((وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت))قصة هاروت وماروت

الملتقى العام

السلا م عليكم ورحمة الله

الله يبارك بايامكم واجعلها خالصة في طاعة الله تعالى


وانا ابحث استعداد لقصص رمضان

الله يعيده علينا وعليكم وعلى امة محمدا بالامن والايمان

عادتي سنويه اجمع قصص من مصادرها وقصهاا على اهل البيت باسلوبي






وحبيت افيدكم بالمعلومات اللي قلتها


بصيد الفوائد





(عن الملكين هاروت و ماروت)




قال عز من قائل


((وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت))




محمد بن حسن المبارك

في الألفية الخامسة ق.م كانت بداية الحضارة السومرية في بلاد الرافدين ، حيث كوَّن السومريون العبيديون بجنوب العراق المدن السومرية الرئيسية كأور عاصمة "بابل" ونيبور ولارسا ولجاش وكولاب وكيش وإيزين وإريدو و أد .


و اشتهرت بابل في ذلك الوقت بممارسات كثير من الطقوس و التعاليم السحرية ، ففي تلك الفترة تقريباً ـ على الأظهر ـ أنزل الله الملكين هاروت وماروت بمدينة بابل لتعليم الناس السحر ابتلاءً من الله عز وللتمييز بين السحر والمعجزة ، حتى يتبين للناس صدق الرسل و الأنبياء و كذب الدجاجلة و السحرة ، و في إنزال السحر على يد الملكين في بابل يقول الله تعالى عن اليهود الذين جاؤوا من بعد نزول الملكين "هاروت و ماروت" بِمُددٍ طويلةٍ .
قال تعالى :

{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} .


و انتشر السحر في بابل منذ أيام السومريين ، و بما أنه من المشهور تاريخيا أن السحر بدأ في بلاد فارس في الألف الخامسة قبل الميلاد على يد كاهن يسمى "زورستر" ويعتبر هذا الساحر واضع طرق السحر وأسسه التي سار عليها الكنعانيون والمصريون والهنود وغيرهم ، فالأرجح أن يكون زورستر قد أخذ ذلك عن أهل بابل ، إذ ان البابليين السومريين"العبيديين" هاجروا الى مرتفعات ايران بسبب الفيضانات السنوية التي كانت تهدد حياتهم ومزروعاتهم ونقلوا معهم تقاليدهم في بناء المنازل . و استمرت 400 سنة حتى انحسرت مياه الفيضان عن جنوب وادي الرافدين .

ـ و في القرن العشرين قبل الميلاد، و في عهد الكلدانيين عاش إبراهيم الخليل عليه السلام ، و كان السحر قد استشرى في أهل بابل حتى ضرب المثل في إتقان السحر بحكماء و كهنة و سحرة بابل ، الذين كانوا قوماً صابئين يعبدون الكواكب السبعة ويسمونها آلهة ، ويعتقدون أن حوادث العالم كلها من أفعالها ، وعملوا أوثاناً على أسمائها ، وجعلوا لكل واحد منها هيكلاً فيه صنمه ، ويتقربون إليها بضروب من الأفعال على حسب اعتقاداتهم من موافقه ذلك للكوكب الذي يطلبون منه بزعمهم إليه بما يوافق المشتري من الرُّقى والعُقَد والنفث فيها ، ومن طلب شيئاً من الشر والحرب والموت والبوار لغيره تقرب بزعمهم إلى زحل بما يوافقه من ذلك ، ومن أراد البرق والحرق والطاعون تقرب بزعمهم إلى المريخ بما يوافقه من ذبح بعض الحيوانات .

و قد اتخذت تلك الاساطيرو الخرافات السومرية والبابلية و ما خالطها من الشعبذات و الطلاسم و الممارسات السحرية عدة امتدادات دينية و عرقية خلال مساراتها التاريخية ، و للتأمُّل يلاحظ ـ مثلاً ـ أن طقوس التعميد ـ و هي طقوس تنشأ في المجتمعات التي تعيش على ضفاف الأنهار الكبيرة كنهر الغانج في الهند ، و كذلك الحضارات القديمة في بلاد الرافدين ـ قد تسربت إلى كل من الصابئة و اليهود و النصارى مع كثير من الطقوس و التعاليم الطوطمائية عن طريق الثقافة البابلية.

و من تلك الامتدادات التاريخية الشهيرة :

1ـ الامتداد التاريخي من خلال تلك الحضارات المعاصرة أو التالية للحضارة البابلية كالحضارة الفرعونية مثلا و كذلك الفينيقيين و التدمرييين .

2ــ الامتداد المندائي من خلال فرقة الصابئين المندائيين ، و التي تسربت عبرها كثير من تلك الطقوس و التعاليم ، و إن كان أكثرها ينحصر في عالم الأفلاك و مخاطبة النجوم ، و الذي اشتهرت به تلك الطائفة ، و قد انتقلت بعض تلك المارسات إلى بعض الطوائف الاسماعيلية .

3ـ الامتداد التوراتي في الديانة اليهودية من خلال الشروحات التلمودية للتوراة .

4ـ الامتداد التوراتي في الديانة االنصرانية من خلال شروحات العهد الجديد "الانجيل" ، و هذه أقل الامتدادات ، و إن كانت نظهر جليا في الطائفة السريانية " الآرامية".

5ـ الامتداد التوراتي من خلال الطائفة القبالية "طائفة الكابالا" في الديانة اليهودية و كتابها الأسود المعرروف بـ "الزوهار".
و الكابالا فرقة أو مذهب يهودي يقوم على تفسيرات باطنية للأفكار التلمودية من التعاليم الغيبية و الروحانية والتي تشتمل على السحر والممارسات الصوفية ، ولا يرفض اليهود هذه التعاليم بل يعتبرونها الحلقة الداخلية التي لا يكشف عنها "للاغيار" والتي تعبر عن التقوى والولاء في ديانتهم.

وقد سميت أول أمرها: الحكمة المستورة، ومن ثم بات اسمها القبالة؛ والكلمة من أصل آرامي ومعناها القبول أو تلقي الرواية الشفهية. ومن أهم الشخصيات التي كونت الخطوط العريضة للكابالا : سمعان بن يوشاي من القرن الثاني الميلادي، وقد اختفى عن الأنظار مدة في مغارة ومن ثم خرج عليهم ليقول: إن أسراراً قد كشفت له، وأنه قد حصَل له شكلٌ من الكشف أو الإلهام.

و قد تأثرت القبالة بفلسفات هندية وفارسية ويونانية إشراقية، كما أنها أخذت بفكرة الانتظار. وفكرة القبالة تشق طريقها بقوة بين اليهود بدءاً من القرن الثالث عشر الميلادي، وقد ظهرت مجموعة نصوص عندهم جمعوها في كتاب أو سفر سموه: زوهار. والزوهار كلمة آرامية معناها النور أو الضياء، وقد دون الزوهار بالآرامية موسى اللبوني (1250 م ـ 1305 م) في اسبانيا، في التعليق على الكتاب المقدس إلا أن قسماً كبيراً من هذه النصوص تعود إلى القرن الثاني الميلادي مع سمعان بن يوشاي يضم ذروة فكر" الكاباليين" ، و يوجد مركز الكابالا الآن في لوس انجلوس ، كما يقيم الزعيم الروحي لطائفة الكابالا الحاخام فيليب بيرغ في مدينة نيويورك.

ورثة سحر بابل :

لم يشتغل أناس بالسحر مثلما اشتغل بنو إسرائيل، اليهود، على مدار تاريخهم منذ موسى عليه السلام ، رغم أن الله عز و جل حرم عليهم الاشتغال بالسحر ، كما في توراتهم ، إذ قبل موسى عليه السلام كان بنو اسرائيل وثنيين ، يعبدون تماثيل من حجر أو خشب، حتى أنهم عبدوا العجل في وقت موسى عليه السلام ، وكانت الشياطين تكلم الناس وهم لا يرونهم ويتلبسون بهم ويصرعونهم ، فكان بنو اسرائيل يستغيثون بالتماثيل و كهنتها ، ويطلبون من القائمين عليها عمل أي شيء يشفيهم من أمراضهم، ولما ازداد اعتقاد الناس فيهم ادعى الكهنة أنهم يعلمون الغيب ويحددون ويعرفون مواقع النجوم وقادرون على تغيير النحس الى السعد وطرد الأرواح الشريرة المتلبسة الأجساد ، مما روج كثيرا للسحر بين بني اسرائيل .
وفي عهد سليمان عليه السلام كان السحر متفشياً في بني اسرائيل ، فجمع سليمان كتب السحر والكهانة ودفنها تحت كرسيه ، فلم يستطع أحد من الشياطين أن يدنو من الكرسي فلما مات سليمان ، وذهب العلماء الذين يعرفون الأمر ، جاء الشيطان في صورة إنسان فقال لليهود ، هل أدلكم على كنز لا نظير له ؟ قالوا نعم ، قال : فاحفروا تحت الكرسي فحفروا – وهو متنح عنهم – فوجدوا تلك الكتب ، فقال لهم : إن سليمان كان يضبط الإنس والجن بهذا ، ففشا فيهم أن سليمان كان ساحراً ، و لذلك لما نزل القرآن بذكر سليمان في الأنبياء ، أنكرت اليهود ذلك ، وقالوا إنما كان ساحراً ، فنزل قوله تعالى : ( وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ) " سورة البقرة – الآية 102 .
و في السبي البابلي ازداد اشتغال بني اسرائيل "المسبيين" بالسحر لِما رأوا من ضيق العيش بعد أن كانوا في سعة من المال ، فتعلموا أعمال السحر والتنجيم من البابلين ، بل زادوا عليهم في ذلك ، فكانوا يعملون هناك في السحر ا، كما احتالوا على أهل بابل بأن زعموا : أن نبي الله سليمان عليه السلام كان يسخر الجن ـ بكتاب في السحر ـ في بناء التماثيل والمعابد والمدن ، ولم يبينوا لهم أن الله عز و جل هو الذي سخر الجن لنبيه عليه السلام.
ثم وضع اليهود كتبا شحنوها بالسحر مثل التلمود و شروحاته المختلفة ، و كذلك كتاب الزوهار الخاص بالقبالة ، و هو في أنواع السحر التي استقوها من البابلييين و كذلك من تاريخهم الوثني ، بل زوَّروا مزمورا خاصاً بعمل السحر أدرجوه في المزامير ففي سفر الزبور "مزامير داود" الموجود في "الكتاب المقدس" المنسوب الى داود عليه السلام وهو عبارة عن مائة وخمسين قطعة تزيد واحدة فيكون العدد مائة وإحدى وخمسين و هذا المزمور الزائد خاص بالسحر و لا توجد هذا المزمور الزائد رقم 151 إلاَّ في النسخة القبطية.
و قد انتقلت كثير من الميثولوجيا و الأساطير و العقائد الوثنية مع السحر من البابليين إلى بني اسرائيل ، و قد أشار القرآن الكريم إلى تأثر اليهود بمن كان قبلهم في قوله تعالى :{وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بافواههم يضاهؤون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله انى يؤفكون } سورة التوبة - سورة 9 - آية 30.


فنحمد لله على نعمة الدين ، و على كوننا من عباد الله المسلمين ، و لعنة الله على الظالمين، من السحرة و المشركين ، و جنود ابليس أجمعين.
19
4K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

آطيـاف الماضي
جزاك الله كل خير ..
محبة التجارة
محبة التجارة
بارك الله فيك.......
أناااواختي
أناااواختي

جزاك الله خير
فكرتك جدا رائعه
أنا قريت في تفسير ابن كثير

قال صلى الله عليه وسلم - "إن الملائكة قالت يا رب كيف صبرك على بني آدم في الخطايا والذنوب قال إني ابتليتهم وعافيتكم قالوا لو كنا مكانهم ما عصيناك قال فاختاروا ملكين منكم قال فلم يألوا جهدا أن يختاروا فاختاروا هاروت وماروت" وهذان أيضا غريبان جدا.

وأقرب ما يكون في هذا أنه من رواية عبدالله بن عمر عن كعب الأحبار لا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال عبدالرزاق في تفسيره عن الثوري عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر عن كعب الأحبار قال: ذكرت الملائكة أعمال بني آدم وما يأتون من الذنوب فقيل لهم اختاروا منكم اثنين فاختاروا هاروت وماروت فقال لهما إني أرسل إلى بني آدم رسلا وليس بيني وبينكم رسول انزلا لا تشركا بي شيئا ولا تزنيا ولا تشربا الخمر قال كعب فوالله ما أمسيا من يومهما الذي أهبطا فيه حتى استكملا جميع ما نهيا عنه رواه ابن جرير من طريقين عن عبدالرزاق به ورواه ابن أبي حاتم عن أحمد بن عصام عن مؤمل عن سفيان الثوري به ورواه ابن جرير أيضا حدثني المثنى أخبرنا المعلى وهو ابن أسد أخبرنا عبدالعزيز بن المختار عن موسى بن عقبة حدثني سالم أنه سمع عبدالله يحدث عن كعب الأحبار فذكره فهذا أصح وأثبت إلى عبدالله بن عمر من الإسنادين المتقدمين وسالم أثبت في أبيه من مولاه نافع فدار الحديث ورجع إلى نقل الأحبار عن كتب بني إسرائيل والله أعلم.

" ذكر الآثار الواردة في ذلك عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين" قال ابن جرير: حدثني المثنى حدثنا الحجاج أخبرنا حماد عن خالد الحذاء عن عمير بن سعيد قال: سمعت عليا - رضي الله عنه - يقول كانت الزهرة امرأة جميلة من أهل فارس وإنها خاصمت إلى الملكين هاروت وماروت فراوداها عن نفسها فأبت عليهما إلا أن يعلماها الكلام الذي إذا تكلم به أحد يعرج به إلى السماء فعلماها فتكلمت به فعرجت إلى السماء فمسخت كوكبا - وهذا الإسناد رجاله ثقات وهو غريب جدا - وقال ابن أبي حاتم أخبرنا الفضل بن شاذان أخبرنا محمد بن عيسى أخبرنا إبراهيم بن موسى أخبرنا معاوية عن أبي خالد عن عمير بن سعيد عن علي رضي الله عنه قال هما ملكان من ملائكة السماء يعني "وما أنزل على الملكين" ورواه الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره بسنده عن مغيث عن مولاه جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي مرفوعا وهذا لا يثبت من هذا الوجه.

ثم رواه من طريقين آخرين عن جابر عن أبي الطفيل عن علي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لعن الله الزهرة فإنها هي التي فتنت الملكين هاروت وماروت" وهذا أيضا لا يصح وهو منكر جدا والله أعلم.

وقال ابن جرير: حدثني المثنى بن إبراهيم أخبرنا الحجاج بن منهال حدثنا حماد عن علي بن زيد عن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود وابن عباس أنهما قالا جميعا لما كثر بنو آدم وعصوا دعت الملائكة عليهم والأرض والجبال: ربنا لا تمهلهم فأوحى الله إلى الملائكة إني أزلت الشهوة والشيطان من قلوبكم وأنزلت الشهوة والشيطان في قلوبهم ولو نزلتم لفعلتم أيضا.

قال فحدثوا أنفسهم أن لو ابتلوا اعتصموا فأوحى الله إليهم أن اختاروا ملكين من أفضلكم فاختاروا هاروت وماروت فأهبطا إلى الأرض وأنزلت الزهرة إليهما في صورة امرأة من أهل فارس يسمونها بيذخت قال فوقعا بالخطيئة فكانت الملائكة يستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فلما وقعا بالخطيئة استغفروا لمن في الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا.

وقال: ابن أبي حاتم أخبرنا أبي أخبرنا عبدالله بن جعفر الرقي أخبرنا عبدالله يعني ابن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن المنهال بن عمرو ويونس بن خباب عن مجاهد قال كنت نازلا على عبدالله بن عمر في سفر فلما كان ذات ليلة قال لغلامه انظر هل طلعت الحمراء لا مرحبا بها ولا أهلا ولا حياها الله هي صاحبة الملكين قالت الملائكة يا رب كيف تدع عصاة بني آدم وهم يسفكون الدم الحرام وينتهكون محارمك ويفسدون في الأرض.

قال إني ابتليتهم فلعل إن ابتليتكم بمثل الذي ابتليتهم به فعلتم كالذي يفعلون قالوا لا قال: فاختاروا من خياركم اثنين فاختاروا هاروت وماروت فقال لهما إني مهبطكما إلى الأرض وعاهد إليكما أن لا تشركا ولا تزنيا ولا تخونا فأهبطا إلى الأرض وألقى عليهما الشهوة وأهبطت لهما الزهرة في أحسن صورة امرأة فتعرضت لهما فراوداها عن نفسها فقالت إني على دين لا يصح لأحد أن يأتيني إلا من كان على مثله قالا: وما دينك قالت المجوسية قالا: الشرك هذا شيء لا نقربه فمكثت عنهما ما شاء الله تعالى.

ثم تعرضت لهما فراوداها عن نفسها فقالت ما شئتما غير أن لي زوجا وأنا أكره أن يطلع على هذا مني فأفتضح فإن أقررتما لي بديني وشرطتما لي أن تصعدا بي إلى السماء فعلت فأقرا لها بدينها وأتياها فيما يريان ثم صعدا بها إلى السماء فلما انتهيا بها إلى السماء اختطفت منهما وقطعت أجنحتهما فوقعا خائفين نادمين يبكيان وفي الأرض نبي يدعو بين الجمعتين فإذا كان يوم الجمعة أجيب.

فقالا: لو أتينا فلانا فسألناه فطلب لنا التوبة فأتياه فقال: رحمكما الله كيف يطلب التوبة أهل الأرض لأهل السماء قالا: إنا قد ابتلينا قال ائتياني يوم الجمعة فأتياه فقال: ما أجبت فيكما بشيء ائتياني في الجمعة الثانية فأتياه فقال: اختارا فقد خيرتما إن اخترتما معافاة الدنيا وعذاب الآخرة وإن أحببتما فعذاب الدنيا وأنتما يوم القيامة على حكم الله فقال أحدهما إن الدنيا لم يمض منها إلا القليل.

وقال الآخر ويحك إني قد أطعتك في الأمر الأول فأطعني الآن إن عذابا يفنى ليس كعذاب يبقى.

فقال إننا يوم القيامة على حكم الله فأخاف أن يعذبنا قال لا: إني أرجو إن علم الله أنا قد اخترنا عذاب الدنيا مخافة عذاب الآخرة أن لا يجمعهما علينا قال: فاختارا عذاب الدنيا فجعلا في بكرات من حديد في قليب مملوءة من نار عاليهما سافلهما - وهذا إسناد جيد إلى عبدالله بن عمر- وقد تقدم في رواية ابن جرير من حديث معاوية بن صالح عن نافع عنه رفعه وهذا أثبت وأصح إسنادا ثم هو والله أعلم من رواية ابن عمر عن كعب كما تقدم بيانه من رواية سالم عن أبيه وقوله إن الزهرة نزلت في صورة امرأة حسناء وكذا فى المروي عن علي فيه غرابة جدا.

وأقرب ما ورد في ذلك ما قال ابن أبي حاتم أخبرنا عصام بن رواد أخبرنا آدم أخبرنا أبو جعفر حدثنا الربيع بن أنس عن قيس بن عباد عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: لما وقع الناس من بعد آدم عليه السلام فيما وقعوا فيه من المعاصي والكفر بالله قالت الملائكة في السماء يا رب هذا العالم الذي إنما خلقتهم لعبادتك وطاعتك قد وقعوا فيما وقعوا فيه وركبوا الكفر وقتل النفس وأكل المال الحرام والزنا والسرقة وشرب الخمر فجعلوا يدعون عليهم ولا يعذرونهم فقيل إنهم في غيب فلم يعذروهم فقيل لهم اختاروا من أفضلكم ملكين آمرهما وأنهاهما فاختاروا هاروت وماروت فأهبطا إلى الأرض وجعل لهما شهوات بني آدم وأمرهما الله أن يعبداه ولا يشركا به شيئا ونهيا عن قتل النفس الحرام وأكل المال الحرام وعن الزنا والسرقة وشرب الخمر فلبثا في الأرض زمانا يحكمان بين الناس بالحق وذلك في زمن إدريس عليه السلام وفي ذلك الزمان امرأة حسنها في النساء كحسن الزهرة في سائر الكواكب وأنهما أتيا عليها فخضعا لها في القول وأراداها على نفسها فأبت إلا أن يكونا على أمرها وعلى دينها فسألاها عن دينها فأخرجت لهما صنما فقالت: هذا أعبده فقالا: لا حاجة لنا في عبادة هذا فذهبا فعبرا ما شاء الله ثم أتيا عليها فأراداها على نفسها ففعلت مثل ذلك فذهبا ثم أتيا عليها فأراداها على نفسها فلما رأت أنهما قد أبيا أن يعبدا الصنم.

قالت: لهما اختارا أحد الخلال الثلاث إما أن تعبدا هذا الصنم وإما أن تقتلا هذه النفس وأما أن تشربا هذه الخمر فقالا: كلا هذا لا ينبغي وأهون هذا شرب الخمر فشربا الخمر فأخذت فيهما فواقعا المرأة فخشيا أن يخبر الإنسان عنهما فقتلاه فلما ذهب عنهما السكر وعلما ما وقعا فيه من الخطيئة أرادا أن يصعدا إلى السماء فلم يستطيعا وحيل بينهما وبين ذلك وكشف الغطاء فيما بينهما وبين أهل السماء فنظرت الملائكة إلى ما وقعا فيه فعجبوا كل العجب وعرفوا أنه من كان في غيب فهو أقل خشية فجعلوا بعد ذلك يستغفرون لمن في الأرض فنزل في ذلك "والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض" فقيل لهما اختارا عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة فقالا أما عذاب الدنيا فإنه ينقطع ويذهب وأما عذاب الآخرة فلا انقطاع له فاختارا عذاب الدنيا فجعلا ببابل فهما يعذبان.

وقد رواه الحاكم في مستدركه مطولا عن أبي زكريا العنبري عن محمد بن عبدالسلام عن إسحق بن راهويه عن حكام بن سلم الرازي وكان ثقة عن أبي جعفر الرازي به: ثم قال صحيح الإسناد ولم يخرجاه فهذا أقرب ما روي في شأن الزهرة والله أعلم.

وقال ابن أبي حاتم أخبرنا أبي أخبرنا سلم أخبرنا القاسم بن الفضل الحذائي أخبرنا يزيد يعني الفارسي عن ابن عباس أن أهل سماء الدنيا أشرفوا على أهل الأرض فرأوهم يعملون المعاصي فقالوا: يا رب أهل الأرض كانوا يعملون بالمعاصي فقال الله أنتم معي وهم في غيب عني فقيل لهم اختاروا منكم ثلاثة فاختاروا منهم ثلاثة على أن يهبطوا إلى الأرض على أن يحكموا بين أهل الأرض جعل فيهم شهوة الآدميين فأمروا أن لا يشربوا خمرا ولا يقتلوا نفسا ولا يزنوا ولا يسجدوا لوثن فاستقال منهم واحد فأقيل فأهبط اثنان إلى الأرض فأتتهما امرأة من أحسن الناس يقال لها مناهية فهوياها جميعا ثم أتيا منزلها فاجتمعا عندها فأراداها فقالت: لهما لا حتى تشربا خمري وتقتلا ابن جاري وتسجدا لوثني فقالا: لا نسجد ثم شربا من الخمر ثم قتلا ثم سجدا فأشرف أهل السماء عليهما وقالت: لهما أخبراني بالكلمة التي إذا قلتماها طرتما فأخبراها فطارت فمسخت جمرة وهي هذه الزهرة وأما هما فأرسل إليهما سليمان بن داود فخيرهما بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا فهما مناطان بين السماء والأرض وهذا السياق فيه زيادة كثيرة وإغراب ونكارة والله أعلم بالصواب.

وقال عبدالرزاق: قال معمر قال قتادة والزهري عن عبيد الله بن عبدالله "وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت" كانا ملكين من الملائكة فأهبطا ليحكما بين الناس وذلك أن الملائكة سخروا من حكام بني آدم فحاكمت إليهما امرأة فحافا لها ثم ذهبا يصعدان فحيل بينهما وبين ذلك ثم خيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا.

وقال معمر: قال قتادة فكانا يعلمان الناس السحر فأخذ عليهما أن لا يعلما أحدا حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر.

وقال أسباط عن السدي أنه قال كان من أمر هاروت وماروت أنهما طعنا على أهل الأرض في أحكامهم فقيل لهما إني أعطيت بني آدم عشرا من الشهوات فبها يعصونني قال: هاروت وماروت: ربنا لو أعطيتنا تلك الشهوات ثم نزلنا لحكمنا بالعدل فقال: لهما انزلا فقد أعطيتكما تلك الشهوات العشر فاحكما بين الناس فنزلا ببابل ديناوند فكانا يحكمان حتى إذا أمسيا عرجا فإذا أصبحا هبطا فلم يزالا كذلك حتى أتتهما امرأة تخاصم زوجها فأعجبهما حسنها واسمها بالعربية الزهرة وبالنبطية بيدخت وبالفارسية أناهيد.

فقال أحدهما لصاحبه إنها لتعجبني قال الآخر قد أردت أن أذكر لك فاستحييت منك.

فقال الآخر هل لك أن أذكرها لنفسها؟ قال نعم ولكن كيف لنا بعذاب الله؟ قال الآخر إنا لنرجو رحمة الله فلما جاءت تخاصم زوجها ذكر إليها نفسها فقالت: لا حتى تقضيا لي على زوجي فقضيا لها على زوجها ثم واعدتهما خربة من الخرب يأتيانها فيها فأتياها لذلك فلما أراد الذي يواقعها قالت ما أنا بالذي أفعل حتى تخبراني بأي كلام تصعدان إلى السماء وبأي كلام تنزلان منها فأخبراها فتكلمت فصعدت فأنساها الله تعالى ما تنزل به فثبتت مكانها وجعلها الله كوكبا فكان عبدالله بن عمر كلما رآها لعنها وقال هذه التي فتنت هاروت وماروت فلما كان الليل أرادا أن يصعدا فلم يطيقا فعرفا الهلكة فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا فعلقا ببابل وجعلا يكلمان الناس كلامهما وهو السحر.

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد أما شأن هاروت وماروت فإن الملائكة عجبت من ظلم بني آدم وقد جاءتهم الرسل والكتب والبينات فقال لهم ربهم تعالى: اختاروا منكم ملكين أنزلهما يحكمان في الأرض فاختاروا فلم يألوا هاروت وماروت فقال لهما حين أنزلهما أعجبتم من بني آدم من ظلمهم ومعصيتهم وإنما تأتيهم الرسل والكتب من وراء وراء.

وإنكما ليس بيني وبينكما رسول فافعلا كذا وكذا ودعا كذا وكذا فأمرهما بأمور ونهاهما ثم نزلا على ذلك ليس أحد أطوع لله منهما فحكما فعدلا فكانا يحكمان في النهار بين بني آدم فإذا أمسيا عرجا فكانا مع الملائكة منزلان حين يصبحان فيحكمان فيعدلان حتى أنزلت عليهما الزهرة في أحسن صورة امرأة تخاصم فقضيا عليها فلما قامت وجد كل واحد منهما في نفسه فقال أحدهما لصاحبه وجدت مثل الذي وجدت؟ قال نعم فبعثا إليها أن ائتيانا نقض لك فلما رجعت قالا وقضيا لها فأتتهما فكشفا لها عن عورتيهما وإنما كانت سوآتهما في أنفسهما ولم يكونا كبني آدم في شهوة النساء ولذاتها فلما بلغا ذلك واستحلا افتتنا فطارت الزهرة فرجعت حيث كانت فلما أمسيا عرجا فزجرا فلم يؤذن لهما ولم تحملهما أجنحتهما فاستغاثا برجل من بني آدم فأتياه فقالا ادع لنا ربك فقال: كيف يشفع أهل الأرض لأهل السماء؟ قالا: سمعنا ربك يذكرك بخير في السماء فوعدهما يوما وغدا يدعو لهما فدعا لهما فاستجيب له فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فنظر أحدهما إلى صاحبه فقال: ألا تعلم أن أفواج عذاب الله في الآخرة كذا وكذا في الخلد وفي الدنيا تسع مرات مثلها؟ فأمرا أن ينزلا ببابل فثم عذابهما وزعم أنهما معلقان في الحديد مطويان يصفقان بأجنحتهما.

والله اعلم
أناااواختي
أناااواختي
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
بنت في هذا الزمان
يسلمو