حـ * ـلم @h_lm
عضوة شرف في عالم حواء
وقـفــةٌ هادِئــةٌ معَ تـِجـارةِ عـــَـلاماتِ السّاعــة!
عندما تضطرمُ الفِتن ، و تتوالى المصائبُ ، و تضيقُ على الناسِ المخارِجُ والمنادِح ، تنبعثُ سحابةٌ من الحـُزنِ و الأسى ، فـتَحجبُ عن الأعينِ الرؤيةَ الصحيحةَ ، و تسدّ منافذَ التفكير الرشيد ، إلاّ من هداه الله تعالى فـأوى إلى ركنٍ شديد ، و لاذَ بعلمٍ سديد ، قوامُهُ : كتاب اللهِ عزّ و جلّ ، و ما صحّ من السنّة النبوية ، ففيهما العـصـمةُ من التيهِ الفكريّ ، و الهلاكِ بأوديةِ الضّلال ، التي تتخطّفُ السائرين في كلّ حينِ .
و ما تمرّ بهِ الأمة الإسلامية اليومَ من استضعافٍ و عدوانٍ و تمزيقٍ على أيدي أُمَمِ الكفرِ التي لا تـَرقـبُ في المسلمينَ إلاّ و لا ذمّة ، قد كرّس الكثيرَ من معاني الذّلّةِ و الهَوان في القلوبِ ، و ضربَتِ الهزيمةُ النفسيةُ بجرانها في الأفئدةِ ، حتى شعُـرَ الكثيرُ من المسلمينَ أنّ هذه الحالةَ قضاءٌ مُبرمٌ على الأمةِ الإسلاميّة ، فـَـلا مناصَ و لا سبيل للتخلّصِ من هذا الواقعِ الأليمِ إلاّ بمُعجزةٍ أو خارقةٍ من الخوارق تُعيدُ للأمّةِ مجدَها الآفل ، و عزّها الزائل . فالـتـَجأ الكثيرون في محاولةٍ هروبيةٍ من مرارةِ الواقعِ إلى أحضانِ الرؤى ، و التفتيش غير المنضبطِ في علامات الساعة ، علّهم يجدونَ في تضاعيفهَا السّلوى ، و يلتمِسونَ فيها بارقةَ أملٍ ، لفجرٍ مُشرقٍ جديدٍ يُــبـدّد هذا الظلامَ ، الذي طالَ لـيـلـُه .
فأخذتِ المطابعُ تقذفُ بكُــتُـبِ نفرٍ مـمّـن امتطوا صهوةَ الموجةَ السائدةَ ، فكتَبوا في علاماتِ الساعةِ ، و أتوا بالعجائبَ و الطوامّ ، و حاولوا تنزيلَ الأحاديثَ الواردةِ في الفَتنِ و الملاحِم على الواقعِ المعاصر ؛ و ذلك بليّ أعناق الأحاديثِ ، و تحميلها ما لا تحتمل ! و يا ليتَ الأمرَ توقّفَ عندَ الأحاديثِ الصحيحةِ و تعسّفِ تأويلها ؛ و لكنّ المصيبةَ أنّ البعضَ قَد أتى ببدعةٍ جديدةٍ ، و سنّ سنّةً سيّئةً ؛ فطفِق يسوقُ الأحاديثَ الركيكةَ العاريةَ من أي أثارةٍ من نورِ النبوّةِ ، و يسرُدُها سرداً ، ثمّ يعــزوها إلى مخطوطاتٍ مـدفونةٍ في مكتباتِ تركيّا ! و يُلحِقُ هذا الدّعيّ بالحشفِ سوءَ كَـيـلة، فيورِدُ تنبّؤاتِ الكاهنِ المشهور " نوستراداموس " ، كأدلّةٍ على علاماتِ الساعةِ !
إذا كنّا سـنعـتذَرُ للعوامّ بجَهلِهَم ، و شغـَفِهِم بكلّ ما هو غريب ، و أي أمرٍ يحملُ استشرافاً غيـبـيـّاً لآفاقِ المستقبلِ ؛ فما العذرُ الذي سنلتمِسُه لبعضِ طلبةِ العِلمِ المُتحمّسينَ لمَثلِ هذه الكـُتــُبِ ؟ و يورِدونَ ما بِها استدلالاً علىَ قُـربِ قيامِ السّاعةِ ؟
إنّ السّاعةَ قريبةٌ لا محالةَ ، و علاماتِـها واقعةٌ لا جدالَ في ذلِك ، و لكنّ الذي يُمارسُ الآنَ منَ العَبَثِ و الإستخفافِ بالعقولِ المسلمةِ أمرٌ خطيرٌ جداً ، ينبغي أن ينبري له أهلُ العلمِ ، و أن يقوموا بدورِهِم في تَحذيرِ الناسِ من الوقوعِ فريسةً لأوهامِ و هذيانِ أولئكَ الذين امتلأت جيوبهُم من أموالِ الناسِ على حَسابِ الأمانةِ الفكريّة و المنهجيّةِ العلميةِ ، التي أُهــدِرتْ بين طــيـّاتِ هاتــيــكَ الكُتب !
و صفوة القول أيّها الكِرام ؛ إنّ علاماتِ الساعةِ من الأمورِ التي لم يتعبّدنا الله بِـها إلا مِن خِلالِ تَصديقِها ، و الإيمانِ بِها ، و لم يأمـُرْنا بالـبحثِ عَـنها على النّحوِ الحاصلِ اليوم من محاولاتِ متعسّفةِ لتنزيلِ الواقعِ علَيها ؛ بل هي إشاراتٌ ألمحَت إلـَيها نصوصُ الكتابِ و السنّةِ ، حتى يزدادَ اليقينُ في قلوبِ المؤمنين لدى وقوعِها ، و نَبادِرَ إلى العَمل ، و نُسارعَ إلى التّوبةِ ، و كما سأل الرّجلِ النبي صلى الله عليهِ و سلّم عنِ مـوعدِ الساعة ، فأجابَه سيّدُ الخلقِ قائلاً : و ماذا أعددتَ لها ؟ ( رواه البخاري رقم 3412 ) .
و السؤال الذي ينبغي أن نطرحـَهُ على أنفسِنا: ماذا أعددنا لها ؟
منقول
4
436
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
مشكورة على الموضوع الطيب