(وأخيــــــراً سااااافرت) مشاركتي في مسابقة الكاتبة الاجتماعية

الأسرة والمجتمع

في الصيف المنصرم الفائت ذاك كان الكثير إن لم يكن الكل ممن حولي قد أعدوا العدة للسفر و حزموا الحقائب وولوا وجوههم شطر المدن التي تحبها أنفسهم و ترتاح لها جيوبهم .. كنت وقتها _و لازلت_ على الضفة الأخرى تلك الضفة التي يقف عليها أمثالي ممن يتولون مهمة توديع أولئك المسافرين واستقبالهم .. أما أنا فككل صيف أقضي إجازتي في أحضان جهازي هذا ..و أتصفح المنتديات التي يبحث فيها المسافرون العرب عن معلومات تتعلق بتلك البلدان قبل ان يسافروا لها أو يضعون صوراً لبلدان قد زاروها من قبل وبينما أنا كذلك تهادى لخاطري سؤال في حيرة و استغراب ترى عم يبحث هؤلاء المسافرون خلف آلاف الأميال التي يقطعونها بل المحيطات و القارات
أيبحثون هناك عن السعادة ؟ أم أن سفرهم في حد ذاته سعادة ؟
هل يعني هذا أننا محرومون من السعادة مادمنا لا نسافر مثلهم ؟؟
بعد طول تأمل في وجوه المسافرين.. وكثير تفحص لأحوالهم و نفسياتهم توصلت لحقيقة لا يمكن انكارها هي (أن السعادة هي السفر والسفر هو السعادة ).. إنه يعمل كمجدد لدورة حياة مشاعرهم و منشطاً لخلايا طموحاتهم و خيالاتهم و آمالهم
إنه بركان يتفجر في أعماقهم سعادةً ليلغي كل ما كان طوال العام من ملل ورتابة .. ألم تروا الحماس الذي يصاحب استعداداتهم ثم الشوق الذي يشع من أعينهم ترقباً لأحداث و مفاجآت ستكون في استقبالهم ثم يختمون ذلك بذكريات جميلة تمنحهم قدرة هائلة على استقبال أيامهم الجديدة بحب ورغبة حقيقية ..
وما إن انتهيت من هذا السؤال حتى خطر سؤال آخر أكثر حيرة و استنكاراً .. لو كان السفر هو السعادة فلم يعود البعض من أسفارهم مخذولين محسورين ؟؟ وهنا لمعت إجابة أشبه بالكنز المفقود الذي طال بحثي عنه
إنما السفر سفر النفوس و الأرواح لا انتقال الأبدان من مكان لآخر .. و هنا يحيى العدل فالكل تستطيع نفسه أن تسافر إن أطلق لها العنان .. لتخالط الأكابر و الولدان .. و تشاهد المروج و الوديان .. و تجالس القضاة و الفلاسفة و الشعراء و الحكام .. كل هذا و أكثر .. بلا جوازات سفر و لا أوراق رسمية و بدون أن تعترضه موانئ و لا حدود سياسية .. نعم إنه سفر الأرواح في ربوع أمهات الكتب .. بين سحائب المحابر و تحت أغصان الحروف و ظلال النقط .
لحظة ذاك .. قررت أن أسافر كما يسافر أولئك الناس و لن تحدني الأزمنة و الأمكنة كما تحدهم .. و لن ألتزم بأشهر محددة من العام كما تلزمهم أعمالهم .. ولن أحتاج مبالغ باهضة كما هم
كان تأملي القليل في أحوال السفر والمسافرين نفقاً ضيقاً مررت به و خرجت لعالم أكثر اتساعاً و أزكى أريجاً ..سافرت و سموت و عانقت آفاق الروح و العقل و الجسد وعدت لكم كما يعود المسافرون بهدايا رائعة تبقى في زوايا عقولكم و أرواحكم ذكرى تجمل أيامكم .. أتمنى أن تعجبكم هداياي التي اخترتها لكم من أفخم الكتب التي استطعت زيارتها حتى الآن

من المتحف الأول واسمه ( أفراح الروح )لصاحبه سيد قطب أحضرت لكم قوله

لا حياة لفكرة لم تتقمص روح إنسان، ولم تصبح كائنا حيا دب على وجه الأرض في صورة بشر!..

كذلك لا وجود لشخص-في هذا المجال-لا تعمر قلبه فكرة يؤمن بها في حرارة وإخلاص ...
إن التفريق بين الفكرة والشخص كالتفريق بين الروح والجسد أو المعنى واللفظ، عملية -في بعض الأحيان-مستحيلة، وفي بعض الأحيان تحمل معنى التحلل والفناء!.
كل فكرة عاشت قد اقتاتت قلب إنسان,أما الأفكار التى لم تطعم هذا الغذاء المقدس فقد ولدت ميتة ولم تدفع بالبشرية شبرا واحدا إلى الأمام !.





ومن متحف (هكذا علمتني الحياة) للدكتور مصطفى الرفاعي احضرت لكم
المؤمن يرفه عن جد الحياة بما ينعش روحه، وبذلك يعيش حياته إنساناً كاملاً، وغير المؤمن يرفه عن جد الحياة بما يفسد إنسانيته، وبذلك يعيش حياته نصف إنسان.
فكيف هو ترفيهك!!!!
من متحف مصطفى صادق الرفاعي واسمه (وحي القلم) احضرت هذه التحفة
الأشياء الكثيرة لا تكثر في النفس المطمئنة. وبذلك تعيش النفس هادئة مستريحة كأن ليس في الدنيا إلا أشياؤها الميسرة.
أما النفوس المضطربة بأطماعها وشهواتها فهي التي تبتلى بهموم الكثرة الخيالية، ومثلها في الهم مثل طفيلي مغفَّل يحزن لأنَّه لا يأكل في بطنين.
وإذا لم تكثر الأشياء الكثيرة في النفس، كثرت السعادة ولو من قلة. فالطفل يقلِّب عينيه في نساءٍ كثيرات، ولكن أمَّه هي أجملهن وإن كانت شوهاء.. فأمه وحدها هي هي أمّ قلبه، ثم لا معنى للكثرة في هذا القلب.
هذا هو السر؛ خذوه أيها الحكماء عن الطفل الصغير!


9
610

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

طموحة ولكن !
طموحة ولكن !
رائعه جدا ..استشفيت فكرتك من اول الاسطر لان من الواضح جداا ان كلامك من القلب سلس واسلوب جميل

لم تتعبي القارئ بالوصول الى الفكره والمضمون . جميل جدا موضوعك

فعلا السفر بين الكتب وقصص الحكماء والصالحين مجدد للنفس على البذل والعطاء

ويزيل عنها الكآبه وفي بعض الكتب تجديد للذات وتطوير لها

بارك الله فيك
فتاة الفضيلة
فتاة الفضيلة
أشكر لك هذا الإطراء أتمنى فعلاً أن تصل الفكرة
شكراً طموحة و لن أكتب ولكن لأن الطموح لا يعترف بالأعذار
أكرر شكري
شجرة*الدر
شجرة*الدر
قلم مبدع ينم انك من هواة السفر بلا جواز

بورك فيك وفى مداد قلمك وابداع فكرك
عائشة المشرقة
كلامك جميل و فكرتك حلوة و قيمة في نفس الوقت

تلامس القلب خاصة بالنسبة لمن يهوئ المطالعة و القراءة

الله يبارك فيك اختي
شام مول
شام مول
بكلامك واسلوبك لامستي جزء كبير من عقلي وقلبي
رائع اسلوبك كروعة كلماتك ووصفك
مشكورة غاليتي