حسبي الله ونعم الوكيل
اللهم اني استودعك جميع اطفال المسلمين
ماعاد فيه براءه من بعد هالاجهزه
لاحول ولاقوة الا بالله


كيف نربي أبناءنا تربية صالحة
قال الله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له " (رواه مسلم).
وعن الحاطبي قال: سمعت ابن عمر يقول لرجل: "أدب ابنك فإنك مسؤول عن ولدك ماذا أدبته؟
وماذا علمته؟ وإنه لمسؤول عن برك وطواعيته لك " رواه البيهقي.
اولا : التربية في المفهوم الإسلامي
ما معنى التربية في المفهوم الإسلامي، وما علاقتها بتربية الأولاد؟
التربية في أحسن معانيها كما يقول البيضاوي في تفسيره مأخوذة من الرب وهي تبليغ الشيء إلى كماله شيئا فشيئا وقد وصف الله تعالى نفسه بالرب للمبالغة.
ويقول الراغب الأصفهاني في كتابه المفردات:
الرب في الأصل: التربية وهو ***** الشيء حالا فحالا إلى حد التمام. ومن معاني التربية تنمية قوى الإنسان الدينية والفكرية والخلقية تنمية متسقة متوازنة".
وعلى هذا الأساس تكون التربية في مجال تنشئة الأولاد عملية بناء ورعاية وإصلاح شيئا فشيئا حتى التمام أي المضي مع النشء بالتدرج من الولادة حتى سن البلوغ، والتربية بهذا المعنى فريضة إسلامية في أعناق جميع الآباء والأمهات والمعلمين لغرس الإيمان وتحقيق شريعة الله وهي مسؤولية وأمانة لا يجوز التخلي عنها قال الله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً}.
دور الآباء والأمهات في تربية الأبناء:
يحمل الإسلام الوالدين مسؤولية تربية الأبناء بالدرجة الأولى ويخصهما قبل غيرهما بهذا الواجب قال الله تعالى حاضا الوالدين على تربية الأبناء{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.
قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله تعالى: { قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} قال: "علموا أنفسكم وأهليكم الخير" رواه الحاكم في مستدركه.
قال المفسرون في الآية: قوا أنفسكم أي بالانتهاء عما نهاكم الله عنه وقال مقاتل: أن يؤدب المسلم نفسه وأهله فيأمرهم بالخير وينهاهم عن الشر.
وقد أكد الإمام ابن القيم هذه المسؤولية فقال رحمه الله:
قال بعض أهل العلم: إن الله سبحانه وتعالى يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده فإنه كما أن للأب على ابنه حقا فللابن على أبيه حق فكما قال الله تعالى: {)وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً } قال تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} قال علي بن أبي طالب: "علموهم وأدبوهم " وقال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى} قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اعدلوا بين أولادكم " (رواه البخاري).
مسؤولية الآباء نحو تربية أبنائهم
قال الإمام ابن القيم وصية الله للآباء بأولادهم سابقة على وصية الأولاد بآبائهم قال الله تعالى:{وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً}.
ثم يقول: "فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء غاية الإساءة وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه فأضاعوهم صغاراً فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا كما عاتب بعضهم ولده على العقوق فقال: يا أبت إنك عققتني صغيرا فعققتك كبيرا وأضعتني وليدا فأضعتك شيخا".
والسؤال الذي يفرض نفسه: من المسؤول عن انحراف الأبناء؟ يحمل الإسلام الأبوين ومن يقوم مقامهما مسؤولية انحراف الأبناء ومن الأدلة القوية على ذلك ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مولود يولد إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه. كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء؟ " ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه:{فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ }.
ومن تمام مسؤولية الأبوين عن تربية أبنائهما محاسبتهما على التقصير في حقهما فقد روى النسائي وابن حبان في صحيحه مرفوعا قول الرسول صلى الله عليه وسلم:" إن الله سائل كل راع عما استرعاه أحفظ أم ضيع؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته" وفي الحديث المتفق عليه "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. الإمام راع ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته وكلكم راع ومسؤول عن رعيته".
هذه مسؤولية الآباء والأمهات نحو أبنائهم والتي لا يمكن أن تعوض بغيرهم وقد أثبتت الدراسات الميدانية أن غالب انحراف الناشئين يرجع إلى انحراف المربي والقيم على التربية وصدق القائل:
وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه
وما دان الفتى بحجى ولكن يعوده التدين أقربوه
فالحذر الحذر من ترك الأبناء لتربية الخادمات والحذر كل الحذر من ترك المحاضن الأجنبية والمدارس التبشيرية تحتضن أبناءنا وتربيهم وفق مناهجها فإن علماء التربية يؤكدون أن أكثر من 90% من تربية الطفل إنما تتشكل من خلال التربية والبيئة التي يعيش فيها الطفل.
قال الله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له " (رواه مسلم).
وعن الحاطبي قال: سمعت ابن عمر يقول لرجل: "أدب ابنك فإنك مسؤول عن ولدك ماذا أدبته؟
وماذا علمته؟ وإنه لمسؤول عن برك وطواعيته لك " رواه البيهقي.
اولا : التربية في المفهوم الإسلامي
ما معنى التربية في المفهوم الإسلامي، وما علاقتها بتربية الأولاد؟
التربية في أحسن معانيها كما يقول البيضاوي في تفسيره مأخوذة من الرب وهي تبليغ الشيء إلى كماله شيئا فشيئا وقد وصف الله تعالى نفسه بالرب للمبالغة.
ويقول الراغب الأصفهاني في كتابه المفردات:
الرب في الأصل: التربية وهو ***** الشيء حالا فحالا إلى حد التمام. ومن معاني التربية تنمية قوى الإنسان الدينية والفكرية والخلقية تنمية متسقة متوازنة".
وعلى هذا الأساس تكون التربية في مجال تنشئة الأولاد عملية بناء ورعاية وإصلاح شيئا فشيئا حتى التمام أي المضي مع النشء بالتدرج من الولادة حتى سن البلوغ، والتربية بهذا المعنى فريضة إسلامية في أعناق جميع الآباء والأمهات والمعلمين لغرس الإيمان وتحقيق شريعة الله وهي مسؤولية وأمانة لا يجوز التخلي عنها قال الله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً}.
دور الآباء والأمهات في تربية الأبناء:
يحمل الإسلام الوالدين مسؤولية تربية الأبناء بالدرجة الأولى ويخصهما قبل غيرهما بهذا الواجب قال الله تعالى حاضا الوالدين على تربية الأبناء{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.
قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله تعالى: { قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} قال: "علموا أنفسكم وأهليكم الخير" رواه الحاكم في مستدركه.
قال المفسرون في الآية: قوا أنفسكم أي بالانتهاء عما نهاكم الله عنه وقال مقاتل: أن يؤدب المسلم نفسه وأهله فيأمرهم بالخير وينهاهم عن الشر.
وقد أكد الإمام ابن القيم هذه المسؤولية فقال رحمه الله:
قال بعض أهل العلم: إن الله سبحانه وتعالى يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده فإنه كما أن للأب على ابنه حقا فللابن على أبيه حق فكما قال الله تعالى: {)وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً } قال تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} قال علي بن أبي طالب: "علموهم وأدبوهم " وقال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى} قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اعدلوا بين أولادكم " (رواه البخاري).
مسؤولية الآباء نحو تربية أبنائهم
قال الإمام ابن القيم وصية الله للآباء بأولادهم سابقة على وصية الأولاد بآبائهم قال الله تعالى:{وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً}.
ثم يقول: "فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء غاية الإساءة وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه فأضاعوهم صغاراً فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا كما عاتب بعضهم ولده على العقوق فقال: يا أبت إنك عققتني صغيرا فعققتك كبيرا وأضعتني وليدا فأضعتك شيخا".
والسؤال الذي يفرض نفسه: من المسؤول عن انحراف الأبناء؟ يحمل الإسلام الأبوين ومن يقوم مقامهما مسؤولية انحراف الأبناء ومن الأدلة القوية على ذلك ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مولود يولد إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه. كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء؟ " ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه:{فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ }.
ومن تمام مسؤولية الأبوين عن تربية أبنائهما محاسبتهما على التقصير في حقهما فقد روى النسائي وابن حبان في صحيحه مرفوعا قول الرسول صلى الله عليه وسلم:" إن الله سائل كل راع عما استرعاه أحفظ أم ضيع؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته" وفي الحديث المتفق عليه "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. الإمام راع ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته وكلكم راع ومسؤول عن رعيته".
هذه مسؤولية الآباء والأمهات نحو أبنائهم والتي لا يمكن أن تعوض بغيرهم وقد أثبتت الدراسات الميدانية أن غالب انحراف الناشئين يرجع إلى انحراف المربي والقيم على التربية وصدق القائل:
وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه
وما دان الفتى بحجى ولكن يعوده التدين أقربوه
فالحذر الحذر من ترك الأبناء لتربية الخادمات والحذر كل الحذر من ترك المحاضن الأجنبية والمدارس التبشيرية تحتضن أبناءنا وتربيهم وفق مناهجها فإن علماء التربية يؤكدون أن أكثر من 90% من تربية الطفل إنما تتشكل من خلال التربية والبيئة التي يعيش فيها الطفل.

من صفات المربي الناجح
1- ومن صفات المربي الناجح الاعتدال والتوسط في التوجيه والتربية والتعامل لأن الغلو والتطرف والتشدد لا مكان له في دين الإسلام ففي الحديث المتفق عليه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم غضب في موعظة قط أشد من غضب يومئذ فقال: يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم أم الناس فليوجز فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة).
2- ومن صفات المربي: القصد في الموعظة وتقليل الكلام وعدم الإطالة وأدرك الصحابة رضي الله عنهم هذه الصفة من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة المسلمين ففي الحديث المتفق عليه عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال: كان ابن مسعود رضي الله عنه يذكرنا في كل خميس مرة فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن لوددت أنك ذكرتنا كل يوم فقال: أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم وإني أتخولكم بالموعظة كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها مخافة السآمة علينا".
3- ومن صفات المربي الناجح القدوة الحسنة وعدم مخالفة الفعل للقول قال الله تعالى في حق الرسول صلى الله عليه وسلم:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}.
هذه أهم الصفات الأساسية التي ينبغي أن يتحلى بها المربي المسلم وما حازها أحد من المربين إلا كان قدوة حسنة يبني الرجال ويصنع الأبطال.
وها هي أمثلة حية من اهتمام السلف الصالح بأبنائهم: لقد كان المثل الأعلى للسلف الصالح رضي الله عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنهما أنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما، وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل صلى الله عليه وسلم فحملهما ووضعهما بين يديه ثم قال صدق الله عز وجل: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان يعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما" رواه الترمذي.
وفي حديث مسلم "عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم- أي يدعو لهم بالبركة ويحنكهم ومنهم من بال في حجره فإذا استحيا آباؤهم من ذلك وهموا أن يأخذوا الطفل من حجره قال لهم: لا تزرموا الصبي بوله " أي لا تقطعوا عليه بوله.
وحث الرسول صلى الله عليه وسلم على تربية البنات خاصة فقال:"ما من مسلم يكون له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه- أو صحبهما- إلا أدخلتاه الجنة" رواه ابن ماجه وغيره. وقد أدرك صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الاهتمام بالأبناء فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا نهى الناس عن أمر دعا أهله فقال: إني نهيت الناس عن كذا وكذا وإنما ينظر الناس إليكم نظر الطير إلى اللحم فإن وقعتم وقع الناس وإن هبتم هاب الناس وإنه والله لا ينفع أحد منكم في شيء نهيت الناس عنه إلا أضعف له العقوبة لمكانه مني ".
قال سعيد بن المسيب: إني لأصلي فأذكر ولدي فأزيد في صلاتي. .
وقال أحد الصالحين: "يا بني إني لأستكثر من الصلاة لأجلك " وكان سهل التستري يتعهد ولده وهو في صلبه فيباشر إلى العمل الصالح رجاء أن يكرمه الله تعالى بالولد الصالح فيقول إني لأعهد الميثاق الذي أخذه الله تعالى علي في عالم الذر وإني لأرعى أولادي من هذا الوقت إلى أن أخرجهم الله تعالى إلى عالم الشهود والظهور".
هكذا كان السلف الصالح رضي الله عنهم يتعهدون أبناءهم رجاء أن يكونوا طائعين لله وخير خلف لهم.
رأي العلماء في تربية الأولاد
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "سماهم الله تعالى- أبرارا" إشارة إلى قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ}- لأنهم بروا الآباء والأبناء كما أن لوالديك عليك حقا كذلك لولدك عليك حقا".
ويقول الإمام الغزالي رحمه الله: "إن الصبي أمانة عند والديه وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية من كل نقش وصورة وهو قابل لكل ما ينقش فيه ومائل إلى كل ما يمال به إليه فإن عود الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة وشاركه في ثوابه أبواه وكل معلم له ومؤدب وإن عود الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك وكان الوزر في رقبة مربيه والقيم عليه ".
ويقول الأستاذ محمد نور سويد صاحب كتاب منهج التربية النبوية للطفل "حرص الإسلام على الأسرة وشدد عنايته بها لتكون المحضن الهادئ المستقر للطفل ولتكون موطن التأثير الأكبر في مجال التربية".
ويقول الأستاذ محمد قطب في كتابه منهج التربية الإسلامية: "وإذا كان البيت والشارع والمدرسة والمجتمع هي ركائز التربية الأساسية فإن البيت هو المؤثر الأول وهو أقوى هذه الركائز جميعا لأنه يتسلم الطفل من أول مرحلة ولأن الزمن الذي يقضيه الطفل في البيت أكبر من أي زمن آخر ولأن الوالدين أكثر الناس تأثيرا في الطفل ".
ويقول الأستاذ عبد الرحمن النحلاوي صاحب كتاب أصول التربية الإسلامية: "لا تحقيق لشريعة الله إلا بتربية النفس والجيل والمجتمع على الإيمان بالله ومراقبته والخضوع له وحده ومن هنا كانت التربية الإسلامية فريضة في أعناق جميع الآباء والمعلمين وأمانة يحملها الجيل للجيل الذي بعده ويؤديها المربون للناشئين وكان الويل لمن يخون هذه الأمانة أو ينحرف بها عن هدفها أو يسيء تفسيرها أو يغير محتواها".
ويقول الشيخ محمد بن جميل زينو في كتابه نداء إلى المربين والمربيات "إن مهمة المربي عظيمة جداً وعمله من أشرف الأعمال إذا أتقنه وأخلص لله تعالى فيه وربى الطلاب التربية الإسلامية الصحيحة والمربي والمربية يشمل المدرس والمدرسة والمعلم والمعلمة ويشمل الأب والأم وكل من يرعى الأولاد.
وهكذا يجمع العلماء على ضرورة تربية الأولاد تربية صحيحة قوامها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن من يقوم بهذه المهمة إنما يقوم بعمل عظيم هو امتداد لمهمة الأنبياء والمرسلين الذين أرسلهم الله تعالى لهداية البشر وتعليمهم. والطفل كما يقولون صحيفة بيضاء نقية في أيدي أبويه ومن يربيه فإذا نقشوا فيه صالحا نشأ صالحا وإن نقشوا فيه شيئا فاسدا نشأ على السوء والفساد. فإذا أدرك الآباء والمربون هذه الأمانة وحملوها بصدق وإخلاص فلتبشر الأمة بالنصر القريب عملا بقول الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.
حقوق الولد على والديه
ما هي الحقوق المشروعة للولد على والديه؟ وما علاقة هذه الحقوق بالتربية؟ عدد العلماء كثيرا من هذه الحقوق وأهمها عشرون حقاً:
الحق الأول: اختيار الزوجة الصالحة لأنها مضنة الولد الصالح والسعي للزواج من ذات الدين لتكون أما مربية تقية طاهرة عفيفة تعين أبناءها على التربية الصالحة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: "تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك " ورغب الإسلام في المرأة الولود الودود فقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه أبو داود والنسائي: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم ". ومن هنا يرى علماء التربية أن دور الأم في تربية الطفل يسبق دور الأب وذلك لكثرة ملازمتها للطفل منذ تكوينه جنينا في بطنها حتى يكبر. وصدق الشاعر حافظ إبراهيم إذ يقول:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق
الحق الثاني: إتباع السنة في المعاشرة الزوجية وطلب الولد الصالح.
وذلك بذكر الأدعية التي تحصن المولود وهو نطفة من الشيطان الرجيم عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري. "أما لو أن أحدكم يقول حين يأتي أهله: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ثم قدر أن يكون بينهما في ذلك وقضى ولد لم يضره شيطان أبداً". وهذا جانب من جوانب التربية الروحية المبكرة للطفل قبل ولادته.
وفي طلب الولد الصالح يعلمنا الله سبحانه وتعالى هذا الدعاء {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ}.
الحق الثالث: إتباع السنة في استقبال المولود من رفع الأذان في أذن المولود اليمنى والإقامة في أذنه اليسرى وتحنيكه بالتمر والدعاء له وحلق رأسه و العقيقة عنه وتسميته بأحب الأسماء وختانه.. وذلك للأدلة التالية:
روى البيهقي وابن السني عن الحسن بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى لم تضره أم الصبيان ".
- وعن التحنيك بالتمر والدعاء له جاء في الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه قال: ولد لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه إبراهيم وحنكه بتمرة ودعا له بالبركة ودفعه إلي".
وعن استحباب الحلق والتصدق بوزنه فضة ما رواه الإمام مالك في الموطأ عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: وزنت فاطمة رضي الله عنها شعر رأس حسين وحسن وزينب وأم كلثوم فتصدقت بزنة ذلك فضة".
من الحقوق المشروعة للولد
الحق الرابع: الرضا بقسمة الله من الذكور والإناث وعدم تسخط البنات لقول الله تعالى:{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} ولتكريم الأنثى في الإسلام جعل الله سبحانه وتعالى اسمها مقدماً على اسم الذكر فقال تعالى: {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} وأكد الرسول صلى الله عليه وسلم عنايته بالمرأة منذ الولادة فقد روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين- وضم أصابعه " وفي ذلك من التربية والتوجيه لاقتلاع العادات الجاهلية ما لا يخفى.
الحق الخامس: أن يختار له مرضعة صالحة إن فقد أمه.
وأفضل الرضاعة ما كانت حولين كاملين لقول الله تعالى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}.
ولقد أثبتت البحوث العلمية والصحية أن فترة عامين ضرورية لينمو الطفل نموا طبيعيا سليما من الوجهتين الصحية والنفسية.
وأكد الطبيب ابن سيناء أهمية الرضاعة الطبيعية بقوله: "إنه يجب أن يرضع ما أمكن من لبن أمه فإن في إلقامه ثدي أمه عظيم النفع جدا في دفع ما يؤذيه ".
الحق السادس: أن تحضن الأم ابنها وخاصة مرحلة المهد والطفولة المبكرة ولا تتركه للخادمات والمربيات وذلك لأن الأم مع رضاعة وليدها بالحليب ترضعه العطف والحنان الذي لا يملكه غيرها، ومن هنا كانت حكمة الله سبحانه وتعالى في إرجاع موسى إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن قال الله تعالى: {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ} ويرى العلماء أن الطفل يحس بالأمن كلما ألصقته الأم إلى صدرها.
الحق السابع: أن يعلمه والداه كتاب الله عز وجل ثم ما يلزم من العلوم الضرورية الدينية والدنيوية.. وقد أخرج الطبراني وابن النجار عن علي كرم الله وجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم وحب آل بيته وتلاوة القرآن فإن حملة القرآن في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله مع أنبيائه وأصفيائه والوالدان اللذان يهتمان بتعليم أولادهما القرآن لهما الثواب العظيم أخرج أبو داود عن سهل بن معاذ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قرأ القرآن وعمل به ألبس الله والديه تاجاً يوم القيامة ضوؤه أحسن من ضوء الشمس.
ولا شك أن تربية الأطفال على القرآن الكريم منذ نعومة أظفارهم من شأنه أن يوسع مداركهم ويزودهم بالحكمة والهداية والنور قال الله تعالى:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} وقد أدرك المسلمون السابقون أهمية التربية على القرآن فتسابقوا في هذا الميدان وتنافسوا، يقول الإمام الشافعي رحمه الله: "حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر ويقول سهل التستري فمضيت إلى الكتاب فتعلمت القرآن وحفظته وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين.
أبناؤنا والحقوق المشروعة
الحق الثامن: ألا يرزقه إلا طيباً من الكسب الحلال لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه وعن علمه ما عمل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيما أبلاه " رواه الترمذي. وما يغذى به الأولاد ينبغي أن يكون حلالاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص "أطب مطعمك تجب دعوتك ".
فيعود الطفل على أكل الحلال وكسب الحلال وإنفاق الحلال حتى ينشأ على التوسط والاعتدال بعيدا عن الإسراف والتقتير.
الحق التاسع: أن يعلمه الصلاة ويعوده عليها لقول الله تعالى:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى}. وفي الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع " فيؤمر الصبي بالصلاة في سن السابعة وهي بداية مرحلة التعليم التي نبه إليها الإسلام ويؤخذ بالنصح والتوجيه إذا قصر في صلاته حتى سن العاشرة فإن تهاون في هذه المرحلة جاز لوالده استخدام الضرب تأديباً له على ما فرط في جنب الله.
ويشجع الطفل في هذه السن على صلاة الجماعة وحضور صلاة الجمعة والعيدين ومن أنجح الوسائل في تحبيب الأطفال لصلاة الجماعة اصطحاب الأب لأبنائه وأخذهم معه لأداء صلاة الجماعة في المسجد.
من أمثلة ذلك ما كان من فعله صلى الله عليه وسلم مع علي بن أبي طالب حينما دعاه إلى الإسلام وعمره لم يتجاوز العاشرة فأسلم ولازمه في الخروج إلى الصلاة مستخفياً في شعاب مكة حتى عن أهله وأبيه.
الحق العاشر: أن يدربه على الصوم:
وهذا من العمل المستحب إذ يرى جمهور العلماء أنه لا يجب على من دون سن البلوغ ولكن يستحب للتمرين.. أخرج البخاري ومسلم عن الربيع بنت معوذ قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة يوم عاشوراء إلى قرى الأنصار: من كان صائماً فليتم صومه ومن كان أصبح مفطراً فليصم بقية يومه فكنا نصومه بعد ذلك ونصوم صبياننا الصغار منهم ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن- أي الصوف- فإذا بكى أحدهم من الطعام أعطيناه إياه حتى يكون عند الإفطار" قال الحافظ ابن حجر معلقاً: وفي الحديث حجة على مشروعية تمرين الصبيان على الصيام كما تقدم. والصوم من الوجهة التربوية يغرس في النفس البشرية حقيقة الإخلاص لله تعالى ومراقبته في السر وتقوية الإرادة وكبح جماح الشهوات ويؤمر به الأطفال عند طاقتهم منذ السابعة وبالتدريج.
من حقوق الأبناء في التربية
الحق الحادي عشر: تربية البنات على الحجاب:
تعود البنت على لبس الحجاب منذ الطفولة ليكون لها شرفاً وحفظاً ويرى العلماء أن تعود البنت على لبس الحجاب في سن السابعة قياساً على حديث الأمر بالصلاة. ومن فوائد الحجاب للبنت صيانتها والحفاظ، على عفتها وشرفها ويدخل في دائرة الحجاب إبعاد البنت عن الاختلاط بالأجانب.. قال الله تعالى:{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
ومن أسف لما أهمل الحجاب وسمح بالاختلاط بين الجنسين وقع ما حذر منه الإسلام من هتك الأعراض وضياع الشرف وانتشار الفساد والوقوع في الحرام.
ويخاطب الله المؤمنات جميعاً فيقول: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} وينهى الله المؤمنات عن التبرج {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}.
الحق الثاني عشر: أن يعلم الأطفال آداب الاستئذان في الدخول وقد جاء هذا التوجيه في القرآن الكريم بأسلوب تربوي متدرج فطلب من الأطفال وهم صغار أن يستأذنوا في ثلاث أوقات مهمة:
1- من قبل صلاة الفجر 2- ووقت الظهيرة عند القيلولة 3- وبعد صلاة العشاء. فإذا بلغ الأولاد سن البلوغ وجب عليهم الاستئذان في البيت للدخول على والديهم في كل وقت قال الله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} وفي تربية الأولاد على هذه الآداب تعويد لهم على غض البصر عن العورات وحفظ لهم من أسباب الإثارات التي قد تسبب لهم بعض الأضرار النفسية والاجتماعية والخلقية.
من حقوق الأبناء في الإسلام
الحق الثالث عشر: أن يعدل الوالدان بين أولادهم:
فلا يفضل أحد على أحد ولا يميز الذكور على الإناث، والعدل بين الأولاد مطلوب في جميع الحالات سواء كان في العطاء أو في المحبة والقبلة أو في تقديم الهدايا والهبات والوصية أو في المعاملة فإنه يلزم الوالدين معاملة أولادهم بالعدل والمساواة.
روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت له أنثى فلم يؤذها ولم يهنها ولم يؤثر ولده- يعني الذكور عليها- أدخله الله الجنة".
وبهذا العدل يستقيم أمر الأسرة وتنشأ المحبة بين الجميع وتغرس الثقة بين أفراد الأسرة فلا مكان للأحقاد والبغضاء عندئذ وفي الحديث المتفق عليه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم ".
الحق الرابع عشر: تخير الصحبة الصالحة لهم لأن الصاحب ساحب والقرين بالمقارن يقتدي. وقد حث الإسلام على صحبة الصالحين والأخيار وحذر من صحبة الأشرار وفي الحديث الصحيح: "لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي ".
وفي تخير الأصحاب الصالحين للأبناء حماية لهم من الوقوع في الانحراف والبعد بهم عن مزالق السوء ومهاوي الردى. ولقد أحسن من قال:
واختر من الأصحاب كل مرشد إن القرين بالقرين يقتدي
فصحبة الأخيار للقلب دواء تزيد للقلب نشاطاً وقوى
وصحبة الأشرار داء وعمى تزيد للقلب السقيم سقماً
الحق الخامس عشر: توفير أسباب اللهو واللعب المفيد من سباحة ورماية وركوب الخيل وما جرى مجراهم في النفع جاء في سنن الترمذي عن ابن جرير بسنده عن علي رضي الله عنه قال: ما جمع النبي صلى الله عليه وسلم أبويه إلا لسعد قال: ارم فداك أبي وأمي أيها الغلام الحرور" وفي صحيح الجامع عن أبي العالية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بفتية يرمون فقال رسول الله صلى اله عليه وسلم: "ارموا يا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً" ولهذا الجانب أهمية بالغة في التربية فهو يكسب الأطفال الثقة بأنفسهم فيشبوا على تعلم مهارات كثيرة تكون أساساً لكثير من الأنشطة الحياتية إذا كبروا. وهناك فائدة أخرى مهمة في توفير الوالدين والمربين الألعاب بين يدي الأطفال وهي تفريغ طاقاتهم المكبوتة وتوجيهها الوجهة الصحيحة وصرفهم عن اللهو الحرام والسلوك الخاطئ.
واجب الآباء نحو الأبناء
الحق السادس عشر: أن يعوله حتى سن الرشد:
فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله هل لي في بني أبي سلمة أجر إن أنفقت عليهم ولست بتاركتهم هكذا وهكذا- أي يتفرقون في طلب القوت هكذا وهكذا- إنما هم بني فقال: نعم لك أجر ما أنفقت " رواه البخاري ومسلم.
ولا يخفى ما في ذاك من فوائد تربوية إذ فيه حسن إعداد الأطفال ليتجاوبوا مع التربية في سن الصغر فلا ينشغلوا عن ذلك بطعامهم وشرابهم. ومن أجل ذلك قال العلماء: ويلزم الوالدين إن كانا أغنياء أن ينفقا على أولادهما حتى ما بعد الرشد إن كانوا فقراء.
الحق السابع عشر: من حق الأولاد على والديهم الرحمة وما يتفرع عنها من حب وحنان وعطف.
روى أحمد في مسنده عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي يوماً إذ قال الخادم: إن فاطمة وعلياً رضي الله عنهما بالسدة قالت: فقال لي قومي فتنحي عن أهل بيتي قالت: قمت فتنحيت في البيت قريباً فدخل علي وفاطمة ومعهما الحسن والحسين وهما صبيان صغيران فأخذ الصبيين فوضعهما في حجره فقبلهما واعتنق علياً وأغدق عليهم خميصة سوداء وقال: "اللهم إليك لا إلى النار أنا وأهل بيتي " قالت: فقلت: وأنا يا رسول الله فقال وأنت".
وفي الحديث فوائد تربوية عظيمة منها:
ضرب المثل الحسن في معاملة الأب لأولاده وأحفاده وزوج بنته ومنها أن الرحمة مع أفراد الأسرة ولا سيما الصغار مصدر سدادة وسرور.
ومنها: أن العطف على الصغار يولد فيهم حب آبائهم والسير على منهاجهم وطريقتهم ويجنبهم مخاطر العقوق والتمرد.
ومنها: الحرص بين أفراد الأسرة على التهادي ودعاء رب الأسرة لأهله وأولاده وأحفاده بالخير وسؤال الجنة لهم وإعاذتهم من النار.
ومنها أن تقبيل الأطفال له أثر فعال في تحريك مشاعرهم وتسكين غضبهم وهو دليل رحمة ومحبة للطفل ودليل تواضع من المربي معهم.
الحق الثامن عشر: من حق الأولاد التأديب:
روى البخاري في التاريخ والبيهقي عن أيوب بن موسى القرشي عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما نحل والد ولداً نحلاً أفضل من أدب حسن " ونحل أعطى. وروى الطبراني عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يؤدب أحدكم ولده خير له من أن يتصدق كل يوم بنصف صاع على المساكين ". ومن هنا قال العلماء: إذا بلغ الولد ست سنين أدب فإذا بلغ تسع سنين عزل فراشه فإذا بلغ ثلاث عشرة سنة يضرب على الصلاة فإذا بلغ ست عشرة سنة زوجه أبوه.
روى البيهقي عن الحاطبي قال: سمعت ابن عمر يقول لرجل: "أدب ابنك فإنك مسؤول عن ولدك ماذا أدبته وماذا علمته؟ وإنه لمسؤول عن برك وطواعيته لك ".
من صور تأديب الأولاد
من واجب الآباء والأمهات والمربين تعليم الأطفال منذ الصغر النطق بكلمة التوحيد "لا إله إلا الله محمد رسول الله " وإفهامهم معناها عندما يكبرون: لا معبود بحق إلا الله قال الإمام ابن القيم رحمه الله في أحكام المولود: فإذا كان وقت نطقهم أي الأطفال فليلقنوا لا إله إلا الله محمد رسول الله وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه فوق عرشه ينظر إليهم ويسمع كلامهم وهو معهم أينما كانوا".
ومن أساليب التأديب غرس محبة الله ورسوله وأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وتعويدهم أن يسألوا الله وحده ويستعينوا به وحده لقول الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عمه: "وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله " حديث حسن صحيح رواه الترمذي ".
ومن تأديب الأولاد تعويدهم على الصدق قولاً وعملاً بأن لا نكذب عليهم ولو مازحين وإذا وعدناهم فلنوف بوعدنا لما ورد في صحيح البخاري ومسلم من تحذير الرسول صلى الله عليه وسلم من الكذب: "آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان ".
ومن صور التأديب غرس العقيدة الصحيحة في الله وأسمائه وصفاته والتأكيد على قضية الإيمان والتوحيد والتحذير من الشرك لأنه الظلم العظيم.
ومن معاني التأديب غرس عقيدة الإيمان بالقدر خيره وشره وغرس عقيدة اليوم الآخر وما فيه من حساب وصراط وجنة ونار روى الترمذي في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنه وقد كان غلاماً صغيراً. قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقال لي: يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك. إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف ".
ومن وسائل التأديب: تعويد الأطفال على الآداب الاجتماعية كآداب الطعام والشراب وآداب السلام وآداب المجلس وآداب العطاس والتثاؤب وآداب النوم والآداب مع الوالدين والأخوة والآداب مع الجيران.
- ومن أدب البنين والبنات تحذيرهم من تشبه البنات بالرجال وتشبه الأولاد بالنساء سواء كان في الملبس أو في الحركة فإن ذلك من الاسترجال المنافي للأنوثة عند الفتيات ومن الميوعة والتخنث المنافي للرجولة عند الأولاد.
روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال ".
الأولاد والحقوق المشروعة
الحق التاسع عشر: تعليم الولد أحكام المراهق والبلوغ فيعلم الولد هذه الأحكام أو ما يسمى بالثقافة الجنسية سواء كان الولد ذكراً أم أنثى فيعرف الصبي إذا بلغ الحلم وهو السن الذي يتراوح ما بين 12 إلى 15 سنة أنه إذا نزل منه مني ذو دفق وشهوة فقد أصبح بالغاً ومكلفاً شرعاً يجب عليه ما يجب على الرجال الكبار من مسؤوليات وتكاليف ويجب على الأم أن تصارح ابنتها إذا بلغت سن التاسعة فما فوق وتذكرت احتلاماً ورأت الماء الرقيق الأصفر على ثوبها بعد الاستيقاظ أصبحت بالغة ومكلفة شرعاً يجب عليها ما يجب على النساء الكبار من مسؤوليات وتكاليف.
روى الإمام أحمد والنسائي عن خولة بنت حكيم أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل فقال: ليس عليها غسل حتى تنزل كما أن الرجل ليس عليه غسل حتى ينزل".
ويعلم الولد أن نزول المني على سبيل الدفق والشهوة يوجب الغسل وتعلم الفتاة أن انقطاع مدة الحيض والنفاس يوجب الغسل على المرأة ويعلم كل منهما فرائض الغسل وسننه وكيفيته.
وجانب التربية الجنسية جانب مهم يكمل صورة التربية الشاملة التي دعا إليها الإسلام والتي تستوعب الإنسان في كل جزئياته.
الحق العشرون: أن يبحث الوالدان لولدهما عن الزوجة الصالحة ولبنتهما عن الزوج الصالح وينفقا على زواجهما إن كانا غنيين وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على زواج الشباب في سن مبكرة فقال في الحديث الصحيح: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء".رواه البخاري
وينصح الشيخ عبد الله ناصح علوان رحمه الله الآباء في كتابه القيم تربية الأولاد في الإسلام فيقول:" إن كنت ميسوراً أيها الأب من الناحية المادية فينبغي أن تساهم مساهمة فعالة في تسهيل أسباب الزواج لولدك لتنقذه من الهواجس النفسية والتأملات الجنسية التي تسيطر على عقله وتفكيره وتقف عائقاً في طريق غايته أو تعلمه وتنقذه أيضاً من الانحلال الخلقي الذي يفتك بصحته ويسيء إلى سمعته ولا يأتي هذا إلا بتيسير أسباب الزواج من ناحية وإمداده بالنفقة من ناحية أخرى وكل تهاون أو تقصير في هذه السبيل يعوض ولدك الشاب إلى أوخم النتائج وأخطر العواقب".
والواقع أن عدداً كبيراً من الشباب أصبح يعاني من مشكلات كثيرة وعلى رأسها المشكلة الجنسية نتيجة للجهل بأحكام البلوغ والأخذ بفكرة الزواج المتأخر التي وفدت إلى مجتمعاتنا.
الأسباب التي تؤدي إلى انحراف الأولاد وعلاجها
كثيراً ما يشتكي بعض الآباء والأمهات من جنوح أبنائهم ووقوعهم في المعاصي والدنايا وميلهم إلى الانحراف وعدم طاعة الوالدين والتمرد على القيم والأخلاق ورفض العادات الحسنة التي كان عليها آباؤهم.
والواقع أن هناك أسباباً تدفع أمثال هؤلاء الأبناء للانحراف ومن أهم ذلك:
1- الفقر الذي يخيم على بعض البيوت إذ تدفع حاجة الأولاد الذين لا يجدون ما عليه أقرانهم وأصدقاؤهم من نعمة وغنى فيلجأون إلى البحث عن احتياجاتهم من خارج البيت إما عن طريق السرقة أو صحبة الأشرار فيقعون في طريق الانحراف.
والإسلام بتشريعه العادل قد عالج هذه المشكلة ووضع من التشريعات ما يؤمن لكل فرد الحد الأدنى من مسكن ومطعم وكساء ورسم للمجتمع الإسلامي مناهج عملية للقضاء على الفقر نهائيا كتأمين سبل العمل لكل مواطن وإعطاء مرتبات شهرية من بيت المال لكل عاجز وسن قوانين للتعويض العائلي لكل أب له أسرة وأولاد وأمر برعاية اليتامى والأرامل والشيوخ بشكل يحفظ لهم كرامتهم الإنسانية ويبعدهم عن أسباب الانحراف والتفكير فيه.
2- إهمال النفقة على الأولاد أو التقتير عليهم وهذا من شأنه أن يدفع بالأولاد إلى استكمال هذا النقص لمحاكاة الآخرين فيلجأون إلى أسهل الطرق في تحصيل مرادهم وهو العدوان على غيرهم وارتكاب الجرائم والمخالفات في سبيل ذلك وهذا ما يسمى بجنوح الأولاد.
والإسلام بأسلوبه الحكيم قد حذر أشد التحذير من تضييع الرجل من يعول لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت " في الحديث الذي رواه أبو داود.
3- النزاع والشقاق بين الآباء والأمهات أمام الأولاد ولا شك أن هذا الأمر مذموم شرعا وعقلا وعرفا والفتنة نائمة تستيقظ بالإشاعة والإذاعة وفي الحديث الشريف: "كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع " (رواه أبو داود) وقد نبه الإسلام إلى خطورة إشاعة مقالة السوء فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
4- حالات الطلاق وما يصاحبها من ضياع الحقوق إذ أن الطلاق لا يلجأ إليه إلا عند الضرورة وإذا توفرت الأسباب الداعية إليه وقد أساء البعض استخدام حق الطلاق حتى كثرت حالات المطلقات من النساء الأمر الذي يؤدي إلى تشرد الأبناء ووقوعهم في أوحال الرذيلة والجريمة.
والإسلام بمنهجه المتميز والفريد قد دعا إلى حسن العلاقة الزوجية وجعل المعاملة الحسنة السبيل الأمثل لاستقرار الأسرة وسعادتها لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "خَيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي " رواه ابن ماجه والحاكم.
من أسباب انحراف الأولاد
1- الفراغ الذي يتحكم في الأطفال والمراهقين وهو سبب مهم في زيغ الأبناء وانحرافهم والطفل من طبيعته يحب اللهو واللعب فإذا لم تهيأ له فرصة اللهو المباح واللعب البريء فإنه في الغالب سيبحث عن بدائل أخرى وربما لا يجد هذه البدائل إلا عند رفقاء السوء الذين سيقعون به حتماً إلى الانحراف والفساد.
والإسلام قد وجه إلى معالجة هذا الأمر في حياة الناشئين والناس فقال عليه الصلاة والسلام: "اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك " رواه الحاكم والبيهقي.
2- الخلطة الفاسدة ورفقاء السوء وهو عامل خطير في هدم أخلاق الناشئين وإفسادهم ويتحمل الوالدان المسؤولية الكبرى في ترك أبنائهم يصاحبون رفقاء الشر إذ من مسؤولية الأبوين اختيار الرفقة الصالحة لأبنائهم ليكتسبوا منهم كل خلق كريم وأدب رفيع. قال الله تعالى: محذراً من رفقاء السوء:{ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}.
وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري ومسلم: "مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل حامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك أو تشتري منه أو تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو تجد منه ريحا منتنة".
3- ومن أسباب انحراف الأولاد سوء معاملة الأبوين للولد فينال منهما القسوة والتحقير والازدراء والسخرية ولهذه المعاملة الأثر السيئ على نفسية الولد وعلى سلوكه وتصرفاته مما قد ينشأ عنده ردود فعل تكون عواقبها وخيمة.
والإسلام بمنهجه الحكيم يدعو المربين ولا سيما الآباء والأمهات إلى أن يتحلوا بالأخلاق العالية والمعاملة الحسنة التي تفيض بالرحمة والشفقة والحنان حتى ينشأ الأولاد على الاستقامة ويتربوا على الجرأة واستقلال الشخصية وبالتالي حتى يشعروا بكرامتهم واحترامهم عند آبائهم.
وقد وجه الإسلام إلى حسن المعاملة مع كل الناس ولا سيما الأقربين فقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى}.
وقال سبحانه وتعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} وفي الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي عنه عليه الصلاة والسلام: "الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" من حسن معاملة الأولاد مخاطبتهم بأطيب الكلام وملاطفتهم في الحديث. ومن حسن معاملتهم غرس الثقة في نفوسهم وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن رغباتهم وطموحاتهم وإشعارهم بأهميتهم كأعضاء صالحين في دائرة الأسرة والمجتمع.
الحذر من إهمال تربية الأولاد
لإهمال تربية الأولاد عواقب وخيمة تتحدث عنه الأخبار ويتذاكرها الناس ومن أحسن القصص الواعظة في هذا الباب القصة التالية:
جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكو إليه عقوق ابنه فأحضر عمر الولد وأنبه على عقوقه لأبيه ونسيانه لحقوقه فقال الولد: يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه؟ قال: بلى قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: أن ينتقي أمه ويحسن اسمه ويعلمه الكتاب (أي القراءة). قال الولد: يا أمير المؤمنين إن أبي لم يفعل شيئاً من ذلك. أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي وقد سماني جعلاً (أي خنفساً) ولم يعلمني من الكتابة حرفا واحدا. فالتفت عمر إلى الرجل وقال له: جئت إلي تشكو عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقك وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك " ولعل من أخطر ما يواجه الأولاد ويسبب في انحرافهم مشاهدتهم لأفلام الجنس والجريمة تلك الأفلام التي تقود إلى الميوعة والانحلال ويتحمل الوالدان المسؤولية التامة تجاه انحراف أبنائهم في هذا السبيل إذا لولا موافقة الأبوين وتيسيرهما لسبل هذه المشاهدات لما أقدم الأولاد على هذا الفعل المهدم للأخلاق والإسلام بمبادئه التربوية يضع أمام الآباء والمربين والمسؤولين المنهج القويم في توجيه الأبناء وتربيتهم.
ويكفي في الدلالة على هذه المسؤولية قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: "الرجل راع في بيت أهله ومسؤول عن رعيته ".
ومن مظاهر الإهمال في تربية الأولاد تخلي الأبوين عن تربية أولادهما إما غفلة منهما أو انصرافا عن هذه المسؤولية أو إهمالا لهذه الأمانة.
ولهذا الإهمال نتائج خطيرة منها: إتاحة الفرصة لرفقاء السوء أن يصطادوا الأبناء المهملين من قبل آبائهم. ومنها سرعة انجذاب الأولاد لداعي الفساد ومنها شيوخ الجريمة في المجتمع ومن أجل ذلك كانت توجيهات الإسلام حاسمة وصريحة في هذا الميدان قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.
وفي الحديث الذي رواه ابن ماجه: "أدبوا أولادكم وأحسنوا أدبهم ".
فإلى الآباء والأمهات والمربين بادروا في الاهتمام بتربية أبنائكم واسعوا في إصلاحهم ما استطعتم فإن أعظم ما تتوجه إليه الجهود وتنفق فيه الأموال إصلاح الأبناء.
من الأخطاء الشائعة في تربية الأولاد
هناك أخطاء وممارسات شائعة في تربية البنين والبنات تقع أحياناً عن جهل وأحيانا عن غفلة وأحيانا عن عمد وإصرار ولهذه الممارسات الخاطئة آثار سلبية على استقامة الأبناء وصلاحهم من ذلك:
- تحقير الولد وتعنيفه على أي خطأ يقع فيه بصورة تشعره بالنقص والمهانة والصواب هو تنبيه الولد على خطئه إذا أخطأ برفق ولين مع تبيان الحجج التي يقتنع بها في اجتناب الخطأ.
- إذا أراد المربي زجر الولد وتأنيبه ينبغي ألا يكون ذلك أمام رفقائه وإنما ينصحه منفرداً عن زملائه.
- الدلال الزائد والتعلق المفرط بالولد وخاصة من الأم يؤدي إلى نتائج خطيرة على نفس الولد وتصرفاته وقد يكون من آثاره زيادة الخجل والانطواء وكثرة الخوف وضعف الثقة بالنفس والاتجاه نحو الميوعة والتخلف عن ا لأقران.
- فكرة استصغار الطفل وإهمال تربيته في الصغر فكرة باطلة والصواب أن تبدأ التربية ويبدأ التوجيه منذ الصغر من بداية الفطام حيث يبدأ التوجيه والإرشاد والأمر والنهي والترغيب والترهيب والتحبيب والتقبيح.
- من مظاهر التربية الخاطئة عند الأم عدم السماح لولدها بمزاولة الأعمال التي أصبح قادرا عليها اعتقادا منها أن هذه المعاملة من قبيل الشفقة والرحمة للولد ولهذا السلوك آثار سلبية على الولد.. من هذه الآثار فقدان روح المشاركة مع الأسرة في صناعة الحياة وخدمات البيت ومنها الاعتماد على الغير وفقدان الثقة بالنفس ومنها تعود الكسل والتواكل.
- ومن مظاهر التربية الخاطئة أن لا تترك الأم وليدها يغيب عن ناظريها لحظة واحدة مخافة أن يصاب بسوء وهذا من الحب الزائد الذي يضر بشخصية الولد ولا ينفعه.
- ومن الأخطاء تفضيل بعض الأولاد على بعض سواء كان في العطاء أو المعاملة أو المحبة والمطلوب العدل بين الأولاد وترك المفاضلة.
- ومن ذلك احتقار الأولاد وإسكاتهم إذا تكلموا والسخرية بهم وبحديثهم مما يجعل الولد عديم الثقة بنفسه قليل الجرأة في الكلام والتعبير عن رأيه كثير الخجل أمام الناس وفي المواقف الحرجة.
- ومن الأخطاء الشائعة فعل المنكرات أمام الأولاد كشرب الدخان أو سماع الأغاني أو مشاهدة الأفلام الساقطة مما يجعل من الوالدين والمربين قدوة سيئة.
ما أهمية الحب في تربية الأولاد
حب الأبوين لأبنائهما عاطفة فطرية لا بد من إظهارها في العملية التربوية وبما أن الأطفال الصغار تغلب عليهم العاطفة لزم فيمن يتصدر لتربيتهم من الآباء والمربين أن يراعوا هذا الجانب ويغرسوا مفهوم الحب بينهم وبين أبنائهم وطلابهم وأن يكون هذا الحب عاطفة متبادلة بين الفريقين فإن الحب يثمر الحب كما يقولون وإذا وجد الحب تمت عملية التربية بسهولة "لأن المحب لمن يحب مطيع " ولهذه الحكمة أمر الله سبحانه وتعالى نبيه بمعاملة الناس بالحب والشفقة واللين {وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} فالمربي الغليظ القاسي يبغضه الأطفال ويبغضون معه كل فكرة وعلم وأخلاق ولا يقبلون منه أي نصح وتوجيه لفظاظته وشدته.
ولكي لا يخرج الحب عن حد الاعتدال والتوازن ويميل إلى الإفراط والدلال لا بد للمربي من الوقوف عند هذه الضوابط:
الضابط الأول: الالتزام بشرع الله القاضي بأن يكون الله ورسوله أحب إليه من نفسه وولده والناس أجمعين لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري: "والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين.
الضابط الثاني: ألا يكون حب الولد مانعاً للخير أو صاداً عن سبيل الله وذلك فيما نبه عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الحاكم "إن الولد مبخلة مجبنة مجهلة محزنة" والمعنى أن الولد والحرص عليه يصرف والديه عن الجود والكرم والإنفاق في أعمال الخير ويقصران المال للنفقة عليه ويحول الولد أحيانا بين الوالدين وصفة الشجاعة والإقدام فيبعث فيهما روح الخوف والبقاء على رعايته.. وكذلك يفعل الولد فيساهم في تجهيل والديه يصرفهما عن طلب العلم وإنشغالهما بشؤونه ويبعث الولد أيضا مشاعر الأسى والحزن عند والديه لضر يصيبه.. والمطلوب هو التوازن في المحبة وإيثار محبة الله ورسوله في حالة التعارض.
الضابط الثالث: الصبر على وفاة الطفل واحتسابه عند الله تعالى من غير جزع ولا عويل ولا صياح وقد جاء في الصحيح فيما رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما يزال البلاء ينزل بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقي الله وما عليه من خطيئة".
كيف نربي أبناءنا تربية صحية؟
الصحة وسيلة من وسائل القوة التي دعا إليها الإسلام لأن "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير" (رواه مسلم) كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك. وقال أيضا: "إن لجسدك عليك حقا" (رواه البخاري). والتربية الصحية المستوحاة من منهج الإسلام زاخرة بالتوجهات الحكيمة والنصائح المفيدة وحسبنا أن نشير إلى أهم السلوكيات والعادات الصحية التي ينبغي أن ينشأ عليها الأولاد:
من ذلك:
- تعويدهم سنة السواك: لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" وقد أثبت الطب الحديث مفعول السواك واحتوائه على كيميائية طبيعية تفيد الأسنان وتقوي اللثة بشكل فعال ولا مانع من إضافة الفرشاة الحديثة مع المعجون.. وعلى المربي أن ينبه ولده أو تلميذه إلى الطريقة المثلى لاستعمال السواك فلا يستعمله داخل المسجد ولا في مجالس العلم ولا في وجوه الناس وإنما يستعمله في المواضع المسنونة عند الوضوء وهو المعنى المقصود في الحديث الشريف "عند كل صلاة"- وعند تغير رائحة الفم- وعند دخول البيت والقدوم من السفر- ووقت الحاجة إليه.
- تعويدهم تقليم الأظفار والاهتمام بالنظافة وذلك من خلال المحافظة على الوضوء والاغتسال ورعاية السنن الإسلامية لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح "خمس من الفطرة" وذكر منها وتقليم الأظفار".
- غرس الآداب النبوية فيهم: فيعودهم آباؤهم ومربوهم على الاعتدال في الطعام لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد "ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ".
- ويعودهم على آداب الشراب وهو التنفس خارج الإناء ثلاثا لما أخرجه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان يتنفس إذا شرب ثلاثا" وزاد الترمذي: "إنه أروأ وأبرأ وأمرأ".
- ويعودهم النوم على الشق الأيمن وقد روى البخاري ومسلم وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة "إذا أتيت مضجعه فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن " ويذكرهم الأدعية الواردة في ذلك من آية الكرسي والمعوذات.
- تعويدهم النوم بعد العشاء والاستيقاظ المبكر لصلاة الفجر:
وقد جاء في الحديث الصحيح الذي رواه الحاكم "إياكم والسمر بعد هدأة الليل فإنكم لا تدرون ما يأتي الله من خلقه " وقد جاء في كتاب زاد المعاد لابن القيم قول ابن عباس عندما رأى ابنا له نائما نومة الصبحة فقال له: "قم أتنام في الساعة التي تقسم فيها الأرزاق ".
البرنامج الصحي للأولاد
من الأسباب الواقية لصحة الأولاد:
- تعويدهم على سلوك الرياضة وتمارين الأعضاء ولا سيما السباحة والرمي وركوب الخيل والمصارعة وقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يجري مسابقات الجري بين الأطفال لقبولهم في دخول الجيش وملاقاة العدو.
- ومن الأسباب الواقية تعويذهم من العين والسحر والجان جاء في كتاب و الأذكار للنووي "باب ما يعوذ به الصبيان وغيرهم: وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين "أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة" فيقول: "إن أباكما كان يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق " قال العلماء: الهامة هي كل ذات سم يقتل كالحية وغيرها وأما العين اللامة هي التي تصيب ما نظرت إليه بسوء.
- ومن ذلك إبعاد الأولاد عن الأمراض المعدية لأن تأثر الصغار الأصحاء بالمرضى يكون أكثر من غيرهم وفي الصحيحين "لا يوردن ممرض على مصح ".
- ومن ذلك تعويد الأولاد على التقشف وعدم الإغراق في التنعم وقد جاء الحث على ذلك في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ونصائح الصحابة رضي الله عنهم.
يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه الإمام أحمد: "إياكم والتنعم فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين ".
ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "اخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم " وقد ثبت طبيا أن الترف والتنعم سبيلان إلى فساد الجسم وإحاطته بمختلف الأمراض.
- وقاية الأولاد من أسباب الحوادث والكوارث: فيوصى الأطباء بعدم رمي الأدوية الفائضة عن الحاجة وعدم تركها في متناول الأطفال وأخذ الحيطة والحذر من مصادر الخطر على الأولاد كالسموم الخاصة بالحشرات والمواد القابلة للاشتعال والأواني الخاصة بغلي الماء والألعاب النارية وأدوات الكهرباء وأسلاكها والآلات الحادة والأجهزة الكهربائية. ويمكن أن تندرج هذه النصائح وغيرها في القاعدة الذهبية التي دعا إليها الإسلام "لا ضرر ولا ضرار".
- ومن توجيهات الصحة والسلامة في الإسلام مداواة الأولاد عند المرض لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم وأحمد "لكل داء دواء فإذا أصاب الدواء الداء برأ بإذن الله عز وجل ".
- ومما يلحق بالمداواة ويدخل في مسؤولية الوالدين والمربين وقاية الأطفال من الأمراض المعدية والسارية منذ الأيام الأولى لولادتهم وأهم الأمراض الخطيرة التي ينبغي تحصين الأولاد منها:
مرض السل- الجدري- الدفتريا- السعال الديكي- والتيتانوس- الحصبة- شلل الأطفال- التيفوئيد عند الحاجة. وذلك وفق الجدول الزمني لمراكز الصحة المختصة.
كيف نحصن أبناءنا من الانحرافات الخلقية؟
من أخطر الانحرافات الخلقية عند المراهقين والشباب وقوعهم في رذيلة الزنا واللواط وقد أجمع الفقهاء على حرمة هاتين الفاحشتين تحريما قطعيا وذلك للأدلة الشرعية الصريحة من الكتاب والسنة. أما دليل الكتاب فيما يتعلق بحرمة الزنا فلقول الله تعالى:{وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً}.
ومن السنة: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " وفيما يتعلق بحرمة اللواط يقول الله تعالى: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ}.
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الحاكم: "ملعون من عمِل عمل قوم لوط ملعون من عمِل عمل قوم لوط ملعون من عمِل عمل قوم لوط " ولخطورة هذه الجرائم في الإسلام فقد جاءت عقوبة الزنى مائة جلدة مع التغريب للزاني غير المحصن أما الزاني المحصن فعقوبته الرجم حتى الموت.
أما عقوبة اللوطي فقد أجمع العلماء على أن اللواط زنى واختلفوا في تحديد العقوبة فجمهور الفقهاء والمجتهدين ذهبوا إلى قتل الفاعل والمفعول به ويرى آخرون أن حد الفاعل هو حد الزنى، وحكمة الإسلام ظاهرة في اتخاذ هذا الموقف المتشدد من هاتين الفاحشتين.
فالزنى واللواط لهما أضرار صحية وجسمية ونفسية واجتماعية من ذلك: يسبب الزنى واللواط مرض الزهري ومرض السيلان والأمراض المعدية الفتاكة ويؤدي الزنى إلى اختلاط الأنساب وكثرة أبناء الحرام وضياع النسل وفصم أواصر الزوجية وتفكك وحدة الأسرة والانطلاق في حمأة الرذيلة والفساد وقتل الشهامة والمروءة وفقدان الرجولة والكرامة.
وعلاج ظاهرة الزنى واللواط إنما تتم من خلال التربية الصحيحة التي تقوم على أساس الإيمان والأخلاق وتيسير سبل الزواج المبكر للشباب والبعد بهم عن مهيجات الشهوة من تبرج واختلاط.
حكم اللعب بالميسر واليانصيب:
ويدخل من ضمن المحرمات اللعب بالميسر واليانصيب لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}.
فقد نهى الله عن لعب الميسر وما شابهه من اليانصيب لأنه يؤدي للقمار والحكمة في تحريم هذا النوع من اللهو لأنه يؤدي إلى إيقاع العداوة والبغضاء والصد عن سبيل الله وعن الصلاة كما يورث الشجار بين اللاعبين. وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك أشد تحذير فقال: "من لعب بالنردشير فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه " (رواه أبو داود).
الأولاد.. والعادات الخاطئة
من الأمراض المتفشية عند بعض الأولاد البالغين والمراهقين ظاهرة العادة السرية.. وهي سلوك خاطئ ومضر وأكثر ما تنتشر هذه العادة في الوسط المليء بالفتن والاختلاط والتبرج وخروج النساء سافرات في الطرقات والمنتزهات وأماكن العمل وتساهم المجلات الخليعة والأفلام الهابطة والقصص الغرامية في إثارة الشباب وتهييج الناحية الجنسية لديهم مما يلجئهم إلى إشباع شهواتهم عن طريق الحرام أو العادة السرية. ولخطورة استعمال العادة السرية فقد أكد العلماء والأطباء أنها تسبب أضرارا جسمية وجنسية وعقلية على صحة الإنسان.
من الأضرار الجسمية: إنهاك في القوى- ونحول في الجسم وارتعاش بالأطراف وخفقان بالقلب- وضعف بالبصر والذاكرة وإخلال بالجهاز الهضمي وإصابة الرئتين بالالتهابات التي تؤدي إلى السل في أغلب الأحيان وقد تؤثر على الدورة الدموية في الجسم وتسبب فقر الدم. ومن الأمراض الجنسية مرض العنة وهو عدم قدرة الشباب على الزواج. ومن الأمراض النفسية والعقلية: الذهول والنسيان وضعف الإرادة وضعف الذاكرة والميل إلى العزلة وكثرة الخجل والشعور بالخوف والكسل والكآبة والحزن والتفكير بارتكاب الجرائم والانتحار.
وقد استدل العلماء على حرمة ممارسة العادة السرية بقول الله تعالى في سورة المؤمنون:{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} فيدخل في عموم هذه الآية {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} كل تفريغ للشهوة عن غير طريق الزواج وملك اليمين كالزنى واللواط والاستمناء باليد (العادة السرية)، والعلاج الناجح في استئصال هذه الظاهرة هو الشروع في الزواج المبكر وتيسير أسبابه فإن لم يتيسر مبكرا فيوجه الأبناء إلى صوم النفل للحديث المتفق عليه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة (تكاليف الزواج) فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء (أي قاطع للشهوة).
ومن تمام العلاج إبعاد الأولاد عن المثيرات الجنسية وملء فراغهم بما ينفع وإيجاد الصحبة الصالحة لهم والحرص على ممارسة الأنشطة الثقافية والرياضية وتوجيههم لرحلات الحج والعمرة وتشجيعهم على ممارسة الهوايات النافعة.
1- ومن صفات المربي الناجح الاعتدال والتوسط في التوجيه والتربية والتعامل لأن الغلو والتطرف والتشدد لا مكان له في دين الإسلام ففي الحديث المتفق عليه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم غضب في موعظة قط أشد من غضب يومئذ فقال: يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم أم الناس فليوجز فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة).
2- ومن صفات المربي: القصد في الموعظة وتقليل الكلام وعدم الإطالة وأدرك الصحابة رضي الله عنهم هذه الصفة من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة المسلمين ففي الحديث المتفق عليه عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال: كان ابن مسعود رضي الله عنه يذكرنا في كل خميس مرة فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن لوددت أنك ذكرتنا كل يوم فقال: أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم وإني أتخولكم بالموعظة كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها مخافة السآمة علينا".
3- ومن صفات المربي الناجح القدوة الحسنة وعدم مخالفة الفعل للقول قال الله تعالى في حق الرسول صلى الله عليه وسلم:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}.
هذه أهم الصفات الأساسية التي ينبغي أن يتحلى بها المربي المسلم وما حازها أحد من المربين إلا كان قدوة حسنة يبني الرجال ويصنع الأبطال.
وها هي أمثلة حية من اهتمام السلف الصالح بأبنائهم: لقد كان المثل الأعلى للسلف الصالح رضي الله عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنهما أنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما، وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل صلى الله عليه وسلم فحملهما ووضعهما بين يديه ثم قال صدق الله عز وجل: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان يعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما" رواه الترمذي.
وفي حديث مسلم "عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم- أي يدعو لهم بالبركة ويحنكهم ومنهم من بال في حجره فإذا استحيا آباؤهم من ذلك وهموا أن يأخذوا الطفل من حجره قال لهم: لا تزرموا الصبي بوله " أي لا تقطعوا عليه بوله.
وحث الرسول صلى الله عليه وسلم على تربية البنات خاصة فقال:"ما من مسلم يكون له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه- أو صحبهما- إلا أدخلتاه الجنة" رواه ابن ماجه وغيره. وقد أدرك صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الاهتمام بالأبناء فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا نهى الناس عن أمر دعا أهله فقال: إني نهيت الناس عن كذا وكذا وإنما ينظر الناس إليكم نظر الطير إلى اللحم فإن وقعتم وقع الناس وإن هبتم هاب الناس وإنه والله لا ينفع أحد منكم في شيء نهيت الناس عنه إلا أضعف له العقوبة لمكانه مني ".
قال سعيد بن المسيب: إني لأصلي فأذكر ولدي فأزيد في صلاتي. .
وقال أحد الصالحين: "يا بني إني لأستكثر من الصلاة لأجلك " وكان سهل التستري يتعهد ولده وهو في صلبه فيباشر إلى العمل الصالح رجاء أن يكرمه الله تعالى بالولد الصالح فيقول إني لأعهد الميثاق الذي أخذه الله تعالى علي في عالم الذر وإني لأرعى أولادي من هذا الوقت إلى أن أخرجهم الله تعالى إلى عالم الشهود والظهور".
هكذا كان السلف الصالح رضي الله عنهم يتعهدون أبناءهم رجاء أن يكونوا طائعين لله وخير خلف لهم.
رأي العلماء في تربية الأولاد
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "سماهم الله تعالى- أبرارا" إشارة إلى قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ}- لأنهم بروا الآباء والأبناء كما أن لوالديك عليك حقا كذلك لولدك عليك حقا".
ويقول الإمام الغزالي رحمه الله: "إن الصبي أمانة عند والديه وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية من كل نقش وصورة وهو قابل لكل ما ينقش فيه ومائل إلى كل ما يمال به إليه فإن عود الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة وشاركه في ثوابه أبواه وكل معلم له ومؤدب وإن عود الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك وكان الوزر في رقبة مربيه والقيم عليه ".
ويقول الأستاذ محمد نور سويد صاحب كتاب منهج التربية النبوية للطفل "حرص الإسلام على الأسرة وشدد عنايته بها لتكون المحضن الهادئ المستقر للطفل ولتكون موطن التأثير الأكبر في مجال التربية".
ويقول الأستاذ محمد قطب في كتابه منهج التربية الإسلامية: "وإذا كان البيت والشارع والمدرسة والمجتمع هي ركائز التربية الأساسية فإن البيت هو المؤثر الأول وهو أقوى هذه الركائز جميعا لأنه يتسلم الطفل من أول مرحلة ولأن الزمن الذي يقضيه الطفل في البيت أكبر من أي زمن آخر ولأن الوالدين أكثر الناس تأثيرا في الطفل ".
ويقول الأستاذ عبد الرحمن النحلاوي صاحب كتاب أصول التربية الإسلامية: "لا تحقيق لشريعة الله إلا بتربية النفس والجيل والمجتمع على الإيمان بالله ومراقبته والخضوع له وحده ومن هنا كانت التربية الإسلامية فريضة في أعناق جميع الآباء والمعلمين وأمانة يحملها الجيل للجيل الذي بعده ويؤديها المربون للناشئين وكان الويل لمن يخون هذه الأمانة أو ينحرف بها عن هدفها أو يسيء تفسيرها أو يغير محتواها".
ويقول الشيخ محمد بن جميل زينو في كتابه نداء إلى المربين والمربيات "إن مهمة المربي عظيمة جداً وعمله من أشرف الأعمال إذا أتقنه وأخلص لله تعالى فيه وربى الطلاب التربية الإسلامية الصحيحة والمربي والمربية يشمل المدرس والمدرسة والمعلم والمعلمة ويشمل الأب والأم وكل من يرعى الأولاد.
وهكذا يجمع العلماء على ضرورة تربية الأولاد تربية صحيحة قوامها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن من يقوم بهذه المهمة إنما يقوم بعمل عظيم هو امتداد لمهمة الأنبياء والمرسلين الذين أرسلهم الله تعالى لهداية البشر وتعليمهم. والطفل كما يقولون صحيفة بيضاء نقية في أيدي أبويه ومن يربيه فإذا نقشوا فيه صالحا نشأ صالحا وإن نقشوا فيه شيئا فاسدا نشأ على السوء والفساد. فإذا أدرك الآباء والمربون هذه الأمانة وحملوها بصدق وإخلاص فلتبشر الأمة بالنصر القريب عملا بقول الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.
حقوق الولد على والديه
ما هي الحقوق المشروعة للولد على والديه؟ وما علاقة هذه الحقوق بالتربية؟ عدد العلماء كثيرا من هذه الحقوق وأهمها عشرون حقاً:
الحق الأول: اختيار الزوجة الصالحة لأنها مضنة الولد الصالح والسعي للزواج من ذات الدين لتكون أما مربية تقية طاهرة عفيفة تعين أبناءها على التربية الصالحة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: "تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك " ورغب الإسلام في المرأة الولود الودود فقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه أبو داود والنسائي: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم ". ومن هنا يرى علماء التربية أن دور الأم في تربية الطفل يسبق دور الأب وذلك لكثرة ملازمتها للطفل منذ تكوينه جنينا في بطنها حتى يكبر. وصدق الشاعر حافظ إبراهيم إذ يقول:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق
الحق الثاني: إتباع السنة في المعاشرة الزوجية وطلب الولد الصالح.
وذلك بذكر الأدعية التي تحصن المولود وهو نطفة من الشيطان الرجيم عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري. "أما لو أن أحدكم يقول حين يأتي أهله: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ثم قدر أن يكون بينهما في ذلك وقضى ولد لم يضره شيطان أبداً". وهذا جانب من جوانب التربية الروحية المبكرة للطفل قبل ولادته.
وفي طلب الولد الصالح يعلمنا الله سبحانه وتعالى هذا الدعاء {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ}.
الحق الثالث: إتباع السنة في استقبال المولود من رفع الأذان في أذن المولود اليمنى والإقامة في أذنه اليسرى وتحنيكه بالتمر والدعاء له وحلق رأسه و العقيقة عنه وتسميته بأحب الأسماء وختانه.. وذلك للأدلة التالية:
روى البيهقي وابن السني عن الحسن بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى لم تضره أم الصبيان ".
- وعن التحنيك بالتمر والدعاء له جاء في الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه قال: ولد لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه إبراهيم وحنكه بتمرة ودعا له بالبركة ودفعه إلي".
وعن استحباب الحلق والتصدق بوزنه فضة ما رواه الإمام مالك في الموطأ عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: وزنت فاطمة رضي الله عنها شعر رأس حسين وحسن وزينب وأم كلثوم فتصدقت بزنة ذلك فضة".
من الحقوق المشروعة للولد
الحق الرابع: الرضا بقسمة الله من الذكور والإناث وعدم تسخط البنات لقول الله تعالى:{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} ولتكريم الأنثى في الإسلام جعل الله سبحانه وتعالى اسمها مقدماً على اسم الذكر فقال تعالى: {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} وأكد الرسول صلى الله عليه وسلم عنايته بالمرأة منذ الولادة فقد روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين- وضم أصابعه " وفي ذلك من التربية والتوجيه لاقتلاع العادات الجاهلية ما لا يخفى.
الحق الخامس: أن يختار له مرضعة صالحة إن فقد أمه.
وأفضل الرضاعة ما كانت حولين كاملين لقول الله تعالى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}.
ولقد أثبتت البحوث العلمية والصحية أن فترة عامين ضرورية لينمو الطفل نموا طبيعيا سليما من الوجهتين الصحية والنفسية.
وأكد الطبيب ابن سيناء أهمية الرضاعة الطبيعية بقوله: "إنه يجب أن يرضع ما أمكن من لبن أمه فإن في إلقامه ثدي أمه عظيم النفع جدا في دفع ما يؤذيه ".
الحق السادس: أن تحضن الأم ابنها وخاصة مرحلة المهد والطفولة المبكرة ولا تتركه للخادمات والمربيات وذلك لأن الأم مع رضاعة وليدها بالحليب ترضعه العطف والحنان الذي لا يملكه غيرها، ومن هنا كانت حكمة الله سبحانه وتعالى في إرجاع موسى إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن قال الله تعالى: {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ} ويرى العلماء أن الطفل يحس بالأمن كلما ألصقته الأم إلى صدرها.
الحق السابع: أن يعلمه والداه كتاب الله عز وجل ثم ما يلزم من العلوم الضرورية الدينية والدنيوية.. وقد أخرج الطبراني وابن النجار عن علي كرم الله وجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم وحب آل بيته وتلاوة القرآن فإن حملة القرآن في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله مع أنبيائه وأصفيائه والوالدان اللذان يهتمان بتعليم أولادهما القرآن لهما الثواب العظيم أخرج أبو داود عن سهل بن معاذ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قرأ القرآن وعمل به ألبس الله والديه تاجاً يوم القيامة ضوؤه أحسن من ضوء الشمس.
ولا شك أن تربية الأطفال على القرآن الكريم منذ نعومة أظفارهم من شأنه أن يوسع مداركهم ويزودهم بالحكمة والهداية والنور قال الله تعالى:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} وقد أدرك المسلمون السابقون أهمية التربية على القرآن فتسابقوا في هذا الميدان وتنافسوا، يقول الإمام الشافعي رحمه الله: "حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر ويقول سهل التستري فمضيت إلى الكتاب فتعلمت القرآن وحفظته وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين.
أبناؤنا والحقوق المشروعة
الحق الثامن: ألا يرزقه إلا طيباً من الكسب الحلال لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه وعن علمه ما عمل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيما أبلاه " رواه الترمذي. وما يغذى به الأولاد ينبغي أن يكون حلالاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص "أطب مطعمك تجب دعوتك ".
فيعود الطفل على أكل الحلال وكسب الحلال وإنفاق الحلال حتى ينشأ على التوسط والاعتدال بعيدا عن الإسراف والتقتير.
الحق التاسع: أن يعلمه الصلاة ويعوده عليها لقول الله تعالى:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى}. وفي الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع " فيؤمر الصبي بالصلاة في سن السابعة وهي بداية مرحلة التعليم التي نبه إليها الإسلام ويؤخذ بالنصح والتوجيه إذا قصر في صلاته حتى سن العاشرة فإن تهاون في هذه المرحلة جاز لوالده استخدام الضرب تأديباً له على ما فرط في جنب الله.
ويشجع الطفل في هذه السن على صلاة الجماعة وحضور صلاة الجمعة والعيدين ومن أنجح الوسائل في تحبيب الأطفال لصلاة الجماعة اصطحاب الأب لأبنائه وأخذهم معه لأداء صلاة الجماعة في المسجد.
من أمثلة ذلك ما كان من فعله صلى الله عليه وسلم مع علي بن أبي طالب حينما دعاه إلى الإسلام وعمره لم يتجاوز العاشرة فأسلم ولازمه في الخروج إلى الصلاة مستخفياً في شعاب مكة حتى عن أهله وأبيه.
الحق العاشر: أن يدربه على الصوم:
وهذا من العمل المستحب إذ يرى جمهور العلماء أنه لا يجب على من دون سن البلوغ ولكن يستحب للتمرين.. أخرج البخاري ومسلم عن الربيع بنت معوذ قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة يوم عاشوراء إلى قرى الأنصار: من كان صائماً فليتم صومه ومن كان أصبح مفطراً فليصم بقية يومه فكنا نصومه بعد ذلك ونصوم صبياننا الصغار منهم ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن- أي الصوف- فإذا بكى أحدهم من الطعام أعطيناه إياه حتى يكون عند الإفطار" قال الحافظ ابن حجر معلقاً: وفي الحديث حجة على مشروعية تمرين الصبيان على الصيام كما تقدم. والصوم من الوجهة التربوية يغرس في النفس البشرية حقيقة الإخلاص لله تعالى ومراقبته في السر وتقوية الإرادة وكبح جماح الشهوات ويؤمر به الأطفال عند طاقتهم منذ السابعة وبالتدريج.
من حقوق الأبناء في التربية
الحق الحادي عشر: تربية البنات على الحجاب:
تعود البنت على لبس الحجاب منذ الطفولة ليكون لها شرفاً وحفظاً ويرى العلماء أن تعود البنت على لبس الحجاب في سن السابعة قياساً على حديث الأمر بالصلاة. ومن فوائد الحجاب للبنت صيانتها والحفاظ، على عفتها وشرفها ويدخل في دائرة الحجاب إبعاد البنت عن الاختلاط بالأجانب.. قال الله تعالى:{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
ومن أسف لما أهمل الحجاب وسمح بالاختلاط بين الجنسين وقع ما حذر منه الإسلام من هتك الأعراض وضياع الشرف وانتشار الفساد والوقوع في الحرام.
ويخاطب الله المؤمنات جميعاً فيقول: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} وينهى الله المؤمنات عن التبرج {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}.
الحق الثاني عشر: أن يعلم الأطفال آداب الاستئذان في الدخول وقد جاء هذا التوجيه في القرآن الكريم بأسلوب تربوي متدرج فطلب من الأطفال وهم صغار أن يستأذنوا في ثلاث أوقات مهمة:
1- من قبل صلاة الفجر 2- ووقت الظهيرة عند القيلولة 3- وبعد صلاة العشاء. فإذا بلغ الأولاد سن البلوغ وجب عليهم الاستئذان في البيت للدخول على والديهم في كل وقت قال الله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} وفي تربية الأولاد على هذه الآداب تعويد لهم على غض البصر عن العورات وحفظ لهم من أسباب الإثارات التي قد تسبب لهم بعض الأضرار النفسية والاجتماعية والخلقية.
من حقوق الأبناء في الإسلام
الحق الثالث عشر: أن يعدل الوالدان بين أولادهم:
فلا يفضل أحد على أحد ولا يميز الذكور على الإناث، والعدل بين الأولاد مطلوب في جميع الحالات سواء كان في العطاء أو في المحبة والقبلة أو في تقديم الهدايا والهبات والوصية أو في المعاملة فإنه يلزم الوالدين معاملة أولادهم بالعدل والمساواة.
روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت له أنثى فلم يؤذها ولم يهنها ولم يؤثر ولده- يعني الذكور عليها- أدخله الله الجنة".
وبهذا العدل يستقيم أمر الأسرة وتنشأ المحبة بين الجميع وتغرس الثقة بين أفراد الأسرة فلا مكان للأحقاد والبغضاء عندئذ وفي الحديث المتفق عليه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم ".
الحق الرابع عشر: تخير الصحبة الصالحة لهم لأن الصاحب ساحب والقرين بالمقارن يقتدي. وقد حث الإسلام على صحبة الصالحين والأخيار وحذر من صحبة الأشرار وفي الحديث الصحيح: "لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي ".
وفي تخير الأصحاب الصالحين للأبناء حماية لهم من الوقوع في الانحراف والبعد بهم عن مزالق السوء ومهاوي الردى. ولقد أحسن من قال:
واختر من الأصحاب كل مرشد إن القرين بالقرين يقتدي
فصحبة الأخيار للقلب دواء تزيد للقلب نشاطاً وقوى
وصحبة الأشرار داء وعمى تزيد للقلب السقيم سقماً
الحق الخامس عشر: توفير أسباب اللهو واللعب المفيد من سباحة ورماية وركوب الخيل وما جرى مجراهم في النفع جاء في سنن الترمذي عن ابن جرير بسنده عن علي رضي الله عنه قال: ما جمع النبي صلى الله عليه وسلم أبويه إلا لسعد قال: ارم فداك أبي وأمي أيها الغلام الحرور" وفي صحيح الجامع عن أبي العالية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بفتية يرمون فقال رسول الله صلى اله عليه وسلم: "ارموا يا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً" ولهذا الجانب أهمية بالغة في التربية فهو يكسب الأطفال الثقة بأنفسهم فيشبوا على تعلم مهارات كثيرة تكون أساساً لكثير من الأنشطة الحياتية إذا كبروا. وهناك فائدة أخرى مهمة في توفير الوالدين والمربين الألعاب بين يدي الأطفال وهي تفريغ طاقاتهم المكبوتة وتوجيهها الوجهة الصحيحة وصرفهم عن اللهو الحرام والسلوك الخاطئ.
واجب الآباء نحو الأبناء
الحق السادس عشر: أن يعوله حتى سن الرشد:
فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله هل لي في بني أبي سلمة أجر إن أنفقت عليهم ولست بتاركتهم هكذا وهكذا- أي يتفرقون في طلب القوت هكذا وهكذا- إنما هم بني فقال: نعم لك أجر ما أنفقت " رواه البخاري ومسلم.
ولا يخفى ما في ذاك من فوائد تربوية إذ فيه حسن إعداد الأطفال ليتجاوبوا مع التربية في سن الصغر فلا ينشغلوا عن ذلك بطعامهم وشرابهم. ومن أجل ذلك قال العلماء: ويلزم الوالدين إن كانا أغنياء أن ينفقا على أولادهما حتى ما بعد الرشد إن كانوا فقراء.
الحق السابع عشر: من حق الأولاد على والديهم الرحمة وما يتفرع عنها من حب وحنان وعطف.
روى أحمد في مسنده عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي يوماً إذ قال الخادم: إن فاطمة وعلياً رضي الله عنهما بالسدة قالت: فقال لي قومي فتنحي عن أهل بيتي قالت: قمت فتنحيت في البيت قريباً فدخل علي وفاطمة ومعهما الحسن والحسين وهما صبيان صغيران فأخذ الصبيين فوضعهما في حجره فقبلهما واعتنق علياً وأغدق عليهم خميصة سوداء وقال: "اللهم إليك لا إلى النار أنا وأهل بيتي " قالت: فقلت: وأنا يا رسول الله فقال وأنت".
وفي الحديث فوائد تربوية عظيمة منها:
ضرب المثل الحسن في معاملة الأب لأولاده وأحفاده وزوج بنته ومنها أن الرحمة مع أفراد الأسرة ولا سيما الصغار مصدر سدادة وسرور.
ومنها: أن العطف على الصغار يولد فيهم حب آبائهم والسير على منهاجهم وطريقتهم ويجنبهم مخاطر العقوق والتمرد.
ومنها: الحرص بين أفراد الأسرة على التهادي ودعاء رب الأسرة لأهله وأولاده وأحفاده بالخير وسؤال الجنة لهم وإعاذتهم من النار.
ومنها أن تقبيل الأطفال له أثر فعال في تحريك مشاعرهم وتسكين غضبهم وهو دليل رحمة ومحبة للطفل ودليل تواضع من المربي معهم.
الحق الثامن عشر: من حق الأولاد التأديب:
روى البخاري في التاريخ والبيهقي عن أيوب بن موسى القرشي عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما نحل والد ولداً نحلاً أفضل من أدب حسن " ونحل أعطى. وروى الطبراني عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يؤدب أحدكم ولده خير له من أن يتصدق كل يوم بنصف صاع على المساكين ". ومن هنا قال العلماء: إذا بلغ الولد ست سنين أدب فإذا بلغ تسع سنين عزل فراشه فإذا بلغ ثلاث عشرة سنة يضرب على الصلاة فإذا بلغ ست عشرة سنة زوجه أبوه.
روى البيهقي عن الحاطبي قال: سمعت ابن عمر يقول لرجل: "أدب ابنك فإنك مسؤول عن ولدك ماذا أدبته وماذا علمته؟ وإنه لمسؤول عن برك وطواعيته لك ".
من صور تأديب الأولاد
من واجب الآباء والأمهات والمربين تعليم الأطفال منذ الصغر النطق بكلمة التوحيد "لا إله إلا الله محمد رسول الله " وإفهامهم معناها عندما يكبرون: لا معبود بحق إلا الله قال الإمام ابن القيم رحمه الله في أحكام المولود: فإذا كان وقت نطقهم أي الأطفال فليلقنوا لا إله إلا الله محمد رسول الله وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه فوق عرشه ينظر إليهم ويسمع كلامهم وهو معهم أينما كانوا".
ومن أساليب التأديب غرس محبة الله ورسوله وأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وتعويدهم أن يسألوا الله وحده ويستعينوا به وحده لقول الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عمه: "وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله " حديث حسن صحيح رواه الترمذي ".
ومن تأديب الأولاد تعويدهم على الصدق قولاً وعملاً بأن لا نكذب عليهم ولو مازحين وإذا وعدناهم فلنوف بوعدنا لما ورد في صحيح البخاري ومسلم من تحذير الرسول صلى الله عليه وسلم من الكذب: "آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان ".
ومن صور التأديب غرس العقيدة الصحيحة في الله وأسمائه وصفاته والتأكيد على قضية الإيمان والتوحيد والتحذير من الشرك لأنه الظلم العظيم.
ومن معاني التأديب غرس عقيدة الإيمان بالقدر خيره وشره وغرس عقيدة اليوم الآخر وما فيه من حساب وصراط وجنة ونار روى الترمذي في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنه وقد كان غلاماً صغيراً. قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقال لي: يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك. إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف ".
ومن وسائل التأديب: تعويد الأطفال على الآداب الاجتماعية كآداب الطعام والشراب وآداب السلام وآداب المجلس وآداب العطاس والتثاؤب وآداب النوم والآداب مع الوالدين والأخوة والآداب مع الجيران.
- ومن أدب البنين والبنات تحذيرهم من تشبه البنات بالرجال وتشبه الأولاد بالنساء سواء كان في الملبس أو في الحركة فإن ذلك من الاسترجال المنافي للأنوثة عند الفتيات ومن الميوعة والتخنث المنافي للرجولة عند الأولاد.
روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال ".
الأولاد والحقوق المشروعة
الحق التاسع عشر: تعليم الولد أحكام المراهق والبلوغ فيعلم الولد هذه الأحكام أو ما يسمى بالثقافة الجنسية سواء كان الولد ذكراً أم أنثى فيعرف الصبي إذا بلغ الحلم وهو السن الذي يتراوح ما بين 12 إلى 15 سنة أنه إذا نزل منه مني ذو دفق وشهوة فقد أصبح بالغاً ومكلفاً شرعاً يجب عليه ما يجب على الرجال الكبار من مسؤوليات وتكاليف ويجب على الأم أن تصارح ابنتها إذا بلغت سن التاسعة فما فوق وتذكرت احتلاماً ورأت الماء الرقيق الأصفر على ثوبها بعد الاستيقاظ أصبحت بالغة ومكلفة شرعاً يجب عليها ما يجب على النساء الكبار من مسؤوليات وتكاليف.
روى الإمام أحمد والنسائي عن خولة بنت حكيم أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل فقال: ليس عليها غسل حتى تنزل كما أن الرجل ليس عليه غسل حتى ينزل".
ويعلم الولد أن نزول المني على سبيل الدفق والشهوة يوجب الغسل وتعلم الفتاة أن انقطاع مدة الحيض والنفاس يوجب الغسل على المرأة ويعلم كل منهما فرائض الغسل وسننه وكيفيته.
وجانب التربية الجنسية جانب مهم يكمل صورة التربية الشاملة التي دعا إليها الإسلام والتي تستوعب الإنسان في كل جزئياته.
الحق العشرون: أن يبحث الوالدان لولدهما عن الزوجة الصالحة ولبنتهما عن الزوج الصالح وينفقا على زواجهما إن كانا غنيين وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على زواج الشباب في سن مبكرة فقال في الحديث الصحيح: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء".رواه البخاري
وينصح الشيخ عبد الله ناصح علوان رحمه الله الآباء في كتابه القيم تربية الأولاد في الإسلام فيقول:" إن كنت ميسوراً أيها الأب من الناحية المادية فينبغي أن تساهم مساهمة فعالة في تسهيل أسباب الزواج لولدك لتنقذه من الهواجس النفسية والتأملات الجنسية التي تسيطر على عقله وتفكيره وتقف عائقاً في طريق غايته أو تعلمه وتنقذه أيضاً من الانحلال الخلقي الذي يفتك بصحته ويسيء إلى سمعته ولا يأتي هذا إلا بتيسير أسباب الزواج من ناحية وإمداده بالنفقة من ناحية أخرى وكل تهاون أو تقصير في هذه السبيل يعوض ولدك الشاب إلى أوخم النتائج وأخطر العواقب".
والواقع أن عدداً كبيراً من الشباب أصبح يعاني من مشكلات كثيرة وعلى رأسها المشكلة الجنسية نتيجة للجهل بأحكام البلوغ والأخذ بفكرة الزواج المتأخر التي وفدت إلى مجتمعاتنا.
الأسباب التي تؤدي إلى انحراف الأولاد وعلاجها
كثيراً ما يشتكي بعض الآباء والأمهات من جنوح أبنائهم ووقوعهم في المعاصي والدنايا وميلهم إلى الانحراف وعدم طاعة الوالدين والتمرد على القيم والأخلاق ورفض العادات الحسنة التي كان عليها آباؤهم.
والواقع أن هناك أسباباً تدفع أمثال هؤلاء الأبناء للانحراف ومن أهم ذلك:
1- الفقر الذي يخيم على بعض البيوت إذ تدفع حاجة الأولاد الذين لا يجدون ما عليه أقرانهم وأصدقاؤهم من نعمة وغنى فيلجأون إلى البحث عن احتياجاتهم من خارج البيت إما عن طريق السرقة أو صحبة الأشرار فيقعون في طريق الانحراف.
والإسلام بتشريعه العادل قد عالج هذه المشكلة ووضع من التشريعات ما يؤمن لكل فرد الحد الأدنى من مسكن ومطعم وكساء ورسم للمجتمع الإسلامي مناهج عملية للقضاء على الفقر نهائيا كتأمين سبل العمل لكل مواطن وإعطاء مرتبات شهرية من بيت المال لكل عاجز وسن قوانين للتعويض العائلي لكل أب له أسرة وأولاد وأمر برعاية اليتامى والأرامل والشيوخ بشكل يحفظ لهم كرامتهم الإنسانية ويبعدهم عن أسباب الانحراف والتفكير فيه.
2- إهمال النفقة على الأولاد أو التقتير عليهم وهذا من شأنه أن يدفع بالأولاد إلى استكمال هذا النقص لمحاكاة الآخرين فيلجأون إلى أسهل الطرق في تحصيل مرادهم وهو العدوان على غيرهم وارتكاب الجرائم والمخالفات في سبيل ذلك وهذا ما يسمى بجنوح الأولاد.
والإسلام بأسلوبه الحكيم قد حذر أشد التحذير من تضييع الرجل من يعول لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت " في الحديث الذي رواه أبو داود.
3- النزاع والشقاق بين الآباء والأمهات أمام الأولاد ولا شك أن هذا الأمر مذموم شرعا وعقلا وعرفا والفتنة نائمة تستيقظ بالإشاعة والإذاعة وفي الحديث الشريف: "كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع " (رواه أبو داود) وقد نبه الإسلام إلى خطورة إشاعة مقالة السوء فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
4- حالات الطلاق وما يصاحبها من ضياع الحقوق إذ أن الطلاق لا يلجأ إليه إلا عند الضرورة وإذا توفرت الأسباب الداعية إليه وقد أساء البعض استخدام حق الطلاق حتى كثرت حالات المطلقات من النساء الأمر الذي يؤدي إلى تشرد الأبناء ووقوعهم في أوحال الرذيلة والجريمة.
والإسلام بمنهجه المتميز والفريد قد دعا إلى حسن العلاقة الزوجية وجعل المعاملة الحسنة السبيل الأمثل لاستقرار الأسرة وسعادتها لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "خَيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي " رواه ابن ماجه والحاكم.
من أسباب انحراف الأولاد
1- الفراغ الذي يتحكم في الأطفال والمراهقين وهو سبب مهم في زيغ الأبناء وانحرافهم والطفل من طبيعته يحب اللهو واللعب فإذا لم تهيأ له فرصة اللهو المباح واللعب البريء فإنه في الغالب سيبحث عن بدائل أخرى وربما لا يجد هذه البدائل إلا عند رفقاء السوء الذين سيقعون به حتماً إلى الانحراف والفساد.
والإسلام قد وجه إلى معالجة هذا الأمر في حياة الناشئين والناس فقال عليه الصلاة والسلام: "اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك " رواه الحاكم والبيهقي.
2- الخلطة الفاسدة ورفقاء السوء وهو عامل خطير في هدم أخلاق الناشئين وإفسادهم ويتحمل الوالدان المسؤولية الكبرى في ترك أبنائهم يصاحبون رفقاء الشر إذ من مسؤولية الأبوين اختيار الرفقة الصالحة لأبنائهم ليكتسبوا منهم كل خلق كريم وأدب رفيع. قال الله تعالى: محذراً من رفقاء السوء:{ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}.
وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري ومسلم: "مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل حامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك أو تشتري منه أو تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو تجد منه ريحا منتنة".
3- ومن أسباب انحراف الأولاد سوء معاملة الأبوين للولد فينال منهما القسوة والتحقير والازدراء والسخرية ولهذه المعاملة الأثر السيئ على نفسية الولد وعلى سلوكه وتصرفاته مما قد ينشأ عنده ردود فعل تكون عواقبها وخيمة.
والإسلام بمنهجه الحكيم يدعو المربين ولا سيما الآباء والأمهات إلى أن يتحلوا بالأخلاق العالية والمعاملة الحسنة التي تفيض بالرحمة والشفقة والحنان حتى ينشأ الأولاد على الاستقامة ويتربوا على الجرأة واستقلال الشخصية وبالتالي حتى يشعروا بكرامتهم واحترامهم عند آبائهم.
وقد وجه الإسلام إلى حسن المعاملة مع كل الناس ولا سيما الأقربين فقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى}.
وقال سبحانه وتعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} وفي الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي عنه عليه الصلاة والسلام: "الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" من حسن معاملة الأولاد مخاطبتهم بأطيب الكلام وملاطفتهم في الحديث. ومن حسن معاملتهم غرس الثقة في نفوسهم وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن رغباتهم وطموحاتهم وإشعارهم بأهميتهم كأعضاء صالحين في دائرة الأسرة والمجتمع.
الحذر من إهمال تربية الأولاد
لإهمال تربية الأولاد عواقب وخيمة تتحدث عنه الأخبار ويتذاكرها الناس ومن أحسن القصص الواعظة في هذا الباب القصة التالية:
جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكو إليه عقوق ابنه فأحضر عمر الولد وأنبه على عقوقه لأبيه ونسيانه لحقوقه فقال الولد: يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه؟ قال: بلى قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: أن ينتقي أمه ويحسن اسمه ويعلمه الكتاب (أي القراءة). قال الولد: يا أمير المؤمنين إن أبي لم يفعل شيئاً من ذلك. أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي وقد سماني جعلاً (أي خنفساً) ولم يعلمني من الكتابة حرفا واحدا. فالتفت عمر إلى الرجل وقال له: جئت إلي تشكو عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقك وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك " ولعل من أخطر ما يواجه الأولاد ويسبب في انحرافهم مشاهدتهم لأفلام الجنس والجريمة تلك الأفلام التي تقود إلى الميوعة والانحلال ويتحمل الوالدان المسؤولية التامة تجاه انحراف أبنائهم في هذا السبيل إذا لولا موافقة الأبوين وتيسيرهما لسبل هذه المشاهدات لما أقدم الأولاد على هذا الفعل المهدم للأخلاق والإسلام بمبادئه التربوية يضع أمام الآباء والمربين والمسؤولين المنهج القويم في توجيه الأبناء وتربيتهم.
ويكفي في الدلالة على هذه المسؤولية قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: "الرجل راع في بيت أهله ومسؤول عن رعيته ".
ومن مظاهر الإهمال في تربية الأولاد تخلي الأبوين عن تربية أولادهما إما غفلة منهما أو انصرافا عن هذه المسؤولية أو إهمالا لهذه الأمانة.
ولهذا الإهمال نتائج خطيرة منها: إتاحة الفرصة لرفقاء السوء أن يصطادوا الأبناء المهملين من قبل آبائهم. ومنها سرعة انجذاب الأولاد لداعي الفساد ومنها شيوخ الجريمة في المجتمع ومن أجل ذلك كانت توجيهات الإسلام حاسمة وصريحة في هذا الميدان قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.
وفي الحديث الذي رواه ابن ماجه: "أدبوا أولادكم وأحسنوا أدبهم ".
فإلى الآباء والأمهات والمربين بادروا في الاهتمام بتربية أبنائكم واسعوا في إصلاحهم ما استطعتم فإن أعظم ما تتوجه إليه الجهود وتنفق فيه الأموال إصلاح الأبناء.
من الأخطاء الشائعة في تربية الأولاد
هناك أخطاء وممارسات شائعة في تربية البنين والبنات تقع أحياناً عن جهل وأحيانا عن غفلة وأحيانا عن عمد وإصرار ولهذه الممارسات الخاطئة آثار سلبية على استقامة الأبناء وصلاحهم من ذلك:
- تحقير الولد وتعنيفه على أي خطأ يقع فيه بصورة تشعره بالنقص والمهانة والصواب هو تنبيه الولد على خطئه إذا أخطأ برفق ولين مع تبيان الحجج التي يقتنع بها في اجتناب الخطأ.
- إذا أراد المربي زجر الولد وتأنيبه ينبغي ألا يكون ذلك أمام رفقائه وإنما ينصحه منفرداً عن زملائه.
- الدلال الزائد والتعلق المفرط بالولد وخاصة من الأم يؤدي إلى نتائج خطيرة على نفس الولد وتصرفاته وقد يكون من آثاره زيادة الخجل والانطواء وكثرة الخوف وضعف الثقة بالنفس والاتجاه نحو الميوعة والتخلف عن ا لأقران.
- فكرة استصغار الطفل وإهمال تربيته في الصغر فكرة باطلة والصواب أن تبدأ التربية ويبدأ التوجيه منذ الصغر من بداية الفطام حيث يبدأ التوجيه والإرشاد والأمر والنهي والترغيب والترهيب والتحبيب والتقبيح.
- من مظاهر التربية الخاطئة عند الأم عدم السماح لولدها بمزاولة الأعمال التي أصبح قادرا عليها اعتقادا منها أن هذه المعاملة من قبيل الشفقة والرحمة للولد ولهذا السلوك آثار سلبية على الولد.. من هذه الآثار فقدان روح المشاركة مع الأسرة في صناعة الحياة وخدمات البيت ومنها الاعتماد على الغير وفقدان الثقة بالنفس ومنها تعود الكسل والتواكل.
- ومن مظاهر التربية الخاطئة أن لا تترك الأم وليدها يغيب عن ناظريها لحظة واحدة مخافة أن يصاب بسوء وهذا من الحب الزائد الذي يضر بشخصية الولد ولا ينفعه.
- ومن الأخطاء تفضيل بعض الأولاد على بعض سواء كان في العطاء أو المعاملة أو المحبة والمطلوب العدل بين الأولاد وترك المفاضلة.
- ومن ذلك احتقار الأولاد وإسكاتهم إذا تكلموا والسخرية بهم وبحديثهم مما يجعل الولد عديم الثقة بنفسه قليل الجرأة في الكلام والتعبير عن رأيه كثير الخجل أمام الناس وفي المواقف الحرجة.
- ومن الأخطاء الشائعة فعل المنكرات أمام الأولاد كشرب الدخان أو سماع الأغاني أو مشاهدة الأفلام الساقطة مما يجعل من الوالدين والمربين قدوة سيئة.
ما أهمية الحب في تربية الأولاد
حب الأبوين لأبنائهما عاطفة فطرية لا بد من إظهارها في العملية التربوية وبما أن الأطفال الصغار تغلب عليهم العاطفة لزم فيمن يتصدر لتربيتهم من الآباء والمربين أن يراعوا هذا الجانب ويغرسوا مفهوم الحب بينهم وبين أبنائهم وطلابهم وأن يكون هذا الحب عاطفة متبادلة بين الفريقين فإن الحب يثمر الحب كما يقولون وإذا وجد الحب تمت عملية التربية بسهولة "لأن المحب لمن يحب مطيع " ولهذه الحكمة أمر الله سبحانه وتعالى نبيه بمعاملة الناس بالحب والشفقة واللين {وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} فالمربي الغليظ القاسي يبغضه الأطفال ويبغضون معه كل فكرة وعلم وأخلاق ولا يقبلون منه أي نصح وتوجيه لفظاظته وشدته.
ولكي لا يخرج الحب عن حد الاعتدال والتوازن ويميل إلى الإفراط والدلال لا بد للمربي من الوقوف عند هذه الضوابط:
الضابط الأول: الالتزام بشرع الله القاضي بأن يكون الله ورسوله أحب إليه من نفسه وولده والناس أجمعين لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري: "والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين.
الضابط الثاني: ألا يكون حب الولد مانعاً للخير أو صاداً عن سبيل الله وذلك فيما نبه عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الحاكم "إن الولد مبخلة مجبنة مجهلة محزنة" والمعنى أن الولد والحرص عليه يصرف والديه عن الجود والكرم والإنفاق في أعمال الخير ويقصران المال للنفقة عليه ويحول الولد أحيانا بين الوالدين وصفة الشجاعة والإقدام فيبعث فيهما روح الخوف والبقاء على رعايته.. وكذلك يفعل الولد فيساهم في تجهيل والديه يصرفهما عن طلب العلم وإنشغالهما بشؤونه ويبعث الولد أيضا مشاعر الأسى والحزن عند والديه لضر يصيبه.. والمطلوب هو التوازن في المحبة وإيثار محبة الله ورسوله في حالة التعارض.
الضابط الثالث: الصبر على وفاة الطفل واحتسابه عند الله تعالى من غير جزع ولا عويل ولا صياح وقد جاء في الصحيح فيما رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما يزال البلاء ينزل بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقي الله وما عليه من خطيئة".
كيف نربي أبناءنا تربية صحية؟
الصحة وسيلة من وسائل القوة التي دعا إليها الإسلام لأن "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير" (رواه مسلم) كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك. وقال أيضا: "إن لجسدك عليك حقا" (رواه البخاري). والتربية الصحية المستوحاة من منهج الإسلام زاخرة بالتوجهات الحكيمة والنصائح المفيدة وحسبنا أن نشير إلى أهم السلوكيات والعادات الصحية التي ينبغي أن ينشأ عليها الأولاد:
من ذلك:
- تعويدهم سنة السواك: لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" وقد أثبت الطب الحديث مفعول السواك واحتوائه على كيميائية طبيعية تفيد الأسنان وتقوي اللثة بشكل فعال ولا مانع من إضافة الفرشاة الحديثة مع المعجون.. وعلى المربي أن ينبه ولده أو تلميذه إلى الطريقة المثلى لاستعمال السواك فلا يستعمله داخل المسجد ولا في مجالس العلم ولا في وجوه الناس وإنما يستعمله في المواضع المسنونة عند الوضوء وهو المعنى المقصود في الحديث الشريف "عند كل صلاة"- وعند تغير رائحة الفم- وعند دخول البيت والقدوم من السفر- ووقت الحاجة إليه.
- تعويدهم تقليم الأظفار والاهتمام بالنظافة وذلك من خلال المحافظة على الوضوء والاغتسال ورعاية السنن الإسلامية لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح "خمس من الفطرة" وذكر منها وتقليم الأظفار".
- غرس الآداب النبوية فيهم: فيعودهم آباؤهم ومربوهم على الاعتدال في الطعام لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد "ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ".
- ويعودهم على آداب الشراب وهو التنفس خارج الإناء ثلاثا لما أخرجه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان يتنفس إذا شرب ثلاثا" وزاد الترمذي: "إنه أروأ وأبرأ وأمرأ".
- ويعودهم النوم على الشق الأيمن وقد روى البخاري ومسلم وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة "إذا أتيت مضجعه فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن " ويذكرهم الأدعية الواردة في ذلك من آية الكرسي والمعوذات.
- تعويدهم النوم بعد العشاء والاستيقاظ المبكر لصلاة الفجر:
وقد جاء في الحديث الصحيح الذي رواه الحاكم "إياكم والسمر بعد هدأة الليل فإنكم لا تدرون ما يأتي الله من خلقه " وقد جاء في كتاب زاد المعاد لابن القيم قول ابن عباس عندما رأى ابنا له نائما نومة الصبحة فقال له: "قم أتنام في الساعة التي تقسم فيها الأرزاق ".
البرنامج الصحي للأولاد
من الأسباب الواقية لصحة الأولاد:
- تعويدهم على سلوك الرياضة وتمارين الأعضاء ولا سيما السباحة والرمي وركوب الخيل والمصارعة وقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يجري مسابقات الجري بين الأطفال لقبولهم في دخول الجيش وملاقاة العدو.
- ومن الأسباب الواقية تعويذهم من العين والسحر والجان جاء في كتاب و الأذكار للنووي "باب ما يعوذ به الصبيان وغيرهم: وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين "أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة" فيقول: "إن أباكما كان يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق " قال العلماء: الهامة هي كل ذات سم يقتل كالحية وغيرها وأما العين اللامة هي التي تصيب ما نظرت إليه بسوء.
- ومن ذلك إبعاد الأولاد عن الأمراض المعدية لأن تأثر الصغار الأصحاء بالمرضى يكون أكثر من غيرهم وفي الصحيحين "لا يوردن ممرض على مصح ".
- ومن ذلك تعويد الأولاد على التقشف وعدم الإغراق في التنعم وقد جاء الحث على ذلك في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ونصائح الصحابة رضي الله عنهم.
يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه الإمام أحمد: "إياكم والتنعم فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين ".
ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "اخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم " وقد ثبت طبيا أن الترف والتنعم سبيلان إلى فساد الجسم وإحاطته بمختلف الأمراض.
- وقاية الأولاد من أسباب الحوادث والكوارث: فيوصى الأطباء بعدم رمي الأدوية الفائضة عن الحاجة وعدم تركها في متناول الأطفال وأخذ الحيطة والحذر من مصادر الخطر على الأولاد كالسموم الخاصة بالحشرات والمواد القابلة للاشتعال والأواني الخاصة بغلي الماء والألعاب النارية وأدوات الكهرباء وأسلاكها والآلات الحادة والأجهزة الكهربائية. ويمكن أن تندرج هذه النصائح وغيرها في القاعدة الذهبية التي دعا إليها الإسلام "لا ضرر ولا ضرار".
- ومن توجيهات الصحة والسلامة في الإسلام مداواة الأولاد عند المرض لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم وأحمد "لكل داء دواء فإذا أصاب الدواء الداء برأ بإذن الله عز وجل ".
- ومما يلحق بالمداواة ويدخل في مسؤولية الوالدين والمربين وقاية الأطفال من الأمراض المعدية والسارية منذ الأيام الأولى لولادتهم وأهم الأمراض الخطيرة التي ينبغي تحصين الأولاد منها:
مرض السل- الجدري- الدفتريا- السعال الديكي- والتيتانوس- الحصبة- شلل الأطفال- التيفوئيد عند الحاجة. وذلك وفق الجدول الزمني لمراكز الصحة المختصة.
كيف نحصن أبناءنا من الانحرافات الخلقية؟
من أخطر الانحرافات الخلقية عند المراهقين والشباب وقوعهم في رذيلة الزنا واللواط وقد أجمع الفقهاء على حرمة هاتين الفاحشتين تحريما قطعيا وذلك للأدلة الشرعية الصريحة من الكتاب والسنة. أما دليل الكتاب فيما يتعلق بحرمة الزنا فلقول الله تعالى:{وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً}.
ومن السنة: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " وفيما يتعلق بحرمة اللواط يقول الله تعالى: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ}.
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الحاكم: "ملعون من عمِل عمل قوم لوط ملعون من عمِل عمل قوم لوط ملعون من عمِل عمل قوم لوط " ولخطورة هذه الجرائم في الإسلام فقد جاءت عقوبة الزنى مائة جلدة مع التغريب للزاني غير المحصن أما الزاني المحصن فعقوبته الرجم حتى الموت.
أما عقوبة اللوطي فقد أجمع العلماء على أن اللواط زنى واختلفوا في تحديد العقوبة فجمهور الفقهاء والمجتهدين ذهبوا إلى قتل الفاعل والمفعول به ويرى آخرون أن حد الفاعل هو حد الزنى، وحكمة الإسلام ظاهرة في اتخاذ هذا الموقف المتشدد من هاتين الفاحشتين.
فالزنى واللواط لهما أضرار صحية وجسمية ونفسية واجتماعية من ذلك: يسبب الزنى واللواط مرض الزهري ومرض السيلان والأمراض المعدية الفتاكة ويؤدي الزنى إلى اختلاط الأنساب وكثرة أبناء الحرام وضياع النسل وفصم أواصر الزوجية وتفكك وحدة الأسرة والانطلاق في حمأة الرذيلة والفساد وقتل الشهامة والمروءة وفقدان الرجولة والكرامة.
وعلاج ظاهرة الزنى واللواط إنما تتم من خلال التربية الصحيحة التي تقوم على أساس الإيمان والأخلاق وتيسير سبل الزواج المبكر للشباب والبعد بهم عن مهيجات الشهوة من تبرج واختلاط.
حكم اللعب بالميسر واليانصيب:
ويدخل من ضمن المحرمات اللعب بالميسر واليانصيب لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}.
فقد نهى الله عن لعب الميسر وما شابهه من اليانصيب لأنه يؤدي للقمار والحكمة في تحريم هذا النوع من اللهو لأنه يؤدي إلى إيقاع العداوة والبغضاء والصد عن سبيل الله وعن الصلاة كما يورث الشجار بين اللاعبين. وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك أشد تحذير فقال: "من لعب بالنردشير فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه " (رواه أبو داود).
الأولاد.. والعادات الخاطئة
من الأمراض المتفشية عند بعض الأولاد البالغين والمراهقين ظاهرة العادة السرية.. وهي سلوك خاطئ ومضر وأكثر ما تنتشر هذه العادة في الوسط المليء بالفتن والاختلاط والتبرج وخروج النساء سافرات في الطرقات والمنتزهات وأماكن العمل وتساهم المجلات الخليعة والأفلام الهابطة والقصص الغرامية في إثارة الشباب وتهييج الناحية الجنسية لديهم مما يلجئهم إلى إشباع شهواتهم عن طريق الحرام أو العادة السرية. ولخطورة استعمال العادة السرية فقد أكد العلماء والأطباء أنها تسبب أضرارا جسمية وجنسية وعقلية على صحة الإنسان.
من الأضرار الجسمية: إنهاك في القوى- ونحول في الجسم وارتعاش بالأطراف وخفقان بالقلب- وضعف بالبصر والذاكرة وإخلال بالجهاز الهضمي وإصابة الرئتين بالالتهابات التي تؤدي إلى السل في أغلب الأحيان وقد تؤثر على الدورة الدموية في الجسم وتسبب فقر الدم. ومن الأمراض الجنسية مرض العنة وهو عدم قدرة الشباب على الزواج. ومن الأمراض النفسية والعقلية: الذهول والنسيان وضعف الإرادة وضعف الذاكرة والميل إلى العزلة وكثرة الخجل والشعور بالخوف والكسل والكآبة والحزن والتفكير بارتكاب الجرائم والانتحار.
وقد استدل العلماء على حرمة ممارسة العادة السرية بقول الله تعالى في سورة المؤمنون:{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} فيدخل في عموم هذه الآية {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} كل تفريغ للشهوة عن غير طريق الزواج وملك اليمين كالزنى واللواط والاستمناء باليد (العادة السرية)، والعلاج الناجح في استئصال هذه الظاهرة هو الشروع في الزواج المبكر وتيسير أسبابه فإن لم يتيسر مبكرا فيوجه الأبناء إلى صوم النفل للحديث المتفق عليه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة (تكاليف الزواج) فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء (أي قاطع للشهوة).
ومن تمام العلاج إبعاد الأولاد عن المثيرات الجنسية وملء فراغهم بما ينفع وإيجاد الصحبة الصالحة لهم والحرص على ممارسة الأنشطة الثقافية والرياضية وتوجيههم لرحلات الحج والعمرة وتشجيعهم على ممارسة الهوايات النافعة.
الصفحة الأخيرة
ايش صار على المعتدين مسكوهم