و عرفت خطأي

في يوم ما...... زمن ما..... لحظة ما.... لم يكن قلبي طوع بناني..... ولم تكن عواطفي رهينة لسلطان فكري، بل انطلقت من سجنها تحلق في أفق من الخيال و الأحلام الوردية ... انطلقت من عقالها لتجرني معها إلى عالم ملئ بغرائب و أحداث ..... قلبت كياني وفجرت في داخلي أشياء لم تكن قد ولدت بعد، غيرت مفاهيم عدة في ميزان فكري .... انطلقت تجري وتحلق دون هوادة... تمتطي صهوة جواد الأحلام العبقة بأريج جاء عطره من خيالي.... وتنزل ضيفة على موانئ حُمِّلت مراكبها بشتى الأماني...... مصحوبة برذاذ المطر و لفحات البرد في ليال الشتاء الحزينة الباعثة على الرعب والخوف....... الرعب من مستقبل لا أمل له..... والخوف من أيام حنّت واشتاقت فيها ليدٍ حنون تداعب جفونها المبللة بالدمع دوماً، تربِّت على كتفها، وتأخذها إلى حضن تحاول أن تجعله دافئا رغم برودته..... انطلقت دون تفكير...... وأحبت بعفوية وتلقائية، ولم تنافق.... و كان وجهي مرآة صدقها، وعلامة إخلاصها..... إخلاصها .....!! لمن يا ترى هذا الإخلاص..؟

أهـو لمستقبـل أراه كئيبـاً مظلمـاً ...؟
أم لحاضر كل لحظة فيه أسوأ من سابقتها...؟

طعم الحياة تغير... ومذاق الأيام تبدل... وابتسامة الشفاه لم تعد هي... فيال أيام خلت، كانت الأحلام أهدأ، والواقع أهدأ، و السفينة راسية في ميناء واحد لا تغادره... ويا لحلم أعيشه، ولا أرى أي بارقة أمل تسطع نحو تحقيقه.... ولا شمس محبة تغمره بأشعة دافئة.... إنه إحساسٌ بالمستحيل.... كنت يوماً أؤمن أن لا مستحيل مع العزيمة و التصميم والإرادة... ولكن ضاع إيماني هذا كما ضاعت أشياء أخرى في حياتي... ضاع ما هو أعمق بعداً في دنياي... فهل آسف على اعتقادٍ كان يسود فكري...؟؟

حياتي غريبة، وحلمي أغرب... سعادتي مستحيلة، وحلمي أكثر استحالة... أيامي شمعة ضعيفٌ نورها... وحلمي قنديل مطفأ أُشعله بتهيؤات مصحوبة بزفرات منبعثة من قلبٍ يعرفُ أن لا فكاك له من وهمٍ داس أرضه، وتبوأ فيها مكاناً سامياً ....

ينهرني عقلي... ولكن منذ متى أسمع عقلي أو أستشيره....؟ لو كنت استشرته ما كنت الآن أكتب هذه الكلمات.... لو كنت استشرته ما كان حدث ما حدث، و لحظات عمري يجب أن أحياها ببقية قلب، وبعذاب نفس، وبحلم مجهول التقاسيم، غامض المعالم، مجنون الخطى، متعب الفؤاد، مسهد الجفون، أرق الفكر، دامع العينين.......