ولا تجسسوا ......

بسم الله الرحمن الرحيم

على قناة بداية، المتخصصة في شؤون الأسرة والمشاكل الزواجية، وفي برنامج دردشة نسوان، كان موضوع الحلقة:

هل للمرأة حق في التجسس على الزوج؟؟

صدمت صدمة عنيفة عندما سمعت ثلاثة أرباع المتصلات يؤيدن التجسس على الزوج، وأنه جزء لا يتجزأ من كينونة المرأة، (على قولة إحدى المتصلات: أحس ان اللي ماتتجسس على زوجها مب إمرأة حقيقية... هذا وهي ليست متزوجه بعد)، وأن المرأة اللتي لاتتجسس على الرجل لاتغار عليه، وهذا دليل أنها لاتحبه.
إحدى المتصلات قالت: لابد من التجسس.
أخذت المذيعة تقنعها بأنه لايجلب سوى خيبة الأمل والإحباط
تقول: أدري، لكن لابد من التجسس
فتقول لها المذيعة: إنه لايأتي بخير أبداً
ترد عليها: معك حق، لكن لابد من التجسس
والمذيعة ترد: إنه قد يهدم البيوت
ترد عليه المرأة: ربما، لكن لابد من التجسس..
عندها علمت ان المرأة مقتنعة تماماً بخطأ التجسس، لكنها وصلت إلى مرحلة الإدمان، ولاتستطيع أن تترك التجسس..

قليلة جداً هي المشاركات التي رفضت التجسس، واعتمدت في علاقتها مع الآخر بالثقة المتبادلة، ومشاركة قصيرة جداً أعجبتني قالت فيه صاحبته: إن التجسس أساساً حرام، إستناداً إلى قوله تعالى: ((ولا تجسسوا)) وأي شيء بني على الحرام فلن يجيء بخير أبداً

يابنات، أعرف أن معظمكن لستن بحاجة إلى الوعظ، لكني هنا للتذكير.
اجعلي قول الله تعالى فوق أي قول، قال تعالى: ((يا ايها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا ايحب احدكم ان ياكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله ان الله تواب رحيم ))وقول الرسول من بعده، قال-صلى الله عليه وسلم- ((إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تحسسوا ، ولا تجسسوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا ))هي عبارة موجزة، نعم، لكنها واضحة المعاني أشد الوضوح
((ولا تجسسوا))فيها نهي واضح ومباشر عن التجسس
((ولا تجسسوا))
لأن التجسس طريق لتدمير الأسر
((ولا تجسسوا))
لأن التجسس مدخل من مداخل الشيطان للتفريق بين المرء وزوجه
((ولا تجسسوا))توقفي عن التنبيش في نقال الزوج، وفي جيوبه، وفي حقائبه، بحثاً عن عثرة أو خطأ، وتعالي نناقش الموضوع بروية:
قمت بالتفتيش وعثرت على ما لايسرك، هل ستصارحين زوجك بهذا؟؟ أم ستكتمينه في صدرك ألما وقهراً وتندبين حظك العاثر؟؟ ثم تموتين من الغصة وانت مااستفدت شيء من التجسس..
لنقل أنك صارحتيه، هل تتوقعين أنه سيعترف بخطأه ويعدك بأن يترك ماهو عليه، أم أنه سيصرخ في وجهك غضبأ مستشيطاً لأنك نبشت من ورائه، وينكر كل مارأيته من دلائل تثبت أنه جاني.
لنقل أنه اعترف بخطأه وندم، أو تظاهر بالندم، ثم عدت مرة أخرى للتنبيش بين ممتلكاته، لتكتشفي أنه وقع في الخطأ مرة أخرى، فكيف تتصرفين؟؟
كل الخوف أن يتكرر الخطأ وتتكرر محاولات الإصلاح، إلى أن يهدم مابينكما من حواجز الإحترام ومراعاة مشاعر الطرف الآخر، فيخونك أمام عينيك ويكلم النساء وربما يواعدهن غير مكترث بالمسكينة التي تتلوى أمامه وهي أنت، فالسر انكشف وأصبح كل شيء في العراء تحت ضوء الشمس، وانت تعرفين عنه مايعرفه عن نفسه ولاداعي للخوف و(الخش والدس)..
أقل مايمكن أن يحدث هو توتر بعلاقتكما الزوجية، لن تعود هادئة، لن تستطيعي أن تعطيه كما السابق لأنك تعرفين عنه مايقهرك، ويبدأ الشك يتخللك على كل تصرف يتصرفه زوجك، والشك مرض لايمكن التخلص منه بسهولة..

إذاً ماالحل؟؟؟

إن لك خصوصية كما له خصوصية، لاتجعليه شغلك الشاغل حتى تكادي تمحي شخصيتك من أجله، وتكوني بلا شخصية يتحكم فيك كما يشاء فحينها سيبحث عن شريك يكون مستقل بشخصيته عنه، حتى إذا تحدث معه لم يتحدث مع نفسه، بل مع شخص آخر.
الحل بسيط وبين يديك: زيدي ثقتك بنفسك، أنت تعطينه حقوقه كاملاً ولاتقصرين معه في شيء، انت تدللينه كما يجب وكما تعرفين كيف يدلل الزوج، ثم اتركي الباقي على الله، هو نعم المولى ونعم النصير..
زيدي ايمانك بالله وطاعاتك له، ولاتنسي أبداً سهام الليل، الدعاء، اجعليه سلاحك الدائم والله لن يخيبك أبداً.
ثم اتركي الزوج في حاله، لاتحاولي ان تكوني عليه الولية المرشدة إلا فيما يمسك بشكل مباشر، إن أخطأ فهو المحاسب على خطأه يوم القيامة ولست أنت، فهو رجل بالغ عاقل مستقل بذاته، ((كل نفس بما كسبت رهينة)) ((ولا تزر وازرة وزر أخرى))
مالم يكن لك يد في الموضوع فلست بمشاركة له في الذنب، وأخشى ماأخشاه أن يكون تدخلك بالتجسس على زوجك سبب في ازدياد ذنوبه وآثامه، وتكونين مشاركة بالذنب معه، انشغلي بأشياء أعظم من مجرد التفكير: والله زوجي راح، وزوجي جاء وزوجي سافر، ولازم أعرف شوعنده من أسرار ماضية ولاحقة.. فلن تستفيدي شيء..

أطلت عليكم نعم، ولكن أتمنى أن أكون قد أفدتكم، وان تدعوا لكافة الزوجات بالخير والصلاح، إنه القادر عليه وهو العزيز الحكيم
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين