ياصديقي ليس هناك اصدقاء

الأدب النبطي والفصيح

ياصديقي ليس هناك أصدقاء



فلسفه الصداقه .

الصداقه كالحب ، كسر لعزلة القلب ،وتدمير لصقيع الغربه .. والصداقه في الطفوله تأتي بلا إختيار أو جهد وفي الكبر هي إختيار وحريه . كما أن الكبار لهم صداقات صغيره ،والصغار لهم صداقات كبيره. وماأجمل أن يكون لك صديق خالص الصداقه ، تستحم على شواطئه همومك ،ومشاعرك ،واحاسيسك ، فالطريق لا يطول أبدا متى ماوجد الإنسان الصحبه الطيبه ،والصداقه الدافئه ،إنني أظل دوما أفتش عن صديق حقيقي حينما أمنحه زهره الحب، والود لا تتحول في يده هذه الزهره ، مع مرور الزمن الى خنجر يطعنني به في لحظه ضعفي ،وحزني ،وإنكساري .. فكلما فقدت صديقا غاليا أتألم كثيرا كثيرا وأحزن بشده إذ أن نسيان الصديق أو فقدانه أمر محزن للغايه ، فلايمتلك الإنسان صديقا كل يوم ،فالصداقه حدث نادر لايجوز أبدا نسيانه ... وكلما عثرت على صديق طيب ودود ،شعرت بالفرح الطفولي العميق ،وأحسست لحظتها أن الحياه منختني عمرا إضافيا بمعرفه مثل هذا الصديق .
وتبقى الصداقه هي أحلى واعذب العلاقات الإنسانيه ،حتى الزواج شرط من شروط السعاده فيه أن تكون العلاقه مابين الزوجين علاقه صداقه ،وليست فقط علاقه حب .. فالزواج حين يكون" صداقه " يفقد تدريجيا قيوده ، وينطلق ليبدو العالم بهيجا ، والمنفى عشا ، والوحده تأملا ، والرفقه عشقا .. حتى تربيه الأبناء لا تكتمل إلا إذا كان الوالدين صديقين لأبنائهما ، يتفهمان مشاعرهم ، ورغباتهم ،واحزانهم ، كما ان الصداقه مع النفس لا تقل أهميه عن الصداقه مع الاخرين ، الصداقه مع النفس تعني حبك لذاتك ،وفهمك إياها ، فلو كرهتها لن تستطيع أن تحب أي شخص آخر .


الصداقه ... ضروره أم ترف ؟
يقول أبوالطيب المتنبي :" شر البلاد مكان لا صديق به " أما " أملي ديكنسون " فعبر عن الصداقه بقوله :" الأصدقاء أوطان صغيره " والقائد الفرنسي " نابليون " باح ذات ليله بحزنه ،وشجنه الى زوجته حينما قال لها :" لقد نلت من المجد والسلطه مالم ينله احد قط ،وبالرغم من ذلك فهاأنذا لا اجد حولي صديقا مخلصا أستطيع الأعتماد عليه سواك " والحق .. أن الصداقه ضروره لاأحد يستطيع أن يستغني عنها أبدا .. لأن لها طابع خاص ، ونكهه مختلفه ،تضفي على النفس السرور ، والحس الحبور ، وتمنح الذات عالما آخر من التلقائيه ، والعفويه ، والموده الصافيه ، والصحبه الخالصه .
إن الصداقه تحتاج الى مهاره نادره في الحفاظ عليها وصيانتها ، وليست البراعه في صنع هذه الصداقه بل في المحافظه عليها، والعمل على بقائها واستمرارها ،إنها كالمال سهل أن تكسبه ، صعب أن تحافظ عليه ، إن الصداقه هي طاقه تحسب بمقدار الصفح ، والتسامح ، والتضحيه ، والمجامله ،فالصداقه الحقيقيه تقوم على الأخذ والعطاء بنفس القدر .
إن الصداقه ضروره ملحه ، وحاجه ماسه للقلب ، والروح ،والوجدان ،فهي إكسجين الحياه ،وإكسير العلاقات الإنسانيه وصدق الإمام الشافعي حينما قال :
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها صديق صدوق صادق الوعد منصفا


الصداقه والحب .

الصداقه .. هي الحب بغير أجنحة .
الحب إمتلاك والصداقه حريه . الحب أنانيه والصداقه تضحية .
صديق اليوم هو صديق الغد .. أما الحب فإنه عندما يرحل لا يعود ابدا .
الصداقه درجات فهناك صديق ، وصديق غال ، وصديق عزيز جدا
أما الحب فإنه كتله واحده ، لايعرف أنصاف الحلول ، ولا يقبل القسمه على إثنين
من يغرس مجامله يحصد الصداقه ، من يغرس العطف يجني الحب .
قد تكبر الصداقه فتصير حبا ، ولكن الحب لايمكن أن يصغر ويتحول الى صداقه .
ومن الممكن أن يتحول المحبون الى اعداء ، ولكن ليس الى أصدقاء .
ومثلما أن هناك حب من أول نظره ، هناك أيضا صداقه من أول جلسه .
وفي الأخير .. فإن أول صديق مثل أول حبيب يصعب الأحتفاظ به الا في الذاكره .



الصداقه .. لدى الرجل والمرأه .


يقال أن الرجال أبرع في الصداقه ، والنساء أمهر في الحب .
فالرجل ينظر الى الصداقه على أنها حمايه ،ومنفعه ، وقوه ،بينما ترى المرأه الصداقه على أنها صحبه ودفء عاطفي ، ومشاركه وجدانيه ، وتفريغ للهموم والمتاعب .
الرجل يتمتع بالصداقه بعقلانيه ، وموضوعيه ، وفهم عميق ، والمرأه تعيش الصداقه بعاطفه ،وإنفعال ، وحساسية .
الصداقه لدى الرجل تتسم بالثبات ،والإستقرار ،والإتزان ، ولو حدث خلاف أو سؤ فهم فإما أن ينتهي هذا الخلاف في لحظته ،أو تبدأ القطيعه والخلاف لفتره طويله أما المرأه فتتسم الصداقه لديها بعدم الثبات ،والإستقرار نظرا لحساسيتها الشديده وعاطفتها .
أما الصداقه مابين الرجل والمرأه فهذا شأن آخر ،وإتجاه مختلف ..
لكنني أختصرها في عبارة :"أوسكار وايلد ": صداقة الرجل للمرأه نكته طريفه ، تشبه صداقة القط للفأر ."


الصداقه .. حقيقه أم خيال .

رغم أن " شكسبير " قال عن الصداقه معظمها زائف ،ورغم ان العثور على الصديق الطيب ، الودود يحتاج الى أن نبحث كثيرا كثيرا حتى نجده ، ونعثر عليه ،ورغم أيضا أن الطريق الضيق لا يوجد به أصدقاء لأن الصديق المزيف كالظل يقترب عندما نمشي بالضؤ ،ويغيب عندما يغطينا الظلام ...
إلا أن الصداقه حقيقه وواقع ، ملموس ،نحتاج فقط الى أن نفهم الحكمة اللاتينية التي تقول :" من كان صديق نفسه أصبح الجميع أصدقاءه " بمعنى أن المرء إذا كان يريد أن يكون له أصدقاء يحبونه ، ويحرصون عليه ، يجب ان يبدا من نفسه، فيزرع فيها حب الخير، والمبادئ النبيلة ، وأن يحاول الأبتعاد عن سؤ الظن ، وتصيد الأخطاء، والهفوات ، فالمجامله تكسب الأصدقاء ، كما أنه من الذكاء مدح الصديق علنا ، ومعاتبته سرا ، فالصديق يحتاج دائما الى المعاملة اللطيفه ، حتى يبقى بجوارنا ، والى قبول أخطاءه وهفواته، والصفح عنها بموده، وطيبه، ووداعه .. والوحده هي دائما عقاب الحياه لمن لم يحسن صحبه الأخرين، ولم يرع لهم حقا وكان شديد الوطأه عليهم وفي علاقته بهم .

الخل الوفي .


الإن الخل الوفي ليس أمر مستحيلا كما يقال ويتداوله الناس ،لكن الحقيقه الغائبه تكمن في أننا لا نفهم ولا نريد أن نفهم أن هناك مايسمى بالمرحله الإنتقاليه ، المتعلقه بكل إنسان والمتمثله في ظروفه الجديده والمتغيره.. والتي يفترض أن تجعلنالا نتوقع وجود خل وفي طوال مراحل حياتنا، ولكن علينا أن نتوقع أن هناك خل وفي ، لكل مرحله جديده من حياتنا ،وهذا الشعور بالتقبل والرضى بهذه الحقيقه والواقع والمنطق يجعلنا أكثر محبه، وطيبه ،وموده ،مع الاصدقاء، والأحباء ويجنبنا النظر اليهم على أنهم غير أوفياء وعلى التحسر والندم على عدم وجود الصديق والرفيق والخل الوفي .


الصداقه والعداوه .

" روبرت كنيدي " يقول لك سامح أعداءك ، ولكن لا تنسى أسمائهم ،وقدماء الأسبان منذ أربعمائه سنه يقولون لك إن أسوأ العداوات هي عداوه الأصدقاء " ومن قبل ذلك كله فالإمبراطور " يوليوس قيصر " عندما خرج في الليله التي أغتيل فيها ، توقع أي شئ و أستبعد فكره أن يتقاسم أصدقاءه آخر قطرات دمه ، لقد كان القيصر يرى الأقنعه التي كان يرتديها أصدقاءه على وجوهم ، لكنه فشل في قرأه العداوه الموجوده في نفوس أصدقاءه من الداخل ، ولعل أكثر مافجعه هو صديقه الحميم " بولس " الذي قال له " القيصر " بحسره وألم وندم :" حتى انت يابولس ".
أما الشاعر إبن الرومي في مذكراته الشعريه بيتا يؤكد فيه النظريه ذاتها فهو يقول لك :
عدوك من صديقك مستفاد فلا تستكثرن من الصحاب
وصديقك أبو الطيب المتنبي كان حكيما بحق ،فقد ترك في التراث العربي بيتا يقول فيه :
ومن العداوه ماينالك منفعه ومن الصداقه مايضر و مايؤلم
أما الفيلسوف الأغريقي "أرسطو" فقد أختصر الوقت منذ زمن بعيد ، عندما قال لأصدقائه صراحه :" ياأصدقائي ليس هناك أصدقاء " .
وفي الأخير .. بدلا من ان تعامل أعداءك بلطف حتى تكسبهم ، عامل أصدقاءك بلطف حتى لاتخسرهم .



الحقوق محفوظه :للكاتب شجاع القحطاني
4
602

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

حارقتهم
حارقتهم
تسلمين علي نقل المووضوووع جدا مفيد وهادف
عبق الريحان
عبق الريحان
مشكووووووره على مرورك وكلك ذوق
عَانَقْتُ الفضاء...
كل الشكر لمنقولك المفيد ..
وفقك الله
عبق الريحان
عبق الريحان
وكل الشكر لك على الرد اختي
عَانَقْتُ الفضاء...
والله يقدرني على افادتكم