وانتصر الحب

الأدب النبطي والفصيح

وانتصر الحب







عاد إلى عشه الدافئ في وقتٍ متأخر،
أخرج المفتاح ودخل على غير عادته ..
متجهما ،مشبكا يديه،دمه يغلي،وضغطه مرتفع....
يا إلهي متى يتركني الناس وشأني...
هذه لوحتي الخاصة بي،وأنا من ينتقي ألوانها ..
ليس لأحد غيري رسمها أو تغيير شكلها.
*
انتظرت مجيئه كالعادة..
ملت من الترقب ،لتسقط بين يدي أحضان نوم عميق
بعد أن أعياها تعب انتظاره.
*
لازال كلام أمه يقرع أذنيه بألم :
(ترى متى سأرى حفيدي ؟ )
نظر إليها وشبح ابتسامة ترتسم على محياه..
يخفي حنينا وشوقا لطفل يضمه ..
يناديه بصوت طفولي(بابا).
*
_ أماه لازال الوقت مبكرا ، ولا زلنا صغارا ، ثم نحن لا نريد الآن أطفالا !
_لكننا نريد!!
قالتها الأم مقاطعة وقد عقدت حاجبيها وبراكين الغضب تتوهج من عينيها.
مردفة كلامها بتهديد ،أشعل نارا من الهمِ في قلبه المحبِ لزوجته.
_ إنْ لمْ تنجبْ زوجتكَ ،سأبحث لك عن أُخرى.!
*
كلام أمه أنهك صبره وحزمه..
ليعيش بين مِشرَط أم تريد حفيدا..
وشَفرَة زوجة تغار عليه من نسمات الهواء...
كل يوم يَمرُ يزيده حبا لزوجته ..
ويزيده هماً من إلحاح أمه التي لا يطيق أن يراها ساخطة عليه .
أخيراً أجبرته ضغوط أمه على مصارحة زوجته !
التي تفاجأت بطلبه ....
كلامه المفاجيء أحرق قلبها ..
فطلبه هذا ينذرها بثانية تشاركها إياه.
لم يعهدها إلا حملا وديعا،إن رأها سرته ..
وإن طلبها أطاعته،كلامها الشهد حين تنطق به .....
ولكن .. بعد أن فاجأها بكلامه
غاب عنها حِلمُها واتِزَانها ولينَ خطابها..
ثارت لتقذف بحممها البركانية تجاهه
بكل قسوة،لتلفظ بقايا تحديها ..
معلنة تمردها على أغلى مسمى تحلم به أي أنثى، كتبته على كراريسها وأوراقها،
لتعدمه اليوم بوجه زوجها....
_ أنا لا أريد طفلا.!!
_ رد عليها وقد ربط على قلبه بقسوة مصطنعة..
شدَّت حبالها وساوس أم لم تفتأ تحلم برؤية حفيد يناديها :جدتي ..
(ولكني أريد )!
*
بعد ثلاثة أيام من الهجران،وتصحر المشاعر ..
ضاق بها ذرعا، شعر بها ثلاث سنوات عجاف تعصف بحياته ..!
علم حقيقة أنه في نعمة لم يعلم قدرها إلا حين افتقدها..
لا أريد أطفالا إن كانت حياتي ستخلو من زوجتي ...
خذلته فرائصه، وانهارت عزائمه،وخانه صبره..
وثارت عواطفه، التي مافتئت تعصف به ..
يمنة ويسرة..!
لم يهن عليه رؤيتها مُتَلَفِحةً بثياب الوحدة في غرفتها..
طرق الباب طرقا خفيفا .
_فتحت متظاهرة باللامبالاة !
أشاحت بوجهها نحو نافذة غرفتها....
وضع يده على كتفها برفق ..
استدارت إليه..
تمعن في وجهها ..
الذي ترك عليه الحزن والمعاناة أثره ..
كلمته بصوت متحشرج :
ألا يكفي سكاكين الناس التي تجرحني في كل لحظة ..
حتى تبادر أنت بقتلي دون رحمة ..
على مذبح أنساك
وإرضاء لغيرك ..؟!
نسيت حباً بنته سنوات العشرة
واعشوشبت حيطانه الجرداء بها ..
فكان وداً حفر في نياط القلب ؟!!
مايكون موقفك ...
إن تركت خوفك وراجعت الطبيب فقال لك :
إن الخلل منك !
ماذا ستقول بعدها ؟
نظر إليها بندم وحب
ونظرت إليه بعتاب
ثم ذابت ثلوج الخلاف بينهما....
وانتصر الحب !



طيييييييييف
12
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ
قصة هادفة فيها درس
لاأدخل في تفاصيلها
لكنها توصل رسالة ..
وكلماتك فيها معبرة وموفقة وعاطفية
والخاتمة جميلة وتترك للقارئ أن يحددها ..
كالعهد بمواضيعك
بارك الله قلمك الغزير
وزادك فضلاً ياطيف الأحلام ..
♥️
المحامية نون
المحامية نون
قصة ذات معنى وهدف نبيل ..
بالتأكيد إن الحب الحقيقي الخالي من الزيف
ينتصر دائماُ.رغم كل العقبات ...
صور. جميلة رسمتها ياطيف أوصــلت الفكرة ...
.جزاك الله خيراً...❤
حنين المصرى
حنين المصرى
جميل ما كتبت اختي طيف
كالعادة اسلوب مميز وفكرة جميلة وقلم ممتع
سلمت يداك غاليتي ودمت بود وحب دائمين
°•🍃مشاعل الخير 🍃•°
جميلة 👌
أماني فيصل
أماني فيصل