ابي الاسلام

ابي الاسلام @aby_alaslam

مفكرة المجلس

وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}

الملتقى العام

شكوى سكرتيرة!!:

تقول إحدى الموظفات العاملات:

'منذ مدة بدأ المدير محاولاته المتكررة للإيقاع بي, واستغل نفوذه كمدير وحاجتي للعمل للضغط علي حتى أستسلم له ... ورغم أنه متزوج فقد أصر على ممارساته ولم يراعِ وضعي الصحي الذي ازداد سوءًا واستوجب عرضي على طبيب نفسي .. لقد اضطررتُ مرغمة للانقطاع عن العمل وتقديم شكوى ضد المدير، ولكنه ظل في مأمن، وأتى بسكرتيرة أخرى بدلاً مني .. لقد حطمني، وقضى على مستقبلي 'بحسب قولها'.

ـ هذه قصة من واقع العالم العربي من متضررة في مجال العمل، وهي في حاجة إلى العمل، ولكننا نجد الكثيرات غيرها تخرج لمجرد الخروج محاكاة للرجل، وإثباتًا للذات، وبرهنة على المساواة, فكأن الأمر في أصله عناد ومكابرة.

فخسرت المرأة بيتها وأولادها إن كانت متزوجة، وكسبت أموالاً أضاعتها في ألبسة الطويل والقصير، وفي وضع الأحمر والأبيض، فزاحمت الناس في مواصلاتهم، وضايقت الرجال في مكاتبهم، فقل العمل بسبب النظرات العابرة وغير العابرة، وضاع الدين بسبب الاختلاط وعقد اللقاءات الغرامية، وارتفعت البطالة بين الشباب بعد أن خوت البيوت من النساء، وصار كل شيء صناعيًا حتى حليب الأطفال، وانتقلت البيوت إلى دور الحضانة لتكون أمًا مكان أم، وتربية مكان تربية، فاختلطت الموازين وتبدلت المقاييس ولكنها المحاكاة لأساليب الغرب.

فتعالي معي عزيزتي المرأة لنعرف من أهان المرأة ومن أكرمها.

من أهانها ومن أكرمها؟

عزيزتي المرأة المسلمة:

أحب أن أؤكد على وضع المرأة الغربية العاملة تحديدًا وألقي الضوء على هذا الجانب لكشف الحقائق الزائفة, وما يظهره الإعلام الغربي من نيل المرأة لديهم على الحرية والمساواة والحياة التي تريد، وما ينبغي أن تكون عليه المرأة، وكأنه هو النموذج والمثال الفريد الذي علينا جميعًا أن نحذو حذوه ونهتدي بخطاه ـ وهذا كله ليس صحيحًا ـ والحقيقة أقول: إن المرأة الغربية خرجت من البيت تاركة كل القيم الإنسانية فضلاً عن القيم الدينية.

خرجت وانتقلت من كل رباط يقيدها ـ من رباط الدين والأخلاق ومن رباط العائلة والأسرة ـ وصار عليها لزامًا أن تترك بيتها وأسرتها إذا بلغت الثامنة عشرة من عمرها, خرجت و انطلقت وتحررت من كل رباط .. فماذا كانت النتيجة؟

تمضي الفتاة حيث شاءت مع من شاءت يستعملها الرجل في شهواته ويستخدمها كأداة إغراء في الأفلام ومسابقات ملكات الجمال، وفي الإعلانات، وفي المجلات، وفي الأزياء وفي بيوت الدعارة وغير ذلك ... يستهلك زهرة شبابها ونضرتها، حتى إذا بدأ العجز يدب إليها وذهبت نضرتها وجمالها، رمى بها المجتمع لتعيش بقية حياتها في ملجأ إن لم يكن لها مدخرات من المال، أو تنزوي في بيت لها وحيدة لا أنيس لها سوى كلبٍ اقتنته لتسلو به وتعوض به ما فقدت من حنان.

فاليوم عرفت أنها كانت مغرورة ومخدوعة حين انفض عنها الجميع.

وكم عانت في حياتها وكابدت المشاق والخوف في مجتمع لا يعرف حق المرأة ولا يحفظ لها كرامتها، حتى أولادها تنكروا لها، فلا تراهم ولا يرونها، والبار منهم من يرسل إليها بطاقة معايدةفي كل عام فيما يسمونه بعيد الأم {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ}.

ـ كما تعاني المرأة في الغرب من الحرمان والخوف:

فحوادث الاغتصاب شائعة حتى من المحارم.

ـ ولا يقبل صاحب العمل فتاة للعمل إلا بشرط المعاشرة

ـ حدث ولا حرج عن بلاغات الاعتداء الجسدي والضرب المبرح من قبل الرجال الذين يعيشون معهن سواء كانوا أزواجًا أم أصدقاء.

ـ تتعرض للسلب والنهب والقتل فلا تجد من يحميها.

ـ ناهيك عن الرجال الذين يعيشون على حساب النساء.

كل ذلك بسب مخالطة الرجال وترك القرار في البيوت.

هذا غيض من فيض وجانب من معاناة المرأة الغربية العاملة.

ـ فالمرأة في الغرب نعم تحررت ظاهرًا لكنها في الحقيقة تقيدت، خرجت من قيد العفة والأخلاق ودخلت في فضاء الرذيلة والهوان.

فليس كل قيد مذمومًا:

فالإنسان لا بد له من قيد يحكمه، يكفيه شر نفسه وشر هواه وشر من حوله، وهذا القيد هو قيد الدين والأخلاق، وبهذا القيد ينعم الإنسان بحياة الأمن والسعادة، وإذا حل هذا القيد فسدت معيشة بني آدم، والله تعالى أدرى بما يصلح المرأة، فإنه سبحانه لما شرع لها القرار في البيت وأوجب عليها القيام بشؤون أولادها وأهلها ... وأمرها بالحجاب ونهاها عن التبرج لم يكن حرمانًا من حق هو لها، بل كان ذلك هو الذي يصلحها، ولا يصلحها غيره.

فالإسلام قد كرم المرأة وصانها من كل ما قرأنا سابقًا، فجعل لها القرار في البيت أصلاً فيه تقوم بأجل الأعمال من تربية الأجيال، وقد أوجب الشرع على الرجل النفقة على أهله والإحسان إليها طفلة كانت أو أمًا أو زوجة، فإذا كبرت فحقها أعظم يجب عليه برها ويحرم عقوقها، وقد حرم الشرع إيذاء المرأة بالضرب المبرح أو الضرب في الوجه وغير ذلك من صور الإيذاء.

وهنا نقف ونتساءل ما معنى القرار في البيت؟

هل معنى ذلك أن أسجن في بيتي ولا أخر ج منه إلا إلى القبر؟

هل معنى ذلك أن لا أخرج إلى مقاعد الدراسة والتعلم؟

هل معنى ذلك أن لا ألتحق بعمل وأشارك في أعباء الحياة؟

هل معنى ذلك أن أكون مثل قطعة الأثاث في المنزل لا قيمة لي ولا اهتمام؟

تعالي معي عزيزتي المرأة لنتعرف على معنى القرار في البيت كما جاء في كتب التفسير:

{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}:

أي الزمن بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة، ومن الحوائج الشرعية الصلاة في المسجد بشرطه كما قال صلى الله عليه وسلم:

'لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن وهن تفلات' وفي رواية 'وبيوتهن خير لهن'. .

{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}:

ومن وقر يقر أي ثقل واستقر، وليس معنى هذا الأمر ملازمة البيوت فلا يبرحنها إطلاقًا، إنما هي إيماءه لطيفة إلى أن يكون البيت هو الأصل في حياتهن.

وهو المقر وما عداه استثناء طارئ لا يثقلن ولا يستقررن إنما هي الحاجة تقضى وبقدرها.

والبيت هو مثابة المرأة التي تجد فيها نفسها على حقيقتها كما أرادها الله تعالى.

غير مشوهة ولا منحرفة ولا ملوثة، ولا مكدودة في غير وظيفتها التي هيأها الله لها بالفطرة ولكي يهيئ الإسلام للبيت جوه ويهيئ للفراخ الناشئة فيه رعايتها أوجب على الرجل النفقة وجعلها فريضة كي يتاح للأم من الجهد ومن الوقت ومن هدوء البال ما تشرف به على هذه الفراخ الزغب.

فالأم المكدودة بالعمل للكسب والمراهقة بمقتضيات العمل المقيد بمواعيده، المستغرقة للطاقة فيه .. لا يمكن أن تهب للبيت جوه وعطره، ولا يمكن أن تمنح الطفولة النابتة فيه حقها ورعايتها، وبيوت الموظفات والعاملات ما تزيد على جو الفنادق والحانات، وما يشيع فيها ذلك الأريج الذي يشيع في البيت.

فحقيقة البيت لا توجد إلا أن تخلفها امرأة، وأريج البيت لا يفوح إلا أن تطلق زوجة، وحنان البيت لا يشع إلا أن تتولاه أم.

والمرأة أو الزوجة أو الأم التي تقضي وقتها وجهدها وطاقتها الروحية في العمل لن تطلق في جو البيت إلا الإرهاق والكلال والملال.

'وإن خروج المرأة لتعمل كارثة على البيت قد يبيحها الضرورة، أما أن يتطوع بها الناس وهم قادرون على اجتنابها فتلك هي اللعنة التي تصيب الأرواح والضمائر والعقول'.

'فأما خروج المرأة لغير العمل، خروجها للاختلاط ومزاولة الملاهي والتسكع في النوادي والمجتمعات فذلك هو الارتكاس في الحمأة الذي يرد البشر إلى مراتع الحيوان'

'ولقد كان النساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرجن للصلاة غير ممنوعات شرعًا من هذا ولكنه كان زمانًا فيه عفة وفيه تقوى، وكانت المرأة تخرج للصلاة متلفعة لا يعرفها أحد ولا يبرز من مفاتنها شيء'. .

ـ إذن من هذا التفسير نفهم أن قرار المرأة في بيتها هو الأصل وخروجها من البيت يكون لضرورة, إن من ينادون 'بتجريد المرأة' يتجهون إلى إدانة تعاليم الإسلام، وإلصاق التهم بالدين الحنيف في قضية حقوق المرأة وتخلف أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعلمية، والعكس صحيح, فقد كانت وما زالت وستظل تعاليم الدين السمحة أمثل خطة وأعظم برنامج تعاملي مع المرأة يخرجها من دائرة الندية للرجل التي أوهنت أركانها حياة المرأة في الغرب، إلى دائرة التعامل بفكرة ومنهج الزوجية الفطري الذي يقوم على أساس تكامل الأدوار المنوطة بكل من الرجل والمرأة في المهمات الحياتية.

ـ ونحن المسلمين لدينا تشريعات من لدن حكيم خبير تحفظ على المرأة دينها وأخلاقها وتسد أبواب الفتن والاختلاط والوسائل المفضية إليها فتنتفع المرأة بعملها وينتفع بها دون أن تفتن أو تُفتن، دون أن تقصر في حق بيتها وأهلها، وذلك عندما شرع الله للمرأة الحجاب وأمرها بالضوابط الشرعية عند خروجها من بيتها، ومن هذه الضوابط غض البصر، وعدم الاختلاط بالرجال، وتحريم الخلوة بالأغراب، والحجاب الشرعي للمرأة، وعدم التعطر خارج البيت، كل ذلك ليس بسبب عدم احترام ديننا الحنيف للمرأة، بل لسد أبواب الشر عنها وحفاظًا عليها من كل سوء.

ـ ولا يخفى علينا أننا نجد في حياتنا نماذج للنساء مشرقة عاملة داخل البيت وخارجه، فالمرأة في عالمنا العربي ضربت أروع الأمثلة في هذا المجال فهي تعمل في المنزل وخارج المنزل, وقلبها مع زوجها كقلب رجل واحد, يربطهما رباط وثيق من الحب وأهداف مشتركة، وهي تربية النشء.

ـ ومع ذلك عزيزتي المرأة أنت متهمة بأنه ليس لك دور وتحبسك جدران المنزل عن الالتحاق بالركب مثل حال المرأة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.

· فكيف كانت حياة المرأة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم؟

· هل كانت حبيسة البيت؟

· هل شاركت في الحياة؟ وكيف؟

هذا ما سنعرفه في المقال التالي بعنوان لهن أدوار مع القرار


تابعوها من خلال موقع مفكرة الاسلام
0
506

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️