الكل يتهم الكل بالسرقة , كلما دخلت إلى صفحة على الانترنت أجد من يتهم الآخرين بالسرقة , وما اكثر
ما نسمع أو نقرأ مقولة
"هم يسرقون ", هل حقا " هم يسرقون "
.... أم " نحن نسرق " ؟
لنراجع أنفسنا , ونعرف هل نحن أيضا ضمن
هؤلاء " الهُم " ام لا ؟
المعلم الذي يضيع وقت التلاميذ والذي
هو أثمن من المال , هل هو سارق أم لا ؟
السائق الذي يتعدى على حقوق الطريق ,
هل هو سارق أم لا ؟
ربة المنزل التي تلقي بقمامتها في الطريق دون وضعها
في كيس حافظ , وتنشر القاذورات والحشرات ,
هل هي سارقة أم لا ؟
العامل في المصنع الذي يهمل عمله ويسوّء إنتاجه ,
هل هو سارق أم لا ؟
الموظف الذي يضيع وقت المراجعين بالانشغال بأعمال
لا علاقة لها بعمله , هل هو سارق أم لا ؟
المهندس الذي لا يهتم للمنشئات التي هو مسئول عنها ,
هل هو سارق أم لا ؟
الإداري الذي يستعمل وقت وأدوات وأوراق
إدارته في أعماله الشخصية ,
هل هو سارق أم لا ؟
كل من يدخل الفيسبوك وهو في عمله ,مهملا واجباته
, هل هو سارق أم لا ؟
كل من يؤخر حقوق عامل لديه ,
هل هو سارق أم لا ؟
استطيع وضع قائمة بآلاف السرقات التي نقوم بها ,
فلماذا نقول
" هم يسرقون " والحقيقة هي " نحن جميعا سارقون" ,
قد تختلف حجم السرقة , ولكنها سرقة بأي حال , ومن يسرق بيضة ,
يسرق جملا ,لا بل يسرق قافلة من الجمال .
قد يقول قائل أن هذه سرقات بسيطة , لا تؤثر في الكم الكبير ,
أقول لهؤلاء المبررون ,أخطأتم , فالنهر هو مجموع نقاط المطر
,والقلة مع الكثرة تنتج سيلا ,
ولنا في القرآن الكريم دليل , قول الله تعالى
"مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا
بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا"
، قتل شخص واحد من مجموع البشر الكبير , يساوي قتل الناس جميعا ,
فحجم الخطأ وإن كان صغيرا
بالقياس إلى المجموع , إلا انه يبقى خطأ .
يجب أن نتوقف عن التبرير لسرقاتنا , فالتبرير
الذي سنقوله سيستخدمه غيرنا , وغيرنا .
والمشكلة الأخرى التي نعاني منها أن مفهوم السرقة محدد تحديدا خاطئا , فهو لمن
مد يده إلى مال أو سلعة أو ثمين لا
يخصه وسعى لامتلاكها , ونسينا أن الوقت يسرق
والجهد يسرق والصحة تسرق والأمان يسرق ,
والبسمة تسرق , وكلها سرقات تذهب بالمجتمع إلى الخلف , وإلى التأخر , وليست
ما قد يطلق عليه شطارة , أو فهلوه , أو فلاحه ,
أو غيرها من الأوصاف التي تخرج بها
عن مفهومها الحقيقي " سرقه "
يجب أن نعي أن مفهوم السرقة اكبر بكثير من مفهومها في
القانون , لها مفهوم اجتماعي وديني أكبر وأعمق.
ومتى ما توقفنا نحن عن السرقة , ليس خوفا بل خلقا , واستجابة لأمر الله سبحانه وتعالى , حينها ستتوقف
السرقات إلا قليلا ,
متى سنتوقف قليلا عند قوله تعالى
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ }
ألا ينطبق علينا قوله تعالى
{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}
ألا يصدق فينا قول أبي الأسود
لا تنه عن خلق وتأتي مثله *** عار عليك إذا فعلت عظيم
يحق لنا نقد السرّاق إذا لم نكن منهم , أما قبل هذا ,
فلنقل جميعا , " نحن جميعا سارقون"
وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي
صالح بن عبدالله السليمان
كاتب سعودي
ملاذمكه @mlathmkh
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
قمة أنوثه
•
كلام جميل قريت أوله
الصفحة الأخيرة