ودفن في فلسطين

الملتقى العام

ودفن في فلسطين ...رمز الهيمنة الأمريكية على الفضاء

اكتب هذه الكلمات بعد يومين من سقوط المكوك الفضائي الأمريكي يوم السبت الموافق الأول من شهر فبراير لعام 2003 وإنني أؤمن بأنه ليس من شيء يكون في السموات أو في الأرض صدفة وإنما بإذن الله يقدر معلوم . وإنني أؤمن كذلك بأن لكل أمر عظيم إرهاصات تسبقه وتنبيء بقرب حلوله والتاريخ شاهدنا في ذلك وسنن الخلاق العليم في أقوام سبقت وقصص قرآني بليغ يجسد لنا من تاريخهم صوراً حية وعبراً لمن يعتبر .
وعندما تأن الأرض من شدة وطأة الظلم والقهر وتسلط الجبابرة تأبى السماء إلا أن تجيب بلغتها التي لايفقهها إلا العاقلون وآياتها التي لايراها إلا أهل البصائر . أما أهل الباطل والضلال ومن حق عليهم العذاب فلا تثير فيهم الآيات إلا انعكاس أمراض نفوسهم من غرور وتكبر وأمن مكر الله كما وصفهم القرآن على لسان أقوام مضت ( فلما رأوه عارضاً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارضٌ ممطرنا بل هو ماستعجلتم به ريح فيها عذاب أليم ) .
وشاء المدبر أن يبعث لأهل الأرض آية واضحة لأهل البصائر تتجلى فيها معان عظيمة وتحمل رموز نبوءات أحداث عظام .
واختار الخالق لهذه الآية من أيام الأسبوع يوم السبت وهو يوم مخالفة أصحاب السبت لأمر السماء ونزول الرجز والسخط عليهم كما يحكي لنا القرآن وتذكره كتب أهل الكتاب ( يا أيها الذين أوتو الكتاب آمنو بنا نزلنا مصدقاً لما معكم من قبل أن نطمس وجوهاً فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولاً ) , ( وقلنا لهم لا تعدوا في السبت وأخذنا منهم ميثاقاً غليظا ) .
واختار الله لهذه الآية رمز التمكين والتقدم والهيمنة القومية الأمريكية على طرقات الفضاء السريعة ( أو كما يظنون ) ألا وهو المكوك الفضائي الأمريكي وأنه لا يعدو أن يكون رمزاً . وأن المقصود هنا فهو التمكين الذي تحول إلى طغيان بفضل مؤازرته للباطل ونصرته للظالم على المظلوم وتمثل ّلك جلياً في مؤازرة أمريكا للمستعمر الإسرائيلي على أرض فلسطين والمستعمر الهندي على أرض كشمير .
وجاءت الدعوة الأمريكية لأول رائد فضاء إسرائيلي و فضائية هندية ترجمة لهذا التحالف , فبعد أن وصلت أمريكا إلى قمة الثقة بسلامة الرحلات الفضائية خرجت هذه الرحلة تريد إعلان رسالة ولكن الله أعادها برسالة أخرى لو أنهم يفقهون ( ألم يروا إلى الطير مسخرات في الجو السماء مايمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ) .
أرادوها رسالة تعلن التقارب والتضامن والتحالف بين الدول الثلاث (أمريكا وإسرائيل و الهند ) واختير من إسرائيل في هذه الآونة بالذات ( قبل ضرب العراق ) الرائد الإسرائيلي الذي شارك في تدمير مفاعل تموز العراقي عام 1981 م .
وبمثل هذه النية خرجوا وجاء العقاب عند الخروج فحصل عطل أثناء الإقلاع فتحطم الدرع الحراري الذي يحمي المركبة الفضائية من الحرارة الزائدة , ولم يعلم الطاقم بعد الإقلاع وطوال الرحلة بأكملها أنهم لن يستطيعوا أن يخترقوا الغلاف الجوي ليعودوا إلى الأرض .
وفي يوم السبت الموافق الأول من فبراير لعام 2003م امتلأت الخانات والخمارات وصالات الاحتفالات في إسرائيل وتجمع الناس حول التلفاز ينتظرون لحظة الهبوط لتسكب الكؤوس وتدزور الرؤوس وتعلو هتافات إعلاء كلمات الهيمنة والتمكين والنصر بعودة أول إسرائيلي من رحلة الفضاء و لكن الله أرادها غير ذلك ليروا ويرى العالم أجمع على الهواء مباشرة احتراق رمز التمكين و الهيمنة واحتراق كل من حمله هذا الرمز ليسقط في مدينة صغيرة لا يلتفت لها أحد تسمى (( فلسطين )) .
إن كل هذا لا يكون من ضرب الصدف و إنما هي أولى إجابات السماء للرسالة التي أرادوها وإرهاص لمثله من أحداث عظام .
هي رسالة من ملك الملوك إلى القوة العظمى في الأرض بأن مؤازرتها لظلم وإجرام إسرائيل سيؤدي إلى تدميرها وكما احترق الرمز ودفن في فلسطين فإن إسرائيل سوف تدمر قوة أمريكا و في فلسطين ستدفن إسرائيل وكل من ناصرها وآزرها . وإنهم اليوم يدرسون أخطائهم التي أدت إلى سقوط المكوك وينسون أخطائهم تجاه المسبب خالق كل شيء ( وما قدروا الله حق قدره ) .


كتبه
د.وليد فتيحي
عكاظ السعودية-13317
WFITAIHI@POST.HARVARD.EDU
0
363

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️