وسقطت الأقنعة
نظر حوله ولمح الوجوه تضحك بادية السعادة ، شعر بالضيق ،وأحس بأن ربطة العنق حبل مشنقة يلتف حول عنقه ، يخنقه ، يعصره . مد يده بحركة لا إرادية محاولاً التخلص من ضيقه، ولكن نظرة أمه نحوه جمدت يده ، وبحركة آلية أعاد يده مكانها مصطنعاً إبتسامة باهنة .
نظر حوله مرة أخرى ، لمحها هناك بين المدعوين فتأملها ، لكن عيونه كانت كسيرة هذه المرة، لم تكن ذات النظرة ، كانت نظرته المتأملة بجرأة لا تخلو من بريق ضحكة شبابية صاخبة . نظرته كانت تفجر الدم في خدودها ، فيحتار أين ينقل نظره ، بين زهرة الخدود الوردية المتفتحة ، أو تأمل عيونها التي غفا بها ليل أسود ، أو تامل ذلك الفم الذي أقرب ما يكون شبهاً لحبة الكرز ، او تلك البشرة المخملية بسمرة الصحراء المحببة.
تذكر أنه طالما طرب لسماع أحاديثها التي تتدفق كشلال عذب المياه ، موسيقي الوقع .
تذكر الرعشة التي كانت تسري في أوصاله كلما وقف أمامها ، شاعرأ بالسعادة ، كطفل صغير حصل على هدية طالما انتظرها .
كان كلما تكلم معها شعر بقلبه كطائر يحلق في فضاء واسع من الأحلام الوردية . يعبر حاجز الزمان فيرى ذلك البيت الصغير الذي ستحوي أرجاؤه ضحكاتهما وتحمي زواياه أسرارهما .
ولكن .... وآه من لكن .. تبخرت الأحلام كقطرات ندى سطعت عليها شمس الضحى ، نظر تذكر أنه لم يكن باستطاعته فك ربطة العنق دون رأي أمه .
كان رأي أمه الشقراء أن هذا الحب لا أمل له ، قالت بلكنتها العربية المكسرة : أنا قلت لأبوك أنك يجب ان لا تذهب إلى أبوظبي لوحدك . ضحكت عليك بنت عمك وأوقعتك في حبائل حبها ؟
إن هذا الفرس العربي الأصيل ، لن تقدر ان تروضه لتفوز بزوجة الابن التي تسحبها لبلدها الأجنبي ، وتجردها من كل انتماء للبلد الذي كان بنظرها ليس إلا، حرلافح و صحراء رملية ونفط و ناس انتقت زوجها من بينهم ، وتعبت حتى صنعت منه ذلك الرجل الذي لا يقدر إلا أن يظل معها حتى وإن كان قربه منها يبعده عن بلده وناسه .
ودون سابق إنذار ، وقبل أن يصحو من صدمة رفض أمه . كان اختيار العروس قد تم واستعدادات حفل الزفاف الذي اصرت أمه ان يكون في بلده حتى تحرق قلوب اهل زوجها
بأن ابنها سيتزوج الفتاة التي هي اختارتها من بلدها ، والتي ستثبت ابنها في بلدها الغربي .
كم كان وقع الصدمة كبيراً على نفسه عندما رأى العروس المختارة . شعر بأن مجرد التفكير بمقارنتها بالحبيبة يشكل ظلماً بكل المقاييس لتلك الرائعة ، شعر بضغط نفسي رهيب ، وشعر بالحرمان منها كغصة في الحلق . تجنب المقارنة واستسلم ، فقد اعتاد الخنوع.
كانت نواقيس الألم تدق في رأسه وطواحين الأسى تطحن قلبه الدامي ، صحى فجأة من هذه التداعيات على يد تمتد لتبارك له ، رفع عيناه ، أحس بأنه يهوي للأسفل فتماسك .
ويلاه إن تلك العيون التي طالما عشقها تحدق به ،ولكن بريق الحب قد خبا . نظرة دهشة وألم ممزوجين بعتاب أليم ، دمعة تدور في الاحداق يمنعها الكبرياء من الانحدار .
تبعها بنظره وهي تسلم على عروسه بجواره ، شعر بأنه يهوي في بئر عميقة لا يرى من عمقها سوى سواد يغلف كل شئ . لاحظ رجفة يدها وهي تتأمل خاتم الزواج في يد العروس . رفع عينيه متوقعاً انسياب دمعة حزن .
صدمه كبرياء أطل من عيونها ليؤكد أنها خرجت من التجربة اقوى ، وأنه كان الخاسر الوحيد للحب الصادق فشعر بالضآلة.
ومضت دونما إلتفات للوراء ، فالماضي قد مضى ،وقد اصبح هو من الماضي ، وكان لوقع خطواتها قوة ، ورأسها شمخ بكبرياء المنتصر .
تحياتي:13:
أم يعرب

mrvoot @mrvoot
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

بحور 217
•
جميلة قصتك يا أم يعرب ...
وفكرتها رائعة ....
كم تكلفنا بعض الأخطاء غاليا ....
أما بالنسبة للخاسر فأنا معك هو الخاسر الوحيد ...
أسلوبك جميل وممتع ...
حياك الله معنا .
على الهامش ل usha
أين أنت اشتقنا لك ؟؟
وفكرتها رائعة ....
كم تكلفنا بعض الأخطاء غاليا ....
أما بالنسبة للخاسر فأنا معك هو الخاسر الوحيد ...
أسلوبك جميل وممتع ...
حياك الله معنا .
على الهامش ل usha
أين أنت اشتقنا لك ؟؟


usha
•
اشكرك يا بحورالله يجزيك كل خير على لفتك اللطيفه انا هنا صرت بالرياض بعد ما نقلت من عمان
والله يوفقنا ادعولي
معلش يا مرفوت يا اختي حوار جانبي لا تزعلين
والله يوفقنا ادعولي
معلش يا مرفوت يا اختي حوار جانبي لا تزعلين
الصفحة الأخيرة
بس انا اتصور انهما الاثنين قد خسرا اليس كذلك الحب دون تضحيه لا يدوم وكذلك الحياه ..بس غريب اختيارك للموضوع اي اقنعه ... ؟؟