محمد بن صالح المنجد دار الوطن
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَلِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ القمر:17].
>وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ<الحجر:9].
صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ> العنكبوت:49].
ففي صدرك كتاب لا يغسله الماء وقد جاء في الكتب المقدسة في صفة هذهالأمة: ( أناجيلهم في صدورهم ).
يا حاملة القرآن أنت المحسودة بحقّ، المغبوطة بين الخلق
والحسد الجائز هو الغبطة وهي تمني مثل ما للغير من الخير دون تمنيزوال النعمة عنه.
يا حافظة القرآن ويا أترجّة الدنيا
ومسلم: 1328] وعنون عليه في صحيح مسلم باب فضيلة حافظ القرآن.
قوله: ( طعمها طيب وريحها طيب ) خص صفة الإيمان بالطعم وصفة التلاوةبالرائحة ( لأنّ الطّعم أثبت وأدوم من الرائحة ) والحكمة في تخصيص الأترجة بالتمثيلدون غيرها من الفاكهة التي تجمع طيب الطعم والريح لأنه يتداوى بقشرها ويستخرج منحبها دهن له منافع وقيل إن الجن لا تقرب البيت الذي فيه الأترج فناسب أن يمثّل بهالقرآن الذي لا تقربه الشياطين، وغلاف حبِّه أبيض فيناسب قلب المؤمن، وفيها أيضا منالمزايا كبر جرمها وحسن منظرها وتفريح لونها ولين ملمسها، وفي أكلها مع الالتذاذطيب نكهة وجودة هضم ودباغ معدة.
ياحافظة القرآن أتدرين أين رتبتك
والسفرة: الرسل، لأنهم يسفرون إلى الناس برسالات الله، وقيل: السفرة: الكتبة، والبررة: المطيعون، من البر وهو الطاعة، والماهر: الحاذق الكاملالحفظ الذي لا يتوقف ولا يشق عليه القراءة بجودة حفظه وإتقانه، قال القاضي: يحتملأن يكون معنى كونه مع الملائكة أن له في الآخرة منازل يكون فيها رفيقا للملائكةالسفرة، لاتصافه بصفتهم من حمل كتاب الله تعالى. قال: ويحتمل أن يراد أنه عاملبعملهم وسالك مسلكهم.
والماهر أفضل وأكثر أجرا ; لأنه مع السفرة وله أجور كثيرة، ولم يذكرهذه المنزلة لغيره، وكيف يلحق به من لم يعتن بكتاب الله تعالى وحفظه وإتقانه وكثرةتلاوته وروايته كاعتنائه حتى مهر فيه والله أعلم.رواها البخاري
فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَأُ بِهَا} .
قوله: ( يقال ) أي عند دخول الجنة ( لصاحب القرآن ) أي من يلازمهبالتلاوة والعمل ( وارق ) أي أصعد إلى درجات الجنة، ( ورتل ) أي اقرأ بالترتيل ولاتستعجل بالقراءة ( كما كنت ترتل في الدنيا ) من تجويد الحروف ومعرفة الوقوف ( فإنمنزلتك عند آخر آية تقرأها )، قال الخطابي: جاء في الأثر أن عدد آي القرآن على قدردرج الجنة في الآخرة، فيقال للقاري أرق في الدرج على قدر ما كنت تقرأ من آي القرآن،فمن استوفى قراءة جميع القرآن استولى على أقصى درج الجنة في الآخرة، ومن قرأ جزءامنه كان رقيه في الدرج على قدر ذلك، فيكون منتهى الثواب عند منتهى القراءة.
يا حافظة القرآن هنيئا لك فقد عمرت قلبك بكلام اللهوأقبلت على مأدبته
</SPAN>خَيْرٍ مِنْ بَيْتٍ لَيْسَ فِيهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ وَإِنَّ الْقَلْبَالَّذِي لَيْسَ فِيهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ خَرِبٌ كَخَرَابِ الْبَيْتِالَّذِي لا سَاكِنَ لَهُ" .
يا حاملة القرآن مبارك عليك ومبارك لك إن أخلصت الآننجوت بحفظكِ من عذاب النيران
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: "اقْرَءُوا الْقُرْآنَوَلَا يَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ الْمَصَاحِفُ الْمُعَلَّقَةُ فَإِنَّ اللَّهَ لَنْيُعَذِّبَ قَلْبًا وَعَى الْقُرْآنَ" .
يا حاملة القرآن هنيئا لك بشفاعة كتاب الله فيكوحليّك يوم القيامة إن ثبتّ أعظم مما تلبسين الآن
يا أم حافظة القرآن هنيئا لك بابنتك
تَعَلَّمُواسُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلايَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ ( أي السحرة ) قَالَ ثُمَّ مَكَثَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَتَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا الزَّهْرَاوَانِيُظِلانِ صَاحِبَهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْغَيَايَتَانِ أَوْ فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ وَإِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَىصَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُهُ كَالرَّجُلِالشَّاحِبِ فَيَقُولُ لَهُ هَلْ تَعْرِفُنِي فَيَقُولُ مَا أَعْرِفُكَ فَيَقُولُلَهُ هَلْ تَعْرِفُنِي فَيَقُولُ مَا أَعْرِفُكَ فَيَقُولُ #333333"> يا حافظة القرآن إن المحافظة على القمة أصعب منالوصول إليها
.
قوله ( تعاهدوا ) أي استذكروا القرآن وواظبوا على تلاوته واطلبوا منأنفسكم المذاكرة به لا تقصروا في معاهدته واستذكروه … من شأن الإبل تطلب التفلت ماأمكنها فمتى لم يتعاهدها برباطها تفلتت، فكذلك حافظ القرآن إن لم يتعاهده تفلت بلهو أشد في ذلك. وقال ابن بطال هذا الحديث يوافق فمن أقبل عليه بالمحافظة والتعاهد يسّر لهومن أعرض عنه تفلت منه. .
<عَلَيْهِ وَإِنْ أَطْلَقَ ذَهَبَتْ}
4643].
فيا حافظة القرآن لا تزحزحي نفسك عن هذه الرتبةالعالية بعد إذ نلتيها
وجاء عن أبي العالية رحمه الله: كنا نعد من أعظم الذنوب أن يتعلمالرجل القرآن ثم ينام عنه حتى ينساه. وإسناده جيد. ومن طريق ابن سيرين بإسناد صحيحفي الذي ينسى القرآن كانوا يكرهونه ويقولون فيه قولا شديدا … والإعراض عن التلاوةيتسبب عنه نسيان القرآن ونسيانه يدل على عدم الاعتناء به والتهاون بأمره … وتركمعاهدة القرآن يفضي إلى الرجوع إلى الجهل والرجوع إلى الجهل بعد العلم شديد. وقالإسحاق بن راهويه: " يكره للرجل أن يمر عليه أربعون يوما لا يقرأ فيها القرآن. " أهـ
يا حافظة القرآن قومي به وأكثري درْسه تعيشيبه
قال الذهبي في السّيَر: قال أبو عبد الله بن بشر: ما رأيت أحسنانتزاعا لما أراد من آي القرآن من أبي سهل بن زياد وكان جارنا وكان يُديم صلاةالليل والتلاوة فلكثرة درسه صار القرآن كأنه بين عينيه.
يا حافظة القرآن ما دمت حفظتيه في قلبكِ فاحفظي بهجوارحك
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره: يجب على حامل القرآن وطالب العلمأن يتقي الله في نفسه ويخلص العمل لله فإن كان تقدم له شيء مما يكره فليبادر التوبةوالإنابة وليبتدئ الإخلاص في الطلب وعمله، فالذي يلزم حامل القرآن من التحفظ أكثرمما يلزم غيره كما أن له من الأجر ما ليس لغيره.
يا حاملة القرآن لا يغرنّك الحفظ فتتركي العمل
فقد وقع في رواية شعبة عن قتادة{ المؤمنالذي يقرأ القرآن ويعمل به مع السّفرة الكرام البررة}وهي زيادةمفسرة للمراد وأن التمثيل وقع بالذي يقرأ القرآن ولا يخالف ما اشتمل عليه من أمرونهي وليس التلاوة فقط.
يا حاملة القرآن اقدري مكانة الذي في صدركِ وأعطيهحقّه ومنزلته وكما ارتقيت إلى المنزلة العالية بحفظه فعليك في المُقابل مسؤوليةوواجبا يوازي ذلك. إنّ الحفظ ليس نيشانا يُعلّق ولا شهادة تُزوّق ولا مكافآت تُفرّقلكنه أمانة يجب القيام بحقّها.
ينبغي لحامل القرآن أن يكون على أكرم الأحوال وأكرمالشمائل
قال الفضيل بن عياض: حامل القرآن حامل راية الإسلام لا ينبغي له أنيلهو مع من يلهو ولا يسهو مع من يسهو ولا يلغو مع من يلغو تعظيما لحق القرآن.
وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَمَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ آل عمران:146]، فلما صرع قيل لأصحابه ما فعل أبو حذيفةقيل قتل. .
يا حاملة القرآن إياكِ والتكبّر على من ليس بحافظفلربما أفلح المقلّ المعذور وخسر الحافظ المغرور
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ أَتَى رَجُلٌ رَسُولَاللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:{ أَقْرِئْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَهُ اقْرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَاتِ ( ال~ر ) فَقَالَ الرَّجُلُ كَبِرَتْ سِنِّي وَاشْتَدَّ قَلْبِي وَغَلُظَ لِسَانِي >هلال الصدفي وثّقه ابن حبّان وقال الحافظ في التقريب: صدوق وقال البخاري وأبو حاتملا يصح حديثه ولعله لأجل هذا أورده الألباني في ضعيف سنن أبي داود: 300].
يا حاملة القرآن لا تنتظري من الناس ثناء ولا تقديراوجاهدي أن لا تتأثّري بمدحهم وإطرائهم إخلاصا لله
نعم يجب عليهم أن يوقروا حاملة القرآن لأنّ في جوفها كلام الله وإنمن إجلال الله إكرام حامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه قال ابن عبد البَرّرحمه الله: وحملة القرآن هم المحفوفون برحمة الله المعظّمون كلام الله المُلبسوننور الله فمن والاهم فقد والى الله ومن عاداهم فقد استخف بحق الله تعالى. وقد نقلصاحب كتاب الفواكه الدواني قول أهل العلم: بأنّ غيبة العالم وحامل القرآن أعظم منغيبة غيرهما. أهـ ومع ذلك فإنّ على صاحب القرآن أن لا يغترّ بحقّ وحرمة الحفظةفلربما أخرجه عدم الإخلاص من بينهم.
دعاء
اللَّهُمَّ بَدِيعَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ذَا الْجَلالِوَالإِكْرَامِ وَالْعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامُ نَسْأَلُكَ يَا اللَّهُ يَارَحْمَنُ بِجَلالِكَ وَنُورِ وَجْهِكَ أن تهدي هؤلاء الحافظات وأَنْ تُلْزِمَقلوبهن حِفْظَ كِتَابِكَ كَمَا عَلَّمْتهن، وأن َترْزُقهن تلاوتهُ عَلَى النَّحْوِالَّذِي يُرْضِيكَ عَنهن، اللَّهُمَّ بَدِيعَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ذَاالْجَلالِ وَالإِكْرَامِ وَالْعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامُ نَسْأَلُكَ يَا اللَّهُيَا رَحْمَنُ بِجَلالِكَ وَنُورِ وَجْهِكَ أَنْ تُنَوِّرَ بِكِتَابِكَ أبصارهنوَأَنْ تُطْلِقَ بِهِ ألسنتهن وَأَنْ تغسل بِهِ قلوبهن وَأَنْ تَشْرَحَ بِهِ صدورهنوَأَنْ تفرّج به همومهن وسائر المسلمين والمسلمات، وصلى الله على نبينا محمد.

fraternity88 @fraternity88
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️