هواية الصيدفي الماء العكر

الملتقى العام

هل صار تصيد الأخطاء والصيد فى الماء العكر هو منهاج التعامل بين الناس؟
وما الذى حدث لينمو الحقد والكراهية فى المجتمع إلى هذه الدرجة؟
سأروى لكم ما حدث لى فى عملى حتى تروا ما وصلنا إليه
أنا معتادة دائما على تكريم كل من يساهم فى مجال عملى ويساعد على تحقيق إنجازات إعلامية متميزة. لكن هذه السنة عندما هممت بالتكريم فوجئت بثورة عارمة من الموظفين، فالكل يطالب بشهادة تقدير، حتى من لم يساهم معى فى أى شىء. ووصل الأمر بالبعض إلى المطالبة بالتكريم لأنه صور لى ورقة عمل ذات يوم
وصرت أخشى من أن يطالبنى ساعى المؤسسة بالتكريم أيضا لأنه ذات مرة تفضل وتعطف وأحضر لى كوبا من الشاى
وما أسهل القذف بالاتهامات فى مجتمعنا، فلقد اتهمت بالشللية ومحاباة الأصدقاء ! تصوروا
وصرت أضرب كفا بكف من الحقد الذى استشرى بين الناس والغيرة العمياء التى تسول للإنسان فعل أو قول أى شىء دون أن يكلف نفسه عناء التفكير بمنطق وموضوعية

ولقد تحدث الصحفى مشعل السديرى فى جريدة الشرق الأوسط عن تلك الروح العدائية والانانية فى مقالته الجميلة أنا ضد هم فقال
هناك شيء يقال له: الذوق أو الكياسة والمجاملة، وعكسه تماماً ما يقال له: الجلافة أو الصفاقة أو قلة الأدب ـ لا بمعناها الأخلاقي ولكن بمعناها التعاملي ـ
وما أكثر الأمور والحوادث التي تمر يومياً وتتعاقب على الناس في تعاملهم مع بعضهم البعض، كأن تسير مثلاً خلف واحد يفتح باباً (مروحياً) ولا ينتظرك ممسكاً بالباب حتى لمجرد ثانية واحدة، ولكنه يفلته بكل صفاقة وكأن شيئاً لم يكن، وإذا لم تنتبه وتتدارك فقد يخبط الباب وجهك.. وبعضهم قد تفتح قبلهم الباب وتظل ممسكاً به إلى أن يدخل، فيتعداك دون أن ينظر إليك أو يقول لك شكراً، وكأن هذا هو واجبك أن تفتح له الباب كأي بواب
وفرق كبير أن تجلس منتظراً دورك في عيادة طبيب، وعندما يحين دورك، هناك فرق كبير بين ممرضة تقول لك بوجه متجهم: تعال إلى هنا، وكأنها تأمرك، وبين ممرضة أخرى تبتسم لك قائلة: لو سمحت تفضل.. فالغاية واحدة والنتيجة قد تكون واحدة، غير أن الأسلوب مختلف. ومن أمر الممرضة الأولى قد تذهب للطبيب والضغط لديك مرتفع، ومن ابتسامة الممرضة الثانية قد تود (الدردشة) معها قليلاً قبل أن تدخل للطبيب.. ومع الأسف فالأنانية أخذت تضرب اطنابها، إلى درجة أن احد المراقبين يفسر المسألة بقوله: إنها (أنا) ضد (هم).
ولكي اضرب لكم مثلاً بالأنانية، وقد كنت احد أطرافها الأربعة، وكنا في محطة للقطارات، وكنت الوحيد بينهم الذي لدي ثلاث حقائب، حيث كنت ذاهبا إلى بلدة سوف امكث بها عدة اشهر، وكانت اثنتان من حقائبي ثقيلتين جداً مما اضطرني لسحبها، والثالثة معلقة على كتفي، وكان لزاماً عليّ أن اصعد السلالم وان اهبط منها لأنزل للرصيف المقابل، ولم يكن هناك لا عربات ولا حمالون، وكان هؤلاء الثلاثة رفقاء السفر, ليس معهم أية حقيبة ملابس، اللهم إلاّ حقائب أوراق خفيفة، ولم يكلف ولا واحد منهم نفسه ليعرض عليّ مساعدته، وكانوا يشاهدونني أتأرجح مع حقائبي يمنة ويسرة، يكاد ساعداي يتمزقان من شدة التعب، ومع ذلك كانوا يتمازحون ويتضاحكون ويدخنون، طبعاً حقدت عليهم، ويحق لي ذلك، إذ بعد تلك السفرة قاطعتهم ولم تشاهدهم عيناي حتى الآن.
ومثال آخر على قلة الأدب، رواه لي احد المعارف ويقول: بينما كنت أقف خلف احدهم في باريس على رصيف احد الشوارع أمام (كشك) للتلفونات، وذلك قبل أن يخترع (الموبايل)، وكانت في الداخل فتاة تحاول الاتصال ويبدو أن الخط كان مشغولاً، ومن حسن أخلاقها فتحت الباب للرجل الذي كان أمامي ليتصل لأنها لا تريد أن تعطله، ووقفت هي أمامي، وانتظرنا خمس دقائق، وعشر، وثلث ساعة بدون مبالغة، وهو يتكلم ثم يغلق ثم يعود ليتكلم، وعندما عيل صبر المسكينة أخذت تنقر على الباب الزجاجي بإصبعها، وإذا به يفتح الباب قليلاً ويقول لها: لقد أزعجتني، هذا تلفون عمومي وأنا أتكلم به غصبا عنك ولا استأذن منك، واذهبي وابحثي عن تلفون آخر، ثم (رزع) الباب في وجهها.
أما أبيخ جواب فهو صادر من احد (غراسين) المطاعم، عندما حمل بيده صحن شوربة كانت قد طلبته إحدى السيدات، ولاحظت السيدة وهو يضع الصحن أمامها أن إصبعه الكبير قد غرق بالشوربة، فقالت له بقرف: انظر فأصبعك في الشوربة، فقال لها بكل بساطة: لا اطمئني يا سيدتي فالشوربة ليست حارة جدا

وفى مقال آخر لنفس الكاتب تحدث عن المناخ الاجتماعى غير الصحى والذى يجعل الإساءة هى جزاء الإحسان! فلقد روى مشعل ما يلى
بينما كنت أتسوق بأمان الله في أحد المتاجر الكبيرة، وكنت على وشك النزول من الدرج، وإذا بطفل لا يتعدى عمره الرابعة يعبر أمامي كالعاصفة وهو يلتفت للخلف غير منتبه للدرج الطويل، فما كان مني إلاّ أن أمسك به من ذراعه وأتداركه في آخر لحظة قبل أن يسقط ويهوي، وأخذ المسكين يرتجف من شدّة الخوف لأنه أدرك بعقله الصغير أنه نجا من كارثة محققة
وما هي إلاّ دقيقة وإذا بوالدته تأتي راكضة، وبدلاً من أن تشكرني أخذت توبخني قائلة: صحيح ما عندك أدب، كيف تمسك الولد بهذه السرعة وكدت أن تخلع كتفه، وجع في وجهك، تفاجأت من صوتها العالي المزعج، الذي جعل الناس يتجمعون حولي، ويتعاطفون مع كلام هذه الأم الظالمة من دون أن يستوعبوا الموضوع، بل إن بعضهم تلفظ بكلمات مبهمة لم أستوعبها، ولكنها بكل تأكيد ليست في صالحي، وكنت طوال الوقت صامتاً من هول الصدمة، وكل ما فعلته أنني أخذت انظر لتلك الأم متعجباً، فما كان منها إلاّ أن (ردحت) لي قائلة: لماذا تنظر لي هكذا، تعال كلني
لا حول ولا قوة إلاّ بالله، ماذا أفعل بتلك (الوليّة)، التي بدأت كلامها متهمة إياي (بقلة الأدب)، وأنهته وهي تدعوني لكي (آكلها)؟
هل أفعلها؟!، هل أصبح من آكلي لحوم البشر؟
طبعا لن أكون كذلك، وإذا كان ولا بد، فليس كل لحم بشري مستساغ ويؤكل، لأنني صاحب مزاج صعب


أخيرا لا أخفى عليكم يا إخوانى شعور المرارة الذى يملأ كيانى من مشاعر الكراهية والغيرة والأنانية التى تسيطر على مجتمعنا، واختفاء
مشاعر الحب والإخلاص والولاء من قاموس تعاملاتنا
وأطرح سؤالى مرة أخرى ما الذى حدث لمجتمعنا؟

منقول




















4
489

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ام ضي عبدالحميد
يابنات الموضوع ماعجبكم ووووووووووووووووووين الناس
شمرية البدائع
يسعدنى ان اكون اول من يرد لكن ما نقول الا الله المستعان خليها على الله .
ريحانة التميمي
حسبنا الله ونعم الوكيل موضوعك روعة ويدعو الى مراجعة النفس
هللو كيتي
هللو كيتي
بالفعل واقع ملموس بس مو اسمه الصيد في الماء العكر دا السلوك اسمه قلة ذوق انانية ....الخ
حتى الشيخ المثقف عايض القرني اتكلم عن دي النقطة لسفرته لباريس وانو الناس ذوق وادب مو اعجاب فيهم وحب لا بس انهم كفار واحنا المسلمين اولى بالسلوك الحضاري دا مو هم
موضوعك جدا حلو تسلمي ياذوق