هند

الأدب النبطي والفصيح

هند




كم أنت رائعة الجمال يا هند!!قالتها ندى وهي تحد النظر في جسد هند الممشوق،الذي أضفى على الفستان جمالا فتانا،فأخذ بتلابيب لبها كل مأخذ.
نظرت هند إليها بابتسامها الساحرة المعروفة، ثم انصرفت لتأخذ قهوتها المفضلة مع صديقاتها.

ظننتِ أن حجابها الصابغ سيمنعها من أن تكون أميرة حفل هذه الليلة ؟ لا أيتها المغفلة، سطحية علاقتك بها وضعتكِ في هذا التصور المُحرج، لا تستبقي الأحداث ولا تقرئي أفكار الناس حسب ما يُنقل لك، أو وفق تصورك الذي اعتقدته مسبقا ، ستندمين وقبله ستأثمين!!.

بينما كانت ندى وصفاء على ضفة الجدال في ماهية هند، وهجوم صفاء القاسي على ندى،كانت هند على ضفة عالمها الخاص بها، كل لقاء بصديقات الدراسة يعيد فيها مسحة من ذكريات انقضت، تمنت لو طال بها العمر قليلا، ذكريات ليتها تعوود، لكنها شاخت وهرمت، كما شاخت أيام الطفولة، وكما شاخت الأحلام والأهداف والأفكار عند الكثير، بل كما شاخ وهرم كل حي ثم انتهى دون ذكر ه بخير حين زهد عن فعله!!.

بدأت حفلة الصديقات، تعالت الصيحات والضحكات، إلا هند ، كعادتها، كان لكلامها وقعا ولابتسامتها سحرا، إن تحدثت لم تجرح وإن صمتت كان صمتها حديثا وعبرا.لم تنتصف الحفلة حتى وصلتها رسالة بنغمة مميزة، فتحت جوالها !!!!

تغيرت ملامح وجهها الباسم وعبست في وجه نفسها دون باقي الوجوه، لماذا في هذا الوقت بالذات ؟لتعود إلى أدراجها، دون إكمال حفلة انتظرتها شهرا.

خلعت فستانها الفخم ورمته على سريرها الناعم، نم يا جميلي ها هنا لا تحزن، فحظك كحظ أميرتك! فلا تأسَ، ربما أخرجك في حفلة جديدة لا مفاجأة فيها فلا تخف؟؟

غيرت هندامها ثم أخذت أوراقها وأقلامها ، متسللة تحت ضوء القمر إلى حديقة البيت لتجلس في مكانها المعتاد، علَّ جمال المنظر وسكون الليل يعدل من مزاجها.

غفر الله لك يا أ.حفصة، وضعت يدك على جرحي الذي ما انبرأ من عشرين عاما.

نظرت في القمر تخاطبه وقد ملاء الكون بفيض ضيائه الفضي ، هل تعلم أيها القمر لم أنا هنا؟ أنا هنا لأكتب ذكرى حفرت في مخيلتي،وبقي أثرها إلى اليوم، ذكريات لا تفارقني، ذكريات متشابكة جمعت بين كل متضاد ومتنافر ، جمعت بين التوافق والاختلاف، والقوة والضعف، والاجتماع والافتراق، وبين العلم والجهل، والحكمة والطيش، والإثرة والأنانية!!.

ليت شعري من أين أبدأ وأين أنتهي؟تشعبت الذكريات، وتضاربت الأفكار، وأصبحت الكلمات في هرج، لا تعلم البداية من النهاية،خنقت الكلمات بأحرفها المقطعة، فانهارت قواها في كتابة ذكراها الجميلة المريرة في آن واحد.

تركت كل ما بيدها بعد أن أطلقت لخيالها العنان ليمتطي صهوة جواد الماضي، فتقطف من بساتين ذكرياته ذكريات أزهرت وأجدبت في ذات الوقت، لقلب لم يألف الجدب والقحط حينها.

لم تكن شركة أبيها العملاقة الضاربة في العمق وليدة اللحظة، بل كانت ثمرة جهود أكثر من ثلاثين عاما، ليعلو البناء ويشتد الساق وتكثر الفروع وكان أثر هذا الثبات واضحا جليا.

فهي شركة لم تبع مبادئها للرأسمالية الجشعة، جعلت همها تحقيق الكفاية للمسلمين ومساعدتهم، وهذا كان دأبها منذ تأسست.كم كان يهابها الأعداء والدخلاء قبل المنافسين ومن لها حق عليهم، تركت بصماتها في كل بيت مسلم، فأبا هندٍ كانت له أهداف من تأسيس الشركة وها قد حققها بفضل الله.
نظرت فيه محدقة بأسى تحدثه بكلمات مكلومة:هل تعلم أيها القمر، كم كنتُ سعيدة وأنا أرى كل المؤامرات التي تحاك ضد أبي تتكسر على أرضية أسوارها، لكن أنى الوصول لذلك.لكنهم وصلوا أخيرا حين حلت علينا الكارثة.مات أبي...وهنا تقدم أخوتي،بسن صغير، وخبرة كليلة، ونظرة حاسرة، مع بطانة سيئة،لتلعب خمرة الأحقاد والتعصب والدنيا برؤوسهم لعبتها، حينها شد صوت العقل والحكمة والإثرة والتواضع رحاله، ليفترق أخوتي بعد وحدة، ويتقاطعوا بعد صلة، ليصبح الهم كل الهم أنفسهم، ونسوا أبا كرس حياته لخدمة أمته قبل نفسه، وحارب الشرق والغرب، بغية نجاح مشروعه.

مر الوقت سريعا وطيف الذكريات لم ينتهِ،ولم تخط كلمة،لتجد زوجها يقف بجانبها فجأة..._ يا إلهي متى أتيت؟_ههه، حين سقطت دمعتكِ على الورقة !!_ قالها وهو يعلم فيما تفكر ،فهو شطرها الثاني!.
هند يا حبيبتي، لا تكوني أسيرة الماضي، ولا تعيشي أحزان المستقبل وأوهامه، الحياة أبسط مما تتوقعين، عيشي لحظتك بجمال تفاصليها، وكوني على يقين أن أقدار الله كلها خير ، وما كان ويكون كله بتدبير ه سبحانه فلا تحزني، وانهضي لخدمة زوجك الحبيب_قالها مبتسما ليخرجها من جو الكآبة التي تعيشه_.
بادلته ابتسامته بابتسامتها التي تسحر كل جارحة فيه، وبوجنتين متوردتين ذابتا خجلا ....._ثوان أرتب فيها المكان وألحق بك. سامح الله معلمتي الأديبة، أفسدت علي حفلتي، وقصرت في استقبال زوجي والاهتمام بصغاري، بعد إثارة موضوع هو حي ميت وميت حي،لكن عل زوجي وصغاري سيقتحمون تفاصيل حياتي وأهتم بما هو أهم، لأنسى أو أتناسى ذكرى وواقع مستقبلي حفر همه في العمق .طيييييييييف
4
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

نجلاء .
نجلاء .
ما شاء الله تبارك الله
مبدعة كعادتك
المحامية نون
المحامية نون
استمتعت بهذا السرد والتفاصيل الدقيقة وشخصية هند ..
الفتاة المثالية ..
أحداث قصيرة لكنها أوصلت لنا معاني كبيرة ...
شكراً لك يا طيفاً من الألوان الجميلة ...
بورك الفكر والقلم 🌹🌹
فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ
قلمك السيال كما عهدناه ياطيف !
له اتجاه هادف ويحمل أفكاراً جميلة وتعبيراً سخياً كهذا !
مفعم بالمشاعر مرقرق كالحبب
أمتعتني قراءة سطورك الدافئة حتى آخرها ..!
بارك الله بك ياغالية ♡
اخت المحبه
اخت المحبه
ما شاء الله
رااائع حبيبتي
بارك الله فيك