يالشقيري 70% ماتنبلع اسمح لي ..من قال هلك الناس فهو اهلكهم

منقووووووووووووووووووووووول
ردا على الشقيري


صُعقت عندما قرأتُ عنوان تصريح المقدم أحمد الشقيري المنشور في موقع " سبق " بالنبط الأزرق العريض يقذف فيه 70% من فتيات المملكة بأنهن من أصحاب علاقات غير شرعية ! ، فبناء على تلك النسبة فإن كل واحد منا يرتابُ في ابنته أو زوجته أو قريبته ، بل ربما يصل الأمر إلى أمه – نسأل الله السلامة والعافية - .

ثم وقعت عيني على الشق الثاني من العنوان عندما قال : " لا أملك إحصائية ومن يريد التأكد فليذهب لمدارس البنات ... " قلتُ : الحمدُ لله ظهر كذبُ أحمد الشقيري ، فهو لا يملك إحصائية دقيقة ! ، ثم يطلب منا كآباء وأزواج وإخوان للفتيات أن نذهب إلى مدارس البنات لنتأكد من تلك الإحصائية ! ... بئست المشورة لنتأكد من نسبته المزعومة ! .

إن النظرة السوداوية لمجتمعنا من قِبل المقدم الشقيري وربما غيره ، وتصويره على أنه مجتمع يعج بالعلاقات غير الشرعية للفتيات هو من الظلم العظيم الذي لا يقبله عاقل أو منصف ، ولا يعني هذا أن مجتمعنا ملائكي لا يوجد فيه أخطاء ، أو كبائر ، وإذا كان المقدم يعيش في بيئة ممن حوله بهذه الشاكلة فهل يعني أن جميع المجتمع فيه تلك العلاقات ؟ ، لقد تذكرتُ في هذا المقام حديثا يعيد للمقدم الشقيري صوابه بإذن الله : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ : " إِذَا قَالَ الرَّجُلُ : هَلَكَ النَّاسُ، فَهُو أَهْلَكَهُمْ " ، رواه مسلم .

قال الإمام النووي : " روى : أهلكَُهم على وجهين مشهورين : رفع الكاف وفتحها والرفع أشهر ... وقال الخطابي معناه : لا يزال الرجل يعيب الناس ويذكر مساويهم ويقول : فسد الناس وهلكوا ونحو ذلك ، فإذا فعل ذلك فهو أهلكهم أي : أسوأ حالاً منهم بما يلحقه من الإثم في عيبهم والوقيعة فيهم ، وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه ورؤيته أنه خير منهم، والله أعلم " .ا.هـ.

ولعلي في هذه العجالة أنبه الشقيري – هداه الله – لقضية مهمة جدا من خلال نصوص الكتاب والسنة وكلام أهل العلم وهي خطورة ما صرح وتفوه به ، وأتمنى أن يعيد النظر في تصريحه ذلك ، وأن يبادر بالاعتذار ، والرجوع عن تلك التهمة الخطيرة لمجتمع كامل .

قال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ " .

قال ابن كثير : " ... وقد اختار ابن جرير عمومها، وهو الصحيح ويعضد العموم ما رواه ابن أبي حاتم عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "اجتنبوا السبع الموبقات" قيل: وما هن يا رسول اللّه؟ قال: "الشرك باللّه، والسحر، وقتل النفس التي حرم اللّه إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات" (أخرجاه في الصحيحين).

وقال محمد صديق حسن خان في " فتح البيان " : قال أهل العلم إن كان المراد بهذه الآية المؤمنين من القذفة فالمراد باللعنة في قوله : " لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ " الإبعاد عن الثناء الحسن على ألسنة أهل الإيمان ، وضرب الحد ، وهجر سائر المؤمنين لهم ، وزوالهم عن رتبة العدالة ، واستيحاش أهل الإيمان منهم ... " .ا.هـ.

وقال الشيخ الشنقيطي في " أضواء البيان " : " ... ووصفه تعالى للمحصنات في هذه الآية بكونهن غافلات ثناء عليهن بأنهن سليمات الصدور ، نقيات القلوب لا تخطر الريبة في قلوبهن لحسن سرائرهن ، ليس فيهن دهاء ولا مكر؛ لأنهن لم يجربن الأمر فلا يفطن لما تفطن له المجربات ذوات المكر والدهاء ، وهذا النوع من سلامة الصدور وصفائها من الريبة من أحسن الثناء ، وتطلق العرب على المتصفات به اسم البله مدحا لها لا ذما ، ومنه قول حسان رضي الله عنه :




نفج الحقيبة بوصها متنضدبلهاء غير وشيكة الإقسام



فكيف يرمي الأخ الشقيري المحصنات الغافلات المؤمنات بهذه الطريقة ؟ ، وبدون دليل ؟!

وأزيدك معلومة فإن الآية لا تختص بالمتزوجات فقط بل حتى الأبكار منهن وهذا بالإجماع كما حكاه الحافظ ابن حجر في " الفتح " ، فمعنى ذلك أن المتزوجات والأبكار يدخلن في الاتهام ! وإذا وردت إليك رسائل على بريدك الإلكتروني فهل يعني أن النسبة التي ذكرتها حقيقية ؟ وهذا ما نفيته أنت كما في عنوان " سبق " !

تخيلوا معي لو تولت مؤسسة " ميمري " الصهيونية تسجيل ذلك التصريح إن كان مسجلا تلفزيونيا ، أو مكتوبا كما هو هنا ، ونشرته على باقي المحطات الأمريكية ، ثم ينتشر في وسائل الإعلام العالمية أن 70% من فتيات المملكة أصحاب علاقات غير شرعية ، ولا أستبعد أن تحرف تلك المؤسسة في الترجمة وتقول : " 70% من فتيات المملكة زناة " ! – والعياذ بالله - ، ولو تنزلنا جدلا أنها نسبةٌ المقصود بها العالم الإسلامي كما ذكر الشقيري ، فكيف سيكون موقفنا ؟! سيقولون : لا فرق بيننا وبين المملكة ، فنحن في أمريكا نعاني من الزنا ، وأبناء السفاح ، وأنتم كذلك ! ، فلا فرق حينئذٍ !

إن من مفاسد القنوات الفضائية الشهوانية التي لا تعد ولا تحصى جعل مثل هذا المقدم يهرف بكلام لا يعي عواقبه وويلاته ، فكيف ترضى تلك القناة أن يقول المقدم الشقيري كلاما مثل هذا ؟

ودعوني أطرح أسئلة على المقدم الشقيري وليسمح لي : هل يرضى المقدم المبجل أن يقذف أحد قريباته بمثل ما قذف به المحصنات الغافلات المؤمنات ؟ وهذا من باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الفتى الذي أراد من النبي صلى الله عليه أن يأذن له في الزنا : هل ترضاه لأمك ؟ هل ترضاه لأختك ؟

وهل قريباته يدخلن في هذه النسبة ؟

وهل أصبح رمي بنات المسلمين في الفضائيات بهذه السهولة ؟

لا شك أن رفع دعوى قضائية على المقدم الشقيري كما جاء في " سبق " حق مشروع لتلك الفتيات ، فإما أن يثبت حقيقة النسبة بالبينة وإلا أقيم عليه الحد الشرعي ، وأيضا القناة التي رضيت بكلامه لها من الإثم ما على المقدم ، وإرسال الخطابات والإيميلات استنكارا لما تفوه به أمر جيد ، ولكن السؤال العريض : هل ستسجيب تلك القناة كما استجابت لذلك المسلسل الذي بثته عن زواج المتعة فأقام أتابع ذلك ثورة جعلت القناة توقفه ؟! استبعد ذلك ، وإن حصل فالحمد لله .

ختاما : أرجو من الأخ المقدم الشقيري أن يرجع عن قوله هذا ، وأن يتوب ، ويعتذر للجميع ، وأن يتق الله فيما رمي به المؤمنات الغافلات ، أسأل الله له الهداية والسداد .

عبدالله بن محمد زقيل
كاتب وباحث شرعي


خاص بصحيفة ( سبق ) الالكترونية