وصف جهنم بالتفصيل اللهم أعتقنا من النار ج1

ملتقى الإيمان

صفة النار:
لربما تصورت –أخي الكريم- إن نار جهنم في حرها كنار الدنيا التي نعلم, ولكن الأمر ليس كذلك فهي أشد فيحاً. وإنما نار الدنيا جزء قليل من جهنم, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"ناركم التي توقدون جزء من سبعين جزءاً من جهنم قالوا يا رسول الله إن كانت لكافية قال:فإنها فضلت بتسعة وستين جزءاً"
بل إن شدة الحر التي نشكو منها في الدنيا, ونتقيها بما نملك من وسائل التبريد والتلطيف إنما هي نفس جهنم تتنفسه, كما أن البرد الذي نشكو زمهريره ورعشته إنما هو نفس جهنم, قال صلى الله عليه وسلم:" اشتكت النار على ربها, فقالت رب أكل بعضي بعضاً, فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء ونفس في الصيف, فأشد ما تجدون من الحر وأشد ما تجدون من الزمهرير" وقالصلى الله عليه وسلم:" أبردوا بالصلاة,فإن شدة الحر من فيح جهنم"
قال كعب الحبار: والذي نفس كعب بيده, لو كنت بالمشرق والنار بالمغرب ثم كشف عنها لخروج دماغك من منخريك من شدة حرها. يا قوم هل لكم بهذا قرار؟ أم لكم على هذا صبر؟ يا قوم طاعة الله أهون عليكم من هذا العذاب فأطيعوه.
أخي: لو لم يكن في النار إلا هذا الحر لكفى به واعظاً ورادعاً عن المعصية.. فكيف والأمر أشد وأعظم ) كَلَّا إِنَّهَا لَظَى* نَزَّاعَةً لِلشَّوَى
وقالصلى الله عليه وسلم:" صنفان من أهل النار لم أرهما, قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس, ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات, رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة, لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا"
وقودها ودركاتها :
وقود النار:
واحذر –أخي الكريم- أن تلهيك الدنيا ويمينك سرابها فتكون وقوداً لجهنم, فإنما وقودها الناس والحجارة, قال تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَة ( (التحريم 6)
وقال سبحانه: ) فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِين ( (البقرة 24)
فالناس هم الوقود وهم المعذبون.. فسبحان الخالق القادر.
يقول ابن رجب الحنبلي –رحمه الله-:" وأكثر المفسرين على أن المراد بالحجارة حجارة الكبريت توقد بها النار ويقال: إن فيها خمسة أنواع من العذاب ليس في غيرها: سرعة الإيقاد وكثرة الدخان, وشدة الالتصاق بالأبدان, وقوة حرها إذا حميت"
فالنار هذه حالها, وهذا شكلها, والكفار والفجار من الناس وقودها, أحق أن تتقى وأحق أن يعمل لاجتنابها واجتناب أهوالها,فكابد –يا عبد الله- فغن الخطب جلل, وازهد في الحرام وابتعد عن الشبهات.
إنما الدنيا إلى الجنة والنار طـــريق
والليالي متجر الإنسان والأيام سوق
قال تعالى اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً (
دركات النار:
وكما أن الجنة درجات ومنازل فإن النار دركات مختلفة, بحسب إجرام أهلها, وأعمالهم في الدنيا,
قال تعالى إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا ((النساء145)
وهي فالمنافقون في الدرك الأسفل من النار لغلظ إيذائهم للمؤمنين وغلظ كفرهم ومكرهم.
قال كعب الأحبار:" إن في النار بئراً ما فتحت أبوابها بعد, مغلقة ما جاء على جهنم يوم منذ خلقها الله تعالى إلا تستعيذ بالله من شر ما في تلك البئر مخافة إذا فتحت تلك البئر أن يكون فيها من عذاب الله ما لا طاقة لها به ولا صبر لها عليه الدرك الأسفل من النار" .
وأما أهون الناس عذاباً في النار, فعن النعمان بن بشيررضي الله عنه قال: سمعت النبيصلى الله عليه وسلم يقول:
"إن أهون أهل النار عذاباً يوم القيامة رحل يوضع على أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه"
فتذكر أخي الحبيب: إذا كان هذا حال أهون الناس عذاباً يوم القيامة, فما بال غيره.
فيا أخي:
وقد نصبت موازين القـضاء تذكر يوم تأتي الله فــردا
وجاء الذنب منكشف الغطاء وهتكت الستور عن المعاصي
وإن من شدة ما يجده أهل النار من الأهوال وألوان العذاب يتمنون فدية أنفسهم بكل شيء قال تعالى ِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (
وقال سبحانه إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
وما ذلك إلا لعظم النكال والعذاب في تلك الدركات فلا نصير ولا منقذ ولا معين, بل إنهم يودون لو يفتدون بأبنائهم الذين من أصلابهم قال تعالى:
)يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ* وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ* وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ *كَلَّا إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِلشَّوَى(
سلاسلها وأغلالها وشدة حرها:
سلاسلها وأغلالها:
وأهل النار في عذاب دائم, فقد جعل الله في أعناقهم الأغلال يسحبون منها, فتزيدهم عذاباً على عذاب وخلق لهم سلاسل يسلكون فيها.
قال تعالى إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ ( ,
وقال سبحانه ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ (.
وما أعظم تلك السلاسل والأغلال, وتلك المقامع والأصفاد, وما أثقلها على أهل النار. ويا للهوان والذل الذي يجلبه منظر حاملها وسط الجحيم, فإنما قيدهم الله بها إذلالاً لهم لا خشية هربهم كما يقيد السجين في الدنيا.
قال الحسن:" إن الأغلال لم تجعل في أعناق أهل النار لأنهم أعجزوا الرب, ولكنهم إن طفا بهم اللب أرسبتهم" فاعمل يا عبد الله امهد لنفسك, فجسدك لا يطيق حلقة من تلك السلاسل الغلاظ, ولا يقوى على المكوث في حفرة النار لحظة واحدة, فهو عذاب لا ينفع معه صبر ولا جلد, ولا مال ولا ولد, ولن ينجيك منه أحد, سوى ما قدمت من عمل في هذه الأيام
مستطعفا قلق الأحشــاء حيرانا مثل وقوفك يـوم الحشر عريانا
على العصاة وتلقى الرب غضبان النار تزفر من غيــظ ومن حنق
وانظر ليه ترى هل كان ما كان اقرأ كتابك يا عـبدي على مهل
شدة حرّها:
وأما حر الدنيا فإنه يتقى, فقد مد الله لعباده الظل يقيهم الحر, ورزقهم الماء يرويهم من العطش, وأوجد لهم الهواء والريح الكريمة تلطف وتهون من شدة الفيح.
أما في جهنم فإن هذه الثلاثة تنقلب عذاباً على أهلها فالهواء سموم,والظل يحموم والماء حميم.
قال تعالى وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ _فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ _ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ _لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ ( وقال سبحانه انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ _لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ _إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ _ كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ.
عياذاً بالله من حرها. فشررها قطع ضخمة على قد الحصون والقصور ويشبه الإبل السود في لونه من شدة السواد, أما دخانها فمتشعب إلى ثلاثة وهو يحموم لا ظليل ولا يغني من لهب جهنم الحارق.
فأين صبرك يا عبد الله على هذا؟‍‍‍‍‍ فهلاً نفسك من هذا البأس العظيم والخطر الجسيم؟ فها هو النذير ينذر بهذا الشر العظيم. ويخبر عن جهنم كيف تصنع بالعصاة المجرمين.
بالموت شهوتهم من شدة الضجر يا ويلهم تحرق النيران أعظمــهم
نزع شديد من التعذيب بالسعر وكل يوم لهم في طول مدتهـــم
ومن شدة حرها تلفح الوجوه فتتركها عظاماً لا لحم فيها, قال تعالى: ) لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (
ومن شدة حرها تصهر البطون وما في أحشائها من أمعاء قال تعالى هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ_يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ(
فاتق الله يا عبد الله. واعلم أن الخطب جسيم, وأن الخطر قريب, فالجنة أقرب إليك من شراك نعلك والنار كذلك, كما صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دار البدار إلى التوبة. فإن جهنم لا نترحم وإن جحيمها لا يخمد. وما على الرسول إلا البلاغ المبين.
سعة جهنم
الضيق في جهنم إحدى وسائل العذاب التي يصبها الله على الكفار والعصاة.. فالضيق يشمل ظواهرهم وبواطنهم, وكيف لا ونفوسهم أصابها من الهم والغم والحسرة مالا يوصف مما هم فيه من العذاب والنكال.. حر وحميم وسموم ويحموم سلاسل وأصفاد وظلمة وسواد.. وقد اجتمعت عليهم ألوان العذاب وأشكاله فنفوسهم ضيقة ضنكة, وفوق ذلك كله تجدهم محشورين في أضيق الأماكن في جهنم تنكيلاً بهم وزياد لهم في الغم والهم،
قال تعالى وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً(
فهم ملقون في أضيق الأماكن,وقد كانوا في الدنيا ينحتون من الجبال القصور فرحين بها, فما أحوجهم يوم القيامة إلى شبر من الأرض يعبدون الله فيه فينجون من ذلك الضيق وذلك العذاب.
قال تعالى كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ(
قال أبو عبدة:" أي لفي حبس وضيق شديد" .
فارحم نفسك يا عبد الله فبل فوات الأوان فأنت تحسب ألف حساب في حيتك حتى لا ترتكب ما يدخلك السجن في الدنيا, وقد تضطر إلى أن تتجاوز عن حقك, مقابل السلامة والحرية والنجاة من ذلك, أفلا يكون احتياطك نم سجن جهنم الرهيب أولى؟ أو قادر أنت على سجينها المظلم الضيف الحميم؟ أو يتحمل جسمك الضعيف أو جلدك اللطيف حر النار ولهيبها وثقل الأغلال وكيها وضيق المكان؟
وجهنم مع ما يحصل لأهلها من الضيق, فهي واسعة ضخمة, يدل على ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: كنا مع رسول اللهصلى الله عليه وسلم, إذ سمع وجبة (أي سقطة) فقال النبيصلى الله عليه وسلم:" تدرون ما هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفاً, فهو يهوى في النار إلى الآن"
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لو أن حجراً مثل سبع خلفات ألقي من شفير جهنم هوى فيها سبعين خريفاً لا يبلغ قعرها" ومما يدل على سعة النار وعظمها كثرة الداخلين إليها على ما هم عليه من ضخامة الجسم وعظم الهيئة, وكذلك قذف الشمس والقمر فيها على ضخامة الشمس وسعة القمر, قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم:
" الشمس والقمر ثوران مكوران في النار يوم القيامة"
ولك أن تتصور أخي الكريم ضخامة جهنم وعظمها, فهي واسعة عظيمة, كبيرة مهولة, ومع ذلك يجد فيها المجرمون من الضيق ولاحبس ما يعضون عليه الأنامل من ندم التفريط في الدنيا, ولك أن تتصور جسرها وكيف أنه يكفي لحمل الخلائق كلهم يوم القيامة, فكيف بجهنم نفسها؟ عن عائشة رضي الله عنها أنها
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ( قالت: فأين الناس يومئذ؟قال: على جسر جهنم"

4
572

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

دروب الشتات
دروب الشتات
اللهم اني اعوذبك من نار جهنم اللهم اجرني من النار وجميع المسلمين يارب
حكايه صبر
حكايه صبر
جــــــــــــــــــــــزاك الله خـــــــــــــــــــيرا .. وبــــــارك فيــــــك
وجعلك من عباده الصالحين
ودمتي بحفظ الرحمن
مهاو القلب
مهاو القلب
اللهم اعتقنا من النار
*هبة
*هبة
اللهم اني اعوذبك من نار جهنم اللهم اجرني من النار وجميع المسلمين يارب