وقفة مع معنى سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر

ملتقى الإيمان


يقول الشيخ سعود الشريم:



أيها المسلمون! تلكم الكلمات الأربع على قلة عددها ويسر أدائها، إلا أنها كلمات عظيمة المعنى، واسعة الأثر، قد يوجد في الناس من يرددها، وربما يكثر منها، ولكنه في منأىً عن فقه معناها، أو استخلاص لوازمها حتى يصبح القلب بسبب ذلك بعيداً عن استشعار جلال الله وعظمته، وقدره حق قدره، ولا جرم فإن ذكر الله عز وجل كلام تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله، بيد أن الناس مما ألفوا منه، وما جهلوا من معناه لا يرددونه، إلا كما يرددون كلاماً تقليدياً، لا يعدو كونه تمتمات، يلوك بها المرء لسانه، قد طغت على معالمه بسبب الألفة والاعتياد المتجرد عن الامتثال لله سبحانه؛ ولذا فإن من المناسب جداً أن نشير على عجالة واقتضاب شديدين إلى معاني تلك الكلمات الأربع:......





معنى سبحان الله


فأولهن (سبحان الله): والتي معناها: التنزيه والإعلاء والتقديس للباري جل وعلا بكل ما لا يليق بقدره، فيسبح الله عن كل شرك، أو عبودية لغيره، ويسبح الله عن أن يوصف بغير ما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من صفات الكمال.
وتسبيح الله -أيها المسلمون- ليس مقتصراً على جانب التنزيه فحسب، وإنما هو مرتبط كذلك ارتباطاً وثيقاً بجانب الخشية من الله، كأن المرء يراه، وإنه إن لم يكن يراه فإن ربه يراه، فلا ينبغي أن يصدر من العبد ما لا يرضى به ربه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، وأن المرء المسلم إذا نأى بنفسه عن أن يقع في زلة أو هفوة، بسبب تسبيحه لله، فهو ممن أدى حق الخشية والتنزيه والإعلاء.
ألا تسمعون قول البارئ جلَّ وعلا يصف أحاديث الإفك المفترى، على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ).إن المرء المسلم ليربأ بنفسه عن أن يكون مقوالاً مهذاراً لكل ما يرد إليه لا تحكمه أناة، ولا يردعه خشية، ولا يكفكفه عقل، ويكفيه كذباً أن يحدث بكل ما سمع، وإن الذين يرمون الأبرياء بما ليس فيهم تحقيقاً لشهوات دنيئة ومآرب غير نقية، ما قدروا الله حق قدره، وما نزهوه وسبحوه كما يليق بجلاله.





وقولوا مثل ذلك -عباد الله- في الظن بالله جلَّ وعلا، إذ على المرء أن يعلم علم اليقين، أن الله خلق كل شيء، فقدره تقديراً، وأن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها، وشقية أو سعيدة، وألا يبالي المرء أعطاه الناس أو منعوه، فإنما هم رسل الله في الرزق، يعطون من قدر الله أن يعطوه، ويمنعون من قدر الله أن يمنعوه، وما على المرء المسلم إلا أن يتوكل على الله كما تتوكل الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً، فتوكل على الحي الذي لا يموت، وسبح بحمده. وليس بخافٍ عليكم -أيها المسلمون- ما حكاه الله عن أصحاب الجنة في سورة نون فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ * وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ * فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ * قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ .









معنى الحمد لله


الكلمة الثانية -رحمكم الله- هي كلمة الحمد، (الحمد لله) إنها كلمة لها شعبتان من المعاني: شعبة تتصل بتمجيد الله وكشف الران والجهل الذي يغشى القلوب، فلا تعرف حق الله من المدح والثناء، والحمد في هذه الشعبة، يذكر في السراء والضراء، فالله جل شأنه يحمد في البلاء كما يحمد على النعماء، ويدل على ذلك أن الله جلَّ شأنه إذا أودع أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، تأتي عبارة الحمد من الملائكة على هذا القضاء بين فريق الجنة وفريق السعير، قال تعالى: وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم. فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم. فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة، وسموه بيت الحمد } رواه أحمد و الترمذي .
وأما شعبة الحمد الثانية: فهي معنى (الشكر) في مقابل السراء والنعم التي تنهمر على العباد صباح مساء دون أن تحصى أو تعد، بيد أن كثيراً من الناس يعمهم قوله سبحانه: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم منبهاً إلى نعمة الشكر المنسية وفضلها المجحود فيما رواه أبو داود و ابن حبان : {من قال حين يُصبح: اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر، فقد أدى شكر ذلك اليوم }.
اللهم اجعلنا شاكرين لنعمك مثنين بها عليك، قابليها وأتمها علينا ياذا الجلال والإكرام، بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة.



معنى لا إله إلا الله


ثالث الكلمات الأربع -عباد الله- هي كلمة التوحيد والإخلاص: لا إله إلا الله ، والتي هي باب الإسلام، ومدخله مع ضميمتها الأخرى، وهي: (محمد رسول الله) إذ لا يتم إيمان عبدٍ إلا بتحقيق كلمة التوحيد، بمعنى: أن تجمع نفياً وإثباتاً، نفياً لكل ما يعبد من دون الله، وإثباتاً لعبادة الله وحده، ومعنى الكلمة: أنه لا معبود بحق إلا الله.
إذ أن ما سواه من معبودات أو متبوعات، لا تستحق العبادة، بل هي كما قال الله تعالى: (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ) ، وفي صحيح مسلم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله؛ حرم دمه وماله وحسابه على الله عزَّ وجلَّ } فالتوحيد والشرك نقيضان لا يجتمعان في قلب امرئ مسلم ألبتة، ومن أشرك بالله شيئاً فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار.
غير أنه قد يقول قائل: أين نحن من عبادة الأصنام والأوثان، لا نعلم أحداً يعبد حجراً أو يصلي إلى صنم؟
فالجواب: إن من ظن أن الشرك بالله لا يكون إلا بذلك، فقد أخطأ الطريق، لأن الله يقول: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ).
والإيمان بالله والكفر بالطاغوت هو معنى لا إله إلا الله، والطاغوت قال عنه ابن القيم رحمه الله: إنه ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، فطاغوت كل قوم، من يتحاكمون إليه من دون الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله، أو يطيعونه فيما ليس طاعة لله ورسوله، ومن هنا أزال النبي صلى الله عليه وسلم الإشكال، الوارد على عدي بن حاتم رضي الله عنه عند قوله تعالى: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ).








قال عدي : {يا رسول الله! لسنا نعبدهم، قال: أليس يحلون لكم ما حرم الله فتحلونه، ويحرمون ما أحل الله فتحرمونه؟ قال: بلى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فتلك عبادتهم } رواه الترمذي و البيهقي . وحاصل فضل هذه الكلمة -عباد الله- قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي و النسائي : {أفضل الذكر: لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء: الحمد لله}.









معنى الله أكبر







أما رابع الكلمات -يا رعاكم الله- فهي كلمة التكبير (الله أكبر) التي هي رأس التكبير وعماده، وهي أول ما كلف به الرسول صلى الله عليه وسلم حين أمر بالإنذار فقال الله له: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ) إنها كلمة عظيمة، تحيي موات الأرض الهامدة، لصوتها هدير كهدير البحر المتلاطم أو هي أشد وقعاً، ولا غرو -أيها المسلمون- فإن شئتم فاسمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم عن فتح القسطنطينية في آخر الزمان، يقول صلى الله عليه وسلم: {فإذا جاءوها، نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح، ولم يرموا بسهم، قالوا: لا إله إلا الله، والله أكبر فيسقط أحد جانبيها، ثم يقول الثانية، لا إله إلا الله، والله أكبر فيسقط جانبها الآخر ثم يقول الثالثة: لا إله إلا الله والله أكبر، فيفرج لهم فيدخلوها فيغنموا ... } الحديث رواه مسلم . فيا لله! ما أعظم هذه الكلمة وما أبلغها! إنها كلمة ينبغي أن تدوي في سمع كل فاسق مفسد، ليرتجف فؤاده، ويهتز كيانه، وينبغي أن تدوي في سمع كل من يهم بمعصية أو إثم ليقشعر ويرتدع، وينبغي أن تدوي في سمع كل ظالم معتد متكبر ليتذكر إن كان من أهل الذكرى أن هناك إلهاً أقوى منه، وأكبر من حيلته ومكره واستخفافه، فالله أكبر، الله أكبر كبيراً.









المصدر: موقع إسلام ويب.. محاضرات مقروءة...جزء مختار من التفريغ النصي لمحاضرة الشيخ سعود الشريم بعنوان الباقيات الصالحات
5
17K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ذابله
ذابله
سبحان الله والحمدالله ولااله والله اكبرر
لؤلؤة القرآن :)
جزاك الله خير
منفوخه مفشوشه
   جزاك الله خير 
الله اكبر والحمد لله وسبحان الله ولااله الألله
رهف جوهر
رهف جوهر
سبحان الله والحمد الله والله اكبر