(( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ ل

ملتقى الإيمان


اللهم صلِّ على محمد ماتعاقب الليل والنهار وصلِّ على محمد ماذكره الذاكرون الأبرار وصلِّ على محمد عدد مكاييل البحار

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أما بعد :
يقول الله تعالى في كتابه العزيز ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)..

في هذه الاية يخاطب الله المؤمنين المصدقين ، ويامرهم بان يستجيبوا لاوامره واوامر رسوله ، وينتهوا عن معصيته ومعصية رسوله ..
وهذه الاستجابة ستؤدي حتما الى الحياة السعيدة في الدنيا والآخرة ، وستقود ايضا الى الحياة الحقيقية في جنات النعيم ..
ايها الاخوة في الله وحول دعوة الله لنا في هذه الاية ، سيدور الحديث في هذا اللقاء باذن الله تعالى

عن الاستجابة لله ولرسوله
أيها الفضلاء :
ان معنى الاستجابة لله أن تخضع رغباتك أيها المسلم واهوائك وتصرفاتك لدين الله عز وجل في كل صغير وكبير من امرك ..ولا خيار لك في ذلك إن كنت تزعم انك مسلم ..

لقد جاء النص القراني الكريم واضحٌ كل الوضوح ،..يقول سبحانه ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا)

أيها الإخوة :
لقد فهم الصحابة الكرام رضي الله عنهم هذه الحقيقة فكانوا خير الناس في سرعة استجابتهم لأمر ربهم جل وعلا وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، والتاريخ يشهد بآلاف الأمثلة على ذلك .. ولعل من المناسب أن نذكر بعض صور الاستجابة لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم . لعل ذلك يكون محفزا للنفوس فنقتدي بهم

فأول تلك الصور ..سرعة استجابة الصحابة الكرام في ترك الخمر الذي شبوا عليه ..واختلط في دمائهم وأصبح عادة متأصلة في حياتهم اليومية..يروي لنا هذه الصورة الصحابي الجليل أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِي اللَّه عَنْه فيقول ( كُنْتُ قَائِمًا عَلَى الْحَيِّ أَسْقِي عُمُومَتِي وَأَنَا أَصْغَرُهُمُ فِي بَيْتِ أَبِي طَلْحَةَ ُ فَإِذَا مُنَادٍ يُنَادِي فَقَالَ اخْرُجْ فَانْظُرْ .. فَخَرَجْتُ فَإِذَا مُنَادٍ يُنَادِي أَلَا إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ .. قال ابو طلحة : أَهْرِقْ هَذِهِ الْقِلَالَ يَا أَنَسُ فَهَرَقْتُهَا ، فَمَا سَأَلُوا عَنْهَا، وَلَا رَاجَعُوهَا بَعْدَ خَبَرِ الرَّجُلِ ، قال فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ)..استجابة فورية..بعضهم كانت الشربة في فمه فمجها.. وبعضهم كان الكوب في يده فرماه وقالوا جميعا انتهينا يارب ..انتهينا يارب.

أين هذه الصورة المشرقة .. ممن يشرب الخمر ..مع علمه بتحريمها ..بل يتاجر فيها أو فيما يؤدي إليها من دخان وغيره..ومع ذلك يزعم انه مسلم ..
الصورة الثانية
تحكي سرعة استجابة الصحابة الكرام وهم في الصلاة عندما أخبروا بأنه قد تم تحويل القبلة من بيت المقدس الى الكعبة .
يروي هذه الحادثة الصحابي الجليل ْ عَبْدُاللَّهِ بنُ عُمَرَ رضي الله عنهما فيقول ( بَيْنَما النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ ، إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا ، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ )

انهم لم ينتظروا حتى يكملوا الصلاة..ويتأكدوا من الخبر ..بل استداروا وهم ركوع في الصلاة خشية أن يقعوا في دائرة معصية الله ورسوله ..

فأين هؤلاء من الذين يسمعوا أوامر الله تعالى وأوامر رسوله تتلى عليهم ليلا نهارا وهم معرضون عنها ..غير مبالين بها..ومع ذلك يدعون الإسلام ..فإلي الله المشتكى
الصورة الثالثة تحكي سرعة ترك أحد الصحابة لشيء يحبه ، لما علم أن فيه معصية لله ولرسوله
هذه الحادثة يرويها عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فيقول (رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ ، وَقَالَ يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ.. فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذْ خَاتِمَكَ انْتَفِعْ بِهِ قَالَ لَا وَاللَّهِ لَا آخُذُهُ أَبَدًا وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ *) البخاري ..

لاحظ أخي : فمع انه من حقه أن يأخذ الخاتم ويستفيد منه إلا انه تركه نهائيا حتى لا يتذكر المعصية ولا تصاحبه..
فأين هذا ممن يستمر على المعصية ، عن قصد وعلم بتحريمها ، ومع ذلك يزعم أنه مسلم .

الصورة الأخيرة
..تحكي إضافة إلى سرعة الاستجابة لله تعالى ..صورا عدة من الكرم ..وحب الإنفاق في سبيل الله ..و الثقة برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غير ذلك من الصور.

يحكي هذه الصورة الصحابي الجليل انس بن مالك رَضِي اللَّه عَنْه فيَقُولُ ( كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الْأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَخٍ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ )

فأين هذه الصورة المشرقة .. ممن يجمعون الأموال التي رزقهم الله إياها ، ولا ينفقونها في طرق الخير ..بل يصل الأمر ببعضهم إلى التعامل بالربا ونحوه ..مع علمه بتحريم ذلك..وربما زعم أن مستجيب لله ولرسوله .
أيها الإخوة في هذه صور قليلة من صور كثيرة من حياة أولئك الأبرار..الذين غيروا حياتهم تغييرا جذريا ..استجابة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم
أيها الأحبة : ربما يسأل سائل فيقول أنا إذا استجبت لله ولرسوله ما أثر ذلك استمع رعاك الله إلى بعض أثر الاستجابة
1* الاستجابة لله وللرسول فيها الحياة: قال الله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ " وعلى قدر الاستجابة تكون الحياة، فهي مراتب كلما زاد العبد في الاستجابة لله وطاعة أوامره كلما زاده الله هداية وتوفيقاً. وقد شبه الله المستجيب لنداء الله ورسوله بالحي، والذي لا يستجيب بالميت " إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ "

2* الاستجابة سبب من أسباب إجابة الدعاء: فهي طريق لرضا الله تعالى، فتحقيق الإيمان وامتثال أوامر الله تعالى جعلها الله تعالى من شروط إجابة الدعاء فقال تعالى " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي " بفعل أوامره واجتناب نواهيه، عندها تكون إجابة دعوة الداع أرجى
.

3* المستجيب جزاه الجنة: فالناس على قسمين: مستجيب لربه، فجزاؤه الحسنى. والآخر غير مستجيب لربه، فجزاؤه النار كما قال الله تعالى: " لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ "


4* الاستجابة فيها كمال العقل : كما قال الله تعالى :" فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "
هذه بعض آثار الاستجابة لله ولرسوله أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه والله تعالى أعلى وأحكم والحمد لله رب العالمين



(( أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ))
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

اللهم أغفرلي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والاموات
6
571

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

الامــيــرة01
الامــيــرة01
نسيان القرآن أسبابه وحكمه
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله -: نحن طلاب العلم نحفظ الكثير من الآيات على سبيل الاستشهاد، وفي نهاية العام نكون قد نسينا الكثير منها، فهل ندخل في حكم من يعذبون بسبب نسيان ما حفظوه؟.
فأجاب قائلاً:
نسيان القرآن له سببان:

الأول: ماتقتضيه الطبيعة.
والثاني: الإعراض عن القرآن وعدم المبالاة به.
فالأول لا يأثم به الإنسان ولا يعاقب عليه، فقد وقع من رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى بالناس ونسي آية، فلما انصرف ذكره بها أبيّ بن كعب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: { هلا كنت ذكرتنيها } وسمع رسول الله قارئاً يقرأ، فقال: { يرحم الله فلاناً فقد ذكرني آية كنت أنسيتها }.
وهذا يدل على أن النسيان الذي يكون بمقتضى الطبيعة ليس فيه لوم على الإنسان.
أما ما سببه الإعراض وعدم المبالاة فهذا قد يأثم به. وبعض الناس يكيد له الشيطان ويوسوس له إلا يحفظ القرآن لئلا ينساه ويقع في الإثم، والله سبحانه وتعالى يقول: { فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً } فليحفظ الإنسان القرآن لأنه خير، وليؤمل عدم النسيان، والله سبحانه عند ظن عبده به.
ونظير هذا ما يستدل به بعض الناس بقول الله تعالى: { لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } فيترك السؤال والعلم والتعلم. ولكن كان هذا حين نزول الوحي والتشريع، فقد يسأل البعض عن أشياء سكت الله عنها فُتبين لهم فيكون فيها تشديد على المسلمين بالإيجاب أو التحريم. أما الآن فلا تغيير في الأحكام ولا نقص فيها فيجب السؤال عن الدين.
الامــيــرة01
الامــيــرة01
استغفرالله استغفرالله استغفرالله
ورد مذهب
ورد مذهب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا وبارك فيك .
أشتقت لحضن أمي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاكي الله خيرا وزادكي الله علما ونفعا للأمة
شيهانه®
شيهانه®
سبحان الله وبحمده
سبحان الله العظيم