وصايا عجوز سبعينية

الأدب النبطي والفصيح

وصايا عجوز سبعينية


بمشية متأرجحة وظهر مقوس تتكفأ على عصا غليظة، تعينها على سبر طريقها نظارة سميكة ملأت وجهها.
وصلت أخيرا إلى مكانها المفضل، أرادت الجلوس على كرسيها الهزاز بحزم وقوة، لكن آثار السنين أسفرت عن ضعفها ووهنها الذي بدا واضحا في حركات جسدها الضعيف المتهالك.
قد فعل العمر في الجدة الضعيفة فعلته، لتظهر ندبات إجرامه بارزة على قسمات وجهها المنقوش بالحكمة وتجارب السنين.


أخرجت الجدة مذكرتها واستلت قلمها من محفظتها، واضعة مكبرا للخط أمام عينها لتبدأ بنثر دررها، مُدَبِجة تلك الوصايا بتجارِبها التي نُحتت في مخيلتها.
بنيتي : هاهي الدنيا فتحت أحضان شهواتها وشبهاتها أمام ناظريك، تتحسسها كل جارحة فيك، فتتفجر براكين الشباب بكل عنفوان، فكم أحرقت لظاها من أكباد،وكم أفسدت حممها من حرث ونسل في البلاد، مالم تُلَجمْ بلجام الشرع والاستسلام لرب العباد.
والقلب في ذلك كله يصدق ما يمليه عليه جنوده،إن خيرا فخيرا، وإن شرا فشرا.
فلا عاصم لك من تَقَحُمِ فتنها إلا تقواكِ،ولا حارس لك من زلة القدم إلا بالتعلق بحبل مولاكِ، فالحذر الحذر .

أيا بنية: إياك واتخاذ الخلان،وفِرِي من العَلاقات العاطفية فِراركِ من قسورة، واعلمي أن الذئاب لم ترع يوما الغنم، فكيف بك وقد علقتِ فؤادكِ الطاهر بطيف ذئب شهواني نجس لا يراك إلا متنفسا لشهوته، ومرتعا لنزوته؟!!.

أيا حبيبة: إياك وضياع الأعمار في الأوهام والتوافه، كوني صاحبة همة وثابة، وأهداف سامقة، كوني أنت أنت بنت الإسلام، الأم والأخت والبنت والزوجة،المربية الفاضلة ،القارة في بيتها، الطائعة لربها،المنشغلة بهموم أمتها، فمتانة البنيان يكون بتوثيق الأركان!،ومن انشغل بالتوافه كان ريشة في مهب الريح، تافه في أفكاره، تافه في قراراته، تافه في أفعاله،تافه كونه تافه، فإياك أن تكوني مثلهم.

أيا بُنية: اقبضي على دينك وإن كان لظى الجمر يكويكِ، فمن أراد المجد فليلعق الصبر.
وإياكِ وتُشَرُب خبال الأفكار الهدامة التي تسعى لتدمير المعتقد الصحيح، واحذري من الولوج في سوق النخاسة والعبيد،فتصبحي صرعى لكل صرخة موضة، تبعدك آلاف الأميال عن دينك وثقافتك.
كوني عزيزة بدينك، بثقافتك، فبمورثك الذي لا يخالف شرعا ولا عرفا، كوني أنتِ شامة في سماء المجد، حين تمَيَع ضعاف النفوس ممن فقد بوصلة الانتماء.


يا عروس الغد:إياكِ ودعوات تأخير الزواج، فلن تدفع ثمنه الباهض سواكِ، لا تستهويكِ عن مشروع مستقبلك الحقيقي أهواء "شلة"، ولا يُثنيك عن بناء مملكتك السعيدة خيالك الواسع المقتبس من المسلسلات الهابطة، والحذر ثم الحذر من الارتماء في أحضان الأفكار الدخيلة علينا، التي زَهْدَّت في الزواج، ونادت بالعلاقات المحرمة.

فأنتِ الأنثى الناعمة التي جُبلت على الطاعة والانقياد، وستبقين أنثى، وتحيين أنثى، وتموتين أنثى، وتبعثين أنثى، فلم التكلف والمناكفة؟!ولم التسلفع والاسترجال؟

أيا حبيبة القلب ونبض الفؤاد: ها أنا ذي أكتب لك بقلم كسير، ونظر كليل، تتراكب الأحرف والجمل، فلا أعي ما أقرأ إلا بصعوبة، ولا أُمَيزُ بين أحرف خربشاتي إلا بجهد، وكم يؤلمني منظري حين أقرأ في المصحف أو في كتاب ولا أرى الأحرف إلا بمكبر، فهل وعيت رِسالتي؟!.
يا صغيرتي: هاهي نصائحي المقتضبة الموجزة كتبتها لك عجوز سبعينية على عجل،واختصرتها لك خشية الإملال، معتزة بلغتها التي هي لها هواء، هي لها دواء، بل هي لها نقاء في زمن فساد الألسن وتفشي اللحون والعجمة، والتنكر لجمال لغتها الساحرة، فحافظي عليها،وكَرِّسي حياتَك لخدمتها، فهي لغتكِ، هُويتك، مستقبلك وحاضرك،هي لغة القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.طيييييييييف
13
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ
أهلا بكاتبتنا الرائعة طيف !
طيفك يغيب طويلاً وحين يحضر ففي معيته مقال وهدية قلم معبر ذو رسالة هادفة مفيدة
سلمت يابنت اليمن الأبية وبارك الله بك !
المحامية نون
المحامية نون
بارك الله فيك ياطيف ...
وصايا ثمينة ذات قيم وأهداف سامية ....
جزاك الله خيـ راً 💐
حنين المصرى
حنين المصرى
كلمات ثمينة
بارك الله بقلمك طيف ودمت بود غاليتي
رووح الندى
رووح الندى
روعة 😊
نجلاء .
نجلاء .
راااائع