مشاعر في القـِمَة
بقلم: أمونة المصونة
قال تعالى: {وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب}.
إنني أسمعُ صوتَ دقاتِ قلبي، بدني يتصببُ عرقاً، أمي وأخوتي جالسونَ بجانبي أمامَ شاشةِ الحاسوب، كل منا يترقب وينتظر ظهورَ نتائجِ الثانوية العامة. فأمي خائفة وقلقة، تبدو مثلي أو ربما أكثر، كانت تمسك أعصابها باضطراب. عيوننا لا تحيد عن الشاشة، لحظات من الصمت القاتل، هدوء عجيب وخوف شديد. الشعور بالاضطراب والخوف والقلق يعم الأركان، ويشل المكان. كل ثانية تمر وكأنها ساعة، تمنيت أن أغفو قليلاً، أن أنام، أن أذهب لعالم آخر، فأنسى أمري، ويذهب خوفي، ويتلاشى قلقي، ويهدأ قلبي، لكن أين لي بهذا؟! ولم يبقى إلا لحظات على ظهور النتيجة!
" إلهي وخالقي ارحم ضعفي وقلة حيلتي وأرح قلبي.. يا رب إنني استعنت بك وتوكلت عليك.. يا رب لا تخيب ظني بك..."
كان قلبي يردد هذه الدعوات راجياً من الله بصدق ما طلب.. ولم يكن هناك كلمات آخر لتصبرني وتهدئ نفسي مما أنا فيه.. شعرت بالعطش الشديد، فأحضرت العصير لأرتوي قليلاًَ، وأول رشفة منه، ظهرت لوحة
" الآن.. نتائج الثانوية العامة."
شهقتُ شهقة عالية، ووضعتُ العصيرَ على الطاولة، أمسكت قلبي بيدي بعد أن خرج من صدري..
أطلقت بصري كالبرق ملتهماً الأسطر باحثاً عن اسمي، حيث لمح أحرفه بارزة ببريق ذهبي لصقت في ذهني، بجواره أحرف " ن ا ج ح ة " ، عندها فقدت شعوري..
ودارت في الأرض لحظات.. كأنني أطللت من فوق سحاب.. غرقت في بحر من الفرح.. لا أصدق ما تراه عيناي!!
لا أشعر بشيء حولي.. استيقظت على ألحان الزغاريد.. شعوري بالفرح كبير كبير، لا يسعه قلبي.. قفزت أمي إلي وحضنتني بقوة حتى عصرت لحمي، طبعت قبلة عميقة على وجنتاي ثم تلاها قبلات عديدة ودموعها سالت بشدة على خديها وانحدرت على جسدي كالمطر.. لم أشعر بدموع في عيناي حينها، وبعدما رددت أنفاسي واستوعبت الأمر، سجدت سجود شكر لله على هذه النعمة العظيمة.. وبدأت عيناي تنبع دمعاً وقلبي يلهجُ حمداً وشكراً لكريم العطايا، مسخر الأرزاق، فله الحمد والمنة..
يا له من يوم طبع الجمال في الفؤاد وسطر الفرح على القلب، يومها رأيت ما جنته يداي، يومها رأيت أمنيتي واقعاً، يومها رأيت الدنيا مليئة فرحاً وسروراً، الجميع يهنئ ويبارك وعلى الشفاه ابتسامة لطيفة.
ما أجمله من يوم!
ما أروعه من إحساس!
ما أشد حلاوته!
لا يُنسى طعمها اللذيذ، باقياً مدى العمر!
ما أزكى رائحته! رائحة الربيع المزهر!
وتذكرت اليوم الأعظم، يوم تجزى كل نفس بما كسبت، يوم محاسبة أعمال البشر، وكيف أن من يعمل خيراً يلقى خيراً..
قال تعالى: {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب}.
انتهت ،،،
تقبلي مروووري