وعنده مفاتــــــــــح الغيب ...
ماالغيب ؟!
الغيب ماغاب عن حواس الإنسان وعلمه وبصيرته،
وهو عند الله علم بما كان وما سيكون وما هو كائن مما لم يكن بعد .
::
والغيب بمقياس الزمان :
غيب الماضي : كالعلم بأحداث قرون مضت .
غيب الحاضر : مثل مايدور في النفوس ، ومثل تسجيل الملائكة الأعمال..
غيب المستقبل : مثل العلم بالموجودات قبل وجودها ..
وعلم وقت قيام الساعة .. ومواقيت الموت للنفوس .
::
وفي مقابل عالم الغيب هناك عالم الشهادة وهو عالم الأكوان الظاهرة
وما يدرك بالحس والبصر ، ولم يحجب الله هذا العالم عن البشر بالقدر
الذي يتناسب وطاقتهم وحاجتهم لتسخيرها بما ينفع لعمارة الأرض ...
ولا تعارض بين علم البشر بأي شيء في هذا الوجود ،
وبين علم الله المحيط المطلق فيه.
::
( وعنده مفاتـــــــــح الغيب )
وتعني علم الله بجميع الأمور ..
والعموم في مفاتح الغيب خصصه النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة أشياء
وقرأ آية لقمان :{ إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ
وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ
إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } لقمان ٣٤
وهذه هي الصيغة الأولى العامة من علم الغيب
::
وفي الصيغة الثانية يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
( مفاتح الغيب خمس لايعلمها إلا الله ، لايعلم ماتغيض الأرحام إلا الله
ولا يعلم مافي غد إلا الله ، ولا يعلم متى يأتي المطر إلا الله ،
ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله ، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله ) رواه البخاري
وهنا الصيغة الخاصة في علم الغيب الذي لايعلمه إلا الله
::
وتختص باثنين من مفاتح الغيب :
بما تغيض الأرحام ... لاالذكورة ولا الأنوثة ولا العلم بصفات الجنين
كذلك وقت نزول المطر الوارد في الحديث هو صيغة خاصة في علم الله...
لا مطلق انزال الغيث الوارد في الآية .
::
آية سورة الرعد تشرح معنى مافي الأرحام :
قال تعالى : { الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد
وكل شيء عنده بمقدار } الرعد ٨
الله يعلم ما تحمله أرحام كل أنثى واللفظ عام شامل لكل مايتعلق
بعالم الغيب والشهادة في الحمل ، وهذا المعنى العام المجمل فصل بقوله تعالى
( وما تغيض الأرحام ) فهذا الجزء من العلم هو من الغيب
المقصور علمه على الله تعالى استناداً للحديث.
والعلم المتعلق بازدياد الأرحام من الأجنة هو من عالم الشهادة ، وعلم الله فيه
علم إحاطة وشمول
ويؤكد هذا. في قوله تعالى :{ عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال }
إشارة إلى أن في الآية السابقة جزء من عالم الغيب وهو ( ماتغيض الأرحام )
وجزء من عالم الشهادة وهو علم الله المحيط الشامل
لأحوال وصفات حمل كل أنثى على وجه البسيطة ،
وما تزداد به الأرحام من هذا الحمل ، والله أعلم .
::
ماهو غيض الأرحــــــــــام ؟
في اللغة معنى الغيض : النقص ، والغور ، والذهاب ،والنضوب
وفي القرآن ( وغيض الماء ، وما تغيض الأرحام ) معنى ماتفسده الأرحام
فتجعله كالماء الذي تبتلعه الأرض..
ومن كلام علماء اللغة والتفسير للغيض هو الجنين الذي يهلك في الرحم
ويتحلل ويغور ، أو يسقط من بطن أمه قبل تمام خلقه.
::
علم الأجنة الحديث يجلي الحقيقة :
عندما تهلك الأجنة في الأسابيع الثمانية الأولى إما أن :
تسقط خارج الرحم ،
أو تتحلل وتختفي تماماً داخله ، كالماء الذي حبسته الأرض وابتلعته
ويسمى هذا بحالتيه : الإسقاط التلقائي المبكر
وهو موافق لأقوال علماء اللغة والتفسير في تعريفهم للغيض .
وماذا بعد ؟
ماذا يعني العلم بغيض الأرحام ؟
يعني العلم المسبق بحدوث الإسقاط التلقائي المبكر بنوعيه
قبل تمام تخليق الجنين ، برغم توفر الظروف المناسبة للجنين وانتفاء الموانع
::
إن التخليق هو من اختيار الخالق ، إن شاء الإيجاد بعد العدم ،
أو الإعدام بعد الوجود ..
أي العلم بإرادة الله في إنشاء إنسان جديد من عدمه، وأن هذا العلم
مقصورعلى الله وحده ويستحيل على البشر وعلى الخلق جميعاً معرفته .
::
الجنين والإسقاط التلقائي المبكر :
يمر الجنين خلال مرحلة التخليق بتحولات خطيرة وكبيرة ومعقدة للغاية
تحير العلماء ..
وقد تحدث تغيرات مفاجئة ينجم عنها خلل في الصبغيات تؤدي إلى
هلاك الجنين المبكر بأكثر من ٦٠٪ من كل الإسقاطات المبكر
عند كل النساء ، وهذه التغيرات المفاجئة والمميتة
مازالت خارج النطاق العلمي القطعي بحدوثها
ومسببات الإسقاط المبكر كثيرة ومتداخلة ويستحيل الكشف عنها مسبقاً .
والقطع بها ، بل علم ذلك خاضع لسنن غيبية لايعلمها إلا الله
( ولا يعلم ماتغيض الأرحام إلا الله ).
::
إن مستقبل هذه الأشياء الخمس ومصيرها لايخضع لسنن الشهادة
ونواميس الحياة، وبالتالي يستحيل على البشر العلم بها يقيناً
لا بالتخمين والظنون ، ولا حتى الملائكة الموكلون يعرفون ذلك مسبقاً
وسؤال الملك الموكل بالرحم ربه عن مستقبل ومصير كل طور من آطوار الجنين
هل ستتخلق أم لا
خير دليل على ذلك .
روى البخاري ومسلم بسنده عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم :
قال : وكل الله بالرحم ملكاً فيقول : أي رب نطفة . أي رب علقة .
أي رب مضغة . فإذا أراد الله أن يقضي خلقها ،
قال : أي رب أذكر أم أنثى .. شقي أم سعيد ، فما الرزق فما الأجل ..
فيكتب كذلك في بطن أمه .
فسبحان الله الخالق البارئ المصور .