هل يمكن متابعة سرطان البروستاتا قليل الخطورة ومعالجته؟

الأسرة والمجتمع

في أغلب الحالات يتطور المرض بشكل بطيء جداً
هل يمكن متابعة سرطان البروستاتا قليل الخطورة ومعالجته؟



د. محمد العتيبي
يوجد سرطان البروستاتا في ما نسبته 30-40% من الرجال فوق سن الأربعين. و ينقسم سرطان البروستاتا(حسب تشريحه وحجمه و مستوى PSA) من حيث الخطورة إلى ثلاثة أ قسام: قليل الخطورة، متوسط الخطورة وكثير الخطورة. نسبة كبيرة من الرجال يحملون سرطان البروستاتا قليلة الخطورة ولا يؤثر على حياتهم مطلقاً. في دراسة الحماية من سرطان البروستاتا (PCPT) 24.4% من المتطوعين في الدراسة شخصوا بسرطان البروستاتا. وفي الوقت نفسه لا تزال نسبة الذين يموتون بسبب سرطان البروستاتا حوالي 3%. هذا يعني أننا في كثير من الأحيان نشخص نوعية من سرطان البروستاتا لا تحتاج إلى علاج.
لقد اقترحت دراستان على الأقل أجريتا على المرضى أننا نشخص ما نسبته 30- 84% من المرضى الذين لا يحتاجون إلى علاج. ويعزى ذلك إلى تحليل الدم (PSA) بالإضافة إلى التوجه لزيادة عدد الخزعات عند البحث عن سرطان البروستاتا إلى ما لا يقل عن 8خزعات. وفي بعض الحالات تعاد الخزعات في مناسبات متعددة حتى نجد سرطان البروستاتا.





في أغلب حالات سرطان البروستاتا يتطور المرض بشكل بطيء جداً ويموت أكثر المرضى الذي يشخصون بالسرطان (قليل الخطورة) بأسباب أخرى كأمراض القلب والشيخوخة. لذلك فإن معالجة جميع حالات سرطان البروستاتا يعتبر من المبالغة. وبما أن علاج هذه الأورام يخلف بعض الآثار الجانبية كالتأثير على القدرة الجنسية والسيطرة على التبول، فإن التحدي الذي يواجه استشاري أورام البروستاتا هو معرفة أولئك الذين قد يتسبب سرطان البروستاتا في وفاتهم وبالتالي معالجتهم وفي نفس الوقت معرفة المرضى الذين لا يستفيدون من العلاج أو أولئك الذين في مراحل أولية من المرض ومتابعتهم وعلاجهم عندما يحين الوقت لتجنب تعريضهم للمضاعفات.

ما هي الفكره خلف المتابعة النشطة؟

لقد قلّت نسبة الوفيات بسبب سرطان البروستاتا في العقدين الماضيين بنسبة 20% والسؤال المهم هو: هل قلت هذه النسبة بسبب التشخيص المبكر للمرضى مع وجود تحليل الدم (PSA)؟ أو تغيير نوعية الأكل وطريقة الحياة الاجتماعية؟

في دراسة أجراها الدكتور (Sakr) أوضحت أن سرطان البروستاتا يبدأ مع الرجل في سن الثلاثين ويأخذ 20سنة حتى تتم المقدرة على تشخيصه إكلينيكياً. وفي دراسة أجراها الدكتور (Pound) أوضحت أن أكثر من نصف المرضى الذين يموتون بسرطان البروستاتا بعد إجراء عملية استئصالها يموتون بعد 16سنة. وأضحت هذه الدراسة أن المريض يحتاج أن يعيش 10سنوات لكي يستفيد من إجراء العملية.

كما أوضحت بعض الدراسات أننا في عالم (PSA) نشخص بعض أنواع سرطانات البروستاتا 15سنة قبل أن تكون مهمة من الناحية الإكلينيكية ونسبة كبيرة من هؤلاء يحملون سرطانات صغيرة الحجم وقليلة الأهمية ونحتاج إلى سنوات كثيرة حتى تصبح خطيرة على حياة الإنسان.

ولقد أوضح تحليل لست دراسات تبنت استراتيجية الملاحظة الدقيقة للمرضى، واحتوت على 828مريضاً، أن 87% من المرضى المصابين بسرطانات قليلة ومتوسطة الخطورة عاشوا أكثر من 10سنوات و 81% منهم عاشوا بدون أي تطور خطير في سرطان البروستاتا وهذا يعني أن نسبة كبيرة من مرضى سرطان البروستاتا يحتاجون إلى عقود لكي يتطور المرض إلى مرحلة العلاج.

طرق المتابعة:

يوجد طريقتان لمتابعة المرضى المشخصين بسرطان البروستاتا. الطريقة الأولى طريقة الانتظار حتى ينتشر المرض لبدء العلاج، ومن روادها الدكتور كمال حنش حيث نشر أول دراسة من نوعها في السبعينيات، ولن أتطرق لها هنا. أما الطريقة الثانية فهي المتابعة الدقيقة بإجراء الفحص وتحليل الدم وأخذ العينات الدورية حتى يبدي السرطان علامات تطور تحتم التدخل لشفاء المريض ومن ثم معالجته بغرض الشفاء منه.

الملاحظة الدقيقة(Active Surveillance):

التحدي الذي يواجه هذه الطريقة من العلاج هو:

أولاً: من هم المرضى الذين يحملون السرطان القليل الأهمية؟

ثانياً: هل بالإمكان توقع أولئك الذين سيتطور المرض لديهم لكي يبدأ العلاج مبكراً؟

لذلك فإنه تم تطوير استراتيجيات بديلة لإدخال هؤلاء المرضى في نظام المتابعة الدقيقة حتى يبدي هذا السرطان علامات خطورة ومن ثم علاجه علاجاً شافياً.

هؤلاء المرضى يتابعون متابعة دقيقة تتمثل في زيارة الطبيب المعالج كل ستة أشهر وإجراء فحص إكلينيكي لغدة البروستاتا وإجراء فحص دم (PSA).

كذلك فإن هؤلاء المرضى يحتاجون لأخذ عينات من غدة البروستاتا كل سنة في بعض الدراسات أو السنة الأولى والثالثة والخامسة بعد التشخيص في بعضها.

التحدي الآخر يكمن في محاولة توقع من هم الذين سيتطور المرض لديهم إلى درجة تحتم العلاج. هناك أمور واضحة ولكنها قد تكون متأخرة وهي تطور المرض إكلينيكياً عند الفحص وزيادة حجمه، كذلك تطور المرض من الناحية التشريحية ليصبح أكثر شراسة والتي تقاس في سرطان البروستاتا بما يعرف ب (Gleason score) والذي تتراوح شراسته من 1- 5حيث يمثل (1) السرطان الأقل شراسة.

بعض الدراسات وخاصة من دكتور (Klotz) أوضحت أن في حالة تضاعف PSA في أقل من سنتين فإن ذلك علامة تطور ولكن دراسات أخرى أوضحت أن الانتظار إلى هذا الحد قد يكون متأخراً.

من أكثر الفحوصات أهمية هو أخذ العينة، ففي دراسة أجريناها في جامعة مكجيل بيّنت وجود سرطان أو تطوره في العينة الأولى يعني أن حوالي 50% من هؤلاء المرضى سوف يتطور المرض لديهم ويحتم على الطبيب المعالج أن يعرض عليهم العلاج.

للأسف فإنه إلى يومنا هذا لا يوجد فحص إشعاعي يوضح تطور المرض في مراحله الأولى.

تراوح عدد المرضى الذين احتاجوا للعلاج في الدراسات المتعددة التي تبنت هذه الإستراتيجية بين 30- 37% ما يعني أن حوالي 65% من مرضى سرطان البروستاتا الذين يحملون ما يسمى بالسرطان قليل الخطورة لم يحتاجوا إلى علاج.

كذلك أوضحت هذه الدراسات أن نسبة العيش في هذه الفئة من المرضى مقاربة جداً لنفس الدراسات للمرضى الذين عولجوا من البداية.

لكن في بعض هذه الدراسات أوضح تشريح عينة البروستاتا عند 30% من عولجوا بالجراحة عندما احتاجوها أن السرطان قد جاوز غشاء البروستاتا وهو رقم غير مقبول ولكن هذه الدراسات لم تستخدم نظام مركز لأخذ العينات مما يوضح سبب ذلك التطور في المرضى.


سلبيات وإيجابيات هذه الطريقة:

السلبيات:

1- عدم وجود تعريف دقيق لمن يحملون السرطان قليل الخطورة.

2- لا يوجد حالياً طريقة دقيقة لتوقع من قد يتطور المرض لديهم.

الإيجابيات:

1- تجنب 65% من مرضى سرطان البروستاتا ممن يحملون السرطان قليل الخطورة مشاكل العلاج.

2- تأخير العلاج لدى ما تبقى من المرضى إلى أن يصل إلى الحد الذي يحتاج فيه المريض العلاج.

3- يبلغ متوسط الأعمار في المملكة العربية السعودية حوالي 67سنة مما يعني أن نسبة كبيرة من مرضى سرطان البروستاتا القليلة الخطورة ربما لن يستفيدوا من العلاج المباشر عند التشخيص وقد تكون هذه الإستراتيجية مناسبة لهم.

@ استشاري جراحة المسالك البولية المشارك

مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث
http://www.alriyadh.com/2007/11/25/article296880.html
0
455

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️