بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وقفات وخلجات نفس أحببت أن أطرحها هنا بين الحدث والأحداث
مصاب جدة الجديد كان قويا مؤلما على قلوب أهلها جميعا بل على كل قلب مسلم يشعر بإخوانه ويتألم لمصابهم
فأرجو أن تعذروا حرفي المقصر و تستروا مافيه من عيب وأن توجهوا مافيه من خطأ
واعلموا أن ماوفقت فيه للصواب فهو نعمة من الله ولافضل لي فيه
وما أخطأت به فمن نفسي والشيطان فليغفر الله لي
هي وقفات أحببت ان أذكر بها نفسي وإخوتي وأخواتي كي لايمر علينا الموقف بدون اتعاظ :
لابد أن ننظر للحدث بالنظرة الشرعية المبنية على الكتاب والسنة
مصاب جدة ماهو إلا قدر من أقدار الله التي لاتخرج ولا طرفة عين عن إرادته ومشيئته سبحانه وتعالى
ماهو إلا قدر قد كتبه الله وأذن بحدوثه ..
{ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11) } سورة التغابن ..
والمسلم عليه أن يؤمن بأقدار الله المؤلمة ويستسلم لها بالرضا والصبر حتى يكون من أهل التوحيد الذين لانجاة ولا أمن على الحقيقة في الدنيا والآخرة إلا لهم ..
هذا الحدث له أسباب وهذه الأسباب أيضا يجب أن ننظر لها بمنظار الكتاب والسنة :
فالأسباب جعلها الله تعالى سنة كونية ورتب عليها الأحداث واختبر العباد بها فقد تأتي نتائجها وقد لا تأتي ..
وأمرنا الله تعالى بالأخذ بها وقد تناولها النبي صلى الله عليه وسلم فتداوى وتجهز للحروب وسعى في أمور حياته..
قال صلى الله عليه وسلم :
فإن أصابك شيء فلا تقل : لو فعلت كذا و كذا و لكن قل : قدر الله و ما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان ]
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: تخريج كتاب السنة - الصفحة أو الرقم: 356
خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن على شرط مسلم
لكننا يجب أن نتعامل معها كما فعل نبينا صلى الله عليه وسلم ، نأخذ بها لأننا مأمورين
لكن لا نعظمها ولا نتعلق بها من دون الله فهي مخلوقة وتحت قهر الله عز وجل هو الذي ابتدأها وهو الذي ينفعنا بها
فهو الأول : الذي ليس قبله شيء
وهو الآخر : الذي ليس بعده شيء
يقول ابن القيم رحمه الله في طريق الجرتين :
من عبد الله (تعالى) باسمه (الأول) و (الآخر) حصلت له حقيقة هذا الفقر ..
فإن عبوديته باسمه (الأول) تقتضي التجرد من مطالعة الأسباب والوقوف أو الالتفات إليها، وتجريد النظر إلى مجرد سبق فضله ورحمته،
وأنه هو المبتدئ بالإحسان من غير وسيلة من العبد.
وعبوديته باسمه (الآخر) تقتضي أيضاً عدم ركونه للأسباب، فإنها تنعدم لا محالة وتنقضي بالآخرية،
ويبقى الدائم الباقي بعدها، فالتعلق بها تعلق بما يعدم وينقضي، والتعلق ب) الآخر) (سبحانه) تعلق بالحي الذي لا يموت ولا يزول،
فالمتعلّق به حقيق أن لا ينقطع، بخلاف التعلق بغيره مما له آخر يفنى به ]
فيجب أن نعتقد يقينا أنها ليست هي الفاعلة بل الله تعالى هو الذي خلقها وينفع بها
وهذا مانص عليه حديث المصطفى السابق :
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: تخريج كتاب السنة - الصفحة أو الرقم: 356
خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن على شرط مسلم
وغالبنا يعلم أن من أسباب وقوع هذه الكارثة التقصير الحاصل من بعض المسئولين في التصريف لها وعدم قيامهم بالأمانة التي كلفهم الله عز وجل بها
ونحن لاننكر ذلك أبدا وقد يكون هذا عقوبة لهم أولا فقد فضح الله ماهم فيه ،، والله حسيبهم ولن يفلتوا من العدالة لا في الدنيا ولا الآخرة بإذن الله..
لكن للأسف نجد كلام أكثر الناس اليوم عن سبب تصريف المياه وكأنه هو الذي كان سينقذ جدة
وترديدهم ولو من غير قصد أن الكارثة ماأجراها إلا هؤلاء المقصرين ــ مع التنبيه أن هذا لايعني تبرئتهم من التقصير ــ
..
:::::
إخواني وأخواتي هناك أمر آخر يجب أن نتوقف عنده
أسألكم بالله كل من رأى حجم الماء الذي كان يصب من السماء ويجتمع على الأرض
هل كان يظن في ذلك الوقت أن هذا الماء يوقفه شيء ؟؟!!
أحدثكم عن تجربتي ورؤيتي بعيني ذاك اليوم والتي سيحاسبها الله تعالى
أقسم بالله أن السماء كانت تصب ماءاً غزيراً كبيراً في حجمه بل كان يصب صبا
كنت في السيارة مع زوجي ساعة نزول المطر الأولى وفي نصف ساعة تقريبا أصبحنا في بحيرة عظيمة تحيط بنا من جميع الأماكن
والماء يدفعنا دفعا وكان يدا خفية تحركنا حتى أننا خشينا أن نصطدم بالسيارات الأخرى
والله لاتفسير لذلك إلا أن هذا الماء جندي من جند الله سلطه الله علينا لعلنا نرجع ونتوب ونصحو من غفلتنا :
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42)
فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43)} سورة الأنعام
كنت أنظر للسماء ولاشيء في ذهني سوى :
{ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) } سورة القمر
هل من مفر من هذا الجندي الذي يتحرك بامر ربه فيدمر ويقلب ويهدم ..؟؟!!
وياتي الجواب صريحا لاعاصم اليوم من أمر الله .. لاعاصم لاعاصم ..
{ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42)
قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43) } سورة هود
اعذروني وسامحوني إخواني وأخواتي إن قلت لكم أن هذا الماء ماهو إلا تنبيه نذير يخوف الله به عباده وعقوبة لم نعاجل بها لذنوبنا ومعاصينا
وهوبلاء ابتلانا به لنرجع إليه ونتخلص من قسوة قلوبنا التي جرأتنا على مخالفات ومنكرات ولانلقي لها بالا ,,
كلنا والله أصحاب ذنوب ولا نزكي أنفسنا
والعقوبة والتنبيه ليست لأهل جدة ولا للضحايا فإنهم ربما كانوا على خير فختم لهم بالشهادة في سبيل الله ــ نحسبهم كذلك ولانزكي على الله أحدا ــ بل هي لعامة المسلمين
يا أهل التوحيد لابد أن نفهم أفعال الله بنا وأن هذا تربية لأجل مصلحتنا
تأتي الأحداث هنا وهنا ولا نتعبر
فما بين سيل السنة الماضية وهذه السنة ماذا تغير في النفوس ؟!!
منكرات لاحد لها نتقلب بينها
وللأسف أن الوضع أصبح مزري
بلاد التوحيد التي ماحفظت إلا به نجد فيها من يحارب الدين ويطلق عليه سهامه وينادي بتغيير أحكام الله
ولايخفى عليكم يا أهل جدة ونساءها ماحدث في منتدى خديجة الاقتصادي لسيدات الأعمال ـــ حاشا خديجة رضي الله عنها عن مافعلوه ـــ من اختلاط بين النساء السافرات المتبرجات ورجال ممن لهم مناصب عالية بالدولة بدعوى تحسين صورة المرأة المسلمة
لتقف إحداهن بجوار أحد المسئولين ويدها بيده لأجل دعم سيدات الأعمال
ناهيك عما فيه من استهزاء بقضية محرم المرأة ضرورة تواجده معها في كثير من الدوائر الحكومية
ولم نسمع لهم صوتا في إنقاذ النساء من الغرق أم أن الأمر اختلف الآن ..!!!
من الذي غضب ونادى وغير هذا المنكر إلا قلة ثبتهم الله وحفظهم من كل شر ..؟
منعت مخيمات الخير والصلاح وبعدها حلقات تحفيظ القرآن بينما يشجع أهل الغناء والموسيقى وينتشرون ويُدعمون ..؟
الأسواق حالها أسوأ وأسوأ...
الكتاب والصحفيون الذين يهاجمون الدين ويتكلمون على العلماء يتزايدون يوما بعد يوم ..
مضى عام والنفوس هي النفوس
نطالب بإصلاح التصريف وأما النفوس والشهوات فلا وقت للالتفات لها
التقصير بالصلوات والخشوع فيها
والألسن هي الألسن
واللباس هو اللباس
والقلوب هي القلوب ..
بل إن بعد السيل الماضي أخبرت إحدى الأخوات عن زواج حضرته
وأصوات الغناء والموسيقى تصدح منه واللباس الفاضح وما كان بينها وبين كارثة جدة السابقة إلا أيام قلائل
وحتى في الكلام عن رب العالمين ماعاد اللسان يتأدب ولا النفوس تمتلئ بالتعظيم
يقول أحدهم / جدة ما يصلح لها سيول
وآخر يقول / لانريد مطرا
لاحول ولاقوة إلا بالله من أين لهم هذه القرارات !!؟
تطاول على حكمة رب العالمين وعلمه ..؟؟
وتجروء عجيب في الحديث حول تصريفه وتدبيره لأمور خلقه وأرضه وسمائه سبحانه وتعالى
وفيه مافيه من سوء ظن برب العالمين الذي قال عن نفسه: { وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا }(255)سورة البقرة
والله لوعرفنا الله كما ينبغي ..ماكان هذا حالنا ..
لو علمنا كمال صفاته وعدله وحكمته لسلمت قلوبنا بالرضا وسارعت بالتوبة والإنابة
فهو رب رحيم حليم ..
يبتلي عباده ليرجعوا ليتوبوا ليكونوا صالحين ..
فلايقضي سبحانه وتعالى إلا خيرا ولايريد بعباده إلا مصلحتهم ونفعهم
الراوي: صهيب بن سنان الرومي القرشي المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2999
يا أحبة لانري الله منا إلا خيرا فلنبقى بين الصبر والشكر ولانتزحزح
لنحفظ ألسنتنا وأقلامنا ولايظهر منا إلا الرضا والتسليم حتى يرضى عناوإذا رضي سبحانه طابت الحياة وهانت الآلام وأصبحت النفوس نحيا بالأرض والقلوب في السماء
وأخيرا :
هيا أحبتي لنفر منه إليه منيبين منكسرين أذلاء ليهون علينا المصاب وتصبر قلوبنا على الوجع
فهناك جنة عظيمة نحط عندها الرحال وتنتهي كل الآلام **
{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33)
ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)} سورة ق
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منـــــــــقول
جزاء كاتبته خير

ام حنان 2 @am_hnan_2_1
محررة ذهبية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة