الســـــــــــــــــلام عليـــــــــــــكم ورحمة الله وبركاته
يقول الله سبحانه وتعالى : " ومن يؤمن بالله يهد قلبه :
فالقلب هو أساس كل هداية وبداية كل توفيق وعليه تدور الأعمال كلها، ومع القلب تتحرك الجوارح .
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) .
والقلب يعمل والجوارح كلها أيضا تعمل ولكل عمل يلائمه ، وعمل القلب النية ، وعمل اليد الأخذ والعطاء ، وعمل الرجل المشي ، وعمل اللسان الحديث ، وعمل العين النظر ، وعمل الأذن الاستماع .
وكل هذه تشارك البدن صيامه ، فكما يصوم البدن عن الأكل والشرب فلا يذوق طعاما ولا شرابا كذلك يصوم القلب فيبتعد عن النوايا السيئة ، والمقاصد الباطلة الآثمة فهي تؤثر على صيامه ، وكما يصوم البدن تصوم اليد فلا تمتد إلى محرم ولا تعتدي ولا تظلم ولا تبطش ، ولا تسير الرجل أيضا الى مالا يحل لها المسير إليه ، وكما أن هذا محرم عليهما مطلقا فهو أشد تحريما في حالة الصيام .
واللسان يصوم عن الغيبة والنميمة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) .
وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات عن رجل من أصحابه أنه من أهل الجنة ، فلما سئل ذلك الرجل قال : لا أنام وفي قلبي حسد وحقد أو غش على مسلم .
فهل من قلب يدرك قيمته ويعرف مكانته ينأى به عن المعاصي ويقود الجوارحإلى الخير والطاعة والمحافظة على الصيام .
كيف يمكن أن يسمى المسلم صائما وقلبه يتقلب في النوايا والمقاصد والأفكار الزائفة وهو يمتلئ حقدا أو حسدا ، أو هو يتمنى ضرراً على مسلم ، أو يسير بين الناس متكبراً متبختراً ، الصائم ليس في قلبه حسداً ولا كبر ولا غل ولا حقد ، وإذا وجد الحسد أو الكبر أو العجب في القلب مكاناً أثر هذا في قلبه سلوكا على الجوارح يتوافق مع ما ينمو في القلب .
صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( ثلاث مهلكات : إعجاب المرء بنفسه ، وشح مطاع ، وهوى متبع )
كيف يمكن أن يسمى صائما من أطلق العنان للسان غيبة أو نميمة أو انتقاصا أو سخرية أو استهزاء ؟ كيف يصوم من شهد الزور ؟؟ .
وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعرف المسلم أنه من سلم المسلمون من لسانه ويده ، فكيف يكون من آذى المسلمين بلسانه أو بيده إذا كان هذا مخلا بإسلامه ألا يكون مخلا بصيامه من باب أولى !!
ليس المقصود من الصيام الجوع والعطش بل التهذيب والتأديب والتغلب علىالجوارح والسيطرة عليها ، والانتصار على الهوى ، ومن غلبته جوارحه وهي بين يديه فماذا بقى له مما يمكن أن ينتصر عليه
والنظر له نصيبه من الصيام ، فالنظر هو البوابة الكبرى على القلب ، والعين تشارك الجوارح هذا الصيام فلا تنظر إلى حرام ، تصوم العين طاعة للرحمن وامتثالا لأمر الحي القيوم فتمسك عن النظر المحرم ، والعين تجوع كما يجوع البدن وتسرع إلى النظر متى أطلقت لا تفرق بين ما يجوز لها أن تنظر إليه ومالا يجوز لها وكم من نظرة أعقبتها حسرة ، وكم من نظرة أعقبها وقوع في براثن المعصية .
إن من الناس من يصوم ببدنه عن الطعام والشراب لكن عينه لا تعرف الصيام .
وقبل العين الأذن فهي تستمع وليس لها أن تستمع لكل شئ ، وقد قرن القرآن الكريم الاستماع للباطل بأكل المحرم قال تعالى :
" سماعون للكذب أكالون للسحت "
وما أكثر من فرط في صيام الأذن فصام ببدنه وأفطرت أذنه على سماع الكلمة الباطلة .
فلتصم جوارحنا كلها .. فلتصم قلوبنا .. وأيدينا .. وألسنتنا .. وأعيننا .. وأذاننا عن كل محرم وممنوع .. ولتتضافر كلها مع صيام الأكل والشرب لتتم لنا حقيقة الصيام .
منقــــــــــــول للفائـــــــــــدة …
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الورده الحساسه
•
يعطيك العافيه
الصفحة الأخيرة