وصرخت اريدالزواج

الملتقى العام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اسند الاب ظهره الى اقرب جدار بعد ان احس انه راسه يكاد ان ينفجر وفتح فما عقدت الدهشه لسانه وتوقف الدمع في عينيه ولم يخرج وصاح في صوت مبحوح يغلب عليه البكاء والحشرجه:
يالهي 00لااصدق عيني00مستحيل00غير معقول
واخذ الاب يواصل التقليب في الدفتر الذي وجده في خزانة ابنته فاطمه التي رحلت عن هذه الدنيا وفارقتها قبل ايام بعد صراع مرير من المرض00
انه خط فاطمه ولاشك فهو يعرف خطها جيدا ولو من بين مئة خط واخذ الوالد يقلب الصفحات التي كانت فاطمه تكتبها كمذكرات شخصيه لها تحكي فيها مايختلج في داخل نفسها وتنفس فيها عما يعتمل في صدرها من اهات والام ومشاعر وخواطر
ووقع بصره على صفحة مكتوب فيها
اني اموت كل يوم كمدا 00اني اموت كل يوم حسره00اموت وفي قلبي حقد عميق00
حقد على ابي 00وحقد على امي00
ثم استطردت تروي ماساتها قائله:
نشات في اسره طيبه كنت اكبر اخوتي الذكور والاناث مضت طفولتي عاديه باهته خاليه من لمسات الحنان والعطف التي تتمناها اي طفله من والديها 000
اما ابي فمشغول في تجارته ولا اراه الا نادرا واما امي فامشغولة باعمال البيت00والثرثره مع نساء الجيران00وكثرة الخروج الى الاسواق00
وسارت الامور على هذا الحال فترة من الزمن00
وجاءت امي باخوة لي اخرين وتوقعت الامر ربما يتحسن ولكن الوضع ازداد سوءا مع مرور الايام ودخولي في مرحلة المراهقه والانوثه الكامله والتي تكون فيها الفتاه بامس الحاجه الى من تبثه همومها ومشاعرها وخواطر نفسها 00اكن ابي وامي كانا في واد00وانا في واد اخر00
اكملت دراستي الثانويه ثم ادخلت الجامعه 00
وفي تلك الاثناء اصيبت والدتي بمرض عضال الزمها الفراش 00فاصبح العبء علي ثقيلا 00عبء تربية اخواني الصغار00وان اكون اما لهم بدل امهم المريضه الملقاه في الفراش00وعبء التحصيل الجانعي الدراسي 00
وحاولت بقدر استطاعتي ان اتاقلم مع هذا الوضع ويعلم الله كم بذلت لاخوتي الحب والحنان والعطف لاعوضهم به عن الحرمان الذي عشته في طفولتي
ومضت السنين وتخرجت من الجامعه وعمات مدرسه في احدى مدارس البنات 00وبعد فتره من مباشرتي لعملي في المدرسه انتقلت امي الى ربها 00وماتت متاثره بمرضها العضال -
ومضت الايام والشهور رتيبة على هذا الحال وازداد الحمل علي ثقيلا وصعوبه 00فانا البنت الكبرى وانا المسئوله عن تربية اخوتي الصغار وانا المسئوله عن00وعن00وعن00
لم يكن احد في بيتنا يقدر احاسيسي ومشاعري 00
لم يكن احد يقدر اني انسلنه لها طاقه وحدود ولست نبعا ابديا للبذل والعطاء والتضحيه000
كنت ككل فتاه تحلم بذلك اليوم الجميل الذي تزف فيها الى زوجها لترحل معه الى البيت الزوجيه ليعيشا هناك لوحدهما 00في سعاده ووئام00
كنت احام بتاسيس اسره صالحه طيبه اجد فيها مفقدته من حنان وعطف
كنت احلم بطفلي وبطفلتي اللذين الاعبهما واهدهدهما واضاحكهما
لقد عزمت على ان ابثهما سيلا متدفقا من الحنان والعطف والرعايه والتربيه 000
وجاءت الساعه التي كنت انتظرها بشوق000
علمت ذات يوم ان رجلا صالحا سياتينا الليله ليخطبني من ابي 00
فرحت بذلك كثيرا فاخذت احلامي تتسع00وامالي تزداد000فسوف انتقل الى عش الزوجيه لابني بيتا سعيدا واربي اطفالا صالحين 000
وبقيت انتظر تلك الساعه الحاسمه بلهفه وشوق وحانت تلك الساعه 00ولكن للاسف ليتها لم تحن
لقد رد ابي الخاطب ورفض طلبه وفال له:
ليس لدينا الان بنات للزواج 00ان فاطمه لايمكن ان تترك اخوتها وتتخلى عن تربينهم 000وانصرف الخاطب بخفي حنين00000
بكيت كثيرا بيني وبين نفسي بسبب هذه الصدمه 00واحسست بخيبة امل كبيره0000
وازداد استيائي من ابي وكراهيتي له 00لقد كان انانيا لاتهمه الا مصلحته الشخصيه 00ولا يبالي بمصالح او مشاعر الاخرين 0000
لقد رفض الخاطب لانه يريد ان اكون خادمة في البيت بعد وفاة امي 0000
تطبخ وتكنس وتغسل وتربي الاطفال الصغار وتقوم على شؤنهم00000
ضاربا عرض الحائط باحاسيسي ومشاعري الملتهبه ورغبتي في الزواج وتكوين اسره وانجاب اطفال مع انه كان بامكانه ان يتزوج امراة اخرى صالحه تقوم بهذه المهمه بدلا عني 00
ورفض ابي الخاطب لسبب اخر هو الراتب كنت استلمه من المدرسه مقابل تدريسي فيها 000والذي كان ياخذه مني ابي في نهاية كل شهر 000بدعوى انه سينفقه في مصروف البيت وليته كان يفعل ذلك0000
لقد اصبحت بالنسبة لابي دجاجه ذهبيه
وتتابعت الشهور والاعوام 00وتردد على بينا عدة خطاب لكن ابي كان يرفضهم ونتيجة لذلك الرفض المستمر ماعاد احد يطرق بابنا للزواج مني 00000لقد كنت احترق يوما بعد يوم000
لقد كانت زهرة شبابي تذبل عاما بعد عام 000
وكنت كلما اقف امام المرآه اقلب شعري بخوف:
هل ظهر الشيب فيه هل اصبحت عجوزا شمطاء 000
كنت دائما اسال نفسي :
هل فاتني القطار 00هل اصبحت امراة عانس لايرغب فيها الخطاب 00هل يمكن ان ياتي يوم تكون لي فيه اسره وزوج واطفال00
وجائني الجواب ذات يوم00000
عندما علمت ان رجلا سياتينا الليلة ليخطب 00000
ولكن 0000000
ليس ليجطبني انا البنت الكبرى 00ولكن ليخطب اختي الصغرى التي اصبحت ورده متفتحه في الثامنة عشر من عمرها000
لقد فرحت كثيرا وبكيت كثيرا 000
فرحت حبا للخير لاختي 00
وحزنت على نفسي وشبابي الضائع وعلى احلامي العريضه التي اصبحت كالسراب0000000
وتزوجت اختي الصغرى 000واستسلمت لواقعي المرير المؤلم 000
لقد اصبحت الايام تمضي بطيئة جدا 000وكل الاشياء فقدت قيمتها وبريقها عندي 000
لقد اصبحت اتمنى الموت ليريحني من هذه الحياه القاسيه0000
اعلم ان هذا لايجوز 00اكن ماذا افعل 00ان الموت في احيان كثيرا يكون خيرا من العيش وسط هذه الغابه الموحشه التي يفترس فيها القوي الضعيف


ذات يوم دخلت علي اختي غرفة الطعام وهي تحمل في ذراعيها طفلتها الصغيره تقبلها وتداعبها
كنت اراقبها واتاملها واقول في نفسي :
ليت هذه الطفله كانت طفلتي00000
سمعت صوت اختي تقول لي اه يافاطمه ماحلى الامومه00ماجمل ان تحملي طفلا بين يديك وتداعبينه وتضحكين معه انه لذه لاتساويها لذه 00وسعاده لاتعدلها كنوز الارض كلها 000000
لم احتمل كلام اختي المؤثر والذي صدر منها بحسن نيه000
فانصرفت الى غرفتي باكية حزينه وانخرطت في بكاء مرير0000
كانت الكتابه هي سلوتي الوحيده00ففيها ابث همومي00واشكو شجوني00واخفف الامي 00وامسح احزاني00واجفف دموعي00
ومع مرور الايام00ازداد الضغط النفسي علي
00
ازداد نحولي وشحوبي وفجأه احسست بالم بصدري 00ومغص حاد ينتابني 00فظننته امرا عارضا فلم اخبر به احدا00ظنا مني انه سيزول بعد ايام00ولكن الالم اخذ يزداد00وازداد جسمي ضعفا 00
وعظمي وهنا ولم تعد قدماي تقويان على الوقوف 00
فاستنجدت بابي وذهبنا الى المستشفى لاجراء الفحوصات الازمه00
وكم كانت دهشة ابي 00حين قالت له الدكتوره 00
ابنتك مصابه بمرض صدري خبيث والامل في الشفاء ضعيف ولكن كل شي بيد الله00
وعدت الى البيت ومعي كومه من الادويه والعقاقير 00
وبدأت معاناتي مع هذا المرض الخبيث 0000
كل الناس يكرهون المرض ويبغضون الموت ويحبون الحياه000
ولكني في تلك الايام العصيبهكنت احب الموت واتمناه00لاتخلص من هذه الحياه القاسيه المؤلمه
ويوما بعد يوم اخذ المرض يشتد 00واخذ جسمي يزداد ذبولا ولم تلتي الادويه باي نتيجه تذكر 00
انني اشعر انني اسير الى النهايه المحتومه ولكن ببطء شديد000000
كم كنت قبل ان اودع الحياه ان يكون لي زوج يفهمني وافهمه 000واشكو له همومي 00ةابث له شجوني 00واحتمي بظله00 واتفبا ظلاله
000
واجد منه الرعاية والحب والعطف والحنان 000
كم كنت قبل ان اودع الحياه ان تكون لي طفله حلوه 00اوطفل جميل يملان علي حياتي كلها فاسعد بهما 000بدلا من اخوتي الذين تعبت في تربيتهم ثم استقل كل منهم باسرته وزوجته وما عدت اراهم الا قليلا 0
كم كنت اتمنى ان يكون لي بيت أملؤه سعاده وبهجه وسرور وألفه بدلا من تلك الحياه البائسه التي عشتها في بيت ابي 000
لم يبقى لي من لذات الدنيا 00الا لذة الكتابه وبث الهموم ةالاحزان الى الصفحات البيضاء 0000
ان ضعفي يشتد 00ووهن جسمي يزداد يوما بعد يوم 000
لم اعد استطيع الكتابه الا بصعوبه شديده 00وماظن انني ساكتب بعد هذه الورقة شيئا 000
ابي اتوقع انك ستعثر على هذه المذكرات وتقراها
فاسمع مني وانا اودع هذه الحياه -حزينه وحيده مريضه-كلاما كان يتردد في صدري طوال عمري 00ولكنني لم استطع ان اقوله في وجهك 000
فاسمعه مني الان :
اللهم احرم ابي من الجنه كما احرمني من الزواج
اللهم احرم ابي من الجنه كما احرمني من دفء الحياه الاسريه 00ومن لذة تكوين الاسره الصالحه 00
اللهم احرم ابي من الجنه كما حرمني من طفله او طفل الاعبهما واداعبهما 0000000000
التوقيع:ابنتك المظلومه فاطمه
انفجر الاب باكيا لما وصل الى هذا الحد من القراءه
واخذ يقول:
يالهي كم كنت مجرما في حق ابنتي 00بالله00كم كنت انانيا لاهم لي الا مصلحتي الشخصيه00لقد كنت سببا في شقاء ابنتي وتعاستها 0000
ومنذ ذلك اليوم والاب يدعو الله دائما :اللهم اغفر لي ماجنيته على ابنتي المسكينه فاطمه 00000فهل يستجيب الله الدعاء:angry:
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
2
438

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

وجه بشوش
وجه بشوش
قصه مؤلمه لاحول ولاقوة الا بالله..
ان كانت حقيقيه الله يعوضها الجنه لكن ليتها احتسبت الأجر ولم تدعي على ابوها ..
ادري ان شوقها للحياة الأسريه والذريه شئ فطري لكن الدعاء وهي مريضه وعارفه نهايتها صعب
الله المستعان..
وردة الووررود
لاأله ألا الله ولاحول ولاقوة ألا بالله