة في تهميش وعي المجتمع بصحتها، فالأرقام تشير إلى أن نصيب المرأة هو الأكثر من مرض السمنة وهشاشة العظام وغيرها من الامراض.
وبناء على الدراسات الوبائية كما يشير "د. خالد المدني" من إدارة التغذية بمنطقة مكة في وزارة الصحة (فقد ارتفعت نسبة المصابين بالسمنة بين البالغين لدينا خصوصا السيدات أصبحت السمنة في المملكة احد اهم المشاكل الصحية حيث معدل انتشار السمنة في المملكة ما بين 14% الى 83%).وفي دراسة سعودية حول أثر استهلاك سكان المملكة للمياه الغازية مقابل الحليب، أجريت على 321امرأة سعودية تراوحت أعمارهن بين 24- 46عاما و نشرتها المجلة العالمية "للنسيج المتكلس" في عدد الثلاثاء 5-3- 2002اتضح أن نسبة نقص كثافة العظام فيهن تتراوح بين 18- 41% كما لوحظ نقص فيتامين (د) عند 2% من النساء السعوديات وانخفاض متوسط استهلاك الفرد سنويا من الحليب السائل في المملكة بنسبة 20%.، في حين زادت نسبة استهلاك المشروبات الغازية حتى وصلت إلى 500ألف طن سنويا من المشروبات الغازية المستوردة، إضافة إلى 107مليارات عبوة سنويا تنتج محلياً).
إن الأطفال والنساء لدينا في خطر صحي واضح من خلال نقص التوعية الصحية والغذائية بالإضافة إلى إهمال جانب النشاط البدني.
المستقبل للرياضة:
وجد الباحثون في كلية "هارفرد" الطبية و المشرفون على دراسة بدأت عام 1940تابعوا فيها الصحة البدنية والعقلية لحوالي 724رجلا على مدى ستين عاما - وهي أطول دراسة في العالم تتعلق بالصحة البدنية والذهنية- (أن هناك سبعة عوامل تنبئ بشيخوخة سليمة، وتشمل الرياضة والمحافظة على وزن الجسم المثالي وممارسة الاسترخاء والتحمل وعدم الإصابة بالكآبة والابتعاد عن شرب الكحول والزواج المستقر)
نلاحظ هنا ارتباط العوامل بالرياضة حيث إنها إذا وجدت استطاع الإنسان أن يثبت العوامل الأخرى.
مشكلتنا في علاقة المرأة بالرياضة أنها كانت وما زالت لدى البعض رفاهية لا ضرورة لها إلا في حال وصف الطبيب للمرأة بعلاج يشمل تمارين رياضية.
لكن الرياضة ليست علاجا إنما هي وقاية وتغذية للجسم والعقل والروح معا، كما أنها استثمار جيد لوقت فراغ الشباب وهذا ما ورد في حديث وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز في حواره مع المتفوقين والمتفوقات بالرياض نشرته الجزيرة 15(نوفمبر 2002م) حيث سئل عن كيفية قضاء وقت الفراغ فقال:"ان هذا السؤال موضوعي ويهم الجميع ويشغل مجتمعنا، ولابد من إنشاء الأندية الرياضية التي يفرغ فيها الطالب طاقته في ممارسة الرياضة التي يهواها.
ويجب أن تكون الأندية مهيأة لان يمارس فيها أنشطته بحرية وما يفيده في جسده وعقله وسأعمل على هذا الأمر بعرضه على مولاي خادم الحرمين بأن يصدر التوجيه للجهات المختصة ان تكثر من انشاء الأندية في كل أنحاء المملكة فهي العلاج الصحيح، وان يشارك القطاع الأهلي في هذا الأمر.
وقد سمعت أن الدولة وافقت على تخصيص الأندية وفق قواعد ستوضع من الجهات المختصة و سيكون هناك نوادٍ للنساء تتواءم مع طبيعة المرأة وتشرف عليها وتديرها النساء"إن الرياضة للمرأة والرجل على حد سواء ضرورة وقد حبذ ديننا الرياضة في توجيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لنا بتعليم أولادنا السباحة وركوب الخيل والرماية.فإذا قلنا وما شأن المرأة بذلك فلا بد أن نتذكر مارواه أبو داود في سننه "كتاب الجهاد" باب "السبق على الرجل" عن هشام بن عروة عن أبيه وعن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها (أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر قالت فسابقته فسبقته على رجلي فلما حملت اللحم سابقته فسبقني فقال هذه بتلك السبقة) ورواه احمد في مسنده والنسائي في سننه وابن ماجة ايضا.
وإن الأصل أن النساء والرجال سواء في الأحكام والتشريعات الإسلامية كما قال النبي صلى الله عليه سلم (النساء شقائق الرجال) إلا ما جاء الدليل بتخصيصه .
وبما أن ممارسة الرياضة جائزة للرجال فهي جائزة للنساء وفق ضوابط معينة طبعا، ولا يوجد دليل يستثني النساء من هذا الحكم.
وهناك قاعدة فقهية تقول (المشقة تجلب التيسير) وعلى هذه القاعدة يبنى كثير من الاحكام الشرعية، وفي حديثنا هنا فان مشقة عدم ممارسة النساء للرياضة متحققة من خلال: الامراض، زيادة الوزن، عدم التداوي حيث ان ممارسة الرياضة لبعض النساء جزء من البرنامج العلاجي، وعليه فيجب أن تجلب هذه المشقة تيسيرا وهو جواز ممارسة الرياضة.
المفهوم الشامل:
يشير الدكتور "صالح عثمان" اختصاصي الطب النووي بمستشفى الملك خالد الجامعي إلى (ان الدراسات أثبتت أن كثافة العظام لدى السعوديين أقل منها لدى أمثالهم من الأوروبيين والأمريكيين ويترتب على ذلك وهن العظام وهو مرض قابل للوقاية ويتم ذلك ببناء عظام قوية بسن مبكرة من خلال النظام الغذائي المتوازن وممارسة الرياضة اليومية).والمعروف علميا إن العظام تكون في طبيعتها مسامية، ولكن مع التقدم في السن تصبح أكثر مسامية، فضلا عن الانخفاض الطبيعي في إنتاج هرمون الأستروجين الأنثوي عند سن اليأس لدى السيدات وما تسببه من ضرر على الكتلة العظمية.
لن أتحدث هنا عن أهمية الرياضة للجسم فما فتئ الأطباء في كل مناسبة من ترديد تلك الفوائد لكن أريد أن نتلمس نقطة هامة في الرياضة من حيث تأثيرها الاجتماعي والتربوي في طفولة الإنسان ذكرا أو أنثى، حيث يذكر د. أحمد الشيشاني الحاصل على دكتوراه في علم التدريب الرياضي، وأخرى في برامج الصحة واللياقة البدنية من الجامعة الهاشمية فوائد نجملها في الآتي:
- يتعلم الطفل الانتماء للجماعة والالتزام بالقوانين واحترام حقوق الآخرين.
- يتقبّل الطفل الفشل والتمتع بالروح الرياضية والتعاون وخاصة في الألعاب الجماعية، كما يتعلم المثابرة والتصميم للوصول إلى الفوز وعدم اليأس حين الفشل والبدء من جديد.
- يتعلم الإيثار وبخاصة في الألعاب الجماعية.
أما في عالم الكبار فان غياب اثر الرياضة يتضح في غياب قيم العمل الجماعي لدى المجتمعات العربية بشكل عام ويوضح الدكتور محمود عودة -عالم الاجتماع ونائب رئيس جامعة عين شمس - (ان ممارسة الرياضة تولد لدينا قيم العمل الجماعي التي نحتاج إليها بدلاً من الصراعات والمشاكل التي نختلقها عندما نعمل معًا، لأننا لم نتعوّد على أن النتيجة النهائية للعمل تُحسب للجميع.
والرياضة بصفة عامة والرياضة الجماعية بصفة خاصة تُعلم ممارسها الذكاء الاجتماعي وفن ممارسة الحياة مع الآخرين، فهي تعلمنا كيف نتعامل بمرونة ونتعاون مع باقي الفريق، وكيف نكتسب صداقتهم، وكيف يكمل بعضنا الآخر، ويكمل بعضنا عمل الآخر، ولا يمكن في هذه الحالة أن يشعر ممارس الرياضة بالوحدة أو يصاب بالانطواء أو الغرور).
تاريخ صحة الابدان:
(أجريت في الستينات الميلادية بحوث علمية لمعرفة تأثير متلازمة السرير على صحة الإنسان، وتم إخضاع مجموعة من الأفراد للاستلقاء في السرير لمدة ثلاثة أسابيع دون مغادرته إلا إلى دورة المياه.
وتبين للعلماء أن الخمول البدني التام قد أدى إلى تدهور كبير في وظائف أجهزة الجسم بما في ذلك انخفاض كفاءة القلب والرئتين وحدوث ضمور للعضلات وضعف في قوتها واضطراب في جهاز الاتزان في الجسم وانخفاض ترسب الكالسيوم في العظام مما يجعل كثافتها تقل وبالتالي تصبح اكثر عرضة للكسر.
وعندما تمت تدريب هؤلاء الأفراد بدنيا لمدة شهرين متصلين تحسنت وظائف أجهزتهم، وفي عام 1996م صدر تقرير من قبل كبير الأطباء والجراحين في أمريكا وشارك به كثير من العلماء والخبراء أكدوا على الآتي:
1- أهمية ممارسة النشاط البدني لصحة الفرد.
2- ضرورة ممارسة نشاط بدني يتسم بالشدة المعتدلة لمدة لا تقل عن 30دقيقة في اليوم معظم أيام الأسبوع ان لم يكن جميعها.
3- ضرورة حصول التلاميذ من الروضة حتى المرحلة الثانوية على دروس يومية في التربية البدنية تكون ذات كفاءة وجودة عالية.
وفي عام 1997م صدر عن المركز القومي الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها عدة توصيات لبرامج التربية البدنية المدرسية منها:
1- ينبغي أن تتضمن مناهج التربية البدنية المدرسية أنشطة تشجعهم على المشاركة، وتجعلهم يطورون المعارف والاتجاهات الإيجابية والمهارات الحركية السلوكية المطلوبة للمحافظة على نمط حياة نشط.
2- ضرورة قياس مستويات النشاط البدني للناشئة، وتوفير التوعية المناسبة لهم عن أهمية النشاط البدني للصحة، وفي عام 1998م أصدرت الجمعية الوطنية الأمريكية للتربية البدنية وفي وثيقة عمل توصيات منها:
1- ضرورة أن يتلقى التلاميذ في المرحلة الابتدائية دروسا في التربية البدنية بما لا يقل عن 150دقيقة في الاسبوع.
2- ضرورة أن يتلقى التلاميذ في المرحلة مابعد الابتدائية دروسا في التربية البدنية بما لا يقل عن 225دقيقة في الأسبوع.
3- عدم استبدال دروس التربية البدنية بأي أنشطة أو مقررات أخرى.
وفي عام 2000م صدر التقرير الأمريكي المشهور والمسمى "أناس أصحاء في عام 2010" وجاء في أعلى قائمة المؤشرات الصحية المطلوب تحقيقها في عام 2010م ضرورة تشجيع ممارسة النشاط البدني مع خفض نسب الخمول لدى أفراد المجتمع).
جاء ذكر المعلومات السابقة في ورقة عمل للدكتور السعودي الهزاع فأين نحن كمجتمع سعودي من هذه التوصيات العالمية؟!
إشارة البدء:
ترى كيف هو المستقبل الصحي للطفل والمرأة لدينا في ظل غياب الوعي الكامل باهمية النشاط البدني؟ هل نحن المسئولون كأفراد أم هي مسئولية المجتمع فالمدارس بالنسبة للأولاد تجعل من الرياضة منهجا جامدا بدليل الابحاث التي تؤكد عدم استفادة الطلاب منها، ومدارس البنات تمنع الرياضة.
أما النساء فان عدم الحركة والاهتمام بالنشاط البدني هو المتسبب في كثير من المشاكل الصحية والاجتماعية كذلك فالرياضة كما يؤكد العلماء يمكن حتى أن تخفف حتى من الإصابة بالاكتئاب.
ترى متى نبدأ في التوقف عن التحديق في الخطر حتى يحدث فنتحرك!!
الرياض

سيدة الوسط @syd_alost
عضوة شرف في عالم حواء
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️