عطر الزمن

عطر الزمن @aatr_alzmn

عضوة شرف في عالم حواء

~~{{ ْْْوصينا الانسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها}}~~

الملتقى العام

~~{{ ْْْوصينا الانسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها}}~~


إن للوالدين مقاماً وشأناً يعجز الإنسان عن دركه، ومهما جهد القلم في إحصاء فضلهما فإنَّه يبقى قاصراً منحسراً عن تصوير جلالهما وحقّهما على الأبناء، وكيف لا يكون ذلك وهما سبب وجودهم، وعماد حياتهم وركن البقاء لهم.

لابــد أن يهتم الانسان - أي انســان - بوالديه أنى كانا إهتماما يبلغ درجة الاحسان ، و هي فوق إداء حقوقهم القانونية .

و يختلف الأمر بالإحسان عن الأمر بالطاعة اختلافا كبيرا ، ذلك أن الإحسان ينبعث من اليد العليا ، بدافع الاحساس بالاستقلال و القدرة ، و صاحبه يقدر متى و كيف و بأي قدر يمارسه ، بينما الطاعة حالة التسليم و الخضوع و فقدان الاستقلال و حسب الأمر الموجه إليه دون أن يكون لصاحبه الحق في تقدير أي أمر منه .

و لم يأمر الاسلام بطاعة الوالدين بل بالإحسان إليهما ، لأن الطاعة لله و للرسولو لأولي الأمر ، ولا يستطيع الوالدان أن يحرما حلالا أو يحللا حراما ، بل أمر بالإحسان إليهما ، وقد يتجلى الإحسان في قبول أمرهما فيما لا يخالف الشرع و العقل ، و يكون فيه فائدة عائدة إليهما .

و الدليل الذي يبينه السياق للوصية بالاحسان إلى الوالدين يعم المؤمنين و الكافرين ، البرين و الفاجرين ، حيث يعزي السياق ذلك إلى الجهود الكبيرة التي بذلاها في سبيل تنشئة الولد .


فمنذ الساعات الأولى من الحمل يمتص الجنين طاقات الأم مما يعرضها للارهاق و الأخطار ، و كلما تقدم بها الحمل كلما زادت الصعوبات الجسدية ، كما تزيد عندها المخاوف و الهموم .


و قد تكون الولادة عسرة مما تجعل الأم تقول : يا ليتني مت قبل هذا اليوم و كنت نسيا منسيا .

ثم أن ذلك لا يتم عبر فترة بسيطة ، بل يمتد أشهرا عديدة ، مما يجعل دين الأم عظيما في ذمة الولد .


فخلال تسعمائة يوم تقريبا تنشغل الأم بوليدها . أفلا ينبغي للولد بعد أن يشتد عوده و تخور طاقات أمه أن يحسن إليها ؟

بلى . وهذا من ديدن الرجل الصالح الذي قد تستمر رعاية الوالدين إليه حتىيبلغ أشده ، بل و يبلغ أربعين سنة و تكتمل رجولته .


و متى يبلغ الانسان أشده ، هل عندما يصل الى سن البلوغ الشرعي الذي هو عند الفتى كمال سن الخمسة عشر أو الاحتلام ، و عند الفتاة كمال التاسعة من عمرها ، أم عندما يبلغ سن الرشد الذي قيل أنه بلوغ الثامنة عشر ؟

قال البعض : إن الانسان لا يبلغ أشده إلا عند سن الأربعين ، بيد أن الأقرب الى ظاهر الآية هو بيان نوعين من البلوغ : الأول : البلوغ الأولي الذي يجعل الفرد مستعدا لدخول الحياة ، الثاني : البلوغ الأتم الذي يحدث عند سن الأربعين حيث يكتمل نمو خلايا المخ ،و تتراكم تجارب الحياة ، و يكون الانسان في قمة عمره حيث ينحدر من بعدها شيئا فشيئا الى نهايته ، و من هنا جاء في الحديث أن الشيطان يمسح يده على وجه من زاد على الأربعين ولم يتب ، و يقول : بأبي وجه لا يفلح .

و يؤيد ذلك أن الانسان يمثل في العقد الأربعين من عمره دور الولد الذي أكمل الوالدان دورهما في نموه و تطوره ، كما يمثل الوالد الذي ذاق - بدوره - الصعوبات التي تحملها والداه في أمره فعرف قدرهما ، و وعي قدر النعم التي أسبغها الله عليه .

فطفق يشكر الله شكرا جزيلا ، و لكنه كلما ازداد وعيا بالحياة و مشاكلها كلما عرف عجزه عن إداء شكر الله فأخذ يدعو الله أن يوفقه لشكرهما بفضله ، لأن منبعث الشكر الرؤية الايجابية الى الحياة ، وهي تطلق قدرات الانسان من عقال اليأس و التشاؤم و السلبية ، و تزرع في قلبه حب السعي ، و روح النشاط ، و همة التقدم ، و التطلع إلى الأهداف السامية .




و نستوحي من الآية مقياسين لصلاح العمل :
المقياس الذاتي الذي يتمثل في فائدة العمل و صحته بحكم العقل و العرف .
و المقياس الشرعي الذي يتمثل في مرضاة الله التي نعرفها بالقيم الدينية ..

و المؤمن يتطلع لتحقيق العمل الصالح في ذاته الذي يقربه شرعا الى الله ، وهو بالطبع ليس كل عمل صالح ، بل الذي يقع ضمن استراتيجية الرسالة ، فمثلا : تعبيد الطرق عمل صالح ، إلا أنه قد لا يكون مرضيا عند الله ، كما لو ابتغى الفرد منه علوا في الأرض أو فسادا ، كذلك حين يكون هذا الفعل الصالح معارضا لعمل أولي كالدفاع عن الوطنأو مقاومة الطاغية .

وهكذا يدعو الانسان السوي ربه التوفيق للقيام بعمل صالح مرضي عنده وليس كل عمل صالح ، كما يدعو إلى أن يكون امتداده في الحياة و ذريته من الصالحين . لقد سهر الآباء لتربية هذا الجيل على الفضيلة و التقوى ، و أنفقوا في سبيل إنشاء المدارس و المعاهد ، و توفير الثقافة الحكيمة ، و بناء الجوامع و مراكز التوعية و التوجيه ، وقد أثمرت جهودهم في بناء هذا الجيل الصالح . أفلا نسعى نحن في سبيل بناء الجيل الصاعد على ذات الأسس الصالحة ؟ بلى . إن ذلك هو الشكر العملي على نعمة الصلاح التي أسبغها علينا الرب .



إن صلاح الذرية يكرس مكاسب هذا الجيل الحضارية ، و يبقى لهم الذكر الحسن ، ويكون بمثابة صدقة جارية تغدق عليهم الثواب وهم مستريحون في أجداثهم ، و لعله لهذه الأسباب جاء التعبير القرآني " لي " ، بلى . إن فائدة صلاح الذرية لي قبل غيري .



بينما الدين أوصانا بالإحسان إليهما نجد هذا الفاسق يضجر من والديه اللذين هما أصل وجوده وكل خير فيه ، و يقول لهما : أف لكما .

و كلما يحذره الوالدان من مغبة الإيغال في الخطيئة ينهرهما ، و يكفر بالجزاء قائلا :


بعد الموت للحساب ، كلا .. إنه وعد مكذوب ، ثم يستشهد بما درج عليه الجاحدون للجزاء : بأن القرون المتطاولة قد مضت ، و لما يخرج منهم أحد . أرأيت ميتا أحياه الله بعد أن أقبر و أوقفه للجزاء ؟! كذلك لا أخرج أنا .


أفلا يعلم أن الحياة الآخرة تأتي بعد انقضاء الحياة الأولى ، و يومئذ يبعث الله الأولين و الآخرين معا ، و يحقق وعده الحق ؟

وهكذا يتمرد الفاسق على تربية الوالدين وهما يبذلان كل جهد ممكن لاقناعهبالحق ، فاذا شعرا بالفشل استغاثا بالله أن يعينهما في إصلاح ابنهما الضال .


و التربية الحق هي التي تزرع في قلب الولد خشية الله ، إذ ما قيمة السعادة في الدنيا إذا أعقبها الشقاء الأبدي ؟!


و نستلهم من هذه الآية المنهج السليم لتربية الطفل الذي كان يتبعه الوالدان المؤمنان ، و الذي أنشا الله به ذلك الجيل الصالح الذي احترم الجيل الماضي بالاحسان إليه و الاستغفار له ، كما عمل في سبيل إنشاء جيل صالح بالدعاء و العمل . وهذا المنهج قائم على أساس توسيع رؤية الطفــل ليــرى الحياة الأخرى فيوازن بينها و بين الدنيا في قراراته ، فيسعى لهما سعيا عادلا ، ولا يترك إحداهما للأخرى ، لأنهما في الواقع حياة واحدة ممتدة من اليوم حتى يوم الجزاء .

بيد أن بعض الآباء يخفقون في هذا السبيل ، و عليهم ألا يقلقوا فقد أدوا مسؤوليتهم ، وما جعل الله لهما سلطانا يكرهان به ولدهما على اتباع الحق . كيف وقد خاطب الله رسوله الكريم : " لست عليهم بمسيطر " ، و قال : " لا إكراه في الدين قد تبينالرشد من الغي " .

وقد خلق الله الناس أحرارا يبتليهم ، و لعلنا نستفيد من هذه الآية أن مسؤولية الدعاة و حملة الرسالة تقتصر على البلاغ ، و حتى لو كانت لديهم قوة رادعة فلا يستحسن التوسل بها لاكراه الناس على اتباع الرشد ، فبالرغم من أن للوالدين السيطرة الطبيعية على الولد إلا أنهما حين يقومان بدور الداعية يستفرغان الجهد في إقناعه بالحجة ، وليس باكراهه ، و عادة ينجحان ، أما إذا فشلا فذلك أمر يعود الىوجود حرية القـرار عند الولد الذي قد يتمرد على الحق بحجة أنه تقاليد بالية و أفكار رجعية .


و يبدو من هذه الكلمة أنه متمرد على الماضي ، و يتهمه بانه يمثل الخرافة و الدجل ، و هذا شأن صراع الأجيال الذي يحرم الجيل الصاعد من ثقافة الجيل السائد و تجاربه و عبره و عظاته ، و يقضي على التواصل الحضاري الذي هو عنوان تقدم الأمم .

وقد كان لهذا النفس المشؤوم آثاره السيئة علينـا نحن المسلمين في العصر الحديث ، حيث لم يميز الشباب بين السمين و الغث من تجارب آبائهم فرفضوها ، و سعوا نحو تقليد الأجانب ، فكانوا كالغراب الذي حاول تقليد الطاووس في مشيته فلم يفلح فضيع المشيتين !

إن من لا يملك إصالة لا يستطيع الانتفاع بتجارب الآخرين ، لأنه لا يملك مقياسا سليما يميز به ما ينفعه من تجاربهم وما يضره ، فيكون كمن يبني على الرمال سرعان ما ينهار بناؤه .

وقد دلت تجارب التاريخ على أن الأمم ذات الإصالة هي الأقدر على احتواء تجارب غيرها من الأمم المتمردة على تاريخها و مكاسب حضارتها .

و نحن اليوم بانتظار ذلك الجيل المؤمن الذي يعيش بثلاثة أبعاد :

متفاعلا مع حاضره
مستفيدا من ماضيه
متطلعا لمستقبله
.



وهذه هديتي...........اليكن ..

فلاش محزن من دار المسنين الى اولادهم

http://www.nos7.com/vb/showthread.php?t=10326&highlight=%DD%E1%C7%D4+%C7%E1%E3%D3%E4%ED%E4

كتب خصيصا لعالم حواء....................عطر الزمن
12
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

مايكبرني لقب
مايكبرني لقب
الله يخليلنا والديننا ويغفر للي ماتوا

والفلاش ماقدرت اشوفه
d5oon
d5oon
جزاك الله خير وأثابك الله خير الثواب.
amsr
amsr
اللهم اعنا على طاعة والديننا
koko al7looah
koko al7looah
اللله يخلي لينا والدينا ويهدينا ويهديلناا ويصلح كل عاااق ياربي اميين

اللهم صلي وسلم وبارك على نبيك وروسلك محمد صلى الله عليه وسلم
شموخ لاينكسر
شموخ لاينكسر
اسال الله ان يصلح كل عاق لوالديه وان يريهم الحق حقا ويرزقهم اتباعه ويريهم الباطل باطلا ويرزقهم اجتنابه