رؤيا جميلة @roya_gmyl
عضوة جديدة
*~ وقفات في سورة لقمان ~*
بَيْن يَدَيْ سُورَة لــقمَــانَ
التسـِــميـَــة : سميت سورة لقمان لاشتمالها على قصة " لقمان الحكيم " التي تضمنت فضيلة الحكمة وسر معرفة الله تعالى وصفاته ، وذم الشرك ، و الأمر بمكارم الأخلاق ، والنهي عن القبائح والمنكرات وما تضمنته كذلك من الوصايا الثمينة التي أنطقه الله بها ، وكانت من الحكمة والرشاد بمكان .
تصنيف السُّورَة : هذه السورة الكريمة من السور المكية التي تعالج موضوع العقيدة ، وتعنى بالتركيز على الأصول الثلاثة لعقيدة الإيمان وهي " الوحدانية، و النبوة ، والبعث و النشور " كما هي الحال في السور المكية .
سـَـبَبُ النّزول : روي أن " النضر بن الحارث " كان يشتري المغنِّيات ، فلا يظفر بأحدٍ يريد الإسلام إلا انطلق به إلى قينته " المغنية" فيقول لها اطعميه واسقيه الخمر وغنّيه ،ويقول هذا خيرٌ مما يدعوك إليه محمد من الصلاة والصيام ، وأن تقاتل بين يديه ، فانزل الله " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ..." الآية
فـَـائـِـــدَة : وصف الكتاب بالحكمة في هذه السورة " الكتاب الحكيم " مناسب لجو السورة الكريمة لأن موضوع الحكمة قد تكرر فيها " ولقد آتينا لقمان الحكمة " فناسب أنيختار هذا الوصف من أوصاف الكتاب المجيد ، على طريقة القرآن في التنسيق بين الألفاظ والمواضيع ..
ابتدأت السورة الكريمة بذكر الكتاب الحكيم ، معجزة محمد الخالدة ، الباقية الدائمة على مدى الزمان ، و أقامت الحجج والبراهين على وحدانية رب العالمين ، وذكرت دلائل والقدرة الباهرة ، والإبداع العجيب في هذا الكون الفسيح ، المحكم النظام المتناسق في التكوين نفي سمائه و أرضه، وشمسه وقمره ، ونهاره وليله ، وفي جباله وبحره ، و امواجه وأمطاره ، ونباته وشجره وفي سائر ما يشاهده المرء من دلائل القدرة و الوحدانية ، مما يأخذ بالقلب، و يبهر العقل ن ويواجه الإنسان مواجهة جاهرة لا يملك معها إلا التسليم بقدرة الخالق العظيم .
كما لفتت أنظار المشركين إلى دلائل القدرة والوحدانية منبثة في هذا الكون البديع ، وهزت كيانهم هزاً " هذا خلق الله فاروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين "
و ختمت السورة الكريمة بالتحذير من ذلك اليوم الرهيب الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون "يا أيها الناس اتقوا ربكم و اخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جازٍ عن والده شيئاً .. " الآية ..
تــــنبيـــــهْ : حين أمر الله تعالى بشكر الوالدين قدَّم شكره تعالى على شكرهما فقال تعالى " أن اشكر لي " ثم أردفه بقوله " و لوالديك " وذلك لإشعارنا بأن حق الله أعظم من حق الوالدين ، لأنه سبحانه هو السبب الحقيقي في خلق الإنسان و الوالدين سبب في الصورة والظاهر ، ولهذا حرَّم تعالى طاعتهما على الإنسان إذا أردا إجباره على الكفر ...
وقـــفـــة مع اللــــغــَــة :
"الحكمة " : الإصابة في القول والعمل ، واصلها وضع الشيء في موضعه .
" يعظه " : ينصحه و يذكره ، والعظة هي الموعظة والنصح و الإرشاد .
" فصاله " : الفصال هوالفطام وهو لفظ يستعمل في الرضاع خاصة ، و أما الفصل فهو أعم ، وفصلت الأم ولدها أي فطمته وتركت إرضاعه ..
" أناب " : رجع ، والمنيب الراجع على ربه بالتوبة و الاستغفار .
" تصعر " : الصعَّر هو في الأصل داء يصيب البعير فيلوي منه عنقه ، ثم استعمل في ميل العنق كبراً و افتخاراً.
" اقصد " : توسَّط ، و القصد : التوسط بين الإسراع و البطء .
" أسبغ " : أتم و أكمل ، يقال : سبغت النعمة سبوغاً إذا تمت .
" كالظلل " : الظلل : جمع ظلة و هي كل ما أظلَّك من جبل أوسحاب .
" ختّار" : الختَّار الغدار، والختر أسوء الغدر .
وقـــفــة مع البـَـلَاغَــة :
تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البلاغة والبديع نوجزها فيمــا يــلــي :
1. وضع المصدر للمبالغة " هدى ورحمة للمحسنين " .
2. الإشارة بالبعيد " تلك الآيات " عن القريب "هذه " لبيان علو الرتبة ورفعة القدر والشأن .
3. الإطناب بتكرار الضميرواسم الإشارة " وهم بالآخرة هم يوقنون " . " أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم " لزيادة الثناء عليهم و التكريم لهم ، كما أن الجملة تفيد الحصر أي هم المفلحون لا غيرهم .
4. الإستعارة التصريحية " و من الناس من يشتري لهو الحديث" استعار لفظ يشتري سلعة و هو خاسر فيها لمعنى يستبدل .. الإستعارة التمثيلية " إن أنكر الاصوات لصوت الحمير " شبه الرافعين أصواتهم بالحمير ، وأصواتهم بالنهيق ولم يذكر أداة التشبيه للمبالغة في الذم و التنفير عن رفع الصوت .
5. التشبيه المرسل المجمل " كأن في اذنيه وقراً " فذكر أداة التشبيه وحذف وجه الشبه .
6. أسلوب التهكم " فبشره بعذاب أليم " لأن البشارة أنما تكون في الخير ، واستعمالها في الشر سخرية وتهكم .
7. الالتفات من ضميرالغائب إلى التكلم " و أنزلنا من السماء " جاءت بعد قوله " خلق ، وألقى ، وبثَّ " تعظيماً لشأن الرحمن ،و توفية لمقام الامتنان ، ليتنبه الإنسان لشكر النعمة فيزيد له في الرحمة .
8. إطلاق المصدر على اسم المفعول مبالغة " هذا خلق الله " أي مخلوقه .
9. الاستفهام للتوبيخ والتبكيت " ماذا خلق الذين من دونه " ؟ .
10. وضع الظاهر موضع الضميرلزيادة التوبيخ ، وللتسجيل عليهم بغاية الظلم و الجهل " بل الظالمون في ضلال مبين " وكان الأصل أن يقال : بل الهم في ضلال مبين .
11. مراعاة الفواصل في الحرف الأخير " عذاب أليم ، جنات النعيم ، زوج كريم ، الكتاب الحكيم " يسمى سجعاً تساوت فقره ، وكان سليماً من التكلف ، خالياً من التكرار .
12. الطباق بين " شكر .. وكفر " و بين " ظاهرة .. و باطنة " و بين " الحق .. و الباطل " .
13. صيغة المبالغة " غني حميد .. لطيف خبير .. فخور ... صبار شكور .. ختار كفور ... عليم خبير .. سميع بصير " لأن فعيل وفعول من صيغ المبالغة ، كما أن فيها توافق الفواصل الذي يسمى السجع .
14. ذكر الخاص بعد العام" بوالديه حملته أمه " وذلك لزيادة العناية والاهتمام بالخاص .
15. تقديم ما حقه التأخيرلإفادة الحصر " إليَّ المصير ... إليَّ مرجعكم ... و إلى الله عاقبة الأمور " أي إليه سبحانه لا إلى أحد غيره .
16. التتميم " فتكن في صخرة " تمَّم خفاءها في نفسها بخفاء مكانها و هذا من البديع .
17. المقابلة " و أمر بالمعروف .. و أنه عن المنكر " و بين "ومن يسلم وجهه إلى الله و هو محسن .... ومن كفرفلا يحزنك كفره " فقابل بين اللفظين .
18. التمثيل " إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة " لبيان سعة علم الله وإحاطته بجميع الأشياء ، ويعلم أصغر الأشياء في أخفى الأمكنة .
19. الإنكار و التوبيخ مع الحذف " أولو كان الشيطان يدعوهم " أي أيتبعونهم و لو كانوا ضالين ، حتى لو كان الشيطان يدعوهم إلى النار المستعرة .
20. المجاز المرسل " ومن يسلم وجهه " أطلق الجزء و أراد الكل .
21. التشبيه التمثيلي " فقد استمسك بالعروة الوثقى " شبه من تمسك بالإسلام بمن أراد أن يرقى إلى شاهق جبل فتمسك بأوثق حبل ، وحذف أداة التشبيه للمبالغة .
22. الاستعارة " عذاب غليظ " استعار الغليظ للشدة لأنه إنما يكون للإجرام فاستعير للمعنى.
جهد شخصي مقتبس من كتاب صفوة التفسير
21
5K
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
رؤيا جميلة
•
نرجس
•
شكر الله لك وأثابك يارائعة ..
جهد مليئ بالقيم ..
وأسلوب سهل وتنسيق جميل ..
أفادك الله كما أفدتنا ..
جهد مليئ بالقيم ..
وأسلوب سهل وتنسيق جميل ..
أفادك الله كما أفدتنا ..
الصفحة الأخيرة