فيضٌ وعِطرْ @fyd_oaatr
فريق الإدارة والمحتوى
( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم )
الحمدلله الذي أكرمنا بنزول القرآن ..
ونوّر به أبصارنا ..
وجلا به همومنا ..
وفتح لنا به طريق الهداية ، وأخرجنا به من الظلمات إلى النور ..
ودعانا سبحانه إلى قراءته وتدبر آياته ..
فلا نمر عليها مرّ الكرام .:
ومن طبيعة مشاعر البشر .. الحب والكره ..
نحب أمراً ، أو شيئاً ما ..
أو نميل لأحد ، وننفر من آخر ..
وقد يكون لحبنا وكرهنا وميلنا ونفورنا أسباب تدعونا لذلك ..
ومن الطبيعي أن يكره الإنسان كل مضرة تأتيه وكل مكروه يصيبه .....
ولكن ..! نحن لانفكر بعاقبة الأمور ، ولا ندري مآلها ..
يقول الله تعالى :
( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم ):
يقول ابن القيم في تفسير الآية :
في هذه الآية عدة حكم وأسرار ، ومصالح للعبد ،
فإن العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب ،
والمحبوب قد يأتي بالمكروه ،
لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة ،
ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة ، لعدم علمه بالعواقب ،
فإن الله يعلم منها مالا يعلمه العبد، وأوجب له ذلك أموراً منها ::
أنه لاأنفع من امتثال الأمر ، وإن شق عليه في الابتداء
لأن عواقبه كلها خيرات ومسرات ، ولذة وأفراح ،
وإن كرهته نفسه فهو خيرٌ لها وأنفع ،
وكذلك لاشيء أضر عليه من ارتكاب النهي ، وإن هويته نفسه ومالت إليه ،
وإن عواقبه كلها آلام وأحزان ، وشرور ومصائب .....
وخاصية العقل تحمّل الألم اليسير ؛ لما يعقبه من اللذة العظيمة والخير الكثير ،
واجتناب اللذة اليسيرة لما يعقبها من الألم العظيم ، والشر الطويل .
فنظر الجاهل لايجاوز المبادئ إلى غاياتها ..
والعاقل الكيّس دائماً ينظر إلى الغايات من وراء ستور مبادئها ..
فيرى ماوراء الستور من الغايات المحمودة والمذمومة ،
فيرى المناهي كطعام لذيذ قد خلط فيه سم قاتل ..
فكلما دعته لذته إلى تناوله ، نهاه مافيه من السم ،
ويرى الأوامر كدواء كريه المذاق ، مفض إلى العافية والشفاء،
وكلما نهاه مذاقه عن تناوله ، امره نفعه بالتناول .....
ولكن هذا يحتاج إلى فضل علم تدرك به الغايات من مبادئها ،
وقوة صبرٍ يوطٰن به نفسه على تحمل مشقة الطريق ؛ لما يؤمل عند الغاية ..
فإذا فقد اليقين والصبر ، تعذر عليه ذلك ،
وإذا قوي يقينه وصبره هان عليه كل مشقة يتحملها في طلب الخير الدائم واللذة الدائمة . ...
ومن أسرار هذه الآية أنها تقتضي من العبد التفويض إلى من يعلم عواقب الأمور سبحانه
والرضا بما يختاره له ، ويقضيه له ، لما يرجو من حسن العاقبة ....
ومنها أن لايقترح على ربه ويختار عليه ، ولا يسأله ماليس له به علم ،
فلعل مضرته وهلاكه فيه ،بل يساله حسن الاختيار له ،
وأن يرضيه بما يختاره ، فلا أنفع له من ذلك .
ومنها أنه فوض أمره إلى الله ورضي بما اختاره ..
وذلك يريحه من الأفكار المتعبة في انواع الاختيارات ،
ويفرغ قلبه من التقديرات والتدبيرات التي يصعد منها في عقبة، وينزل في أخرى
ومع هذا فلا خروج له عما قدر عليه ،
فلو رضي باختيار الله أصابه القدر وهو محمود مشكور ..
ملطوف به فيه ..
وإلا جرى عليه القدر وهو مذموم غير ملطوف به فيه ؛
لأنه مع اختياره لنفسه .
ومتى صح تفويضه ورضاه ، اكتنفه في المقدور العطف عليه ، واللطف به ،
فيصير بين عطفه ولطفه ..
فعطفه يقيه مايحذره ،
ولطفه يهوّن عليه ماقدره .:
اللهم إنا نسألك العفو والعافية
والرضا بعد القضاء ..
وحسن المآل .
31
4K
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
s سمر s :الله يجزاك الجنة فيض .. مشكورة على مواضيعك الشيقة ..الله يجزاك الجنة فيض .. مشكورة على مواضيعك الشيقة ..
حياك الله غاليتنا سمر
وشكراً لرقة وذوق مرورك
بارك الله بك .
وشكراً لرقة وذوق مرورك
بارك الله بك .
الصفحة الأخيرة
ملاحظة :
ممكن اختيار اللون والخطوط التي اسفل من بره
ولكن الخط لايكبر
وهذا مافعلته في الموضوع لاجل ألوان زاهية