:.: وَلًلَعًِيَـًـٍـًـٍدَِ هُـٍـًنـًـٍـًـٍـًاً مَـٍــًٍَــٍـًًذَاًقٌ خًـٍـــًٍاصً :.:

الأدب النبطي والفصيح






.

.

.


ولما انقضى شهـر الصيـام بفضله *** تجلَّى هـلالُ العيـدِ من جانبِ الغربِ
كحاجـبِ شيخٍ شابَ من طُولِ عُمْرِه *** يشيرُ لنا بالرمـز للأكْـلِ والشُّـرْب *1


:.:.:


أهـلاً بفِطْـرٍ قـد أضاء هـلالُـه **** فـالآنَ فاغْدُ على الصِّحاب وبَكِّـرِ
وانظـرْ إليـه كزورقٍ من فِضَّــةٍ *** قـد أثقلتْـهُ حمـولـةٌ من عَنْبَـرِ*2


.
.
.


سلام الله عليكنّ ورحمته وبركاته ...

ها نحن جميعا نودع حبيب رحل في استقبال حبيب آخر وهو العيد ...

هذا العيد الذي هو هدية من الله لمن اجتهد وعمل في رمضان ...

فمن منا يا ترى كانت من المقبولات في هذا الشهر الكريم ؟...

من ؟.....

أسأل الله لنا ولكنّ القبول ...

.
.
.

منذ فترة خطر ببالي أن أضع لكنّ موضوعا عن العيد ....

وكانت الفكرة أن يكون الموضوع شاملا لـ طرائف الأدباء في العيد وحكاويهم

وأشعارهم والأشياء التي كانوا يعلمونا في العيد إضافة للمأكولات والحلويات والألعاب

التي يعملونها أطفالهم في ذلك اليوم ...

ولكن لضيق الوقت لم أجمع إلا القليل ولم أحقق ما كنت أصبو إليه وأتمناه ,

.
.
.

سأضع لكن الآن ما جمعته في الأيام التي مضت راجية من الله أن ينال اعجابكن

ورضاكن .

وإن حصل لي أن جمعت غير ما كتبت هنا فسأضعه بإذن الله ...

.

.

.

يتبــــع ...



9
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

* كـان*
* كـان*




سأبدأ أولا بمقال قرأته وأعجبني وهو يتلكم عن العيد في الأدب العربي ...


العيد في المجتمعات الإسلامية مناسبة متميزة لكونه فرصة للفرح والسرور والتواصل الاجتماعي.

ومن مظاهر تميز الأعياد في الإسلام أنها تأتي بعد الانتهاء من عبادتين مهمتين وركنين من أركان

الإسلام، شهر رمضان والحج، وعلى الرغم من الجدية السلوكية المرتبطة بهاتين المناسبتين

العباديتين فقد تميز العيدان بالسرور والفرح والأكل والشرب وممارسة المناشط الاحتفالية والترفيهية ..

ولهذا كان العيد أحد الموضوعات التي سجَّلها الأدب العربي خطابة ونثراً وشعراً، ففي باب الخطابة نجد

كثيراً من الخطب البليغة التي ألقيت بمناسبة العيد أو أثناء أيام العيد. ولاشك أن خطبة الرسول

الشهيرة التي ألقاها صلى الله عليه وسلم في يوم النحر في حجة الوداع هي أشهر الخطب وأهمها في

هذا المجال. وهي من جوامع الكلم التي أرست كثيراً من المفاهيم الإسلامية المهمة واستمع إليها أكثر

من مئة ألف شخص تفرقوا في مشارق الأرض ومغاربها مبلغين عن الرسول صلى الله عليه وسلم،

ثم خطب خلفاؤه وخلفاء الدولة الأموية والعباسية وغيرهم من حكام الدول الإسلامية طوال التاريخ.

بل إن العيد قد أفاد الأدب العربي ببعض الطرائف التي نتجت عن كون الخطيب غير موفق أو أخطأ أو

استغلق عليه. فمن ذلك أن أحد الخلفاء صعد المنبر فحصر ولم يستطع أن يقول شيئاً فنزل، فاعتذر

عنه أحد الشعراء بقوله:


حصر الإمام ولم يبين خطبة
للناس في حل وفي إحرام

ماذاك إلا من حياء لم يكن
ما كان من عي ولا إفحام


وصعد أحد الولاة منبر البصرة فلم يستطع أن يقول شيئاً فقال: لا أجمع عليكم عياً وبخلاً ادخلوا سوق

الغنم فمن أخذ شاة فهي له أو عليّ ثمنها. وهو اعتذار لطيف يتمنى كثير من المعيِّدين أن يسمعوه قبل

الذهاب إلى شراء ذبيحة العيد.

وقد أقام أحدهم خطيباً من دفتر على الرغم من ذلك غلط في الآية الكريمة {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله

حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} فغلط وقرأ «مشركون» بدلاً من «مسلمون». فقال فيه أحد

شياطين الشعراء الذي يتلقفون الهفوات ويشيعونها:


وقام في الناس خاطباً
يحرض الناس على الكفر !


وكان للرسائل الإخوانية والمعايدات الأدبية شأن في تاريخ الأعياد. ولكن الشعر فاز بنصيب الأسد

لسهولة حفظه وسيرورته. وقد تنوعت أغراضه واختلفت أساليبه وكان في كثير من الأحيان صورة

لما يعتلج في نفس الشاعر من فرحة وألم ورغبة ورهبة وبعد وقرب يلمّ الشمل.

:.:.:

تهاني الشعراء للملوك بالعيد:

يلاحظ المتتبع لموضوع العيد في الأدب العربي أن المدائح بمناسبة العيد قد شغلت حيزاً كبيراً من

أشعار العيد وأن بعضها يعتبر من غرر الشعر العربي. من هذه القصائد رائية البحتري التي يهنىء بها

المتوكل العباسي بصومه وعيده ويصف فيها خروجه للصلاة وخطبته البليغة:


بالبر صمت وأنت أفضل صائم

وبسنة الله الرضية تفطر

فانعم بعيد الفطر عيداً إنه

يوم أغر من الزمان مشهر


إلى أن يقول:

أظهرت عز الملك فيه بمحفل

لجب يحاط الدين فيه وينصر

خلنا الجبال تسير فيه وقد غدت

عدداً يسير بها العديد الأكثر

فالخيل تصهل والفوارس تدعى

والبيض تلمع والأسنة تزهر

والشمس ماتعة توقد بالضحى

طوراً ويطفئها العجاج الأكدر



وقال المتنبي مهنئًا سيف الدولة عند انسلاخ شهر رمضان:

الصَّوْمُ والفِطْرُ والأعيادُ والعُصُر *** منيرةٌ بكَ حتى الشمسُ والقمرُ

:.:.:

وبعض الشعراء استغل فرصة العيد ليذكر بالخير والحث على الصدقة كما فعل

الشاعر محمد الأسمر:


هذا هو العيد فلتصف النفوس به
وبذلك الخير فيه خير ما صنعا

أيام موسم للبر تزرعه
وعند ربي يخبئ المرء ما زرعا

فتعهدوا الناس فيه ممن أضر به
ريب الزمان ومن كانوا لكم تبعا

وبددوا عن ذوي القربى شجونهم
دعا الإله لهذا والرسول معا

وآسوا البرايا وكونوا في دياجرهم

بدراً رآه ظلام الليل فانقشعا

خير الكواكب ما أهدى أشعته
للمدلجين إذا جن الدجى سطعا

وبعضها في علاه لاضياء له
فليس يجديه شيئاً أن ارتفعا


:.:.:

ومن الشعراء من يستبشر خيراً بقدوم العيد ويأمل أن يحل مشكلاته أو مشكلات المجتمع.

فهذا الشاعر الجمبلاطي يأمل أن يكون العيد فرصة لمساعدة الفقراء والمكروبين:


طاف البشير بنا مذ أقبل العيد
فالبشر مرتقب والبذل محمود

ياعيد كل فقير هز راحته
شوقاً وكل غني هزه الجود


أما يحيى حسن توفيق فيأمل أن يكون العيد فرصة للقاء محبوبته حيث يقول:

اليوم عيد فهل في العيد ألقاك
يامنية القلب إن العيد لقياك

الناس قد فرحوا بالعيد وابتهجوا
وبت تؤرقني في العيد ذكراك


:.:.:

والعيد هو موسم الحلاوة والكعك، وهذه لم يفتها نصيبها من الشعر، وعد أحد الشعراء صديقاً له أن

يرسل إليه دقيقاً يصنع منه كعك العيد وكان ذلك أثناء الحرب العالمية الثانية. ولكن الظروف لم تكن

مواتية فلم يرسل الشاعر الدقيق فكتب إليه الصديق يقول:


قال خيري وأين ما قال خيري
لك عندي دقيق كعك العيد

لفظة قالها ومطلق وعد
ضم موت الوفاء بالموعد


إلى أن قال:

أيها المرسل الهدايا كلاماً
ليس فيما أرسلته من مزيد

قد عجنّا ما قلت لفظاً فلفظاً
وخبزنا منه هجاء القصيد


إلى أن قال معزياً نفسه ومن هم في مثل حاله بدعوتهم إلى القناعة بالمتيسر من الخبز:

ليت شعري مالي وكعك العيد
إن هذا من الخيال البعيد

إن ظفرتم بالخبز غير مشوب
فاجعلوه تحية التعييد

فهو يغني الغداة عن كل كعك
وهو «بقلاوة» الزمان الجديد



:.:.:

يتــــــــبع ...



* كـان*
* كـان*
سأبدأ أولا بمقال قرأته وأعجبني وهو يتلكم عن العيد في الأدب العربي ... العيد في المجتمعات الإسلامية مناسبة متميزة لكونه فرصة للفرح والسرور والتواصل الاجتماعي. ومن مظاهر تميز الأعياد في الإسلام أنها تأتي بعد الانتهاء من عبادتين مهمتين وركنين من أركان الإسلام، شهر رمضان والحج، وعلى الرغم من الجدية السلوكية المرتبطة بهاتين المناسبتين العباديتين فقد تميز العيدان بالسرور والفرح والأكل والشرب وممارسة المناشط الاحتفالية والترفيهية .. ولهذا كان العيد أحد الموضوعات التي سجَّلها الأدب العربي خطابة ونثراً وشعراً، ففي باب الخطابة نجد كثيراً من الخطب البليغة التي ألقيت بمناسبة العيد أو أثناء أيام العيد. ولاشك أن خطبة الرسول الشهيرة التي ألقاها صلى الله عليه وسلم في يوم النحر في حجة الوداع هي أشهر الخطب وأهمها في هذا المجال. وهي من جوامع الكلم التي أرست كثيراً من المفاهيم الإسلامية المهمة واستمع إليها أكثر من مئة ألف شخص تفرقوا في مشارق الأرض ومغاربها مبلغين عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم خطب خلفاؤه وخلفاء الدولة الأموية والعباسية وغيرهم من حكام الدول الإسلامية طوال التاريخ. بل إن العيد قد أفاد الأدب العربي ببعض الطرائف التي نتجت عن كون الخطيب غير موفق أو أخطأ أو استغلق عليه. فمن ذلك أن أحد الخلفاء صعد المنبر فحصر ولم يستطع أن يقول شيئاً فنزل، فاعتذر عنه أحد الشعراء بقوله: حصر الإمام ولم يبين خطبة للناس في حل وفي إحرام ماذاك إلا من حياء لم يكن ما كان من عي ولا إفحام وصعد أحد الولاة منبر البصرة فلم يستطع أن يقول شيئاً فقال: لا أجمع عليكم عياً وبخلاً ادخلوا سوق الغنم فمن أخذ شاة فهي له أو عليّ ثمنها. وهو اعتذار لطيف يتمنى كثير من المعيِّدين أن يسمعوه قبل الذهاب إلى شراء ذبيحة العيد. وقد أقام أحدهم خطيباً من دفتر على الرغم من ذلك غلط في الآية الكريمة {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} فغلط وقرأ «مشركون» بدلاً من «مسلمون». فقال فيه أحد شياطين الشعراء الذي يتلقفون الهفوات ويشيعونها: وقام في الناس خاطباً يحرض الناس على الكفر ! وكان للرسائل الإخوانية والمعايدات الأدبية شأن في تاريخ الأعياد. ولكن الشعر فاز بنصيب الأسد لسهولة حفظه وسيرورته. وقد تنوعت أغراضه واختلفت أساليبه وكان في كثير من الأحيان صورة لما يعتلج في نفس الشاعر من فرحة وألم ورغبة ورهبة وبعد وقرب يلمّ الشمل. :.:.: تهاني الشعراء للملوك بالعيد: يلاحظ المتتبع لموضوع العيد في الأدب العربي أن المدائح بمناسبة العيد قد شغلت حيزاً كبيراً من أشعار العيد وأن بعضها يعتبر من غرر الشعر العربي. من هذه القصائد رائية البحتري التي يهنىء بها المتوكل العباسي بصومه وعيده ويصف فيها خروجه للصلاة وخطبته البليغة: بالبر صمت وأنت أفضل صائم وبسنة الله الرضية تفطر فانعم بعيد الفطر عيداً إنه يوم أغر من الزمان مشهر إلى أن يقول: أظهرت عز الملك فيه بمحفل لجب يحاط الدين فيه وينصر خلنا الجبال تسير فيه وقد غدت عدداً يسير بها العديد الأكثر فالخيل تصهل والفوارس تدعى والبيض تلمع والأسنة تزهر والشمس ماتعة توقد بالضحى طوراً ويطفئها العجاج الأكدر وقال المتنبي مهنئًا سيف الدولة عند انسلاخ شهر رمضان: الصَّوْمُ والفِطْرُ والأعيادُ والعُصُر *** منيرةٌ بكَ حتى الشمسُ والقمرُ :.:.: وبعض الشعراء استغل فرصة العيد ليذكر بالخير والحث على الصدقة كما فعل الشاعر محمد الأسمر: هذا هو العيد فلتصف النفوس به وبذلك الخير فيه خير ما صنعا أيام موسم للبر تزرعه وعند ربي يخبئ المرء ما زرعا فتعهدوا الناس فيه ممن أضر به ريب الزمان ومن كانوا لكم تبعا وبددوا عن ذوي القربى شجونهم دعا الإله لهذا والرسول معا وآسوا البرايا وكونوا في دياجرهم بدراً رآه ظلام الليل فانقشعا خير الكواكب ما أهدى أشعته للمدلجين إذا جن الدجى سطعا وبعضها في علاه لاضياء له فليس يجديه شيئاً أن ارتفعا :.:.: ومن الشعراء من يستبشر خيراً بقدوم العيد ويأمل أن يحل مشكلاته أو مشكلات المجتمع. فهذا الشاعر الجمبلاطي يأمل أن يكون العيد فرصة لمساعدة الفقراء والمكروبين: طاف البشير بنا مذ أقبل العيد فالبشر مرتقب والبذل محمود ياعيد كل فقير هز راحته شوقاً وكل غني هزه الجود أما يحيى حسن توفيق فيأمل أن يكون العيد فرصة للقاء محبوبته حيث يقول: اليوم عيد فهل في العيد ألقاك يامنية القلب إن العيد لقياك الناس قد فرحوا بالعيد وابتهجوا وبت تؤرقني في العيد ذكراك :.:.: والعيد هو موسم الحلاوة والكعك، وهذه لم يفتها نصيبها من الشعر، وعد أحد الشعراء صديقاً له أن يرسل إليه دقيقاً يصنع منه كعك العيد وكان ذلك أثناء الحرب العالمية الثانية. ولكن الظروف لم تكن مواتية فلم يرسل الشاعر الدقيق فكتب إليه الصديق يقول: قال خيري وأين ما قال خيري لك عندي دقيق كعك العيد لفظة قالها ومطلق وعد ضم موت الوفاء بالموعد إلى أن قال: أيها المرسل الهدايا كلاماً ليس فيما أرسلته من مزيد قد عجنّا ما قلت لفظاً فلفظاً وخبزنا منه هجاء القصيد إلى أن قال معزياً نفسه ومن هم في مثل حاله بدعوتهم إلى القناعة بالمتيسر من الخبز: ليت شعري مالي وكعك العيد إن هذا من الخيال البعيد إن ظفرتم بالخبز غير مشوب فاجعلوه تحية التعييد فهو يغني الغداة عن كل كعك وهو «بقلاوة» الزمان الجديد :.:.: يتــــــــبع ...
سأبدأ أولا بمقال قرأته وأعجبني وهو يتلكم عن العيد في الأدب العربي ... العيد في المجتمعات...




حقيقة معنى العيد:

وقد يغفل البعض عن المعنى الحقيقي للعيد فيحصرونه في لبس الجديد واللهو واللعب ،وإن كان ذلك من

علامات العيد ولكن هناك أمورًا أخرى نبه إليها أبو إسحاق الألبيري حول حقيقة معنى العيد؛ فيقول:


ما عيدك الفخم إلا يوم يغفر لك
لا أن تجرَّ به مستكبراً حللك

كم من جديد ثيابٍ دينه خلق
تكاد تلعنه الأقطار حيث سلك

ومن مرقع الأطمار ذي ورع
بكت عليه السما والأرض حين هلك


بالبر صمت وأنت أفضل صائم
وبسنة الله الرضية تفطر

فأنعم بعيد الفطر عيداً إنه
يوم أغر من الزمان مشهر


وللشاعر يحيى حسن توفيق قصيدة بعنوان «ليلة العيد» يستبشر في مطلعها بقوله:

بشائر العيد تترا غنية الصور *** وطابع البشر يكسو أوجه البشر

وموكب العيد يدنو صاخباً طرباً *** في عين وامقة أو قلب منتظر


ويستمر في وصفه حتى يختمها بقوله:

ياليلة العيد كم في العيد من عبر *** لمن أراد رشاد العقل والبشر

:.:.:

- الشكوى وندب الحال:

ولا يخلو العيد في كثير من الأحيان من منغصات قد يتعرض لها الشاعر خاصة في نفسه أو أهله وقد

عبر عن ذلك كثير من الشعراء في قصائد خلدها التاريخ، يكاد من يقرؤها يشارك الشاعر معاناته

ويلامس صوره وأحاسيسه، ولعل أشهر ما قيل في ذلك دالية المتنبي في وصف حاله بمصر والتي يقول

في مطلعها:


عيـدٌ بأيّـةِ حـالٍ جِئْـتَ يا عيـدُ *** بما مضـى أم بأمْـرٍ فيكَ تجديـدُ

أمّـا الأحِبـة فالبيـداءُ دونَـهــم *** فليـت دونـك بيـداً دونهـم بيـدُ



وما شكوى المعتمدُ بن عباد بعد زوال ملكه، وحبسه في (أغمات) بخافية على أي متصفح لكتب الأدب

العربي؛ حين قال وهو يرى بناته جائعات عاريات حافيات في يوم العيد:


فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا *** وكان عيدك باللّذات معمورا

وكنت تحسب أن العيد مسعدةٌ *** فساءك العيد في أغمات مأسورا

ترى بناتك في الأطمار جائعةً *** في لبسهنّ رأيت الفقر مسطورا

معاشهنّ بعيد العــزّ ممتهنٌ *** يغـزلن للناس لا يملكن قطميرا

أفطرت في العيد لا عادت إساءتُه *** ولست يا عيدُ مني اليوم معذورا

وكنت تحسب أن الفطر مُبتَهَـجٌ *** فعاد فطرك للأكبــاد تفطيرا


:.:

ويبث الشاعر العراقي السيد مصطفى جمال الدين شكوى أيام صباه الأولي في قصيدة

رائعة قال فيها:


العيدُ أقبلَ تُسْعِـدُ الأطفـالَ ما حملتْ يـداه

لُعَباً وأثوابـاً وأنغامـاً تَضِـجُّ بهــا الشِّفاه

وفتاكَ يبحثُ بينَ أسرابِ الطفولةِ عن (نِداه)

فيعـودُ في أهدابه دَمْعٌ، وفي شفتيـه (آه)


ويقول في قصيدة أخرى:

هـذا هـو العيـدُ، أيـنَ الأهـلُ والفـرحُ

ضاقـتْ بهِ النَّفْسُ، أم أوْدَتْ به القُرَحُ؟!

وأيـنَ أحبابُنـا ضـاعـتْ مـلامحُـهـم

مَـنْ في البلاد بقي منهم، ومن نزحوا؟!



وفي قصيدة ثالثة يقول:

يا عيدُ عرِّجْ فقد طالَ الظّما وجَفَتْ *** تِلكَ السنونُ التي كم أيْنَعَتْ عِنَبـا

يا عيدُ عُدنْـا أعِدْنا للذي فرِحَتْ *** به الصغيراتُ من أحلامنا فخبـا

مَنْ غيّبَ الضحكةَ البيضاءَ من غَدِنا *** مَنْ فَـرَّ بالفرحِ السهرانِ مَنْ هَربَا

لم يبقَ من عيدنا إلا الذي تَرَكَتْ *** لنا يـداهُ ومـا أعطى وما وَهَبـا

من ذكرياتٍ أقَمنا العُمرَ نَعصِرُها *** فما شربنا ولا داعي المُنى شَرِبـا

يا عيدُ هَلاّ تَذَكرتَ الذي أخَـذَتْ *** منّا الليالي وما من كأسِنا انسَكَبا

وهل تَذَكَّرتَ أطفالاً مباهِجُهُـم *** يا عيدُ في صُبْحِكَ الآتي إذا اقتربا

هَلاّ تَذَكَّرتَ ليلَ الأَمـسِ تملؤُهُ *** بِشْراً إذا جِئْتَ أينَ البِشْرُ؟.. قد ذَهَبا


:.:.:

- العيد خلف قضبان السجن:

ويتعرض بعض الشعراء لمحنة السجن والانقطاع عن الأهل والأحباب والأبناء، ويأتي العيد؛ وهم خلف

القضبان، فتثور في نفوسهم الذكريات؛ فهذا الشاعر عمرو خليفة النامي الذي كتب قصيدته (يا ليلة

العيد) وهو بين قضبان السجون يصوّر فيها ما يعانيه هو وأحباؤه من مأساة الظلم والطغيان، فما أشد

ما يلاقيه الشاعر وهو في زنزانة ضيقة تطوف بخاطره وخياله صورة أطفاله وأبنائه وهم ينتظرونه في

ليلة العيد، حتى يصور الشاعر نفسه كأنه يبصر أولاده والدمع ينهمر من أعينهم شوقًا إليه، فكيف

تكون فرحة الأطفال بالعيد والآباء يرسفون في السلاسل والقيود؟:


يا ليلة العيد كم أقررت مضطربًـا *** لكن حظي كان الحــزن والأرق

أكاد أبصرهم والدمع يطفر مـن *** أجفانهم ودعاء الحـب يختنـق

يا عيد، يا فرحة الأطفال ما صنعت *** أطفالنا نحن والأقفـال تنغلـق

ما كنت أحسب أن العيد يطرقنا *** والقيد في الرسغ والأبواب تصطفق



:.:.:

إنها مشاعر جياشة تثور مع عودة العيد على المعتقلين في السجون خصوصًا إذاكان السجن ظلمًا،

فتثور الذكريات ويعيش كل منهم ذكرياته مع الأهل والأصدقاء والأطفال، يقول الشيخ إبراهيم عزت في

يوم العيد:


اليومَ عيد
قد عشتُ فيه ألفَ قصةٍ حبيبةِ السِّمات
أردِّدُ الأذانَ في البُكور
أراقبُ الصغارَ يمرحونَ في الطريقِ كالزُّهور
وهذه تحيةُ الصَّباح
وهذه ابتسامةُ الصديقِ للصديق
الكلُّ عائدٌ بفرحةٍ تطلُّ مشرِقة
من الشفاهِ والعيون
ودارُنا ستنتظر
صغيرتي ستنتظر
والشُّرفةُ التي على الطريقِ
تسمَعُ الصدور
تعزفُ الأشواقَ
تعصِرُ الأسى
هشامُ لن ينام
قد كان نومه على ذراع والده
نهادُ لن تذوقَ زادَها
لأنها تعوّدتْ أن تبدأَ الطعامَ من يدِ الأسير
شريكةُ الأسى بدا جناحُها الكسير
تُخَبِّئُ الدُّموعَ عن صغارِها
وحينما يلفُّها السُّكون
سترتدي الصَّقيع
كي تقدّمَ الحياةَ للرضيع


:.:.:

أما الأهل في خارج السجن فلم يكن حالهم بأفضل من حال من بداخله حيث يصف الطاهر

إبراهيم ذلك حين يقول:


يا رب هذا العيد وافى والنفوس بها شجون

لبس الصغار جديدهم فيه وهم يستبشرون

بجديد أحذية وأثواب لهم يتبخترون

ولذيذ حلوى العيد بالأيدي بها يتخاطفون

وهناك خلف الباب أطفال لنا يتساءلون

أمي صلاة العيد حانت أين والدنا الحنون؟

إنا توضأنا -كعادتنا - وعند الباب (أمي) واقفون

زفرت تئن وقد بدا في وجهها الألم الدفين

ورنت إليهم في أسى واغرورقت منها العيون

العيد ليس لكم أحبائي فوالدكم سجين


:.:.:

- حال المسلمين ومآسيهم:

لم تعرف الأمة في عهودها السابقة حالة الاستضعاف التي شهدتها في القرن الماضي، لذلك كثر وصف

الشعراء لمآسي الأمة وأحزانها خصوصًا كلما عاد العيد ومن ذلك قول الشاعر عمر بهاء الدين

الأميري:


يقولـونَ لـي: عيـدٌ سعيـدٌ، وإنَّهُ *** ليـومُ حسابٍ لـو نحـسُّ ونشعـرُ

أعيـدٌ سعيـدٌ!! يالها من سعـادةٍ *** وأوطانُنـا فيهـا الشقاءُ يزمـجـرُ


وقوله:

يمـرُّ علينا العيـدُ مُـرَّا مضرَّجـاً *** بأكبادنا والقدسُ في الأسْـرِ تصـرخُ

عسى أنْ يعـودَ العيـدُ باللهِ عـزّةً *** ونَصْـراً، ويُمْحى العارُ عنّا ويُنْسَـخُ


وشكوى الشاعر عمر أبو الريشة:

يا عيـدُ ما افْتَرَّ ثَغْرُ المجدِ يا عيد *** فكيـف تلقاكَ بالبِشْـرِ الزغـاريـدُ؟

يا عيدُ كم في روابي القدسِ من كَبِدٍ *** لها على الرَّفْـرَفِ العُلْـوِيِّ تَعْييــدُ؟

سينجلـي لَيْلُنا عـن فَجْـرِ مُعْتَرَكٍ *** ونحـنُ في فمـه المشْبوبِ تَغْريـدُ


:.:.:

أما الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي فيقول في قصيدته (عندما يحزن العيد) راثيًا

حال الأمة الإسلامية بما يشاهده من معاناتها:


أقبلت يا عيد والأحزان نائمـة *** على فراشي وطرف الشوق سهران

من أين نفرح يا عيد الجراح وفي *** قلوبنا من صنوف الهمِّ ألـــوان؟

من أين نفرح والأحداث عاصفة *** وللدُّمى مـقـل ترنـو وآذان؟



ثم ينتقل إلى الجرح الذي لم يندمل، والذي يؤرق الأمة الإسلامية ألا وهو جراحات مقدساتها

العظيمة التي سلبها عدوّها لما نام عنها راعيها من المسلمين فقال:



من أين والمسجد الأقصى محطمة *** آمالـه وفؤاد القـدس ولهـان؟

من أين نفرح يا عيد الجراح وفي *** دروبنا جدر قامـت وكثبـان؟



وبعدها يشتاق قلب الشاعر إلى إخوانه وأحبائه وأهله إلى كل من لم يطعم الراحة والهناء

تحت ظل الأمة الإسلامية ليواسيهم، ويواسي جراحات قلبه وآلام نفسه فيقول:


أصبحت في يوم عيدي والسؤال على *** ثغري يئن وفي الأحشاء نيـران

أين الأحبـة وارتـد السـؤال إلى *** صدري سهامًا لها في الطعن إمعان؟


:.:.:

وعندما سُئل الشاعر محمد المشعانُ عن العيد ماذا يقول له؟ أجاب سائله وهو يتحسر على

ما آل إليه حال أمته الإسلامية من التفرق والخصام قائلاً:


ماذا تقول لهذا العيد يا شاعر؟ *** أقول: يا عيد ألق الرحل أو غادر

ما أنت يا عيد والأتراح جاثمـة *** إلا سؤال سخيف مرَّ بالخاطـر

ما أنت يا عيد والعربان قد ثكلوا *** جمالهم والمراعي وانتهى الماطر؟

ما أنت يا عيد في قوم يمر بهـم ** ركب الشعوب وهم في دهشة الحائر


:.:.:


وتتفاعل الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان مع أخواتها اللاجئات الفلسطينيات بين الخيام

لتصور مأساتهن وما يعانينه من آلام التشرد واللجوء في يوم العيد فتقول:


أختاه، هذا العيد رفَّ سناه في روح الوجودْ

وأشاع في قلب الحياة بشاشة الفجر السعيدْ

وأراك ما بين الخيام قبعتِ تمثالاً شقيًّا

متهالكاً، يطوي وراء جموده ألماً عتيًّا

يرنو إلى اللاشيء.. منسرحاً مع الأفق البعيدْ

أختاه، مالك إن نظرت إلى جموع العابرينْ

ولمحت أسراب الصبايا من بنات المترفينْ

من كل راقصة الخطى كادت بنشوتها تطيرُ

العيد يضحك في محيّاها ويلتمع السرورُ

أطرقتِ واجمة كأنك صورة الألم الدفينْ؟


:.:.:

وتذكر الشاعرة أخواتها بالعيد أيام الطفولة حيث المرح واللهو الطفولي في يافا وغيرها من مدن

فلسطين التي استولى عليها المحتل الغاصب، وحرم أهلها من الابتسامة وفرحة العيد:


أترى ذكرتِ مباهج الأعياد في (يافا) الجميلهْ؟

أهفت بقلبك ذكريات العيد أيام الطفولهْ؟

إذ أنت كالحسون تنطلقين في زهوٍ غريرِ

والعقدة الحمراء قد رفّتْ على الرأس الصغير

والشعر منسدلٌ على الكتفين، محلول الجديلهْ؟

إذ أنت تنطلقين بين ملاعب البلد الحبيبِ

تتراكضين مع اللّدات بموكب فرح طروبِ

طوراً إلى أرجوحة نُصبت هناك على الرمالِ

طوراً إلى ظل المغارس في كنوز البرتقالِ

والعيد يملأ جوّكن بروحه المرح اللعوبِ؟


:.:.:

أما اليوم فلا تجد الفلسطينية غير الذكريات، ذكريات الطفولة تعيشها بين دموع فقد الدار

والطرد والتشريد:


واليوم؛ ماذا اليوم غير الذكريات ونارها؟

واليوم، ماذا غير قصة بؤسكنَّ وعارها؟

لا الدار دارٌ، لا، ولا كالأمس، هذا العيد عيدُ

هل يعرف الأعياد أو أفراحها روحٌ طريدُ

عان, تقلّبه الحياة على جحيم قفارها


ثم تصرخ وكأنها تقرر حقيقة مُرَّة وهي أن هذا العيد ليس لهم إنما هو للمترفين الذين لم تحركهم

مأساة أخواتهم المشردات في الخيام المطاردات على الحدود في كل مكان هؤلاء الذين يحتفلون

بالعيد ويفرحون به دون شعور بهذه المآسي إنما هم ميتو الإحساس والشعور، إنه عيد الميتين:


أختاه, هذا العيد عيد المترفين الهانئِين

عيد الألى بقصورهم وبروجهم متنعمين

عيد الألى لا العار حرّكهم, ولا ذلّ المصيرْ

فكأنهم جثث هناك بلا حياة أو شعورْ

أختاه, لا تبكي, فهذا العيد عيد الميّتين!




:.:.:.:.:.:.:.:.:

* القصيدة لابن الرومي .1

* القصيدة لابن المعتز .2

* المجلة العربية العدد 299 ( العيد في الأدب العربي )

* ( العيد في عيون الشعراء ( للدكتور عز الدين فرحات

عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية )..

:.:.:

منقـــــول بتصــــــــرف


* كـان*
* كـان*
وهذه مسرحية للأديب الكبير الأستاذ: علي أحمد باكثير ..

قرأتها وأعجبتني كثيرا ....


مسرحية كسوة العيد

-1-

في بيت محمد بن عمر الواقدي

الواقدي: أوقد أقبل العيد يا عمرة! ما أسرع ما أقبل!

عمرة: مابقي عليه غير جمعة.

الواقدي: جمعة واحدة؟ لا أكاد أصدق!

عمرة: غيرك يا أبا عمر يستعد له قبل حضوره بأشهر.

الواقدي: أولئك الواجدون الفارغون يا عمرة. ولست بحمد الله منهم.

عمرة: بل الذين يهتمون بأهلهم وبصغارهم قبل أن يهتموا بأنفسهم، هؤلاء جيراننا ليس فيهم من هو

أغنى منك، ومع ذلك فانظر إلى صبيانهم وصبياننا، تجد أن صبيانهم قد اشتريت لهم الثياب الجديدة للعيد

من ثلاث جمع. وفُصلت لهم منذ جمعة، فهم بها فرحون، يقلبونها كل يوم. ينتظرون حضور العيد بلهفة

وشوق، لكي يلبسوها ويختالوا بها بين أقرانهم، أما صبياننا فأذلاء منكسرون، يريهم صبيان الجيران

ثياب عيدهم الجديدة، ويسألونهم عن ثياب عيدهم، فلا يجدون جوابا.

الواقدي: حسبك يا عمرة، فلقط قطعت قلبي رحمة لهم، هلا نبهتنا إلى ذلك من قبل؟

عمرة: يالي منك يا أبا عمر، ألم أنبهك قبل اليوم أكثر من مرة؟! فكنت تقول لي دائما. فيما بعد يا عمرة،

فيما بعد؟

الواقدي: ذلك أنك لا تحسنين اختيار الوقت الملائم يا عمرة، ما كان يحلو لك أن تكلميني في هذا الشأن

إلا حين كنت تجديني أقرأ أو أكتب.

عمرة: سبحان الله! وهل أجدك في البيت أبداً إلا تقرأ أو تكتب؟!

الواقدي: لا تظلميني يا أم عمر، فها أنت ذي الآن قد وجدتني لا أقرأ ولا أكتب، إذ أحسنت الاختيار

فاستطعت أن أصغي إلى حديثك.

عمرة: فاعمل لصبياننا إذن شيئاً قبل أن تنقضي هذه الجمعة ويأتي العيد.

الواقدي: والله لا أدري ماذا أعمل لهم، فقد ضاق الوقت وليس عندي اليوم أكثر من عشرة دراهم.

عمرة: عليك أن تحتال لهم بشيء.

الواقدي: كيف يا عمرة؟ ماذا أصنع؟

عمرة: إذا احتجت إلى كتاب أو إلى قراطيس فأنت تحتال على أصحابك الوراقين، دون أن تستشيرني أو

تلجأ إلى رأيي، أما في كسوة صغارنا للعيد فإنك تسألني كيف يا عمرة؟ ماذا أصنع يا عمرة؟

الواقدي: إنك قاسية عليّ يا أم عمر، أليس لي أن أستعين برأيك لعلك ترشديني إلى حيلة أو إلى سبيل؟

عمرة: أين أنت من صديقيك الحميمين، الهاشمي وأبي صالح؟ فإنك تزعم لي دائماً أنكم أنت الثلاثة

كنفس واحدة؟
الواقدي: أجل هذا رأى حسن يا عمرة، ولكن العيد سيأتي عليهما أيضا كما يأتي عليّ، ولكل منهما

صبيانه، وعسى أن يكونا اليوم في مثل حالي من الحاجة والعوز، بل لعلهما فكرا في اللجوء إليّ ثم

عدلا لمعرفتهما بحالي.

عمرة: سبحان الله! ماذا يضيرك أن تكتب إلى أحدهما؟! فإن وجد عنده شيئا أعطاك وإلا اعتذر لك؟ إن

الصديق الحق هو الذي يفعل ذلك.

الواقدي: إلى أيهما توصينني أن أكتب؟

عمرة: أنت أعرف بهما مني.

الواقدي: الهاشمي أقل أولاداً من أبي صالح.

عمرة: فاكتب إذن إليه، واشرح له حالك شرحا وافياً. حتى يعلم أنك لم تلجأ إليه إلا في ضرورة قاسية

:.:.:

-2-

في بيت محمد بن عبدالرحمن الهاشمي

الهاشمي: أين الكيس الذي وضعته عندك يا خديجة؟

خديجة: ماذا تصنع به؟ لقد قلت لي إنك مشغول اليوم. ولا تستطيع أن تشتري لصبياننا ثياب العيد إلا

من الغد.

الهاشمي: بل سأشتريها اليوم يا خديجة.

خديجة: هذا أفضل فما بقي على العيد غير جمعة واحدة. انتظر، سأحضره لك.

الهاشمي: مسكينة ستفجع حين تعلم.

خديجة: خذ الكيس، فيه ألف درهم لم تمس، بحاله كما سلمته إلي.

الهاشمي: أصغي إليّ يا خديجة هبي أن هذا الكيس عند صديقنا الواقدي، وأنه علم بحاجتنا إليه، فبعث

به إلينا لنشتري به لصبياننا كسوة العيد، أفلا يكون سرورنا حينئذ عظيماً؟

خديجة: بلى يا ابن عبد الرحمن.

الهاشمي: أفيجمل بي يا خديجة أن أكون أنا أقل مروءة منه وكرماً؟

خديجة: لا.

الهاشمي: أليس ينبغي أن أكون أكرم منه؟

خديجة: ويحك ماذا تريد أن تفعل بهذا الكيس؟

الهاشمي: أريد أن أبعث به إلى الواقدي، فقد كتب إليّ يستقرضني ما يشتري به للأولاد كسوة العيد.

خديجة: أو ليس أولادك أحق بك من أولاده؟

الهاشمي: كلا يا خديجة لو كنت مكانه وكان هو مكاني لآثر أولادي على أولاده

خديجة: إذن فابعث إليه بمائة درهم أو مائتين ودع الباقي لأولادك.

الهاشمي: كلا لا أستطيع أن أوجه إليه بأقل من ألف درهم، فإن عنده أولادا كثيرين، فبكم يشتري لهم

من ثياب؟ وبكم يفصلها لهم؟ وبكم يشتري لهم من أحذية؟

خديجة: وأولادنا لا نترك لهم شيئاً؟

الهاشمي: سأكتب إلى صديقنا أبي صالح المغربي ليرسل إلينا بعض ما عنده فأبو صالح لا يخلو إن شاء

الله من مال.

:.:.:

-3-

في بيت الواقدي

عمرة: من ذا الذي جاء عندك يا أبا عمر؟

الواقدي: هذا رسول من صديقنا أبي صالح.

عمرة: أراك مسروراً بمجيئه، أتراه علم بما كنت فيه من ضيق فبعث إليك بألف درهم أخرى؟

الواقدي: صه. اخفضي صوتك حتى لا يسمعك.

عمرة: ظننته قد انصرف.

الواقدي: بل هو في صدر البيت بعد.

عمرة: وتركته وحده؟

الواقدي: لآتيه بما يريد.

عمرة: وماذا يريد؟

الواقدي: أن أسعفه بشيء يا عمرة.

عمرة: تسعفه بماذا؟

الواقدي: كتب إليّ أبو صالح بمثل ما كتبت إلى الهاشمي يرجوني أن أقرضه ما يبتاع به

كسوة العيد لأولاده.

عمرة: وماذا قلت لرسوله؟

الواقدي: قلت له أنتظر حتى أبحث لك عن شيء.

عمرة: هلا قلت له من أول الأمر: إنك ما عندك شيء وأنك احتجت إلى ما تشتري به كسوة العيد

لأولادك فاستقرضته من الهاشمي؟

الواقدي: كلا ياعمرة: لا أستطيع أن أرد طلبا لأبي صالح.

عمرة: إنه لو علم بأنك استقرضت من الهاشمي لما كتب إليك يستقرض منك.

الواقدي: وأنى له أن يعلم ذلك؟

عمرة: عليك أنت أن تخبره بذلك.

الواقدي: معاذ الله! أين المروءة إذن يا عمرة؟ وأين التواسي بين الأصدقاء؟

عمرة: كأنك تريد مني أن آتيك بالكيس

الواقدي: أجل يا عمرة.

عمرة: كم تريد أن ترسل له من الألف درهم.

الواقدي: سأرسل له الكيس كله يا عمرة.

عمرة: ولا تترك لأولادنا شيئا.

الواقدي: سيجعل الله لهم مخرجا يا عمرة.

عمرة: من أين يا أبا عمر؟ لقد كان لك صديقان تلجأ إليهما عند الشدة: الهاشمي وأبو صالح،

فالهاشمي قد أخذت ما عنده وأبو صالح قد بعث ليأخذ ما عندك، فأين المخرج؟

الواقدي: يا عمرة إن الله يرزق أحدنا من حيث لا يحتسب. فثقي بالله ولا تفقدي الرجاء في بره وكرمه.

:.:.:

-4-

الواقدي: هذا الهاشمي يريد أن يزورنا يا عمرة فأعدي له شيئا من شراب الورد أو شراب الليمون.

عمرة: أهلا وسهلا به أهذا خادمه الذي كان عندك؟

الواقدي: نعم أرسله ليرى إن كنت في البيت فيحضر للزيارة.

عمرة: ترى ماذا يدفعه إلى زيارتك اليوم؟

الواقدي: كالعادة ليراني ويتحدث معي.

عمرة: ألا يجوز أن تكون زيارته ليرى إن كنت في حاجة إلى مزيد من العون؟

الواقدي: ثقي يا عمرة لو كان عنده أكثر من ألف درهم لبعث لي بأكثر من ألف درهم.

عمرة: ربما جاءه اليوم مال جديد لم يكن عنده بالأمس فأراد أن يعرض عليك المزيد.

الواقدي: إذن لبعث بالمال مع خادمه كما فعل في المرة الأولى دون حاجة إلى الزيارة.

عمرة: مهما يكن من أمر يا أبا عمر فعليك أن تخبره بقصة أبي صالح، حتى يعلم أنك لم

تنتفع بشيء مما بعث به إليك عسى أن يوجه إليك بألف درهم أخرى.

الواقدي: إني أستحي يا عمرة أن أطلب منه مرتين.

عمرة : تستحي من صديقك الحميم؟ غدا يعلم بالقصة لا محالة، فيغضب منك لأنك لم تخبره بالحقيقة

الواقدي: اسمعي يا عمرة إني سأحاول أولا أن أعرف حاله، فإن كان عنده شيء فسأحكي له قصة أبي

صالح، ليعطيني ألف درهم أخرى، وإلا لزمت الصمت وتجلدت؛ لئلا يشعر بشيء مما عندي. (يقرع

الباب)

عمرة: لعله هو يا أبا عمر.

الواقدي: هيا أعدي له الشراب وسأفتح له الباب. (يفتح الباب) ا

الهاشمي: السلام عليك يا واقدي؟

الواقدي: وعليك السلام ورحمة الله يا هاشمي. مرحبا بك تعال اجلس هنا في الصدر.

الهاشمي: (مازحاً) ألأني أقرضتك ألف درهم يا واقدي؟

الواقدي: كلا يا هاشمي، بل هذا مكانك، أنت أهل له.

الهاشمي: (ماضيا في مزاحه) ولو لم أقرضك شيئاً؟

الواقدي: ولو لم تقرضني شيئاً.

الهاشمي: أصدقني يا واقدي.

الواقدي: ما خطبك اليوم يا أبا هاشم؟

الهاشمي: بل ما خطبك أنت يا واقدي؟

الواقدي: والله إني ما أفهم شيئا مما تقول.

الهاشمي: هل تعرف هذا الكيس؟

الواقدي: لا لا أعرفه.

الهاشمي: أنظر إليه جيداً.

الواقدي: سبحان الله. كأنه الكيس الذي كنت قد وجهته إليّ.

الهاشمي: أجل إنه هو بعينه فماذا فعلت به ويحك؟

الواقدي: إني أريد أن أعرف أولا كيف وصل إليك؟

الهاشمي: بل أخبرني أنت أولا ماذا فعلت به؟

الواقدي: (كالمازح) اشتريت به كسوة العيد لأولادي.

الهاشمي: اشتريت الكسوة لهم من أبي صالح؟

الواقدي: أخذت أنت الكيس من أبي صالح؟

الهاشمي: نعم كتبت إليه استقرضه فبعث به إليّ.

الواقدي: ويل له لقد كتب إليّ يقول إنه في حاجة ليبتاع لأولاده كسوة عيدهم.

الهاشمي: ما أحسن ما تواسينا نحن الثلاثة، إنك وجهت إليّ وما كان عندي غير ما بعثت به إليك،

وكتبت إلى صديقنا أبي صالح أسأله المواساة، فإذا هو يوجه إليّ بكيسي نفسه.

الواقدي: الحمد لله الذي جعلنا أحباء فيه.

الهاشمي: وأصدقاء في طاعته وفيما يرضيه.

الواقدي: وما فجع أحد منا في مروءة أخيه.


(ستار)

:.:.:


يتبــــــــــع .....




* كـان*
* كـان*
حقيقة معنى العيد: وقد يغفل البعض عن المعنى الحقيقي للعيد فيحصرونه في لبس الجديد واللهو واللعب ،وإن كان ذلك من علامات العيد ولكن هناك أمورًا أخرى نبه إليها أبو إسحاق الألبيري حول حقيقة معنى العيد؛ فيقول: ما عيدك الفخم إلا يوم يغفر لك لا أن تجرَّ به مستكبراً حللك كم من جديد ثيابٍ دينه خلق تكاد تلعنه الأقطار حيث سلك ومن مرقع الأطمار ذي ورع بكت عليه السما والأرض حين هلك بالبر صمت وأنت أفضل صائم وبسنة الله الرضية تفطر فأنعم بعيد الفطر عيداً إنه يوم أغر من الزمان مشهر وللشاعر يحيى حسن توفيق قصيدة بعنوان «ليلة العيد» يستبشر في مطلعها بقوله: بشائر العيد تترا غنية الصور *** وطابع البشر يكسو أوجه البشر وموكب العيد يدنو صاخباً طرباً *** في عين وامقة أو قلب منتظر ويستمر في وصفه حتى يختمها بقوله: ياليلة العيد كم في العيد من عبر *** لمن أراد رشاد العقل والبشر :.:.: - الشكوى وندب الحال: ولا يخلو العيد في كثير من الأحيان من منغصات قد يتعرض لها الشاعر خاصة في نفسه أو أهله وقد عبر عن ذلك كثير من الشعراء في قصائد خلدها التاريخ، يكاد من يقرؤها يشارك الشاعر معاناته ويلامس صوره وأحاسيسه، ولعل أشهر ما قيل في ذلك دالية المتنبي في وصف حاله بمصر والتي يقول في مطلعها: عيـدٌ بأيّـةِ حـالٍ جِئْـتَ يا عيـدُ *** بما مضـى أم بأمْـرٍ فيكَ تجديـدُ أمّـا الأحِبـة فالبيـداءُ دونَـهــم *** فليـت دونـك بيـداً دونهـم بيـدُ وما شكوى المعتمدُ بن عباد بعد زوال ملكه، وحبسه في (أغمات) بخافية على أي متصفح لكتب الأدب العربي؛ حين قال وهو يرى بناته جائعات عاريات حافيات في يوم العيد: فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا *** وكان عيدك باللّذات معمورا وكنت تحسب أن العيد مسعدةٌ *** فساءك العيد في أغمات مأسورا ترى بناتك في الأطمار جائعةً *** في لبسهنّ رأيت الفقر مسطورا معاشهنّ بعيد العــزّ ممتهنٌ *** يغـزلن للناس لا يملكن قطميرا أفطرت في العيد لا عادت إساءتُه *** ولست يا عيدُ مني اليوم معذورا وكنت تحسب أن الفطر مُبتَهَـجٌ *** فعاد فطرك للأكبــاد تفطيرا :.: ويبث الشاعر العراقي السيد مصطفى جمال الدين شكوى أيام صباه الأولي في قصيدة رائعة قال فيها: العيدُ أقبلَ تُسْعِـدُ الأطفـالَ ما حملتْ يـداه لُعَباً وأثوابـاً وأنغامـاً تَضِـجُّ بهــا الشِّفاه وفتاكَ يبحثُ بينَ أسرابِ الطفولةِ عن (نِداه) فيعـودُ في أهدابه دَمْعٌ، وفي شفتيـه (آه) ويقول في قصيدة أخرى: هـذا هـو العيـدُ، أيـنَ الأهـلُ والفـرحُ ضاقـتْ بهِ النَّفْسُ، أم أوْدَتْ به القُرَحُ؟! وأيـنَ أحبابُنـا ضـاعـتْ مـلامحُـهـم مَـنْ في البلاد بقي منهم، ومن نزحوا؟! وفي قصيدة ثالثة يقول: يا عيدُ عرِّجْ فقد طالَ الظّما وجَفَتْ *** تِلكَ السنونُ التي كم أيْنَعَتْ عِنَبـا يا عيدُ عُدنْـا أعِدْنا للذي فرِحَتْ *** به الصغيراتُ من أحلامنا فخبـا مَنْ غيّبَ الضحكةَ البيضاءَ من غَدِنا *** مَنْ فَـرَّ بالفرحِ السهرانِ مَنْ هَربَا لم يبقَ من عيدنا إلا الذي تَرَكَتْ *** لنا يـداهُ ومـا أعطى وما وَهَبـا من ذكرياتٍ أقَمنا العُمرَ نَعصِرُها *** فما شربنا ولا داعي المُنى شَرِبـا يا عيدُ هَلاّ تَذَكرتَ الذي أخَـذَتْ *** منّا الليالي وما من كأسِنا انسَكَبا وهل تَذَكَّرتَ أطفالاً مباهِجُهُـم *** يا عيدُ في صُبْحِكَ الآتي إذا اقتربا هَلاّ تَذَكَّرتَ ليلَ الأَمـسِ تملؤُهُ *** بِشْراً إذا جِئْتَ أينَ البِشْرُ؟.. قد ذَهَبا :.:.: - العيد خلف قضبان السجن: ويتعرض بعض الشعراء لمحنة السجن والانقطاع عن الأهل والأحباب والأبناء، ويأتي العيد؛ وهم خلف القضبان، فتثور في نفوسهم الذكريات؛ فهذا الشاعر عمرو خليفة النامي الذي كتب قصيدته (يا ليلة العيد) وهو بين قضبان السجون يصوّر فيها ما يعانيه هو وأحباؤه من مأساة الظلم والطغيان، فما أشد ما يلاقيه الشاعر وهو في زنزانة ضيقة تطوف بخاطره وخياله صورة أطفاله وأبنائه وهم ينتظرونه في ليلة العيد، حتى يصور الشاعر نفسه كأنه يبصر أولاده والدمع ينهمر من أعينهم شوقًا إليه، فكيف تكون فرحة الأطفال بالعيد والآباء يرسفون في السلاسل والقيود؟: يا ليلة العيد كم أقررت مضطربًـا *** لكن حظي كان الحــزن والأرق أكاد أبصرهم والدمع يطفر مـن *** أجفانهم ودعاء الحـب يختنـق يا عيد، يا فرحة الأطفال ما صنعت *** أطفالنا نحن والأقفـال تنغلـق ما كنت أحسب أن العيد يطرقنا *** والقيد في الرسغ والأبواب تصطفق :.:.: إنها مشاعر جياشة تثور مع عودة العيد على المعتقلين في السجون خصوصًا إذاكان السجن ظلمًا، فتثور الذكريات ويعيش كل منهم ذكرياته مع الأهل والأصدقاء والأطفال، يقول الشيخ إبراهيم عزت في يوم العيد: اليومَ عيد قد عشتُ فيه ألفَ قصةٍ حبيبةِ السِّمات أردِّدُ الأذانَ في البُكور أراقبُ الصغارَ يمرحونَ في الطريقِ كالزُّهور وهذه تحيةُ الصَّباح وهذه ابتسامةُ الصديقِ للصديق الكلُّ عائدٌ بفرحةٍ تطلُّ مشرِقة من الشفاهِ والعيون ودارُنا ستنتظر صغيرتي ستنتظر والشُّرفةُ التي على الطريقِ تسمَعُ الصدور تعزفُ الأشواقَ تعصِرُ الأسى هشامُ لن ينام قد كان نومه على ذراع والده نهادُ لن تذوقَ زادَها لأنها تعوّدتْ أن تبدأَ الطعامَ من يدِ الأسير شريكةُ الأسى بدا جناحُها الكسير تُخَبِّئُ الدُّموعَ عن صغارِها وحينما يلفُّها السُّكون سترتدي الصَّقيع كي تقدّمَ الحياةَ للرضيع :.:.: أما الأهل في خارج السجن فلم يكن حالهم بأفضل من حال من بداخله حيث يصف الطاهر إبراهيم ذلك حين يقول: يا رب هذا العيد وافى والنفوس بها شجون لبس الصغار جديدهم فيه وهم يستبشرون بجديد أحذية وأثواب لهم يتبخترون ولذيذ حلوى العيد بالأيدي بها يتخاطفون وهناك خلف الباب أطفال لنا يتساءلون أمي صلاة العيد حانت أين والدنا الحنون؟ إنا توضأنا -كعادتنا - وعند الباب (أمي) واقفون زفرت تئن وقد بدا في وجهها الألم الدفين ورنت إليهم في أسى واغرورقت منها العيون العيد ليس لكم أحبائي فوالدكم سجين :.:.: - حال المسلمين ومآسيهم: لم تعرف الأمة في عهودها السابقة حالة الاستضعاف التي شهدتها في القرن الماضي، لذلك كثر وصف الشعراء لمآسي الأمة وأحزانها خصوصًا كلما عاد العيد ومن ذلك قول الشاعر عمر بهاء الدين الأميري: يقولـونَ لـي: عيـدٌ سعيـدٌ، وإنَّهُ *** ليـومُ حسابٍ لـو نحـسُّ ونشعـرُ أعيـدٌ سعيـدٌ!! يالها من سعـادةٍ *** وأوطانُنـا فيهـا الشقاءُ يزمـجـرُ وقوله: يمـرُّ علينا العيـدُ مُـرَّا مضرَّجـاً *** بأكبادنا والقدسُ في الأسْـرِ تصـرخُ عسى أنْ يعـودَ العيـدُ باللهِ عـزّةً *** ونَصْـراً، ويُمْحى العارُ عنّا ويُنْسَـخُ وشكوى الشاعر عمر أبو الريشة: يا عيـدُ ما افْتَرَّ ثَغْرُ المجدِ يا عيد *** فكيـف تلقاكَ بالبِشْـرِ الزغـاريـدُ؟ يا عيدُ كم في روابي القدسِ من كَبِدٍ *** لها على الرَّفْـرَفِ العُلْـوِيِّ تَعْييــدُ؟ سينجلـي لَيْلُنا عـن فَجْـرِ مُعْتَرَكٍ *** ونحـنُ في فمـه المشْبوبِ تَغْريـدُ :.:.: أما الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي فيقول في قصيدته (عندما يحزن العيد) راثيًا حال الأمة الإسلامية بما يشاهده من معاناتها: أقبلت يا عيد والأحزان نائمـة *** على فراشي وطرف الشوق سهران من أين نفرح يا عيد الجراح وفي *** قلوبنا من صنوف الهمِّ ألـــوان؟ من أين نفرح والأحداث عاصفة *** وللدُّمى مـقـل ترنـو وآذان؟ ثم ينتقل إلى الجرح الذي لم يندمل، والذي يؤرق الأمة الإسلامية ألا وهو جراحات مقدساتها العظيمة التي سلبها عدوّها لما نام عنها راعيها من المسلمين فقال: من أين والمسجد الأقصى محطمة *** آمالـه وفؤاد القـدس ولهـان؟ من أين نفرح يا عيد الجراح وفي *** دروبنا جدر قامـت وكثبـان؟ وبعدها يشتاق قلب الشاعر إلى إخوانه وأحبائه وأهله إلى كل من لم يطعم الراحة والهناء تحت ظل الأمة الإسلامية ليواسيهم، ويواسي جراحات قلبه وآلام نفسه فيقول: أصبحت في يوم عيدي والسؤال على *** ثغري يئن وفي الأحشاء نيـران أين الأحبـة وارتـد السـؤال إلى *** صدري سهامًا لها في الطعن إمعان؟ :.:.: وعندما سُئل الشاعر محمد المشعانُ عن العيد ماذا يقول له؟ أجاب سائله وهو يتحسر على ما آل إليه حال أمته الإسلامية من التفرق والخصام قائلاً: ماذا تقول لهذا العيد يا شاعر؟ *** أقول: يا عيد ألق الرحل أو غادر ما أنت يا عيد والأتراح جاثمـة *** إلا سؤال سخيف مرَّ بالخاطـر ما أنت يا عيد والعربان قد ثكلوا *** جمالهم والمراعي وانتهى الماطر؟ ما أنت يا عيد في قوم يمر بهـم ** ركب الشعوب وهم في دهشة الحائر :.:.: وتتفاعل الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان مع أخواتها اللاجئات الفلسطينيات بين الخيام لتصور مأساتهن وما يعانينه من آلام التشرد واللجوء في يوم العيد فتقول: أختاه، هذا العيد رفَّ سناه في روح الوجودْ وأشاع في قلب الحياة بشاشة الفجر السعيدْ وأراك ما بين الخيام قبعتِ تمثالاً شقيًّا متهالكاً، يطوي وراء جموده ألماً عتيًّا يرنو إلى اللاشيء.. منسرحاً مع الأفق البعيدْ أختاه، مالك إن نظرت إلى جموع العابرينْ ولمحت أسراب الصبايا من بنات المترفينْ من كل راقصة الخطى كادت بنشوتها تطيرُ العيد يضحك في محيّاها ويلتمع السرورُ أطرقتِ واجمة كأنك صورة الألم الدفينْ؟ :.:.: وتذكر الشاعرة أخواتها بالعيد أيام الطفولة حيث المرح واللهو الطفولي في يافا وغيرها من مدن فلسطين التي استولى عليها المحتل الغاصب، وحرم أهلها من الابتسامة وفرحة العيد: أترى ذكرتِ مباهج الأعياد في (يافا) الجميلهْ؟ أهفت بقلبك ذكريات العيد أيام الطفولهْ؟ إذ أنت كالحسون تنطلقين في زهوٍ غريرِ والعقدة الحمراء قد رفّتْ على الرأس الصغير والشعر منسدلٌ على الكتفين، محلول الجديلهْ؟ إذ أنت تنطلقين بين ملاعب البلد الحبيبِ تتراكضين مع اللّدات بموكب فرح طروبِ طوراً إلى أرجوحة نُصبت هناك على الرمالِ طوراً إلى ظل المغارس في كنوز البرتقالِ والعيد يملأ جوّكن بروحه المرح اللعوبِ؟ :.:.: أما اليوم فلا تجد الفلسطينية غير الذكريات، ذكريات الطفولة تعيشها بين دموع فقد الدار والطرد والتشريد: واليوم؛ ماذا اليوم غير الذكريات ونارها؟ واليوم، ماذا غير قصة بؤسكنَّ وعارها؟ لا الدار دارٌ، لا، ولا كالأمس، هذا العيد عيدُ هل يعرف الأعياد أو أفراحها روحٌ طريدُ عان, تقلّبه الحياة على جحيم قفارها ثم تصرخ وكأنها تقرر حقيقة مُرَّة وهي أن هذا العيد ليس لهم إنما هو للمترفين الذين لم تحركهم مأساة أخواتهم المشردات في الخيام المطاردات على الحدود في كل مكان هؤلاء الذين يحتفلون بالعيد ويفرحون به دون شعور بهذه المآسي إنما هم ميتو الإحساس والشعور، إنه عيد الميتين: أختاه, هذا العيد عيد المترفين الهانئِين عيد الألى بقصورهم وبروجهم متنعمين عيد الألى لا العار حرّكهم, ولا ذلّ المصيرْ فكأنهم جثث هناك بلا حياة أو شعورْ أختاه, لا تبكي, فهذا العيد عيد الميّتين! :.:.:.:.:.:.:.:.: * القصيدة لابن الرومي .1 * القصيدة لابن المعتز .2 * المجلة العربية العدد 299 ( العيد في الأدب العربي ) * ( العيد في عيون الشعراء ( للدكتور عز الدين فرحات عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية ).. :.:.: منقـــــول بتصــــــــرف
حقيقة معنى العيد: وقد يغفل البعض عن المعنى الحقيقي للعيد فيحصرونه في لبس الجديد واللهو واللعب...




هـــديـــــــة العيــــد


لـــــ .... نور الجندلي

مشت ذاهلةً عن نفسها تبتسم بفرح ، تجتلبه عنوة إلى القلب ، فقد آن أوانه كي يفرح ..

فالليلة عيد ..

جرّت قدميها عنوة تحت المطر ، وحذاء مثقوب يبتلع ماء الأرصفة المحطّمة .. ثمَّ يلفظها بعد أن يلامس

قدميها المتجلدتين برداً .. لترتعش وتغطي رأسها بسترتها المرقعة ، وتواصل السير .. لم تكن تأبه للبرد

، فقد سحرها منظر مدينتها المدمّرة ، وهي تغتسل تحت المطر ..

إنها المرّة الأولى التي تتسلّل بها إلى الشوارع ليلاً فلا تجد على الأرصفة دماء ،

ولا تسمع أصوات نحيب ..


فتحت ذراعيها وركضت .. وكأنه قد خيّل إليها أنها ترى شبّح والدها الشهيد ..

ركضت أكثر ..

باغتها البرق بسناه القوي ، وعصف بها صوت الرّعد فاختبأت كأرنبٍ أبيض صغير يحتمي من خطر

يداهمه ..

اختفت تحت حطام مبنى متهالكٍ بفعل العدو ..

ابتسمت ثانية وهي تردّد بصوتٍ خفيض " الليلة عيــد " !

- كلّ عامٍ وأنتِ بخير ....

صرخت فزعاً لذاك الصوت ، والتفتت .. إنه شبحٌ صبيّ في عمرها يحتمي من المطر في نفس المكان

المهجور !

- من أنت ؟ سألته برعب ..

- صديقكِ في المدرسة! ألم تعرفيني ؟ أنا عبد الله ..

- عبد الله ! لم أعرفكَ ! أخفتني .........

- لا عليكِ .. مالذي جاء بكِ إلى هنا في هذه الساعة المتأخرة من الليل ؟

- جئتُ أبحثُ عن أبي .. لأعطيه قبلة العيد ..

- وأنت ؟

- جئتُ أبحثُ عن العيد .... !

- لن تجدهُ فقد غادرنا منذ زمان بعيــــــد ..

- كما ترين .. الليلة ساكنة ، والمدينة تبكي مع السّماء ..

- يااااااااه ما أجملَ السّماء .. وهي تبكي رحيلَ القمر !

تركتُ أمّي تخيطُ لي بنطالاً جديداً ..... هو ليس جديداً حقاً فقد كان لأخي عاصم الذي أخذوه أسيراً ،

لن يغضبَ مني حين يراه .. ما أجمل البنطال ! بدا جديداً .. لن أضطر لارتداء بنطالي القديم !

- وأنا تركتُ أمّي تصنع مع جاراتها الحلوى ، لم تجد طحيناً ، ولا سمناً ، لقد نفذت مؤونتنا لهذا الشتاء ،

وكانت تبكي .......... حتى طرقن الباب عليها وهنّ يحملن الدقيق والسمن والسكّر ، ورحن يغنين

ويصنعن حلوى العيد ....

- هيا الآن لنرحل ، قد تقلقُ أمّكِ عليكِ


- لا لن أرحلَ قبلَ أن أهدي والدي قبلة العيد .. فقد ناداني وأخبرني بأنني هديته ، وبأنني سوف

أقضي هذا العيد معه ..

- والدكِ ماتَ شهيداً ، ولن يعود .... إنه في الجنَّة !

- لكنني أراه هناك .. إنه قريب منّي جداً ، هاهو يبتسم ويمدّ ذراعيه ليحتضنني .. إنه في مكان جميـل ..

سأذهب إليه ..

- أين ؟ لا أراه ؟ لا أحد سواهم ، لقد عادوا بطائراتهم ليعكّروا جمالَ الليلة ، إنهم يبدؤون

القصف .........

عودي ...... عودي ستكونين ضحيّة لألعابهم النّاريّة ....

- بل سأكونُ لمدينتي شهيدة ......... سأكون هديّة العيد !

:.:.:

انتهى ما جمعته ..

وكـــل عــــام وأنتن بخيــــر وسعـــــادة ..

وتقبل الله منا ومنكن صالح الأعمال ...


أختكن في الله / كـان حلما ...


:.:.:






سولاف3
سولاف3
كريم جدااااااااااااااااااا هذا الوالي .. هههههه




تعجبني كثيراا قصائد الشاعر أبو ريشة .. أطلعت على بعض منها :26:



درست في الجامعة بعضا من مسرحياته .... واستمتعت بقراءة هذه


............... ألف ألف شكرا أختي كان على المجهود الرائع :26: الذي يضفي على الواحة مذاقا حلوا :42: