هيا نبحث عن غار!

ملتقى الإيمان

هيا نبحث عن غار!


كانت مكة تعج بالأصنام، وتضج أسواقها بالربا، دفن البنت مشهد يتكرر دون إنكار، وقيمة الرجل بحسبه ونسبه! ظلمات بعضها فوق بعض، ينسل منها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي لم تتأثر فطرته السليمة بالظلمات رغم انتشارها.

يعتزلهم ويتجه لجبل النور الذي يبعد نحو 4 كم، ويصعد غار حراء على ارتفاع 634 متر حيث تجتمع له ثلاث عبادات: الخلوة والتعبد ورؤية الكعبة(1).

تارة يمكث في الغار عشرا وتارة أكثر إلى شهر ويأخذ لذلك زاده، فإذا فرغ رجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، وذلك في كل رمضان قبل نزول الوحي(2).

والجدير بالذكر أن هذا التعبد لم يكن مقصورا على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد كان من عادة المتعبدين في قريش، أنهم يجاورون في حراء للعبادة (3).

ترى.. ما حاجتنا نحن لهذا الغار؟

الغار رمز الخلوة، ورمز للعبادة دون التفكير بمشاغل الدنيا.

هيا نبحث عن غار!

حيث تصفو النفس وتسمو بدينها نقيا من الشوائب.
إن الخلوة مع الذكر والعبادة، تنير القلب وتزيل ظلمته وتخرجه من الغفلة والشهوة والهفوة، وهي مهمة لكل مسلم سواء كان حاكمًا أو عالمًا، أو قائدًا، أو تاجرًا(4).

لقد تلاشت ظلمات الجاهلية السابقة، لكنها عادت بقناع متحضر، أكثر تقنية ولها طابع عصري يسرقنا من أنفسنا، فالأوقات تضيع مع جهاز بحجم الكف، والأحاسيس تتبدد برسائل مكررة بالجملة، وقد يتخذ أحدهم قرارا حسب ما وصله من رسائل واتس أب!
هنا تصبح الخلوة ضرورة لاستجماع القوى الفكرية والمشاعر الروحية والإحساس النفسي والإدراك العقلي(5).

هيا نبحث عن غار!
قد يكون الغار غرفة في أقصى المنزل، وقد يكون ساعة في جوف الليل، أيا كان، ابحث لنفسك عن الغار الذي يناسبك، ويجدد روحك.

تأمل أوقات الخلطة، والقيل والقال، مع ما قد يشوب المجلس من حسد أو غيبة أو نميمة، ستتأكد الحاجة لبعض من العزلة، ففي العزلة صفاء السريرة(6).

هيا نبحث عن غار!
ففيه يصقل الإنسان قلبه وينقي روحه، ويقترب من الحق جهده ويبتعد عن الباطل وسعه(7).

هيا نبحث عن غار!




--------------------------------------------------
(1) فتح الباري.
(2) نور اليقين.ص 20
(3) البداية والنهاية ص50
(4) السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث/ الصلابي.
(5) المصدر السابق.
(6) نور اليقين ص 20.
(7) فقه السيرة ص89.
1
398

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

سنابل2020
سنابل2020
من اروع ما قرأت اليوم!

جزاكِ الله خيراً يا اختي