القرامطة
حركة باطنية هدامة
تنتسب إلى شخص اسمه حمدان بن الأشعث ويلقب بقرمط لقصر قامته وساقيه وهو من خوزستان في الأهواز ثم رحل إلى الكوفة .
وقد اعتمدت هذه الحركة التنظيم السري العسكري ، وكان ظاهرها التشيع لآل البيت والانتساب إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق
وحقيقتها الإلحاد والإباحية وهدم الأخلاق والقضاء على الدولة الإسلامية .
يتضح لنا تطور الحركة من خلال دراسة شخصياتها الذين كانوا يظهرون الإسلام ويبطنون المجوسية وتركوا أثراً بارزاً على سيرهم وتشكلها عبر مسيرة طويلة من الزمن :
وفي سنة 278 هـ نهض حمدان قرمط بن الأشعث يبث الدعوة جهراً قرب الكوفة ثم بنى داراً سماها
دار الهجرة وقد جعل الصلاة خمسين صلاة في اليوم
سليمان بن الحسن بن بهرام ويعرف بأبي طاهر مؤسس دولة القرامطة الحقيقي ومنظم دستورها السياسي الإجتماعي استولى على كثير من بلاد الجزيرة العربية ودام ملكه فيها 30 سنة
ومن أعماله الرهيبة أنه :
1-فتك هو ورجاله بالحجاج حين رجوعهم من مكة ونهبوهم وتركوهم في الفقر حتى هلكوا .
قصة قتلهم للحجاج عام 317
2-فإنه بنى داراً في هجر وسماها دار الهجرة وأراد نقل الحج إليه لعنه الله وأخزاه ، وكثر فتكه بالمسلمين وسفكه دماءهم وأخذه أموالهم . واشتد الخطب في أيامه حتى انقطع الحج في أيامه خوفاً منه ومن طائفته الفاجرة .
واشتدت شوكتهم ففي أواخر سنة 317 لم يشعر الحجاج بمكة يوم الثامن من ذي الحجة إلا وقد وافاهم عدو الله أبو طاهر القرمطي في عسكر جرار فدخلوا بخيلهم وسلاحهم إلى المسجد الحرام ووضعوا السيف في الطائفين والمصلين والمحرمين إلى أن قتلوا في المسجد الحرام وفي مكة وشعابها نحو ثلاثين ألفاً وسبوا من النساء والذرية مثل ذلك . وتلك مصيبة ما أصيب الإسلام وأهله بمثلها . وركض عدو الله أبو طاهر عند الكعبة بسيفه مشهوراً بيده ـ قيل وهو سكران ـ وصفر لفرسه عند البيت الشريف فبال وراث ، والحجاج يطوفون حول البيت والسيوف تنوشهم ، وأحصي من قتل في المطاف فبلغوا ألفاً وسبعمائة .
وملؤوا برؤوس القتلى بئر زمزم وما بمكة من ءابار وحفر ، ودفنت الموتى بلا غسل ولا كفن ولا صلاة .
وطلع أبو طاهر إلى باب الكعبة وقلع بابها وصار يقول وهو على عتبة الباب :
أنا بالله وبالله أنا *** يخلق الخلق وأفنيهم أنا
وصاح في الحجاج وهو على فرسه يقول لهم يا حمير أنتم تقولون " ومن دخله كان ءامناً " فأين الأمان وقد فعلنا ما فعلنا ؟ فأخذ شخص بلجام فرسه وكان قد استسلم للقتل وقال له : ليس معنى الآية الشريفة ما ذكرت وإنما معناها ومن دخله فأمنوه . فلوى أبو طاهر عنان فرسه ولم يلتفت إليه وصانه الله تعالى من سطوته ببركة بَذلِ نفسه في سبيل الله للرد على هذا الكافر أخزاه الله تعالى .
وأراد قلع ميزاب الكعبة وكان من ذهب فأطلع قرمطياً على الكعبة فأصيب بسهم من جبل أبي قبيس فخر ميتاً ، فأطلع ءاخر مكانه فخر من فوق إلى أسفل على رأسه فمات ، فهاب الثالث الإقدام على القلع فترك ذلك أبو طاهر على رغم أنفه وقال اتركوه حتى يأتي صاحبه ( يعني المهدي الذي يزعم أنه يدعو الناس إليه ) .
وقتل كثيراً من العلماء والعبّاد والزهاد يطول الكلام بذكرهم ، ولم يسلم إلا من هرب من مكة أو صعد في جبالها ، ونهبوا دور مكة حتى صار الناس بعد ذلك فقراء يستعطون الناس ، ولم يحج في هذا العام أحد إلا من سمحوا بأرواحهم ، وأخذ أبو طاهر خزانة الكعبة وما كان فيها من الأموال واقتلع الحجر الأسود وصار يقول :
فلو كان هذا البيت لله ربنا *** لصب علينا من فوقنا صبا
لأنا حججنا حجة جاهلية *** وحللة لم نبق شرقاً ولا غربا
وإنا تركنا بين زمزم والصفا *** جنائز لا تبغي سوى ربها ربا
وأقام بمكة ستة أيام وقيل أحد عشر يوماً ثم انصرف إلى هجر وحمل معه الحجر الأسود يريد أن يحول الحج إلى مسجد الضرار الذي بناه وسماه دار الهجرة ، وعلق الحجر في الاسطوانة السابعة مما يلي صحن ذلك المسجد من الجانب الغربي .
وبقي موضع الحجر الأسود خالياً يضع الناس أيديهم فيه ويلمسونه تبركاً بمحله ، واستمر الحجر الأسود عندهم اثنين وعشرين سنة يستجلبون به الناس طمعاً أن يتحول الحج إلى بلدتهم ويأبى الله ذلك . وهذه مصيبة من أعظم مصائب الإسلام فسبحان من لا يسأل عما يفعل .
ثم ابتلي أبو طاهر الخبيث بالآكلة فصار يتناثر لحمه بالدود وتقطعت أوصاله وطال عذابه ، ومات أشقى ميتة ولعذاب الآخرة أشد وأبقى .
ولما يئست القرامطة من تحول الحج إلى هجر ردوا الحجر الأسود إلى محله سنة 339 . فكان مكثه عندهم اثنين وعشرين سنة .
ولما أخذوا الحجر مات تحته أربعون جملاً ، ولما أعادوه حمل على قعود هزيل فسمن وذلك من ءايات الله
ويتضح مما سبق :
أن هذه الحركة كان هدفها محاربة الإسلام بكل الوسائل وذلك بارتكاب الكبائر وهتك الأعراض وسفك الدماء والسطو على الأموال وتحليل المحرمات بين أتباعهم حتى يجمعوا عليهم أصحاب الشهوات والمراهقين وأسافل الناس ، وتعتبر عقائدها نفسها عقائد الإسماعيلة في خلاف في بعض النواحي التطبيقية التي لم يستطيع الإسماعيلة تطبيقها خوفاً من ثورة الناس عليهم ويخرجهم من حظيرة الإسلام عقائدهم التالية :
أولاً : اعتقادهم باحتجاب الله في صورة البشر .
ثانياً : قولهم بوجود إلهين .
ثالثاً : تطبيقهم مبدأ إشاعة الأموال والنساء .
رابعاً : عدم التزامهم بتعاليم الإسلام في قليل أو كثير .
خامساً : فساد عقيدتهم في الوحي والنبوة والرسالة .
سادساً : انتهاكهم حرمات الإسلام بالاعتداء على الحجيج واقتحام الكعبة ونزع الحجر الأسود ونقله إلى مكان آخر .
سابعاً : إنكارهم للقيامة والجنة والنار .
ووقائع القرامطة في مشارق الأرض ومغاربها طويلة مبسوطة في التواريخ ، وما زالوا مستمرين على البغي والإفساد إلى سنة 375 فاختل أمرهم وظهر الضعف في دولتهم فوقعت واقعة بينهم وبين صمصام الدولة ابن عضد الدولة ابن بويه في العام المذكور ، فهزمهم هزيمة قبيحة وقتل كثيراً منهم وزال من حينئذ ناموسهم .
وفي سنة 378 جمع إنسان يسمى الأصغر من بني المنتفق جمعاً كثيراً وقاتلهم قتالاً شديداً وقتل مقدم القرامطة فعدل إلى القطيف فأخذ ما كان فيها من عبيدهم وأموالهم ومواشيهم وسار بها إلى البصرة .
وبعد هذه الواقعة لم يزل أمر القرامطة في انحلال وضعف حتى اضمحلوا ولم تبق لهم دولة .
فمدتهم كلها تقرب من مائة سنة ولله عاقبة الأمور

سابح ضد تيار @sabh_dd_tyar
باحث اجتماعي معتمد بعالم حواء
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

سابح ضد تيار
•
لرفع المقال




الصفحة الأخيرة