خير النساء

خير النساء @khyr_alnsaaa

عضوة شرف في عالم حواء

هل هناك فرق بين اليهودية والصهيونية ؟

الملتقى العام

يحاول البعض أن يفرق بين اليهودية كدين وبين الصهيونية كحركة سياسية ، أو نزعة استعمارية ، أو مذهب متعصب ، بعيد المنحى عن اليهودية كدين .
غير أن هذا الكلام يغلفه النقص ، ويحتاج إلى دليل ، ومن ثم فإنا نسلم بأنه لا فـرق بين اليهودية والصهيونية ، فاليهودية صهيونية ، والصهيونية يهودية ، وإن شئت فقل همــا وجهان لعملة واحدة .
إن أطماع اليهود في فلسطين هي أطماع الصهيونية في فلسطين ، ولا يوجد أدنى فرق بين هذه وتلك ، اللهم إلا إذا قلنا إن كل يهودي صهيوني ، وليس كل صهيوني يهوديا ، وهذا إنما في العصر الحديث فقط ؛ حيث استطاع اليهود أن يستخدموا من يستطيعــون استخدامه في بناء دولتهم ، وتنفيذ مآربهم ، وهضم أفكارهم ، والقيام بخططهم ، فهو وإن لم يكن يهوديـًا إلا أنه نعل يلبسونه لأغراضهم ، ودابة يمتطونها للوصول إلى غاياتهم ، وبوق يتحدث بكلماتهم ، وينادي بأغراضهم ، فهو صهيوني الفكر وإن لم يكن يهوديـًا ، صهيوني اللسان ، وإن لم يكن يهوديـًا ، وهذا ما حدث مع كثير من رؤساء الغرب في أوروبا وأمريكا ، وأحياناًفي بعض بلاد العرب كذلك .
يقول الأستاذ عبد الله التل : " إن كل يهودي صهيوني ، وليس من الضروري أن يكون كل صهيوني يهوديـًا ، ذلك لأن بعض رجال الغرب الذين اشترتهم الصهيونية ، ودمرت نفوسهم وخربت ضمائرهم ، من أمثال تشرشل ، وإيدن ، وترومان ، وايزنهاور ، وكنيدي ، وجونسون ، يفتخرون بأنهم من أنصار الصهيونية ودعاتها المخلصين وكثيرًا ما كان " تشرشل " يقول إنه صهيوني عريق وإنه فخور بذلك ، وكذلك كان وزير خارجية بريطانيا سنة 1917م " آرثر بلفور " الذي كان متحمسـًا لتحقيق أهداف الصهيونية ".
وقد يحاول البعض رد هذا الكلام فيقول إن هناك يهودًا يعارضون الصهيونية العالمية في مبادئها وأفكارها وأساليبها ، إلا أن هذا الكلام قد يكون مبنيـًا على بعض من المعارضــات الظاهرة التي يخالف باطنها ظاهرها ، وإن هذه المعارضة هي في الأصل مسلسل كتبت قصته ، وحدد أبطاله ، وحبكت المواقف الدرامية فيه ، ولكل واحد فيه دوره الذي لا يتعداه ، وكلماته التي لا يتفوه بغيرها .
يقول الأستاذ عبد الله التل : " الصهيونية هي الجهاز التنفيذي لليهودية العالمية ، التي تسعى إلى تدمير العالم والتحكم في مصائره ، ولا يوجد يهودي واحد يعارض الصهيونية وأهدافها التي ترمي إلى إعادة اليهود إلى فلسطين وتأسيس دولة يهودية خالصة ، واليهود الذين يتظاهرون اليوم بأنهم يختلفون مع الصهيونية ويعارضونها إنما يفعلون ذلك بناء على خطة مرسومة وعددهم لا يتجاوز بضعة آلاف من مجموع 15 مليونًا " .
لماذا يحاولون الفصل بين الصهيونية واليهودية ؟
يحاول كثير من الناس ، يهودًا كانوا ، بل ومن العرب كذلك ، أن يفرقوا بين اليهودية والصهيونية ، ويحاولون أن يصفوا الصهيونية بأنها حركة عنصرية وليست اليهودية كذلك ، والحق الذي لا مراء فيه أنهم يحاولون أن ينحوا الإسلام عن ساحة المعركة مع سبق الإصرار والترصد ، إنهم يريدونها معركة غير متكافئة ، ليس للإسلام فيها دخل ، وليس للإيمان فيها نصيب ، ومن ثم تسهل الحرب ، وتهش القيادات ، بل يسهل سحبها أحيانًا من شهواتها وأخرى بأمانيها ولذاتها .
لقد قامت الانتفاضة الأولى يوم قامت في بداية الاحتلال الإسرائيلي الغاشم ، وكانت الروح الإسلامية كامنة وراء هذا الكفاح ، تغذيه بآيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحب الجنة ، وتمني الشهادة في سبيل الله ، وهذا ما تعلق به الأعداء ، فتسلط على الانتفاضة في بداية مهدها من يحول وجهتها إلى وجهة قومية أو وطنية ، المهم أنه يجب ألا تكون الوجهة وجهة إسلامية دينية أبدًا. إن الدين الوحيد الذي ينبغي أن يبعد عن الساحة هو الدين الإسلامي ، لماذا ؟ لأنه دين حركي فعال ، أما سواه فلا مانع من أن يمارس في الحياة الواقعية ، و الحياة العملية سواء بسواء .
أليس من الغريب أن تقوم دولة إسرائيل على أساس ديني لا غير ، وأن يبعد الدين الإسلامي عن مواجهة هذا السرطان الخبيث ؟
أليس من العجيب أن يؤتى بـ " مناحم بيجين " من بولندا ، إنه من يهود بولندا ، ثم يأتي ليقيم في فلسطين باسم التوراة ؟
أليس من العجيب أن يعلنها " مناحم بيجين " لعرب فلسطين أن هذه الأرض أرضي وأرض آبائي باسم التوراة ؟
أليس من العجيب أن تقوم دولة إسرائيل على أساس ديني بحت ، ويكون مرجعها التوراة المحرفة ؟
أليس من العجيب أن يكون اسم الدولة هو اسم نبيهم الأكبر " إسرائيل " يعقوب ـ عليه السلام ـ ؟
أليس من الغريب أن يفض قادتهم اجتماعـًا لهم مع قادة العرب في " مدريد " ويرفضوا الاجتماع في يوم السبت المقدس ؟
أليس من الأغرب أن يرفضوا هم اجتماعـًا يوم السبت ولم نرفض نحن اجتماعـًا يوم الجمعة ؟
أليس من الغريب أن تقرر إسرائيل وقف الطيران في شركة " العال " يوم السبت احترامـًا لتعاليم اليهود ؟
أليس من الغريب أن يأتي أساتذة الجامعات والأدباء والمفكرون من دول العالم كله لتكوين دولتهم على أساس ديني ، ونحن نحارب أهل التخصص وذوي الكفاءات ؟
أليس مما يثير العجب أن يدخل اليهود حرب 1967م وهم يتغنون بالتوراة ونحن نتغنى بأغاني أم كلثوم وعبد الحليم وعبد الوهاب وغيرهم ؟
أليس مما يثير العجب أن يحمل جنودهم في 1967م " العهد القديم " ويحمل جنودنا صور الممثلات المائعات الخبيثات ؟
وبعد هذا كله فقد أقنعوا قادة العرب بفصل الدين عن الدولة ، وبتنحية الإسلام عن المعركة ، في الداخل وفي الخارج ، فلما أصبحت الحرب من أجل الأرض " العربية " والشعب " العربي " ضاعت المقدسات ، وانتهكت الحرمات ، وهتكت الأعراض ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
أليس من العجب أن تكون التوراة مرجعهم ولا يكون القرآن الكريم مرجعنا؟
أليس من العجب أن ينفذوا وعود موسى ـ وهو منهم بريء ـ ولا ننفذ وعود رسولنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ونسأل الله ألا يبرأ منا ؟
أليس من العجب أن يجمعوا شملهم ليقيموا هيكلهم المزعوم ، ونتفرق نحن لنضيع أقصانا المقدس ؟
أليس من العجب أن يقدسوا يوم السبت ونهين نحن يوم الجمعة إلى درجة أن يحاول بعض القادة إلغاءه لأنه يعطل الناس ؟
أليس من العجب أن يصوموا أيامهم وأن نقابل ذلك بالتنكر لرمضان ، بل يحاول بعض القادة إلغاء الصيام للمحافظة على زيادة الإنتاج ؟
والحق الذي لا مراء فيه أنه إبعاد للدين عن المعركة وأعني بالدين هنا الدين الإسلامي فقط ؛ لأنه هو القادر على تجميع الصف ، وتوحيد الكلمة ، وإذابة الفرقة ، وشحذ الهمم ، وتقوية العزائم ، ودحر العدو ، ودحض الباطل ، وهزم الطغيان ، وتحرير الأرض ، وحفظ العرض ، وصيانة المقدسات .
ولكنه إن غاب الدين فالحال هو حالنا الآن ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .
إن مجرد رفع لافتة الدين تقلق بني يهود ، وتزعجهم إلى أعلى الدرجات ، ففى عام 1996م عندما أعلنت السلطات المصرية أن الجيش المصري سيقوم بمناورة أسمتها " بدر 96 " وصلت الوقاحة " برئيس الوزراء الإسرائيلي " إلى أن يكون صريحـًا أكثر من المتوقع ، وحينها اعترض علانية على تسمية هذه المناورة بهذا الاسم " بدر 96 ".
إن مجرد اللافتات والمظاهر الإسلامية أمر يقلق مضاجع اليهود ، فما بالك لو أن الإسلام دخل المعركة حقيقة مع اليهود ، وأفسحت الأنظمة العلمانية لشباب الصحوة الإسلامية الباب للجهاد ؟ إذاً لتغير الحال إلى غير هذا الطريق الاستسلامي المزري .
وهذا ما بدا واضحـًا حين دخل شباب " الحركة الإسلامية " في حرب 48 ساحة القتال مع اليهود ، فقد رأى منهم اليهود العجب العجاب .
ذكر صاحب كتاب " لعبة الأمم وعبد الناصر " ، حوارًا جرى بين قائد يهودي وأحد الضباط المصريين الذين وقعوا في الأسر اليهودي ، حينما سأل الضابط اليهودي عن أسباب عدم هجوم اليهود على قرية " صور باهر " القريبة من القدس ، فكانت الإجابة : " إننا لم نهاجم صور باهر لأن فيها قوة كبيرة من المتطوعين المسلمين المتعصبين ـ أي شباب الحركة الإسلامية ـ فتساءل الضابط المصري عما في ذلك ، حيث أن اليهود قد هاجموا مواقع أخرى فيها قوات عسكرية أكثر وفي ظروف أصعب !
فأجاب القائد اليهودي : " إن ما تقوله صحيح ، لكننا وجدنا أن هؤلاء المتطوعين من المسلمين يختلفون عن غيرهم من المقاتلين النظاميين ، يختلفون تمامـًا ، فالقتال عندهم ليس وظيفة يمارسونها وفق الأوامر الصادرة إليهم ، بل هو هواية يندفعون إليها بحماس وشغف جنوني .. وهم في ذلك يشبهون جنودنا الذين يقاتلون عن عقيدة راسخة لحماية إسرائيل !! " ، ثم استدرك القائد اليهودي قائلاً : ولكن هناك فارقـًا عظيمـًا بين جنودنا وهؤلاء المتطوعين المسلمين ، فإن جنودنا يقاتلون لتأسيس وطن يعيشون فيه ، أما الجنود المتطوعون من المسلمين فهم يقاتلون ليموتوا .. إنهم يطلبون الموت بشغف أقرب إلى الجنون ويتدفقون إليه كأنهم الشياطين .. ولذلك فالهجوم على أمثال هؤلاء مخاطرة كبيرة يشبه الهجوم على غابة مملوءة بالوحوش ، ونحن لا نحب مثل هذه المغامرة المخيفة ، ثم إن الهجوم عليهم قد يثير علينا المناطق الأخرى فيعملون مثل عملهم فيفسدون علينا كل شيء ويتحقق لهم ما يريدونه " .
ولكن الضابط المصري عاد يسأل القائد اليهودي قائلاً : " ولكن قل لي رأيك الصريح فيما أصاب هؤلاء حتى أحبوا الموت وتحولوا إلى قوة ماردة تتحدى كل شيء معقول " .
فأجاب القائد اليهودي على الفور : " إنه الدين الإسلامي يا سيدي " ، ثم تلعثم وحاول تشويه هذه الحقيقة فاستدرك قائلاً : " إن هؤلاء لم تسنح لهم الفرصة كما أتيحت لك لكي يدرسوا الأمور دراسة واعية تفتح عيونهم على حقائق الحياة وتحررهم من المذلة وشعوذات المتاجرين بالدين .. إنهم لا يزالون ضحايـا تعساء حيث وعدهم الإسلام بالجنة التي تنتظرهم بعد الموت " .
المصادر:
1- خطر اليهودية العالمية على الإسلام والمسيحية /د. عبد الله التل .
2- الطريق إلى بيت المقدس ـ القضية الفلسطينية / د . جمال عبد الهادي
0
466

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️