ما هو إلا سيف على رقاب العباد .. إنه عربة تقف عند كل باب ..
نقطة في نهاية كل سطر !
( أنيس منصور )
http://www.anashed.net/audio/ya_rajay_3/farshy_attorab.ram
أشعــــر
أنني أتنفس من ثقب إبرة ..
أو كأن غصن شوك يجذب من قدمي إلى هامتي !
بأي العبارات أصف لكم ما أعانيه ؟!
أأقول بأن شعوري كمن يغوص في مرجل زيت يغلي والنار من تحته
تزداد اشتعالا !
أأقول إن شعوري كشاة تسلخ حية ؟! أو كمن تنزع شرايينه واحدا تلو الآخر
وهو يرى كل ذلك فلا يقدر على النجاة ؟!!
أوّااااااااه ..
لكأن جسدي ينشر بالمناشير ويقرض بالمقاريض
فضعفت كل جوارحي وما بقيت لي من قوة تعينني على تحريك لساني
فأصف لهم ما ألاقي من آلام .... أراهم يتحلقون حولي باكين ..
ولو علموا ما ألاقيه من الكرب لبكوا على أنفسهم !!
ما أغنى عني اجتماعُكم .. وما دفع الموتَ عني بكاؤكم !
أتحبونني ؟!
فهبوني بعض أعماركم إن كنتم فاعلين !
أيعز عليكم فراقي ؟!
فادفعوا عني الموت وغمراته فأتيقن من مكانتي في قلوبكم !
أراغبون أنتم في بقائي بينكم ؟!
فاستمهلوا ملك الموت ألا يقبض روحي في هذه الساعة إن استطعتم ..
فإن سكرات النزع أخرست لساني ..
ولو قدرت على الأنين والصياح لأسمعتكم ما يذهب بعقولكم !
أمــــــــي ... أين أمي ؟! أين أبي ؟! أين أحبابي ؟!
أين رفاقي؟!
قد وعدوني أن يفتدوني بأرواحهم !!
فأين هم الآن ؟!!
آتوني بهم اللحظة ! فمثلهم جدير بالوفاء !
ووالله ما احتجت إليهم كمثل حاجتي الآن !
دبّ فيّ السقام سفلا وعلوا ... وأراني أموت عضوا فعضوا
أتسمعون مفاصلي يسلم بعضها على بعض
متوادعة إلى يوم القيامة ؟!
إن الموت يجذب روحي جذبا فلا تسمعون إلا غرغرة وخوارا !
لقد بلغ مني الحلقوم ..... ولاتَ توبة الآن !!
( فلولا إذا بلغت الحلقوم , وأنتم حينئذ تنظرون ,
ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون )
الواقعة ( 83 – 85 )
أرى جيوش الموت تطارد فلول الحياة !
إنني أموت .... لا .... لا .... لا أريد أن أموت !
إنه كرب عظيم لست أطيقه !
فليعنّي أحد عليه !
افتدوني بمالي !
مـــــــالي ... أين مـــــالي ؟!
خذوه وخلصــــــوني من هذا العذاب !
لا أريد مالا ... إنني أمــوت !
( ما أغنى عني ماليه , هلك عني سلطانيه )
الحاقة ( 28 – 29 )
أيتها الـــروح ..
لا .. لا تتركيني .. أراكِ تصعدين ! ففيم العجلة ؟!
تمهلي أرجوكِ ..
قد صحبتُك سنين وما سئمتُ فعلامَ تفارقين الآن ؟!
أي عيش بعدك !!
أحداقي متعلقة بك فارجعي !
عـــــــــــــــــودي إليّ !
لا تفارقيني !!
لااااا ...... لاااااا ...... !!
( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد )
ق ( 19 )

وأخرجوني من الدنيا فوا أسفي .. على الرحيل بلا زاد ٍ يزودني
في هذه الحُفيرة الكئيبة المنقطعة عن كل شيء إلا عن السكون الموحش ..
وعلى هذا المقعد .. وتحت هذا السقف .. حيث أستار الموت مسبلة على كل شيء ..
ورائحته تفوح من كل ذرة هنا ... أقبع وحيدا .. أفترش تراب الأرض..
لا غطاء لي إلا بضع صخور اصطفت إلى جانب بعضها بعضا
فحالت بيني وبين آخر خيط يربطني بالدنيا !!

هنــــا .. تحل الظلمات محل الأنوار .. وهنــــا ..
تنتشر سحب الموت على وجه الحياة .....
لا مضجع إلا التراب .. ولا أنيس إلا الدود ..
ولا جليس إلا منكر و نكير .. هنا ..
في هذا القبر مقري .. والقيامة موعدي ..
وأما موردي فإما جنة أو نار !
لقد كذبتني نفسي .. فما وجدت من الموت حصنا ..
( أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ... )
النساء ( 78 )
وهأنذا أمام المصير الذي ينتظره كل حي .
آه ما أشد الظلام أمام عيني !! وما أشد ما أنا مقبل عليه !!
لقد أودعوني التراب ومضوا ..

إني أسمع خفق نعالهم وقد همّوا بالذهاب
ليتركوني وحيدا ..
أبــــــــــي .. إخوتــــــــي ..
أصدقائـــــــي .... أحبتــــــي ....
لا تتركــــــــــوني وحيدا ههنا ..
إلى من تسلموني ؟!
أإلى جيوش الديدان والهوام التي تتربص بي ؟!
أم إلى ضمة القبر وضيق اللحود ؟!
أتتركوني أنام بلا حراك لا يملأ جوفي إلا التراب ؟!
أأمسي قوتا للدود
وقد كنت أتقلب في أحضان السُرر الوثيرة ؟!
لا تتركوني أرجوكم .... أنا خائف أشد الخوف !
لا أرى شيئا وسط الظلمة المضنية والفراغ الخاذل ..
الرعب يملأني ..
ولا أستطيع الحراك !
يا إلهي ما هذا ؟!
ما الذي يحدث ؟!
جدران القبر تقترب مني .. توشك أن تطبق علي ..
اقترابها يزداد ..
عظامي تصطك حتى توشك أن تتكسر ..
يدخل بعضها في بعض !
ورأسي يكاد ينفجر من شدة الضغط !
هل سأموت من جديد ؟!!
هل سألاقي كربا أشد مما لاقيت ساعة النزع ؟؟!!
لا .. لا .. ليس مرة أخرى ! رحماك ربي ..
أين المفر ؟!
أخرجـــــــــــوني من هنا .... لا أحتمل البقاء أكثر ...
أخرجــــــــــوني ..
إنني متعب .. ولا أرى شيئا ..
جسدي متضخم يوشك على الانفجار ..
ورائحته النتنة تكاد تقتلني من جديد ..
الديدان تصول وتجول فيه !
تدخل من فمي وتخرج من أنفي ...
وغيرها يتصارع على أذني وعيني ...
الهوام تلتهم أطرافي ....... لا ...
أبعدوهـــــــــــا عني أرجــــــــــوكم ..
إنها تعذبني .. تقتلني من جديـــــــــد ..
تتمشى على جسدي وتقتات منه بلا هوادة ..
من يخلصني منها ؟!!
خلصــــــــــــــوني منها فإنني عاجز عن تخليص نفسي ..
جلدي الناعم الغض يتساقط متعفنا قطعة قطعة !!
بشرتـــــــي ...
عينــــــــــــاي ...
أنفــــي ... شفاهــــي ...
أصبحت وجبات دسمة لشتى أنواع الديدان ..
لا ... هذا مريع !
أسمع خفق نعالهم من جديد ... أين أنتم ...
هلمّ إلي أخرجـــــــــــــــــــوني من هنا !
أخرجـــــــــــــــــــــوني ...
من بيت الدود قبل أن يدهمني منكر و نكير ..
فإن هول المطلع شديد !
ماذا عساي أن أفعل ؟!
وكيف ستكون ليلتي الأولى والليالي القادمة
في أحضان الوحشة والوحدة ؟!
والله إنه لكرب عظيم لا نجاة منه إلا برحمة من ربي !!
أرجعـــــــــــــــــوني أعمل صالحا !!!
لا تتركـــــــــــــــوني وحيدا في هذا المنزل الموحش !!
آنســــــــوني في وحدتي ..
بددوا وحشتـــــــــــــــــي ..
أعينـــــــــــــــــوني على غربتي ..
فإنها غربة طويــــــــــــــــــــــــلة !
* * *
كان قلبي عن ذكر الموت في نفور ..
حتى غرني بالله الغرور ..
فانتقلت من ضياء القصور إلى ظلمة القبور ..
ومن الأنس بالصحاب إلى التمرغ في التراب ..
ومن الامتلاء بالطعام إلى مكابدة الديدان والهوام !!
أمسيت وحيدا ... في منزل الدود والوحشة ..
منزل الظلمة والغربة والضيق وأصناف المقاساة والعذاب ..
وغدا تنزلون مثل منزلـــــــــي !
فمــــاذا أعددتـــــم لـه ؟!!!

.
.
.
.
المــــــــــــوت
أقرب من أي قريـــــب ..
فمـــــــــــاذا أعددنا له ؟!!
.
.
.
.
عندما بكى ملك الموت
ورد في بعض الأثار أن الله عز وجل ارسل ملك الموت ليقبض روح امرأه من الناس فلما أتاها ملك الموت ليقبض روحها وجدها وحيده مع رضيعا لها ترضعه وهما في صحراء قاحله ليس حولهما أحد
عندما راى ملك الموت مشهدها ومعها رضيعها وليس حولهما احد وهو قد اتى لقبض روحها هنا لم يتمالك نفسه فدمعت عيناه من ذلك المشهد رحمه بذلك الرضيع غير انه مأمور للمضي لما ارسل له
فقيض روح الام ومضى كما امره ربه ( لايعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يأمرون )..
بعد هذا الموقف لملك الموت بسنوات طويله ارسله الله ليقبض روح رجل من الناس , فلما اتى ملك الموت الى الرجل المأمور بقبض روحه وجده شيخا طاعنا في السن متوكئا على عصاه عند حداد ويطلب
من الحداد ان يصنع له قاعده من الحديد يضعها في اسفل العصى حتى لا تحته الأرض ويوصي الحداد بان تكون قويه لتبقى عصاه سنين طويله , عند ذلك لم يتمالك ملك الموت نفسه ضاحكا ومتعجبا من شدة
تمسك وحرص هذا الشيخ وطول امله بالعيش بعد هذا العمر المديد , ولم يعلم بانه لم يتبقى من عمره الا لحظات ...
فاوحى الله الى ملك الموت قائلا : ( فبعزتي وجلالي ان الذي ابكاك هو الذي اضحكك ).
سبحانك ربي ما أحكمك سبحانك ربي ما أعدلك سبحانك ربي ما ارحمك
نعم !! ذلك الرضيع الذي بكى ملك الموت عندما قبض روح امه هو ذلك الشيخ الذي ضحك ملك الموت من شدة حرصه وطول امله ,
فياسبحان الله ..
اسئل الله جل وعلا ان يحسن خواتيم اعمالنا
ويميتنا ونحن موحدون له ساجدين له
واسأله تعالى ان يرحمنا ويرحم موتى المسلمين