نورارة

نورارة @norar

عضوة فعالة

(ياعبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم)

ملتقى الإيمان

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته..
شرح الحديث القدسي من..< ياعبادي انكم تخطئون.. >

قال الله تعالى في الحديث القدسي : ( يا عبادي ، إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم )

هذا أيضاً من تمام نعمة الله على العبد ، إنه ـ جل وعلا ـ يعرض عليه أن يستغفر إلى الله ويتوب إليه، مع أنه يقول :
( إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً
أي جميع الذنوب ، من الشرك بالله ، والكفر ، والكبائر ، والصغائر ، كلها يغفرها الله ، ولكن بعد أن يستغفر الإنسان ربه ، ولهذا قال :
( فاستغفروني أغفر لكم )
،أي اطلبوا منى المغفرة حتى أغفر لكم .
ولكن طلب المغفرة ليس مجرد أن يقول الإنسان :
اللهم اغفر لي
بل لابد من توبة صادقة يتوب بها الإنسان إلى الله ـ عز وجل .
والتوبة الصادقة هي التي تجمع خمسة شروط :

الشرط الأول : أن يكون الإنسان مخلصاً فيها لله ـ عز وجل ـ لا يحمله على التوبة مراءاة الناس ، ولا تسميعهم، ولا أن يتقرب إليهم بشيء ، وإنما يقصد بالتوبة الرجوع إلى الله حقيقة ، والإخلاص شرط في كل عمل ، ومن جملة الأعمال الصالحة : التوبة إلى الله ـ عز وجل ـ، كما قال تعالى : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (النور:31) .

الشرط الثاني : أن يندم الإنسان على ما وقع منه من الذنب ، يعني أن يحزن ، ويتأسف ، ويعرف أنه ارتكب خطأ حتى يندم عليه ، أما أن يكون ارتكاب الخطأ وعدمه عنده على حد سواء ؛ فهذه ليست بتوبة ، بل لابد من أن يندم بقلبه ندماً يتمنى أنه لم يقع منه هذا الذنب .

الشرط الثالث : أن يقلع عن الذنب فلا توبة مع الإصرار على الذنوب ، كما قال تعالى : ( وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) (آل عمران:135) ، أما أن بقول إنه تائب من الذنب وهو مصر عليه ، فإنه كاذب مستهزئ بالله ـ عز وجل ـ، فمثلاً لو قال : أتوب إلى الله من الغيبة ، ولكنه كلما جلس مجلساً اغتاب عباد الله ؛ فإنه كاذب في توبته ، ولو قال أتوب إلى الله من الربا ولكنه مصر عليه ؛ يبيع بالربا ويشتري بالربا ، فهو كاذب في توبته ، ولو قال : أتوب إلى الله من استماع الأغاني ، ولكنه مصر على ذلك ، فهو كاذب في توبته ، ولو قال : أتوب إلى الله من معصية الرسول صلى الله عليه وسلم في إعفاء اللحية ، وكان يحلقها ، وهو يقول أتوب إلى الله من حلقها : فإنه كاذب ، وهكذا جميع المعاصي إذا كان الإنسان مصراً عليها فإن دعواه التوبة كذب ، ولا تقبل توبته .

ومن التخلي عن الذنب والإقلاع عنه : أن يرد المظالم إلى أهلها إذا كانت المعصية في حقوق العباد ، فإن كانت في أخذ مال فليرد المال إلى من أخذه منه ، فإن كان قد مات فليرده إلى ورثته ، فإن تعذر عليه أن يعرف الورثة ، أو نسى الرجل ، أو ذهب الرجل إلى مكان لا يمكن العثور عليه ، مثل أن يكون أجنبياً ، فيرجع إلى بلده ، ولا يدري أين هو ، ففي هذه الحال يخرج ما عليه صدقة ينويها لصاحب المال الذي يطلبه .
وإذا كان الذنب في غيبة ، وكان المغتاب قد علم أن هذا الرجل قد اغتابه ، فلابد أن يذهب إلى المغتاب ويتحلل منه ، وينبغي للمغتاب إذا جاءه أخوه يعتذر إليه أن يقبل ، وأن يسامح عنه ، فإذا جاء إليك أخوك معتذراً مقراً بالذنب ، فاعف عنه واصفح
( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (المائدة:13) ،
ولكن إذا لم يقبل أن يتسامح عن غيبته إلا بشيء من المال ؛ فأعطه من المال حتى يقتنع ويحللك .

كذلك إذا كانت المعصية مسابة بينك وبين أحد حتى ضربته مثلاً ، فإن التوبة من ذلك أن تذهب إليه وتستسمح منه ، وتقول : ها أنا أمامك اضربني كما ضربتك ، حتى يصفح عنك ، المهم أن من الإقلاع عن المعصية إذا كانت لآدمي أن تحلل منه ، سواء كانت مظلمة مال ، أو بدن ، أو عرض
.
الشرط الرابع : أن يعزم على ألا يعود في المستقبل ، فإن تاب وأقلع عن الذنب، لكن في قلبه أنه حانت الفرصة عاد إلى ذنبه ، فإن ذلك لا يقبل منه ، فهذه توبة لا عب ، فلابد أن يعزم ، فإذا عزم قدر أنه نفسه سولت له بعد ذلك ، وفعل المعصية ، فإن ذلك لا ينقص التوبة السابقة ، لكن يحتاج إلى توبة جديدة من الذنب مرة ثانية .

الشرط الخامس : أن تكون التوبة في الوقت الذي تقبل فيه ، فإن فات الأوان لم تنفع التوبة ، ويفوت الأوان إذا حضر الإنسان الموت . فإذا حضره الموت فلا توبة ولو تاب لم ينفعه ، لقوله تعالى :
( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ ) (النساء:18) ،
الآن لا فائدة فيها ، ولهذا لما أغرق فرعون
( قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (يونس:90)
فقيل له
(آلْآنَ )
، يعني أتقول هذا الآن
( وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (يونس:91) ،
فاااات الأوان ، ولهذا يجب على الإنسان أن يبادر بالتوبة ، لأنه لا يدري متى يفجؤه الموت ، كم من إنسان مات بغتة وفجأة ، فليتب إلى الله قبل أن يفوت الأوان .

أما الثاني الذي يفوت به أوان التوبة : إذا طلعت الشمس من مغربها ، فإن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أخبر أن الشمس إذا غابت سجدت تحت عرش الرحمن ـ عز وجل ـ، واستأذنت الله ، فإن أذن لها استمرت في سيرها ، وإلا قيل : أرجعي من حيث جئت ، فترجع بإذن الله وأمره (94)، فتطلع على الناس من المغرب ، فحينئذ يؤمن جميع الناس ، يتوبون ويرجعون إلى الله ، ولكن ذلك لا ينفعهم ،
قال الله تعالى : ( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ )
يعني عند الموت ،
( أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ )
يعني يوم القيامة للحساب ،
( أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ )
يعني طلوع الشمس من مغربها ،
( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً ) (الأنعام:158) .

هذه خمسة شروط للتوبة ، لا تقبل إلا بها، فعليك يا أخي أن تبادر بالتوبة إلى الله ، والرجوع إليه ، مادمت في زمن الإمهال ، قبل ألا يحصل لك ذلك ، واعلم أنك إذا تبت إلى الله توبة نصوحاً ؛ فإن الله يتوب عليك ، وربما يرفعك إلى منزلة أعلى من منزلتك ، أنظر إلى أبيك أدم ، حيث نهاه الله عن الأكل من الشجرة ، فعصى ربه بوسوسة الشيطان له ، قال الله تعالى :
( وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى) (طـه:121 ،122)
، لما تاب نال الاجتباء . واجتباه الله ، وصار في منزلة أعلى من قبل أن يعصي ربه ، لأن المعصية أحدثت له خجلاً وحياء من الله ، وأنابه إليه ، ورجوعاً إليه ، فصارت حاله أعلى حالاً من قبل .

واعلم أن الله اشد فرحاً بتوبة عبده المؤمن من رجل كان على راحلته وعليها طعامه وشرابه في أرض فلاة ، لا أحد فيها ، فأضاع الناقة ، وطلبها فلم يجدها ، فنان تحت شجرة ينتظر الموت ، فإذا بخطام ناقته متعلقاً بالشجرة ، قد جاء الله بها ، فأخذ بخطامها ، وقال من شدة الفرح :
( اللهم أنت عبدي ، وأنا ربك ، أخطأ من شدة الفرح )(95) ،
أراد أن يقول : اللهم أنت ربي ، وأنا عبدك ، ولكن أخطأ من شدة الفرح ، لأن الإنسان إذا أشتد فرحه لا يدري ما يقول ، كما أنه إذا اشتد غضبه لا يدري ما يقول ، فالله بتوبة عبده المؤمن أشد فرحاً من فرح هذا بناقته .

نسأل الله أن يتوب علينا وعليكم ، ويرزقنا الإنابة إليه .
وقوله جل ذكره :
( يا عبادي إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني ولن تبلغوا ضري فتضروني
يعني أنه ـ تبارك وتعالى ـ غني عن العباد ، ولا ينتفع بطاعتهم ولا تضره معصيتهم ، فإنه ـ عز وجل ـ قال في كتابه :
(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (الذريات:56،58) ،
فالله ـ عز وجل ـ لا ينتفع بأحد ، ولا يتضرر بأحد لأنه غني عن الخلق ـ جل وعلا ـ ، وإنما خلق الخلق لحكمة أرادها ـ تبارك وتعالى ـ خلقهم لعبادته ، ثم إنه وعد الطائعين بالثواب ، وتوعد العاصين بالعقاب ، وحكمة منه ؛ لأنه خلق الجنة والنار ،

وقال : لكل منكما على ملؤها , فالنار لابد أن تكلأ ، والجنة لابد أن تملأ كما قال ـ عز وجل :
( وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (هود:119)،
إذن فالله تعالى لن ينفعه طاعة الطائعين ، ولن تضره معصية العاصين ، ولن يبلغ أحد ضرره مهما كان .
ولهذا قال فيما بعد هذه الجملة :
( لو أن أولكم وأخركم وأنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ، ما زاد في ملكي شيئاً )
لو أن أول الخلق وأخرهم وأنسكم وجنهم كانوا متقين ، على أتقى قلب رجل واحد ، ما زاد ذلك في ملك الله من شيئاً ، لأن الملك ملكه ، لا للطائعين ولا للعاصين .
كذلك أيضاً يقول ـ جل وعلا ـ : ( يا عبادي ، لو أن أولكم وأخركم ، وأنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً )
لو كان العباد كلهم من جن وأنس ، وأولهم وأخرهم ، لو كانوا كلهم فجاراً وعلى أفجر قلب رجل ، فإن ذلك لا ينقص من ملك الله شيئاً ، قال الله تعالى :
( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ) (الزمر:7) ،
فالله ـ جل وعلا ـ لا ينقص ملكه بمعصية العصاة ، ولا يزيد بطاعة الطائعين ، هو ملك الله على كل حال .

ففي هذه الجمل الثلاث دليل على غنى الله ـ سبحانه وتعالى ـ ،وكمال سلطانه ، وأنه لا يتضرر بأحد ولا ينتفع بأحد ؛ لأنه غني عن كل أحد . .
......
جزى الله قارئ /ـة الموضوع وناقله الفردوس الأعلى من الجنه
....
اللهم أنزل على غاليتي الشفاء العااجل دعواتكم لها
..
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك
.
6
25K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

نورارة
نورارة
.....
......
.. Raansi ..
.. Raansi ..
الله يبارك فيك
حياتي كلها احلام
جزاك الله خير
غفر الله العظيم التواب الرحيم لذنبي ولذنبك وللمسلمين وللمسلمات وللمؤمنين وللمؤمنات الاحياء منهم والاموات الى يوم الدين.
دقيقة واحدة : تستطيع ان تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ( 20 ) مره فيصلي عليك الله مقابلها ( 200 ) مره وحطة عنه ( 200 ) خطيئة من خطاياه ، ورفع له ( 200 ) درجة .
مييمو...
مييمو...
الله يجـــزآك بالجـــنه حبيبتي
ويجعل ماكتبتيه شفيعا لك يوم القـيآمــه ...
نورارة
نورارة
جزاكم الله الفردوس الاعلى من الجنه