
إن الحمد لله نحمده ونسعين به ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعملنا أنه من يهديه الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق و البشر
من حِكمة الله سبحانه وتعالي أن فاضل بين خلقه زماناً ومكاناً , ففضّل بعض الأمكنة على بعض , وفضّل بعض الأزمنه على بعض .
ففضّل في الأزمنة شهر رمضان على سائر الشهور وأختصّه بمزايا عظيمة . لذا حُـرِيّ بنا أن نعرف لهذا الشهر حقه , وأن نُقدّره حق قدره , وأن تُغتنم أيامه ولياليه , عسى أن نفوز فيه برضوان الله تعالى
يا باغي الخير أقبل:
إن أبواب الأجر في الإسلام كثيرة وإن أسباب اكتساب الحسنات متعددة
وفي شهر رمضان تتضاعف أجور الأعمال الصالحة فضلاً من الله - عز وجل - على عباده،
وينادي مناد في أول ليلة من رمضان فيقول:
«يا باغي الخير! أقبل، ويا باغي الشر! أقصر»
رواه الترمذي والنسائي وحسنه الألباني.
ومن هنافي هذه الصفحات بعض همسات وأبواب الأجور في شهر رمضان اخترتها لكم نسأل الله القبول
اللَّهُمَّ انْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا , وَعَلِّمْنَا مَا يَنْفَعُنَا , وَزِدْنَا عِلْمًا إِلَى عِلْمِنَا "
كيف نحصل على محبة الله ؟؟
وقفات مع حديث :
من حديث سعد وأبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
إذا أحب الله عبدا نادى جبريل إني قد أحببت فلانا فأحبه قال فينادي في السماء ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض
فذلك قوله تعالى : سيجعل لهم الرحمن ودا
وإذا أبغض الله عبدا نادى جبريل إني أبغضت فلانا فينادي في السماء ثم تنزل له البغضاء في الأرض
في هذا الحديث إثبات صفة المحبة لله عز وجل .. قال بعض السلف :
(الشأن كل الشأن في أن يحبك الله لا أنك تحب الله)
كل يدعي حب الله ولكن الشأن هل يحبك الذي في السماء ...
قال ابن القيم _ رحمه الله :
الأسباب الجالبة لمحبة الله والموجبة لها _ هي عشرة :
الأول : قراءة القرآن الكريم بالتدبر والتفهم لمعانيه
الثاني : التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض
الثالث : دوام ذكره على كل حال باللسان والقلب والعمل والحال
فنصيبه من المحبة على قدر نصيبه من هذا الذكر .
الرابع : إيثار محابه على محابك عند غلبات الهوى
الخامس : مطالعة القلب لأسمائه وصفاته ومشاهدتها ومعرفتها
وتقلبه في رياض هذه المعرفة ومبادئها
السادس : مشاهدة بره وإحسانه وآلائه ونعمه الظاهرة والباطنة
السابع : وهو من أعجبها _ انكسار القلب بكليته بين يدي الله تعالي
الثامن : الخلوة به وقت النزول الإلهي في الثلث الأخير من الليل
لمناجاته وتلاوة كلامه والوقوف بالقلب والتأدب بأدب العبودية
بين يديه ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة .
التاسع : مجالسة المحبين الصادقين .
العاشر : مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عز وجل .
عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
إن الله أعطى المؤمن الألفة والملاحة والمحبة في صدور الصالحين والملائكة المقربين ثم تلا :
((إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ))
وكان هرم بن حيان يقول :
ما أقبل أحد بقلبه على الله تعالى إلا أقبل الله تعالى بقلوب أهل الإيمان إليه ، حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم
وقيل : يجعل الله تعالى لهم مودة في قلوب المؤمنين والملائكة يوم القيامة .
قلت : إذا كان محبوبا في الدنيا فهو كذلك في الآخرة فإن الله تعالى لا يحب إلا مؤمنا تقيا ولا يرضى إلا خالصا نقيا
جعلنا الله تعالى منهم بمنه وكرمه
به تستقيم النّفوس وتصلح ، فترسم دربًا قويماً منهجه كلام الله
وهدي الحبيب المصطفى ..
:
{ إِنَّ هَـٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ
يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا }
(الإسراء: ٩)
وفي شهر رمضان شهر القرآن ؛ حيث في محكم تنزيله :
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ}
(البقرة: ١٨٥)
حريٌّ بالمؤمن الصَّالح أن يسارع خطاه في قراءة كتاب الله وتدبّر آياته الكريمة
يتعطر به وبمعانيه الجليلة ..
ولا يفوّت فرصته العظيمة ، بل يمشي بالختمة تلو الأخرى ،
فيربّي نفسه ويعوّدها أنه لا حياة ولا راحة دون القرآن .