
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على أفضل المبعوثين
سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه إجمعين ..
وبعد :
فالحياة الدنيا متاعٌ يستنفذه الإنسان في مسيرة دربه ..
كالمسافر إذ يحمل معه زاد السفر..
حتى إذا ماانتهى متاعه ..
ووصلت رحلته إلى نهاية الطريق ..
خُتم سجله في الأحياء ..
وألغي وجوده المادي روحاً وجسداً عن هذا العالم الفاني..
فكل ماكان له من كينونة تملأ حيّزاً من الكون ..
وحياة زاخرة بما ضمته من أحلام وآمالٍ عراض ..
أصبح جزءاً من العدم .. وكأنه لم يكن ..
تبقى وحدها أطياف الموتى ..
تقرع نوافذ الذكرى لدى الأحياء.
💧
تنتهي بنا رحلة الحياة إلى مكانٍ آخر ..
إلى الأجداث والقبور
إلى موضع في عالم برزخي ..غير مستقر ..
ومأوى يمثل تهيئة لمرحلة انتقالية قادمة ..
( ألهاكم التكاثر ، حتى زرتم المقابر )
سمع أعرابي هذه الآية تقرأ فقال :
والله ماالزائر بمقيم ! ولابد من مفارقة هذا المكان ..!
💧
الكثير منا يعيش في غفلة..
والكثير منا لاينتبه .. حتى تفوته المهلة ..
وحين ينكشف الغطاء .. ويرى المرء مااقترفته يداه ..
يندم .. ! ولاينفع الندم حينها ..
يقال له :
( لقد كنت في غفلة ..)..!
لم تنفعك دروس الحياة ، ولم تعتبر
ولم تدرك ماكنت فيه من غي ولهو وانغماس في متع الحياة
وإعراض وتقصير عن أمور دينك .. حتى أتاك اليقين .
💧
لنتذكر الموقف المهول العصيب ..
في ذلك اليوم العظيم الذي تشيب لهوله الولدان ..!!
ذلك الموقف المرسوم بالحروف القرآنية ؛
( كلا إذا دكت الأرض دكاً دكاً ٠وجاء ربك والملك صفاً صفاً٠
وجيء يومئذٍ بجهنّم يومئذٍ يتذكر الإنسان وأنّى له الذكرى ٠
يقول ياليتني قدّمت لحياتي ) الفجر .
💧
يقول ابن العثيمين في التعبير عن ذلك المشهد:
إذا دكت الأرض دكاً .. لايُرى في الأرض عوجاً ولا أمتا ..
فلا بناء قائم ولا أشجار ..
تمد الأرض كمد الأديم ..
ويكون الناس عليها في مكان واحد ..
يُسمعهم الداعي وينفذهم البصر ..
💧
ترى هل تنفع (ياليتني) الندم في ذلك الموقف العظيم ..؟!
لا .. فقد فات الأوان ..
فاليوم حساب ولا عمل ..
حيث توفى كل نفس ماعملت في الدنيا وهم لايظلمون
هذا المشهد الذي يعرضه القرأن الكريم ..
فيه تذكير للإنسان ليتعظ ويعد العدة لآخرته..
💧
ثم تأتي ثلاث آيات تحمل معاني الإنذار ..
كل آية تهز ه ليفيق من الغفلة ويدرك نفسه ..
مجيء الرب سبحانه وتعالى ..
حضور الملائكة ..
الإتيان بجهنم ..
فإذا جاء الله تعالى يوم القيامة ..
وحضرت الملائكة صفوفاًصفوفاً.. وحصلت الأهوال والأفزاع ..
وأوتي بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام ..!
كل زمام منها يقوده سبعون ألف ملك..!
وما أدراك ماقوة الملائكة ..!!
إن قوة البشر و الجن مجتمعان ..
لاتعد شيئاً بالقياس لقوة هؤلاء الملائكة ..!
هذه النار إذا رأت أهلها من مكان بعيد..
سمعواً لها أصواتاً تنخلع بها القلوب
وتقشعر منها الأبدان ..!!
:
حين يحصل ذلك كله يتملك من أسرف في دنياه وغفل عن أخراه
الندم الشديد ..!
يتمنى لو انه قدم لحياته الحقيقية الخالدة ماينفعه.
💧
إننا نظلم أنفسنا بإضاعة الفرص وإضاعة الوقت...
نحن بحاجة إلى وقفات تأمل وتفكير عميقين ..
والقليل منا من ينتبه لذلك..
فأغلبنا يستغرق استغراقاً في الفانية ..
ولا يعود منها بشيء للباقية.
💧
لنستفيد من دروس الحياة ، ونستخلص من كل محنة منحة ..
ولنعرف أن هذه الرحلة مهما طال بها الأمد ..
فهي قصيرة جداً قياساً إلى حياة خالدة ..
وكما غيبت سُتِر الموت خلفها قلوباً كانت تخفق بيننا ..
فنحن أيضاً لنا أوان مهما امتد بنا حبل العمر ..
💧
لانقول ارفضي دنياك وتنكري لها واقصري همك على الآخرة ..
هذه الحياة هي مزرعة وحصادها الآخره ..
والله تعالى خلقنا لنعيش ونتمتع بنعمه تعالى ..
ونعمل وننتج ونعمر .. ونتبوأ مكاناً لنا بين الأحياء ..
ونخط خلفنا سطراً يقرؤه من عرفونا .. بعبير الذكرى الطيبة ..
( ولا تنسى نصيبك من الدنيا )..
وفي الوقت ذاته نعمل لآخرتنا بحيث يتفق الخطّان ( الدنيا والآخرة )
في المسيرة والغاية ..
💧
نعيش هذه الحياة القصيرة متمثلين هذا القول الكريم :
اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً ..
واعمل لآخرتك .. كأنك .. تموت .. غداً.
ولنضع في حسباننا أننا في دار زوال فلنحياها على هذا الأساس ..
ولنستعد لدار البقاء والحياة الحقة .. بما تستحقه ..
فالدار الآخرة هي الحيوان لو كان الغافلون المفرطون في حق أنفسهم
يعلمون .
فلنعمل لها للآخرة ، لحياتنا الحقيقية الخالدة ..
ولنتزود لها بخير زاد .. التقوى ..
حتى لانكون من الذين استهلكوا متاع الدنيا وباعوا الآخرة
فما ربحت تجارتهم ..وما كانوا مهتدين !
وجاءوا يوم الحساب خالي الوفاض .. مفلسين ..
يحملون الحسرة والندم على مافرطوا في جنب الله ..
:
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
كلمات مؤثرة جداً جزاك الله خيرا على التدكير
اللهم نسألك حسن الخاتمة اللهم توفانا و انت راض عنا اللهم استرنا فوق الأرض و تحت الأرض و يوم العرض
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه صلى الله عليه وسلم