بسم الله الرحمن الرحيم ..
قال سفيان الثوري في قوله تعالى : " وبشر المخبتين "
أي : المطمئنين الراضين بقضائه المستسلمين له .
فطوبى لمن وهبت نعمة الرضا والقناعة فكان رضاها عند الفقر و البلاء كرضاها عند الغنى و الرخاء - جعلنا الله واياكن منهن -
ولإبن الجوزي كلام نفيس ونقول عن السلف أنقلها لكن للتأمل بهذه النعمة العظيمة ومن ثم دعاء الله أن نكون من أهلها :
-------
قد أطنب الناس ـ من السلف و الخلف ـ في الرضا ، و بسطوا القول فيه ، و اعتنوا به و هذا يدل على علو منزلته .
قال عمرو بن أسلم العابد : سمعت أبا معاوية الأسود يقول : في قوله تعالى : " فلنحيينه حياة طيبة " قال : الرضا و القناعة .
و ذكر ابن أبي الدنيا بإسناده ، " رفعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم ، قال : جلساء الرحمن ، تبارك وتعالى ، يوم القيامة : الخائفون الراضون ، المتواضعون الشاكرون الذاكرون " .
وبإسناده ، إلى محمد بن كعب ، رفعه ، أنه قال : أي رب ، أي خلقك أعظم ذنباً ؟ قال : الذي يتهمني ، قال : رب و هل يتهمك أحد ؟ ! قال : نعم ، الذي يستجيرني ، و لا يرضى بقضائي .
قال مالك بن أنس : بلغني أن أبا الدراء ، دخل على رجل و هو يموت ، و هو يحمد الله تعالى ، فقال أبو الدراء : أصبت ، إن الله تعالى إذا قضى أحب أن يرضى به .
و روى ابن أبي الدنيا بإسناده ، عن ابن عون ، أنه قال : أرض بقضاء الله على ما كان من عسر و يسر ، فإن ذلك أقل لغمك ، و أبلغ فيما تطلب من أمر آخرتك ، و اعلم ، أن العبد لن يصيب حقيقة الرضا ، حتى يكون رضاه عند الفقر و البلاء ، كرضاه عند الغنى و الرخاء ، كيف تستقضي الله في أمرك ، ثم تسخط إن رأيت قضاءه مخالفاً لهواك ؟ ! و لعل ما هويت من ذلك ، لو وفق لك ، لكان فيه هلكك ، و ترضى قضاءه إذا وافق هواك ، و ذلك لقلة علمك بالغيب ، وكيف تستقضيه ؟ إن كنت كذلك ما أنصفت من نفسك ، و لا أصبت باب الرضا ! !
و روى أبو بكر بن أبي الدنيا أيضاً ، قال : حدثنا الحسين ، ثنا عبد الله ، حدثني المروزي ، قال : قال حفص بن حميد : كنت عند عبد الله بن المبارك بالكوفة حين ماتت امرأته ، فسألته ما الرضا ؟ قال : الرضا أن لا يتمنى خلاف حاله ، فجاء أبو بكر بن عياش فعزى ابن المبارك ـ قال حفص : ولم أعرفه ـ فقال عبد الله : سله عما كنا فيه ، فسألته ، فقال : من لم يتكلم بغير الرضا فهو راض . قال حفص : و سألت الفضيل بن عياض ، فقال : ذاك للخواص . ثم قال قادم الديلمي العابد . قال : قلت للفضيل بن عياش : من الراضي عن الله ؟ قال : الذي لا يحب أن يكون على غير منزلته التي جعل فيها .
و قال أبو عبد الله البراثي : لم يرد الآخرة ، أرفع درجات من الراضين عن الله عز وجل على كل حال .
و قال سيار : دخلت على أبي العالية في مرضه الذي مات فيه ، فقال : إن أحبه إلي ، أحبه إلى الله عز وجل .
و عن وهب بن منبه ، قال : وجدت في زبور داود عليه السلام : يا داود ، هل تدري أي الفقراء أفضل ؟ الذين يرضون بحلمي و بقسمي ، و يحمدوني على ما أنعمت عليهم ، هل تدري يا داود أي المؤمنين أعظم عندي منزلة ؟ الذي هو بما أعطي أشد فرحاً بما حبس .
و روى الإمام أحمد في كتاب الزهد ، عن زياد ابن أبي حسان ، أنه شهد عمر بن عبد العزيز ـ رحمة الله عليه ـ حين دفن ابنه عبد الملك ، استوى قائماً ، و أحاط به الناس ، فقال : و الله يا بني ، لقد كنت باراً بأبيك ، و الله ما زلت منذ وهبك الله لي مسروراً بك ، و لا و الله ما كنت قط أشد سروراً ، و لا أرجى لحظي من الله فيك ، منذ وضعك الله في المنزل الذي صيرك إليه ، فرحمك الله ، و غفر لك ذنبك ، و جزاك بأحسن عملك ، و رحم كل شافع يشفع لك بخير شاهد و غائب ، رضينا بقضاء الله ، و سلمنا لأمره ، و الحمد لله رب العالمين . ثم انصرف .
و قال سفيان الثوري : قال عمر بن عبد العزيز لابنه : كيف تجدك ؟ قال : في الموت ، قال : لأن تكون في ميزاني أحب إلي من أن أكون في ميزانك ، فقال و الله يا أبه ، لأن يكون ما تحب أحب إلي من أن يكون ما أحب .
و روى الإمام أحمد في الزهد بإسناده ، عن الحسن ، قال : حدثني الأحوص ، قال : دخلنا على ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ و عنده بنون له ثلاثة ، كأنهم الدنانير حسناً ، فجعلنا نتعجب من حسنهم ، فقال لنا كأنكم يغبطونني بهم ؟ قلنا : أي و الله ، لمثل هؤلاء يغبط المسلم ، فرفع رأسه إلى سقف بيت له صغير ، قد عشش فيه خطاف و باض ، فقال : و الذي نفسي بيده ، لأن أكون نفضت يدي عن تراب قبورهم ، أحب إلي من أن يسقط عش هذا الخطاف و ينكسر بيضه .
و بإسناده عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ أنه قال يوم مات أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ : رضينا عن الله قضاءه ، و سلمنا له أمره ، إنا لله و إنا إليه راجعون .
اسأل الله لي ولكن حياة طيبة عامرة بذكره ..
لا تنسوني من صالح الدعاء..

غداً سأفرح @ghda_safrh
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

أسمى الأماني
•
جزاك ربي ألف خير

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
جزاك الله خيــــــــــــــــــــرا
ام رغـــــــــ مسك الجنه ــــــــــد
جزاك الله خيــــــــــــــــــــرا
ام رغـــــــــ مسك الجنه ــــــــــد


الصفحة الأخيرة