666 بدون اسم @666_bdon_asm
عضوة جديدة
(ومن يتق الله )
اﻵية 3 من سورة الطﻼق في سورة الطﻼق أو سورة النساء الصغرى - كما تسمى - وردت أربع آيات كريمة، ربطت بين الفعل والجزاء، ورتبت النتيجة على أسبابها ومقدماتها؛ اﻵية اﻷولى، قوله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ ﻻ يَحْتَسِبُ}... (الطﻼق:2-3) والثانية قوله سبحانه: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}... (الطﻼق:3) والثالثة، قوله عز وجل: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}... (الطﻼق:4) والرابعة، قوله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} (الطﻼق:5) ولنا مع هذه اﻵيات بضع وقفات: اﻷولى: أن الجزاء في ثﻼث من هذه اﻵيات رُتب على تقوى الله؛ وتقوى الله في معهود الشرع، فعل ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه، وهي رأس اﻷمر كله، وفي وصية رسول الله لبعض صحابته، قوله عليه الصﻼة والسﻼم: (اتق الله حيثما كنت) رواه أحمد و الترمذي ، وقال: حديث حسن صحيح . الثانية: جاء قوله تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} تكملة ﻷمر التقوى؛ فإذا كانت تقوى الله سبب لتفريج الكربات، ورفع الملمات، وكشف المهمات، فإن في توكل المسلم على ربه سبحانه، ويقينه أنه سبحانه يصرف عنه كل سوء وشر، ما يجعل له مخرجًا مما هو فيه، وييسر له من أسباب الرزق من حيث ﻻ يدري؛ وأكد هذا المعنى ما جاء في اﻵية نفسها، وهو قوله تعالى: { إن الله بالغ أمره } أي: ﻻ تستبعدوا وقوع ما وعدكم الله حين ترون أسباب ذلك مفقودة، فإن الله إذا وعد وعدًا فقد أراده، وإذا أراد أمرًا يسر وهيأ أسبابه . وقد وردت عدة أحاديث تشد من أزر هذا المعنى؛ من ذلك ما رواه أبو ذر رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إني ﻷعلم آية لو أخذ بها الناس لكفتهم ، ثم تﻼ قوله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ ﻻ يَحْتَسِبُ} فما زال يكررها ويعيدها). رواه أحمد و الحاكم وغيرهما . وروى اﻹمام أحمد في "مسنده" عن ثوبان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله : (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه وﻻ يرد القدر إﻻ الدعاء وﻻ يزيد في العمر إﻻ البر). الثالثة: أن الله سبحانه وعد عباده المتقين الواقفين عند حدوده، بأن يجعل لهم مخرجًا من الضائقات والكربات التي نزلت بهم؛ وقد شبَّه سبحانه ما هم فيه من الحرج بالمكان المغلق على المقيم فيه، وشبَّه ما يمنحهم الله به من اللطف وتيسير اﻷمور، بجعل منفذ في المكان المغلق، يتخلص منه المتضائق فيه . الرابعة: في قوله تعالى سبحانه: {مِنْ حَيْثُ ﻻ يَحْتَسِبُ} احتراس ودفْعٌ لما قد يُتوهم من أن طرق الرزق معطلة ومحجوبة، فأعْلَم سبحانه بهذا، أن الرزق لطف منه، وأنه أعلم كيف يهيئ له أسبابًا، غير مترتبة وﻻ متوقعة؛ فمعنى قوله تعالى: {مِنْ حَيْثُ ﻻ يَحْتَسِبُ} أي: من مكان ﻻ يحتسب منه الرزق، أي ﻻ يظن أنه يُرزق منه . الخامسة: تفيد اﻵيات المتقدمة، أن الممتثل ﻷمر الله والمتقي لما نهى الله عنه، يجعل الله له يسرًا فيما لحقه من عسر؛ واليسر انتفاء الصعوبة، أي: انتفاء المشاق والمكروهات؛ والمقصود من هذا تحقيق الوعد باليسر، فيما شأنه العسر . السادسة: في قوله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} أعيد التحريض هنا على التقوى مرة أخرى، ورتَّب عليه الوعد بما هو أعظم من الرزق، وتفريج الكربات، وتيسير الصعوبات، وذلك بتكفير السيئات، وتعظيم اﻷجر والثواب . وبعد: فإن للتقوى أثرًا أي أثر في حياة المؤمن، فهي مفتاح كل خير، وهي طريق إلى سعادة العبد في الدنيا واﻵخرة، يكفيك في ذلك، قول الله عز وجل: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَاﻷَرْضِ} (اﻷعراف : 96). وكان من دعائه : (اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى) رواه مسلم ، نسأل الله أن يجعلنا من الملتزمين بشرعه، ومن المتقين ﻷمره ونهيه.
11
1K
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
لا اله الا الله