ياليت تفيدوني وساعدوني يابنات

الملتقى العام

يسعد صباحكم جميعا في وحده من صاحبات تدرس بمعهد للقران الكريم وقبل اشوي كلمتني تقول عندي برنامج عن (الصبر)وماهي عارفه تبي افكار للمقدمه وقصص واحاديث وطلبت مني اقولكم لان مو مشتركه باالمنتدى ولا عندها نت فددددددددددددددددديتكم جميعن اللي عندها معلومه او شي تفيدني فيه لانه اول برنامج لها باالمعهد وتبي تبدع فيه
5
617

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

بـ أبوها ـنت
بـ أبوها ـنت
همية الصبر
الخطبة الأولى
أما بعد . .
فاتقوا الله أيها المؤمنون، ألا وإن أعظم ما تحصل به التقوى وتجنى به ثمارها الصبر، واعلموا أن الله سبحانه جعل الصبر جواداً لا يكبو، وصارماً لا ينبو، وحصناً لا يهدم ولا يثلم وقد أجمع العلماء على وجوبه فقد أمر الله تعالى به عباده فقال جل ذكره: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾( 1). ونهى عن ضده فقال سبحانه مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ﴾( 2) وقال جل وعلا: ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ﴾( 3) وقال: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾(4 ) وقد أثنى الله على أهله: ﴿وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾( 5) وأوجب سبحانه للصابرين محبته فقال تعالى: ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾( 6) وأخبر أنه خير لأهله فقال: ﴿وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾( 7) وقال: ﴿وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ﴾( ووعدهم سبحانه بعظيم الأجر فقال سبحانه: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾(9 ) وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه خير مايعطاه العبد فقال: ((وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر))( 10) رواه الشيخان.
والصبر أيها المؤمنون ضرورة حياتية قبل أن يكون فريضة دينية شرعية فلا نجاح في الدنيا ولا فلاح في الآخرة إلا بالصبر فلا تحقق الآمال ولا تنجح المقاصد ولا يؤتي عمل أُكله إلا بالصبر فلولا الصبر ما حصد الزارع زرعه وما جنى الغارس ثمره ولا حصَّل الساعي قصده فكل الناجحين في الدنيا بمقاصدهم إنما حققوا آمالهم بالصبر: استمرؤوا المر واستعذبوا العذاب واستهانوا بالصعاب ومشوا على الشوك ووطنوا أنفسهم على احتمال المكاره دون ضجر، وانتظار النتائج دون ملل ومواجهة العقبات دون كلل، مضوا في طريقهم غير وانين ولا متوقفين، حاديهم في سيرهم: من صبر ظفر، وشاعرهم يهتف مردداً:
إني رأيت وفي الأيام تجربةٌ صـــبر عاقبةً محمودةَ الأثر
وقل من جد في أمر يحاوله ستصحب الصبر إلا فاز بالظفر
فالصبر طريق المجد وسبيل المعالي فالرفعة في الدنيا لا تنال إلا بركوب المشقات وتجرع الغصص، فمن اختط طريقاً يبلغ به أمانيه غير هذا فقد أخطأ الطريق وضل السبيل وما أصدق قول القائل:
لا تحسب المجد تمراً أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
أيها المؤمنون إذا كانت الدنيا على هوانها وأنها لا تعدل عند الله جناح بعوضة لا تحصل إلا بالصبر والمصابرة فكيف تحصل الجنة التي عرضها السماوات والأرض، والتي أعد الله فيها لأوليائه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولاخطر على قلب بشر، بالكسل والضجر والعجز والجزع؟
أيها المؤمنون، إن حاجة طلاب هذا النعيم وخطَّاب هذه الجنة إلى الصبر أحوج وألزم فطريقهم مليء بالأشواك والعقبات ومحفوف بالمخاطر والمكاره. ولن تبلغ أيها المؤمن ما ترجوه من فضل الله ورحمته وعظيم منه وعطائه بمثل الصبر وهذا سرُّ احتفاء القرآن الكريم بالصبر حتى ذكره الله تعالى في كتابه في نحو تسعين موضعاً.

أيها المؤمنون، أنتم محتاجون إلى الصبر عند فعل ما أمركم الله تعالى به وعند ترك ما نهاكم الله عنه وعند حلول الكرب ونزول الضيم والبلاء فالصبر لازم لكم إلى الممات وإليكم بيان ذلك:
أما الصبر على طاعة الله تعالى فذلك لأن النفس جبلت على حب الراحة والدعة والكسل والعجز فحملها على فعل ما أمر الله به يحتاج إلى صبر ومجاهدة وتحمل ومعاناة فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثلاً عبادة تحتاج إلى صبر لذلك أمر الله بالصبر عنده: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾(11 ) والصلاة فريضة متكررة تحتاج إلى صبر وجهد قال تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾( 12) وعشرة المؤمنين والإبقاء على مودتهم والإغضاء عن هفواتهم والرضا بهم وهجر غيرهم خصال تحتاج إلى صبر ومصابرة لذا قال الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾(13 ).
والخلاصة أيها الإخوة الكرام أن العبادة بشتى صورها وصنوفها تحتاج إلى صبر ومجاهدة ولذلك جعل الله الصبر سبباً لدخول الجنة إذ إنه هو الذي يحمل على فعل الطاعات قال تعالى عن أهل الجنة: ﴿سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾(14 ) وقال ابن القيم عنهم:
صبروا قليلاً فاستراحوا دائماً عزة التوفيق للإنسان
أما النوع الثاني من الصبر الذي تحتاجه يا عبد الله فهو الصبر عن الشهوات والملذات وذلك أن النفس ميالة إلى الآثام، تَوَّاقة إلى الشهوات، فإن لم تلجمها بلجام التقوى وتحكمها بحكمة الصبر وقعت في الآثام وتلطخت بالأوزار، فالإعراض عن الملاهي والإدبار عن الشهوات لا يأتي إلا لمن تدرع بلباس المجاهدة
والصبر، ولا يلقاه إلا الصابرون قال الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾. ( 15)
فيا أخي الحبيب إذا دعتك شهوتك إلى مواقعة ما حرمه الله عليك فعليك بالصبر عن ذلك فإن سلعة الله غالية وإذا أزتك نفسك لغيبة أخيك أو سبه أو شتمه أو التنقص منه فاصبر عن ذلك.
فعاقبة الصبر الجميل جميلة وأحسن أخلاق الرجال التحفظ
وإذا سولت لك نفسك ودعاك جشعك إلى أن تظلم إخوانك وتأخذ حقوقهم بغير حق فكف عن ذلك واصبر فبالصبر تنجو من غوائل المعاصي والرزايا وتحصل الفضائل والمزايا؛
أيا صاحبي إن رمت أن تكسب العلا وترقى إلى العلياء غير مزاحم
عليك بحسن الصبر في كل حــالة فما صـابر فيما يروم بنادم
وأما ثالث أنواع الصبر التي يحتاجها العبد فهو الصبر على أقدار الله تعالى ألا وإن من أعظم الصبر: الصبر على قضاء الله وهذا النوع من الصبر لا غنى للإنسان عنه فإنه إذا استحكمت الأزمات وتعقدت حبالها وترادفت الضوائق وطال ليلها، وادلهمت الخطوب والنكبات واشتد أوارها فالصبر خير مطية يرتحلها العبد لتخطي تلك الظلمات والنجاة من تلك المصائب والمدلهمات، وحده هو الذي يخرجك من تلك الظلمات وينجيك من تلك المدلهمات فالدنيا مليئة بالغُصص والمنغصات قال تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ ( 16) فمن ذا الذي لا يشكو هماً ولا يحمل هماً ولم تطرقه الدواهي و تَغْشَه الكروب، فهي كما قال الأول:
جبلت على كدر وأنت تريدها صفواً من الأقذار والأكدار
فكلنا يشكو ضيماً، ويحمل هماً كما قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾( 17) أي عناء ومشقة:

كل من لاقيت يشكو دهره ليت شعري هذه الدنيا لمن
والناس إزاء هذه الحقيقة الخلقية القدرية الكونية صنفان: قوم قابلوا أقدار الله تعالى بالسخط والضجر والجزع فخسروا دينهم وأضاعوا دنياهم فذلك لا يرفع خطاباً ولا يكشف كرباً بل هو إثم وذنب؛ وقوم إذا نزلت بهم نازلة تذكروا قول الله تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾(18 ) فآمنوا بالله واصبروا على قضاء الله وقدره وافزعوا إلى ما أرشدكم إليه نبيكم صلى الله عليه وسلم حيث قال: ((ما من أحد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها)) ( 19) رواه أحمد بسند جيد. فاسترجعوا وصبروا ففازوا وظفروا، فاحرصوا عباد الله على أن تكونوا من الصابرين المسترجعين عند حلول البلاء والشاكرين المقرين عند نزول النعماء.
الخطبة الثانية
أما بعد...
فالصبر يا عباد الله درجات ومنازل أعلاها صبر المرسلين والأنبياء الذي نالوا به عز الدنيا والآخرة صبر الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله الذين منهم من قتل ومنهم من ضرب ومنهم من جرح وجلد وسجن فصبر هؤلاء لله وبالله.
فيا ورثة الأنبياء ويا حملة الرسالة ويا دعاة الإسلام ويا علماء الشريعة ويا أبناء الصحوة ويا أهل الخير والدعوة ويا أيها المؤمنون أنتم أحق الناس بهذه الصفة وأحوج الخلق إلى هذه الخلة فإنكم ستلقون خطوباً عظاماً وعقبات كباراً ومتاعب وآلاماً تنوء بها الظهور وتضعف عن حملها الجبال فأنتم تدعون الناس إلى عبادة الله وحده وهجر الهوى والشيطان وترك المحاب والشهوات وتطالبونهم بأن يقفوا عند حدود الله أمراً ونهياً وفعلاً وتركاً، فأعداؤكم كثر ومعارضوكم أكثر الخلق قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾. ( 20). فما أحوجكم إلى صبرتقطعون به هذه المفاوز ومجاهدة تتحملون بها معارضة أكثر الخلق فإن أشق ما على النفس أن تدعو بملء فيك وبأعلى صوتك بشيراً ونذيراً فلا تجد إلا آذاناً صماً وقلوباً غلفاً.
ما أمس حاجتكم إلى صبر جميل تستعينون به على تلقي ما يلحق بكم من أذى قولي أو فعلي حسي أو معنوي فأعداء الله لايرقبون في مؤمن إِلاًّ ولا ذمة ولا يتورعون عن إيقاع الأذى بشتى صنوفه على أولياء الله من العلماء والدعاة والعباد بل وعلى كل من قال: لا إله إلا الله وما قصة أصحاب الأخدود عنا ببعيد ولا ما يجري على كثير من أهل الإسلام ورجالاته وعلمائه ودعاته من الأذى والقتل والضرب والسجن والمطاردة والإبادة ومصادرة الحقوق والحريات وغير ذلك عنَّا بغائب. فعليكم أيها المؤمنون أن توطنوا أنفسكم على احتمال المكاره دون ضجر وانتظار الفرج دون ملل ومواجهة الأعباء والصعاب دون كلل فإن هذه سنة الله تعالى في عباده ليميز الخبيث من الطيب قال الله تعالى: ﴿لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾( 21). وما أشد حاجتكم إلى الصبر يا ورثة الأنبياء عند تأخر النصر والمدد من الله فإن النصر لا تشرق شمسه إلا بعد ليل طويل حالك مليء بالشدائد والمحن التي تدمع لهولها الأبصار، وتبلغ لشدتها القلوب الحناجر قال الله تعالى ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾( 22).
ومما يعينك يا عبد الله على الصبر في التعلم والدعوة والصدع بالحق أن تنظر إلى حسن العاقبة وعظيم الأجر وما أعد الله تعالى للصابرين فقد قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (23 ) وأن الله سبحانه وتعالى معك ينصرك ويؤيدك قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾( 24).
ومما يعينك أيضاً أن تنتظر الفرج من الله فإن الفجر لا يطلع إلا بعد اشتداد ظلمة الليل والعاقبة للمتقين ومما يعينك أيضاً أن تتذكر حال السابقين الصادقين من النبيين وغيرهم وما جرى لهم وكيف كانت العاقبة لهم فإن ذلك مما يثبتك ويصبرك قال الله تعالى مخاطباً نبيه: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾. ( 25)
واعلموا أيها المؤمنون أننا في هذه الأزمان المتأخرة من أشد الناس حاجة إلى الصبر فإن الباطل انتعش وكثر أعوانه ودعاته فتكالبت علينا الأعداء من كل حدب وصوب وقد أرشدنا إلى ذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال: ((فإن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيها مثل القبض على الجمر للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عمله))(26 ) رواه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه وهو كما قال بمجموع طرقه وتذكروا أن الصبر والمجد لا يحصل إلا بالتعب والكد
بقدر الكد تكتسب المعالي ومن طلب العلا سهر الليالي




(1 ) آل عمران:200.
( 2) الأحقاف:35.
( 3) النحل:127.
( 4) الكهف:28.
(5 ) البقرة:177.
( 6) آل عمران:146.
( 7) النساء:25.
( النحل:126.
( 9) الزمر:10.

( 10) أخرجه البخاري ( رقم 1400 ) ومسلم ( رقم 1053 ) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .
( 11) لقمان:17.
(12 ) طـه:132.
( 13) الكهف:28.
( 14) الرعد:24.

( 15) الكهف:28.
( 16) البلد:4.
(17 ) البلد:4.

(18 ) التغابن:11.
( 19) وأخرجه مسلم ( رقم 918 ) من حديث أم سلمة رضي الله عنها .
( 20) الأنعام:116.

( 21) آل عمران:186.
( 22) البقرة:214.
( 23) الزمر:10.
( 24) البقرة:153.

(25 ) الأحقاف:35.
(26 ) أخرجه أبو داود في الملاحم ( رقم 4341 ) والترمذي في تفسير القرآن ( رقم 3058 ) وابن ماجه في الفتن ( رقم 4014 ) من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه .
بـ أبوها ـنت
بـ أبوها ـنت
خطبة رائعة مكتوبة نصا لعائض القرني عن الابتلاء ادخلوا هنا يا أهل الابتلاء
___________________________________________




الابتلاء

بين الشيخ حفظه الله أن الابتلاء تمييز وتمحيص للناس بين الصادق والكاذب، ثم سطَّر بعض مواقف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وابتلاءاتهم، مبيناً ثمار وفوائد الابتلاء، ثم ختم بذكر الدروس المستفادة من ابتلاء الله تعالى لعباده.

الابتلاء تمحيص وتمييز للناس




اللهم لك الحمد خيراً ما نقول، ومثل ما نقول، وفوق ما نقول، لك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالإسلام، عز جاهك، وجل ثناؤك، وتقدست أسماؤك، من استنصر بك نصرته، ومن تقرب إليك أحببته، ومن اعتمد عليك كفيته، ومن حاربك خذلته، ومن ضادك كشفت أستاره، وهتكت أسراره، وأظهرت عواره، وفضحت أخباره، والصلاة والسلام على معلم الخير، وهادي البشرية، ومزعزع كيان الوثنية صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

عنوان هذه المحاضرة "الابتلاء"

لعمرك ما مديت كفي لريبة وما حملتني نحو فاحشة رجلي


ولا دلني فكري ولا نظري لها ولا قادني سمعي إليها ولا عقلي


وأعلم أني لم تصبني مصيبة من الله إلا قد أصابت فتىً قبلي


أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ .

أحسب الأبرار والأخيار، والصالحون والعلماء والدعاة أن الإسلام ادعاء، وأن لا إله إلا الله كلمة تقال فقط، إذاً كان يدّعيها المدّعي، ويفتري بها المفتري، ولا يُميز بين المؤمن والمنافق، والصادق والكاذب، ولكن أبى الله إلا أن يميز بين الصنفين: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ .

الله الذي يقذف بالحق على باطل الشائعات والمفتريات والأطروحات، وباطل الكلمات الكاذبات؛ فيدمغه فإذا هو زاهق، ولكم الويل مما تصفون، ومما تتكلمون، ومما تظنون، وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً ويقول سبحانه: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ وقال جل اسمه: وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً وقال جل اسمه: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ .......



الابتلاء من أسرار الدين



إن هذا الدين صعب المراس، إنه لا يؤتى لكل أحد إلا بابتلاء، وإن من أسرار خلوده أن يستقر مع المبتلين في الأرض؛ فيظهر الله صدقهم ونصحهم ووضوحهم ويعلم الله ثباتهم، قال تعالى: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ الناس قد جمعوا لكم بالعراقيل، والمخططات، والشائعات، فخافوهم: فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ .

رماني الخصم بالأرزاء حتى فؤادي في غشاء من نبال


فصرت إذا أصابتني سهام تكسرت النصال على النصال


فعشت ولا أبالي بالرزايا لأني ما انتفعت بأن أبالي




أعلى الصفحة



يا ضعيف العزم



يقول ابن القيم رحمه الله: "يا ضعيف العزم! الطريق شاق طويل، ناح فيه نوح، وذبح يحيى، واغتيل زكريا، وطُعن عمر ، وضرج عثمان بدمائه، وقُتل علي ، وجلدت ظهور الأئمة، وحبسوا لماذا؟ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ولكن من الحق؟ من القوي إلا الله؟

كان عليه الصلاة والسلام يبتهل في الليالي ويقول: {اللهم أنت الحق، ووعدك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، ومحمد صلى الله عليه وسلم حق } يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ حسبك أن يكفيك الله.

يا حافظ الآمال أنتت حميتني ورعيتني


وعدا الظلوم علي كي يجتاحني فمنعتني


فانقاد لي متخشعاً لما رآك نصرتني


لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ .. قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِين فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ .

فالـزم يديك بحبل الله معتصماً فإنه الركن إن خانتك أركان


عز جاهه ما أقواه! وما أعظمه! وما أعز جنده! إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ .



أعلى الصفحة


الأنبياء والابتلاء




الابتلاء تاريخ وقصة طويلة منذ أن نـزلت لا إله إلا الله في الأرض، ابتلي نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام، كلٌ مبتلى، وتعال إلى بعض قصصهم وإلى تلك الدروس العظيمة التي نستفيدها من حياتهم عليهم الصلاة والسلام.......



ابتلاء موسى عليه السلام



أما موسى فذاق الأمرين، رسول التوحيد أنقى وأوضح من الشمس في رابعة النهار، الذي أتى إلى الطاغية فرعون في القصر يقول له لما قال: فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ولكن على صدقه ونصحه وعصمته ماذا فعل به؟

قال أهل التفسير وأهل التاريخ: أتى قارون بكنـز عظيم -جرةً مملوءةً ذهباً- إلى امرأةٍ زانيةٍ من بني إسرائيل فقال: خذي هذه الجرة، فإذا اجتمع الناس وقام موسى فينا خطيباً، فقومي وابكي ومزقي شعرك، وأقسمي أن موسى زنا بك، واجتمع الناس وموسى يتكلم عن التوحيد والإيمان، وقارون يريد أن يمرغ دعوة التوحيد والإيمان، يريد أن يمرغ دعوة موسى عليه السلام في التراب، وأن يمرغ منهجه لئلا يثق به الناس مرة ثانية، ولئلا يصدقه الناس مرة ثانية، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره، فالنور نوره، والرسالة رسالته، والرسول رسوله، والمنهج منهجه، فبينما موسى يتكلم، وإذا بالبكاء يرتفع من تلك المرأة تلطم وجهها؛ إنها الخطط البائسة؛ إنها الأكاذيب والتلصيقات، إنها أنواع من المسارح يقدمها بعض المغرضين الحاقدين على الإسلام وعلى علمائه ودعاته.

سكت موسى والتفت إلى المرأة، قالت: أنت فعلت الفاحشة بي، فتلعثم وبكى، ليس في الأرض إلا موسى الذي أرسله الله بالرسالة يفعل هذه الفعلة، فوقف يبكي، ولكنه صمد وعرف أنه ابتلاء؛ فرفع عصاه ووقف أمام المرأة وقال: أسألك بالذي شق البحر لي أفعلت ذلك؟ قالت: لا. ثم بينت أمرها، قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً فزاد وجاهةً وقوةً، وإثباتاً لمنهجه أنه صادق.



أعلى الصفحة



ابتلاء يوسف عليه السلام



ومن يشك في يوسف! ومن نحن مع يوسف وموسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام، نحن لا نساوي غبار أقدامهم، نحن لا نساوي الشعرات التي تتساقط من رءوسهم، نحن لا نصلح خدماً لهم.

هم أصفى الخلق، وأخلص الناس، وأبر الناس، وأوفى الناس، رموا به في السجن: قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ومكث في السجن، وعلم الله أنه صادق ومخلص.

أيزني يوسف؟ أيمكن أن يلطخ دعوته؟ أينسى ربه؟ أين رقابة الله؟

وإذا خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلى الطغيان


فاستحي من نظر الإلـه وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني


ولكن الصبح قريب وأتى الفرج من الله، ولا يأتي الفرج إلا منه سبحانه وحده، حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلب بنعمة من الله وفضل لم يمسسه سوء أبداً لأن الله معه.



أعلى الصفحة



ابتلاء محمد صلى الله عليه وسلم



أما رسولنا عليه الصلاة والسلام فعاش مع ريبةٍ وشائعةٍ استهلكت شهراً من حياته كما يقول سيد قطب رحمه الله: "شهراً كاملاً وقف على أعصابه" ماذا حدث؟ أتى المغرضون، وخصماء الإسلام، وأذناب اليهود، فقالوا: عائشة زنت، لا والله والله لا تزني وهي الصادقة بنت الصادق، والمبرأة من فوق سبع سماوات، ولكن هكذا يُلطخ الحق، ولكن مهما قالوا فالعاقبة للمتقين: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ .

أتى الخبر رسول الله عليه الصلاة والسلام فلم تكتحل عينه بنوم ولكن يوم يعرف المسلم أن أمامه جيلاً وتاريخاً من الأنبياء والرسل والدعاة والصالحين ابتلوا، وصبروا، وعلموا أنه لابد من هذه المرحلة مرحلة الابتلاء.

يقول الشافعي رحمه الله لـمالك : "أيبتلى العبد أم يُمكَّن" أي: هل يُمكَّن في الإمامة في الدين أم يبتلى؟ قال: "لا يُمكّن حتى يبتلى" وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ الرسول عليه الصلاة السلام أصيب في أعز شيء في حياته، المال يسهل، وكل شيء يهون سواء كان البيت أو الأطفال أو الزوجة، أو المنصب أو الوظيفة، إلا العرض والدعوة والرسالة.

إن أعداء الإسلام يريدون أن يُفقدوا هذا الصوت وهذه الكلمة وهذه الرسالة ثقتها؛ فإذا فقد الإنسان ثقته، ولُطخت سمعته، وفُضحت كلمته، فمن يثق به ومن يصدقه، ومن يستمع إليه ومن يسمع كلامه، ومن يستفيد منه؟

أصيب عليه الصلاة والسلام في أعز شيء عنده وهي امرأته، قال المنافقون والمغرضون والحاقدون: امرأته زانية، ياألله وهل تزني الحصان الرزان؟ ياألله وهل تزني الصديقة بنت الصديق ؟! وتعطل عليه الصلاة والسلام، وقف ليخطب فإذا العيون تنظر إليه؛ لأن الشيطان أوحى إلى بعض الناس بالخبر، يتكلم إلى الناس، وإذا عرضه قد فضح أمام الناس، فمن يعيد عرضه؟!

بل يسهر الليل:

نامت الأعين إلا مقلة تذرف الدمع وترعى مضجعك


فانتظر عليه الصلاة والسلام أن يأتيه خبر من السماء، لعل جبريل -عليه السلام- أن ينـزل بآيات، لكن انقطع الوحي شهراً كاملاً ثم أنـزل الله تعالى هذه الآيات: إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْأِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْأِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ * لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ لكن كثيراً من الناس لم يقل هذا الكلام.

إن الشائعة إذا ظهرت في الناس من يقنع الناس، ويقول للناس: إنها خطأ، صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {كيف وقد قيل }.

قد قيل ما قيل إن صدقاً وإن كذباً فما اعتذارك من قول إذا قيلا


أما الرسول عليه الصلاة والسلام فعاشها شهراً كاملاً، لأنه أصبر الصابرين، وأصدق الصادقين، وأخلص المخلصين، ولكن أراد الله أن يرفع منـزلته أكثر وأكثر، ويجعل منهجه باقياً، وأن يعلم تلاميذه وأتباعه وحُفاظ رسالته أن هذا هو الطريق، ففيه تقديم الرءوس، وتقديم الدماء والأموال إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وحملها عليه الصلاة والسلام، وسمعت عائشة بالخبر رضي الله عنها قالت: فما رقى لي دمع شهراً كاملاً؛ ويدخل عليها صلى الله عليه وسلم ويقول لها: يا عائشة ! إن كنت قد ألممت بذنبٍ؛ فتوبي إلى الله، وإن كنت بريئةً، فسوف يبرئك الله، فقالت لأبيها: رد، فوقف أبو بكر حائراً يبكي ماذا يقول؟! إنها معضلة أودت بسرور وبسعادة أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه، قال: والله لا أجد ما أقول، ثم قالت لأمها: ردي، قالت: والله لا أدري ما أقول، فقامت هي لتقول: والله ما أجد لي كلاماً إلا كما قال أبو يوسف: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ }.

الصبر الجميل الذي لا شكوى فيه؛ الصبر الجميل الذي يصلك برضوان الله، والحياة والابتلاء تمحيص ليخرج الرجال، وليعلمهم أن دعوتهم ينبغي أن تكون لله، وأن النصر من عند الله، وأنه لا يزكيهم إلا الله، وأنه لا ينبغي أن ينصرفوا بدعوتهم رياءً ولا سمعةً ولا شهرةً ولا ظهوراً، وجلس عليه الصلاة والسلام وإذا بالوحي ينزل، وإذا بالبراءة تنـزل من السماء، بَّرأها الله من فوق سبع سماوات، وكذب المنافقين والحاقدين، وكذب عملاء الخيانة واليهود، وأشياع المنافقين في كل زمن.

كم تطلبون لنا عيباً فيعجزكم ويكره الله ما تأتون والكرم


بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ .



أعلى الصفحة


ثمار وفوائد الابتلاء




في الابتلاء قضايا:......



من ثمار الابتلاء: معرفة حقيقة الناس ومصداقيتهم



أولها: أن الله عز وجل جعل الابتلاء سنة؛ ليعلم الصادق من الكاذب، وليعلم المؤمن من المنافق، ولو كان الأمر للرخاء والسهولة واليسر؛ لادعى كل مدعٍ أنه صادق، ولكن ليظهر الله الصادقين أهل الصلوات الخمس؛ ولا يخزيهم أبداً.

والنبي عليه الصلاة والسلام وهو في غار حراء يوم نـزل عليه الوحي، خاف لما رأى عظم الملك، فذهب إلى خديجة رضي الله عنها ترتعد فرائصه، ووجِلَ قلبه وخاف وقال: {خفت على نفسي، قالت: كلا والله لا يخزيك الله أبداً؛ إنك لتصل الرحم، وتُقرئ الضيف، وتُكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق } أتظن أن الله يخزي أهل الصلوات الخمس؛ أهل القرآن؛ وأهل السنة ؛ وأهل التسبيحات؛ والصيام؛ وقيام الليل، والصدق مع الله؟! لا والله. إنما يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون، إنما يخزي أعداءه ومحاربي دينه الذين لا يعرفون الصلاة، ولا القرآن، ولا المسجد، ولا السنة، ولا الصدق مع الله، ولا يعرفون موعود الله، ولا يقدمون دقيقة من أوقاتهم، ولا يعرفون إلاَّ الكأس والعهر، والفحش والخيانة، وانتهاك حرمات الله، يقول أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه: ] فمن فعل معروفاً وقاه الله سبحانه منازل الخاسرين: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ وقال سبحانه: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ .



أعلى الصفحة



من ثمار الابتلاء: تمحيص الصف الإسلامي من المنافقين



ومن دروس الابتلاء أيضاً: تمحيص الصف الإسلامي، ليعرف الله من الذي يحب أن يُوصم الأخيار بالوصمات والتهم.

إن هذا الدين مستهدف بأساليب الله أعلم بها، حينها يعرف سُبحَانَهُ وَتَعَالَى من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، قال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ والله يعلم من الذي يسر بإخفاق الصالحين، إن المنافق يضحك بملء فيه يوم يمرغ الإسلام في التراب؛ حينها ينتصر الباطل ويخطب الدجال كما قال الذهبي قال: "إذا علقت الشائعة وانتشرت وصُدقت؛ حينها يخطب الدجال من على المنبر، وتتعطل المساجد، وتكذب الدعوة الصادقة، ويخرج المناوئون الحقراء الذين لا يتكلمون إلا في الظلام، وليس معنا شيء، ما معنا إلا رسالة محمد عليه الصلاة والسلام.

خذوا كل دنياكم واتركوا فؤادي حراً طليقاً غريباً


فإني أعظمكم ثروة وإن خلتموني وحيداً سليبا


وابن القيم رحمه الله يتكلم عن أولياء الله، وقد ذكر كثير منهم الدكتور بكر أبو زيد في حلية طالب العلم ، فقال: "بيوتهم المساجد، وإمامهم رسول الله -عليه الصلاة والسلام- اسمهم أهل السنة ، لا يريدون إلا وجه الله" دعها فإن معها سقاءها وحذاءها ترد الماء وترعى الشجر.

فيريد الله بهذه الابتلاءات وهذه الفتن أن يمحص الصفوف، وأن يعرف من هو الصادق الذي يغتاظ ويتلمظ ويغار على دينه ورسالته يوم تمرغ في التراب، أو الآخر: المعربد السكير الذي يضحك ويفرح ويرقص على موت الإسلام وذبحه، ولكن الإسلام -والله- لا يموت.

يقول أحد علماء الإسلام واسمه إسماعيل صبري : "الإسلام والدعاة يمرضون ولا يموتون" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ .



أعلى الصفحة



من ثمار الابتلاء: تكفير الخطايا والذنوب



المسألة الثالثة: من أسرار الابتلاء التي ينـزلها سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في الأرض: تمحيص الخطايا والذنوب التي تعلق بالأخيار، والتي لا يسلم منها الأبرار، فيحتها سُبحَانَهُ وَتَعَالَى حتاً، فنسأله سبحانه أن نكون ممن إذا أذنب استغفر وإذا أُنعم عليه شكر، وإذا اُبتلي صبر، إن منازل الصادقين ثلاث منازل، إذا ابتلي العبد صبر، وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، قالوا لـعثمان : ادخل على الرسول عليه الصلاة والسلام يبشرك بالجنة على بلوى تصيبك، قال: الله المستعان! وما هي البلوى؟ ضرج في التراب وذبح في بيته على المصحف.

جرحان في كبد الإسلام ما التأما جرح الشهيد وجرح بالكتاب دمي


وتقدم المغرضون في الصف وقالوا: ظالم، وطعنوه بالخنجر؛ فوقع وهو يقول: حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، وهذه سنة ماضية.

لما أدخل ابن تيمية السجن -رحم الله ابن تيمية ، ورفع الله قدر أبي العباس على ما فعل وبذل من دمعه ودمه، وعروقه وسمعته، وعلمه ووقته- أدخله السجان وأغلق عليه الباب، فقال ابن تيمية : فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ يقول له أحباؤه: ماذا أصابك؟ فدمعت عيناه وقال:

تموت النفوس بأوصابها ولم يدر عوادها ما بها


وما أنصفت مهجة تشتكي أذاها إلى غير أحبابها


الابتلاء تمحيص، قال عليه الصلاة والسلام: {ونقني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس } الابتلاء غسل للقلب وللمنهج، وغسل للطريق من القاذورات التي تعلق به، إما شهرة وإما سمعة وإما رياء لا يسلم منها العبد، يقول عليه الصلاة والسلام في الصحيح: {عجباً لأمر المسلم إن أمره كله خير وليس ذلك إلا للمؤمن، إن أصابته نعماء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وليس ذلك إلا للمؤمن }.



أعلى الصفحة


دروس في الابتلاء




والابتلاءات فيها دروس.......



من دروس الابتلاء: التوكل والاعتماد على الله



ومنها: أن هذا الإسلام مهما قيل: إنه انتصر، فلا زال في الطريق عقبات، ولو قالوا: صحوة عارمة، فأمام الصحوة ألف عقبة، أعداء الله كثير، يعملون الكثير من العراقيل والمخططات المعقدة التي يحار العبد أمامها، مخططات يعجز الشيطان أن يكتشفها، تأتي من كل باب ومن كل جهة، ونحن ليس لنا حيلة كما يقول ابن القيم : "العبد الصالح يفوض أمره إلى الله، ولا يعتمد على حيلته" ويقول: حالنا كما قال نوح عليه السلام: رب أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ

فاترك الحيلة فيها واتكل إنما الحيلة في ترك الحيل


فليس لنا حيلة ولا ذكاء ولا دهاء ولا قوة، وليس معنا إلا حسبنا الله ونعم الوكيل.

وكم كالوا عليه من التهم الباطلة عليه الصلاة السلام، فقالوا: شاعر، كذاب، ساحر، كاهن، امرأته فعلت؛ رسالته ليست صادقة؛ يأخذ أجراً على الدعوة؛ إنما يعلمه بشر؛ مفترٍ على الله؛ وهو يقول: حسبنا الله ونعم الوكيل.

ولما دخل غار حراء ومعه أبو بكر رضي الله عنه، فطوقه الكفار، فقال أبو بكر : {يا رسول الله! والله لو نظر أحدهم إلى قدميه } أرادوا أن يدخلوا الغار؛ فأعمى الله بصائرهم وأبصارهم عن الغار.

ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على خير البرية لم تنسج ولم تحم


عناية الله أغنت عن مضاعفة من الدروع وعن عال من الأطم


لم يدخلوا الغار يقول أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله! والله لو نظر أحدهم إلى قدميه لأبصرنا، فتبسم عليه الصلاة والسلام تبسم الواثق، من الذي يتبسم وحوله خمسون شاباً كل شاب معه سيف يريد أن يذبحه؟ من الذي يتبسم وهو في غار صغير وحوله الكفر من كل جهة ولا حرس معه إلا حرس الله؟ لا رمح ولا سيف ولا خنجر ولا سكين ولا شيء.

والفيـافي حالمات بالمنى تتلقاك بتصفيق مثير


فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {لا تحزن إن الله معنا ونصره الله }.

الخطيب البغدادي صاحب التاريخ ابتُلي بفرية أستحي أن أقولها في هذا المجلس، ورأى في المنام قائلاً يقول: أتريد يا خطيب ! أن تصل مبلغ الإمامة بلا ابتلاء، أتريد أن تصل إلى تلك المكانة بلا ابتلاء، فعرف أنه ابتلاء من الله.



أعلى الصفحة



من دروس الابتلاء: معرفة مخططات ومكائد أعداء الإسلام



ومن دروس الابتلاء: أن نعرف أعداء الإسلام، ومخططات اليهود، وقد نشرت مجلة المجتمع في آخر عدد لها في أول صفحة أن أول مخطط -الآن- لليهود وأعدائهم تلصيق وتفضيح الدعاة وتلطيخ سمعتهم، فإذا لُطخت بالتراب انصرفت الأجيال عنهم، وعن المساجد والحلقات والمحاضرات، ونظرت الجماهير إلى طلبة العلم والعلماء أنهم ليسوا مصدر ثقة، فلا يوثق بهم، وقد فُعل في كل قطر هذا الفعل، فُعل في فلسطين في رواد الانتفاضة والصحوة وسجلوها في تقارير، ولكن مع معرفتنا بأن الابتلاء حاصل لابد أن نعرف مع من نتعامل، ومع من نجلس، ومع من نتكلم، ونعرف ما حولنا، وأنه يراد بالبلاد الإسلامية والمقدسات وعلماء الإسلام ودعاته وعباده أعظم المكائد.

إن من خطط العلمانية وأنتم تجدونها في بعض الأشرطة أو الكتب التي تتحدث عنهم مثل الشيخ سفر الحوالي وغيره، ومثل كتاب التنصير ، إن من خططهم تلطيخ سمعة الدعاة، فإذا لُطخت لا يثق بهم أحد ولا يُقبل عليهم أحد، ولا يتعلم عندهم أحد، فإذا حصل هذا انتصر الباطل.

أعظم ما يصاب به الناس التشكيك في الرسالة، وأعظم ما يصاب به الناس التشكيك في العلماء والدعاة وطلبة العلم؛ فينفض عنهم الجموع، ويأخذون رموز الباطل، وأدعياء الضلالة وأهل الشهوات، وعباد الأغنية الماجنة، والسهرة الخليعة، والعربدة والكأس، وحينها لا يحقق لهم انتصار، واجهوا الإسلام بالسلاح؛ فانتصر الإسلام عليهم، واجهوهم في فلسطين وفي أفغانستان وفي كل مكان فما استطاعوا أن يحققوا شيئاً، فأخذوا وسيلة أخرى أشد مكراً وخبثاً، ولكن: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ .



أعلى الصفحة



من دروس الابتلاء: الابتلاء علامة لمحبة الله للعبد



ومن دروس الابتلاء: أن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط، وبعض الابتلاءات تجعل ضعاف النفوس يتحول عن الإسلام تماماً، وبعضهم يصاب بمصيبة فيترك المسجد ويكفر بالدين ويعرض عن لا إله إلا الله، ويترك منهج الله! خسر الدنيا والآخرة، انقلب على وجهه، قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ لكن يأبى الله أن ينقلب العبد على وجهه بعد أن ذاق حلاوة الإيمان، وبعد أن أحب محمداً عليه الصلاة والسلام أكثر من أمه وأبيه.

فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ولكن يقول ابن تيمية لأنه قد افُتري عليه افتراءات وهو في الإسكندرية يقول: "يحق للعبد أن يدافع عن نفسه في وقت البلاء".

فأقول: والله الذي لا إله إلا هو إن العبد يتمنى صباح مساء أن يصب دمه خدمة للا إله إلا الله، والله إن أعظم ما يمكن أن أتمناه وأنتم -إن شاء الله- أن تسفك دماؤنا في الأرض لتنتصر لا إله إلا الله، اللهم إنا نسألك أن تصدق قولنا بشهادةٍ في سبيلك، اللهم اسفك دماءنا لترتفع لا إله إلا الله، اللهم قطّع رءوسنا ليبقى الحق حقاً في الأرض وتبقى الرسالة.

فداً لك من يقصر في فداك فلا ملك إذاً إلا فداكا


أروح وقد ختمت على فؤادي بحبك أن يحل به سواكا


لا يحل به إلا لا إله إلا الله، وإلا الرسالة والرسول عليه الصلاة السلام؛ حينها يعرف سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أنا نريد أن ينتصر هذا الدين على جماجمنا، ولحومنا ودمائنا، ولا أبقى الله باقية لمن يريد أن يسفل الدين ليرتفع هو، أو يهزم أو يخسر أو ينال شهرة على حساب الدين حاشا وكلا! رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ربنا إننا أتينا نريد ما عندك.

وليس على الأعقاب تدمى كلومنا ولكن على أعقابنا تقطر الدما


تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد لنفسي حياة مثل أن أتقدما




أعلى الصفحة



من دروس الابتلاء: حقارة الدنيا عند الابتلاء



ومن دروس الابتلاء: أن الحياة تصبح بشهواتها وملاذها ووظائفها وأموالها وبهارجها ودعاياتها، تصبح ضعيفةً ضئيلةً: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ .



أعلى الصفحة



الابتلاء ببعث الهمة في النفوس



ومن دروس الابتلاء: أن العبد عليه أن يواصل بهمة أعظم وأعلى، وبقوةٍ وصرامةٍ، ويستمر ويؤدي لأنه قد باع نفسه من الله.

ومن الذي باع الحياة رخيصة ورأى رضاك أعز شيء فاشترى


حينها يجب على المسلم أمور:

أولها: أن يخلص لله وأن يصدق في دعوته، وأن يؤدي دعوته على أكمل وجه، وألا يتوقف، وأما هذه الابتلاءات فإنها عواصف: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ

الحق سوف يبقى وسوف ينتصر، وسوف تبقى المساجد، وسوف يهيمن الإسلام، وتعود لنا مقدساتنا، ويعود القدس إن شاء الله، وتعود أفغانستان ، وينتصر الإسلام، وترتفع لا إله إلا الله وتنتصر هذه الصحوة، ويعم الأرض -إن شاء الله- انتصار خالد، ولكن هذه التقلبات والأعاصير إنما هي في الطريق، ولكن العاقبة سوف تتم اليوم أو غداً -إن شاء الله- وليس رهناً أن نرى انتصار الإسلام في هذه الفترة فما علينا إلا أن نقدم أموالنا وأوقاتنا ودماءنا وجماجمنا ليعلم الله أننا صدقنا؛ وأننا جاهدنا، وليعلم الله أننا ثبتنا، ثم يأتي جيل بعد جيل حتى: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ .

دخل الإمام أحمد إمام أهل السنة والجماعة الحبس واقفاً في القيد فأراد بعضهم أن يتنازل عن عقيدته؛ ولكنه أبى وصبر حتى انتصرت لا إله إلا الله، وانتصر وعلم الله أنه صادق، وبقي مذهب أهل السنة والجماعة يسود، وسوف يبقى ويكتسح العالم.

والبخاري ابتلاه أمير بخارى بفرية، فما كان من البخاري إلا أن التفت إلى القبلة وهو راكب وقال: "اللهم اكفنيه بما شئت" فما رفع يديه وما وضعها إلا وقد خنق السلطان مكانه إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ .

وابتُلي مالك وجُلد، وسعيد بن المسيب شُهِّر في قميصٍ شفاف، وهو عابد في الستين من عمره؛ ذرفت عينه اليمنى من كثرة البكاء، يقول: ] ولكن أُخذ ورُكب على جمل، وهو سيد التابعين، وعلاّمة الدنيا، وزاهد المعمورة، وعالم الحديث الذي حديثه كالذهب، ركب على جمل فأخذ أطفال المدينة ، ومواليها وعبيدها يضحكون عليه يطاف به وقد قلبوا وجهه إلى ظهر أو دبر البعير، ويجلدونه بالسياط وهو يقول: حسبنا الله ونعم الوكيل.

هذا هو الطريق، والذي لا يعرف هذه سوف يصاب بصدمات يوم يأتيه الخبر في دينه أو عرضه أو أهله أو أطفاله، ولذلك أكثر الناس انهزاماً الذين لا يعرفون أخبار القرآن والسيرة والتاريخ الإسلامي، إنهم ينهارون تماماً، ولكن ليعد العبد إلى التاريخ، وقبل ذلك إلى القرآن والسنة.

اقرأ التاريخ إذ فيه العبر ضل قوم ليس يدرون الخبر


أيها المسلمون: إن من أفضل المعالم التي نعلمها يقيناً أن العاقبة للحق، وأن الله لن ينصرك إلا بأعمالك، وأن الواسطات والشفاعات والدنيا إذا اجتمعت وأنت على باطل فلن تنتصر أبداً، ولكن.

فالزم يديك بحبل الله معتصماً فإنه الركن إن خانتك أركان


وقل دائماً: حسبنا الله ونعم الوكيل، وتوكل على الحي الذي لا يموت، حينها ينصرك الله.

ويقول عليه الصلاة والسلام لـابن عباس : {احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف } والله الذي لا إله إلا هو، لو اجتمع أهل الأرض جميعاً على أن يكيدوك والله معك لن يكيدوك شيئاً، وإن اجتمعوا على أن ينصروك والله ضدك لما فعلوا شيئاً في نصرك، فالقوة التي لا تغلب قوة الله، وهذه أعظم الدروس: أن العبد يتخلى عن الاعتماد على الناس أو على الكيانات أو على الجهات ولا يعتمد إلا على الله.



أعلى الصفحة



إظهار التوحيد في الابتلاء



ومن دروس الابتلاء العظيمة: صدق التوحيد وألا يعتمد إلا على الله، ويعرف من جرب أن لا إله إلا الله لا تظهر حارةً صادقةً قويةً إلا يوم يبتلى العبد، فيقول: لا إله إلا الله من قلبه.

ومن أعظم ميزات التوحيد: أنه يقف معك في الأزمات، يقول محمد بن عبد الوهاب رحمه الله المجدد: "عامي موحد يغلب ألف مخلط" وهذا العامي هو الذي يحمل لا إله إلا الله محمد رسول الله بصدق، فالتوحيد يظهر في الأزمات: مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ والله لا يريد إلا أن يكون الدين له، فيقول لأوليائه: ذوقوا وجربوا واصبروا واعلموا أنه لا ينصر إلا الله، ولا يهدي إلا الله، ولا يكافح ويناضل عن الأبرار والأخيار والصالحين والعلماء والدعاة والعباد والصادقين إلا الله فيقول: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً فعلى كل حال لابد أن تأخذوا من الابتلاءات في التاريخ درساً عظيماً في التوحيد والإيمان، وأن تعرفوا أنه لا ينتصر العبد إلا بصدقه مع الله، وأن يكون ظاهره كباطنه، وأن يقول كلمة الحق ولو قدم رأسه ودمه، ليعلم أنه صادق ولينصره الله نصراً مؤكداً، هذه هي من القضايا التي ينبغي أن نعيشها، والله له في خلقه أسرار وحكم سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.



أعلى الصفحة


الابتلاء في الدين أعظم الابتلاءات




أما الابتلاءات غير ابتلاءات الدين فكلها سهلة هينة يذوقها الناس جميعاً، والكفار يذوقون ابتلاءت المال والخسائر المالية، وموت الأطفال، والزوجات، والإخوة، واحتراق البيوت، وهذا قدر مشترك بين المؤمن والكافر، ولو كان هذا الابتلاء موت الأطفال أو انهدام واحتراق البيت أو ذهاب المال، فهذا أمر مشترك فية الخواجة الكافر، والفلسفي الأحمر، واليهودي المجرم، وكذلك المسلم لكن أما الابتلاء الصارخ في الدعوة، وتشويه السمعة، وتلطيخ واجهة الدين؛ فهذا لأولياء الله ليحتسبوا دعوتهم، وليخلصوا منهجهم لله؛ وليعلموا أنه لا يكفيهم إلا الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ قتل عثمان وسال دمه على هذه الآية ولا زال المصحف موجوداً بشكل موجود على آية: فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ طوق المتمردون الثوار على بيت عثمان فقال: ] فدخلوا عليه وهو يقرأ قوله: فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ فذبحوه، لكنه ما انتهى فقد بقي ذكره في الآخرين بالذكر الحسن، فسمعته وتاريخه وذكره حسن، بل نحن نترضى عليه في كل جمعة وفي غالب الصلوات، أما أعداء الله الذين سحقوا الدعوات فيلحقون باللعنة، أين فرعون والنمرود وجمال وتيتو وأتاتورك والمغرضون؟ لعنوا ويوم القيامة يوردون إلى النار، ويفضحون ويخزون، ويعرضون على النار؛ جزاءً لما قدموا في محاربة هذه الدعوة.

أيها المسلمون: هذا درس في الابتلاء ولعل هناك من التساؤل أو من القصص، أو من التعليق ما سأكمل به هذا الوقت، وأسأل الله عز وجل لي ولكم السداد والثبات.

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعلماء رسالة رسولك صلى الله عليه وسلم، والصالحين من عبادك وأوليائك، اللهم انصر من نصر الدين واخذل من خذل الدين، اللهم من أرادنا والإسلام بسوء فأشغله بنفسه واجعل تدبيره في تدميره، واخذله يا رب العالمين، اللهم اكشف أسراره، واهتك أستاره، وأبد عواره، اللهم أخرس لسانه وأذهب عقله، ودمره تدميراً عظيماً، اللهم أرنا فيه عجائب صنيعك يا رب العالمين، اللهم انتقم لأوليائك، وانتصر لأحبابك ودعاتك ولعبادك الصالحين، اللهم ثبتنا على الحق، اللهم من نصر الدين فانصره ومكنه في الأرض، واجعله يا رب العالمين هادياً مهدياً وتوله في الدارين، نسألك يا رب العالمين أن تحمينا وأن تنصرنا وأن تحفظنا، وأن تهدينا سواءاً السبيل، وأن تمنعنا من كل سيئ يريد بنا والإسلام والمسلمين سوءً، اللهم لا تدابير لدينا ولا حيل، وإنما حسبنا الله ونعم الوكيل: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ اللهم ثبت واهد ولاة الأمر لما تحبه وترضاه، اللهم قيض لهم البطانة الصالحة الناصحة التي تهديهم إلى الحق، اللهم انصرهم بالإسلام وانصر بهم الإسلام.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.......


الأسئلة




......



وصية لمن ابتلي في دينه



السؤال: إن الإنسان قد يبتلى في دينه، فبماذا توصي من حصل له مثل هذا؟

الجواب: أولاً: الناس يبتلون على قدر إيمانهم، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه ذكر أن أكثر الناس بلاءً الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، وصح عنه عليه الصلاة والسلام قوله: {مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع، تفيئها الريح يمنة ويسرة، ومثل المنافق كالأرزة لا تزال قائمة حتى يكون انجعافها مرةً واحدةً } ولذلك لا يبتلى المنافق في الغالب إلا بما يبتلى به الكفار، أو ابتلاءً يشترك معه بقية الناس، فأوصي نفسي وأنفسكم أن نتمنى العفو والعافية، ونسأله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن يعافينا، فإذا وقع الابتلاء عليك بأربعة أمور كما قال ابن القيم :

أولها: أن تحمد الله عز وجل أن أبقى عليك دينك، وأنك ما كفرت بالله، وأنك ما خرجت عن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، يقولون ولذلك إن عالماً من علماء المسلمين حبس مع نصراني في بيت المقدس -أي: في سجن- فكان هذا النصراني توجعه بطنه وعنده إسهال، فكان كلما أراد أن يقضي حاجته يأخذه معه، فيقول العالم: الحمد لله رب العالمين، فقال الحارس: على ماذا تحمد الله؟! على أن سلسلك في هذا الحبل ويسحبك هذا النصراني إلى الحمام، قال: أحمد الله على أني مسلم ولست نصرانياً، أحمد الله على أن الدين بقي.

الثاني: كما يقول ابن القيم : إن الابتلاء سنة من سنن الله، وكما يقال في المثل: في كل واد بنو سعد، وما من واحد إلا ابتلي، والله خلق الخلق ليبتليهم، وليعرف الصادق من الكاذب.

الأمر الثالث: أنها أسهل من غيرها، وأنها أهون من أطم وأعم منها؛ فإن بعض الضربات تعمي، وأعمى العمى من يرتد عن دينه.

الرابع: أن في الأجر والمثوبة عند الله ما يسلي، فإن الأجور عنده سبحانه كما قال: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ .

يقول عمر : ] وقالوا لـعمر بن عبد العزيز : ماذا تتمنى؟ قال: ] قال تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ فما أعظم الأجر والمثوبة؛ فإن ما فات العبد، وما أصيب به من هم وغم وحزن وتعريض وتعنيف كله في جانب أجره عند الله سهل.

ومن المنافع العظيمة في الابتلاء، وهي جزيلة: تمحيصهم من الذنوب والخطايا، ويصفيه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى بهذا الابتلاء.

ومنها أيضاً: أن يُمكَّن الإيمان، ويكتب الإيمان في قلبه كما يقول سيد قطب في كلام له يقول: "هذا الدين لا يأتيه كل من يريده" وهو كما يقول أحد الدعاة العصريين: ليس زريبة بقر، فالدين ليس زريبة بقر يدخل فيه من يدخل ويخرج من يخرج، والدين لا يأتيه إلا من هو صادق، لأن الجنة حُفت بالمكارة، وحفت النار بالشهوات، فلا يأتي الدين إلا من هو صادق، أما الشهواني فلا يريد الدين؛ ولذلك لا يبتلى؛ لأنه قد سقط في أول الطريق.

على ماذا يُبتلى الذي لا يصلي الفجر جماعة؟!

على ماذا يبتلى الذي لا يعرف بيت الله، ولا يعرف القرآن، ولا يتمنى الشهادة، ولا يريد وجه الله؟!: ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ .. وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ تماماً كالحيوانات، شهوات، وسهر، وغناء، ومجون، وبطون، وفروج، ولكن لا ابتلاء؛ لأنهم رسبوا في أول الطريق، ولا يزال الابتلاء بالعبد حتى يصل به مثاقيل الذر، وفي أثر: {يتمنى الناس يوم القيامة أنهم قرضوا بالمقاريض يوم يرون المبتلين } وقال أبو الدرداء : ].

ويقول سبحانه: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ .

فهذه من دروس الابتلاء، ومن ابُتلي عليه أن يكثر من قوله حسبنا الله ونعم الوكيل، ومن ترداد: لا حول ولا قوة إلا بالله، يقول ابن تيمية وذكره ابن القيم أيضاً في الوابل الصيب : "قال الله للملائكة: احملوا العرش، قالوا: لا نستطيع يا رب، قال: قولوا: لا حول ولا قوة إلا بالله، فلما قالوها حملوا العرش"

ومنها: كثرة الاستغفار: وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ .

ومنها: التعلق بالقرآن والنوافل والدعاء، يقول ابن تيمية في المجلد الحادي عشر لما جعلوا له المناظرة في الإسكندرية وهو في بيت قال: "فأعددت في الليل من العبادة والدعاء ما ينبغي للمواجهة" وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وقوة المؤمن أن يعد من الأذكار والأدعية ما ينبغي للمواجهة.



أعلى الصفحة



موقف المسلم من الشائعات



السؤال: كيف يقف المسلم أمام الشائعات المغرضة التي تنتشر؟

الجواب: ذكر الله عز وجل لنا منهجاً في القرآن أمام هذه الأخبار، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ فأمرنا سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن نتبين الأخبار، ومن حملها وماذا يحف بها، وما هي ملابساتها وما مقاصدها، ومن وراءها حتى نكون على بينة، قال سبحانه: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ لا تَقْفُ: أي: لا تتبع ما لا تتأكد منه، وقيل أي: لا تنشر وقيل: أو لا تسأل عن شيء لا أصل له قال تعالى: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً وهذا منهج واضح، والله عز وجل يقول في سورة النور في شأن الصحابة الذين أخطئوا، وليسوا بمعصومين يوم تلقوا خبر الإفك قال سبحانه: إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ يقول: لماذا تتحدثون عن هذه الأخبار؟ أتشكون في الرسالة! أتشكون في الإسلام! أتشكون في القرآن! أتشكون أن الابتلاء وارد! لماذا تعينون هؤلاء؟ لأنهم يريدون القضاء على الإسلام وقد حققوا آمالهم بما يصبون إليه، وهو لا يريد منك صاحب الباطل وعدو الإسلام أن تموت فقط، ولا يريد منك أن تكون خصماً له تضربه ويضربك، هذا سهلٌ، لكن يريد أن يدمر دعوتك ورسالتك وإسلامك ومنهجك حتى ينتصر، فهذا هو المقصود؛ فلذلك لامهم سُبحَانَهُ وَتَعَالَى حتى ذكر سُبحَانَهُ وَتَعَالَى بعدها: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ .

والناس قسمان: من أحب هذا ونشره وأفشاه وأشاعه، وتلذذ بذكره واستعاده في المجالس؛ ففي قلبه مرض وهو عدو للإسلام، وهو يريد أن تشيع الفاحشة، ويريد أن يلطخ الدين والإسلام والقرآن والرسالة، والقسم الآخر من قال: سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ وذَكَّره قلبه وقال: هذا إفك مبين؛ حينها هو صادق مؤمن إن شاء الله.



أعلى الصفحة



أسباب انتشار الشائعات



السؤال: لماذا انتشرت الشائعة أكثر من الآية والحديث؟

الجواب: نعم. الآن كم تلقى من الدروس، وكم تلقى من المحاضرات، هل تنتشر كما تنتشر الشائعات؟ لا. وذلك لأسباب:

أولها: أن الحق ثابت والباطل شاذ، والشاذ تنكره العقول، وينكره كل شيء، والناس ينكرون الشاذ، فإذا أتى خبر شاذ كان له شائعة.

الأمر الثاني: أن إبليس يوزع أحفاده وأولياءه في الأرض، قال سبحانه: فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وله خدمه من الأنس والجن، وله مراسلون ووكالات أنباء، وصحف، وله مذيعون يأخذون خبره: يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً ثم قال سبحانه بعدها: وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ يقول بعض المفكرين عن هذه الآية وهو موجود في شريط: وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ قال: يحبونه، ويتلذذون بسماعه، وينشرونه في المجالس، وبعضهم يقول: يا ليته ما حدث! ويعلم الله أن في قلبه رجس فزاده رجساً إلى رجسه: وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ أي: لينشروه وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون، ويتحدى سُبحَانَهُ وَتَعَالَى -أي: بلسان الحال- فماذا يفعلون، والإسلام باقٍ والحق باقٍ

لبث قليلاً يشهد الهيجا حمل لا بأس بالموت إذا حان الأجل


ولـو أني بليت بهاشمي خئولته بنو عبد المدان


لهان علي ما ألقى ولكن تعالوا فانظروا بمن ابتلاني


رب من أنضجت حقداً قلبه قد تمنى لي موتاً لم يطع


ويراني كالشجى في حلقه جلجلاً في حلقه ما ينتزع


حسبنا الله ونعم الوكيل.سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

بـ أبوها ـنت
بـ أبوها ـنت
القصة الاولى


قال رجل لعنتره : ما السر في شجاعتك وأنت تغلب الرجال ؟
فقال عنتره : ضع إصبعك في فمي وخذ إصبعي في فمك . وعض كل واحد منهم الآخر ، فصاح الرجل من الألم ولم يصبر ، فأخرج له عنتره إصبعه . وقال : بهذا غلبت الأبطال ...أي بالصبر والاحتمال .



فالصبر الصبر يا أخواتي الكريمات وإياكم والجزع مما يقدر الله ويشاء فنحن ملك لله ، وعبيد لله ، ومن حق المالك أن يفعل بما يملك ما يشاء.


إليكم دليل تغنى به الشعراء عن الصبر ، قال الشاعر:


دع المقادر تجري في اعنتها
ولا تنامن الا خالي البال
مابين طرفة عين وانتباهتها
يغير الله من حال الى حال





القصه الثانية



بسم الله الرحمن الرحيم


يقول الله سبحانه وتعالى : (( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب )) الزمر . والصبر نعمة من نعم الله علينا


فبالصبر يتغلب المؤمن على مصائبه , ويحتسب الأجر , والصابرون لهم أجر كبير عند الله يوم القيامة , يقول


المصطفى صلى الله عليه وسلم : إنما الصبر عند الصدمة الأولى , وهنا سأعرض لكم بعض القصص عن روائع


الصبر لنأخذ منها العِبر ونتعلم منها , ونعرف كيف صبر غيرنا على مصائبهم وكيف احتسبوا الأجر عند الله .


القصة الأولى : يحكى أن رجلاً من الصالحين مر على رجل أصابه شلل نصفي والدود يتناثر من جنبيه وأعمى وأصم
وهو يقول : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيراً من خلقه . فتعجب الرجل ثم قال له : يا أخي ماالذي عافاك
الله منه لقد رأيتُ جميع المصائب وقد تزاحمت عليك . فقال له : إليك عني يا بطال فإنه عافاني إذ أطلق لي لساناً
يوحده وقلباً يعرفه وفي كل وقت يذكره 0



القصة الثانية : قال الأحنف بن قيس : شكوت إلى عمي وجعاً في بطني فنهرني وقال : إذا نزل بك شيء فلا تشكه
إلى مخلوق مثلك لا يقدر على دفع مثله عن نفسه , ولكن اُشكُ لمن ابتلاك به فهو قادر على أن يفرج عنك , يا ابن
أخي إحدى عيني هاتين ما أُبصرُ بها من أربعين سنة وما أخبرت امراتي بذلك ولا أحداً من أهلي 0



القصة الثالثة : يُحكى أن أحد الصالحين كان إذا أُصيب بشيء أو ابتُليَ به يقول خيراً وذات ليلة جاء ذئب فأكل
ديكاً له , فقيل له به فقال : خيراً , ثم ضُربَ في هذه الليلة كلبه المُكلف بالحراسة فمات . فقيل له , فقال : خيراً ,
ثم نهق حماره فمات , فقال : خيراً إن شاء الله . فضاق أهله بكلامه ذرعاً . ونزل بهم في تلك الليلة عرب أغاروا
عليهم فقتلوا كُلَ من بالمنطقة ولم ينجُ إلا هو وأهل بيته . فالذين غاروا استدلوا على الناس الذين قتلوهم بصياح
الديكة ونباح الكلاب ونهيق الحمير , وهو قد مات له كل ذلك فكان هلاك هذه الأشياء خيراً وسبباً لنجاته
من القتل فسبحاااااان المدبر الحكيم .



القصة الرابعة : قال المدائني : رأيت بالبادية امرأةً لم أر جِلداً ولا أنضر منها ولا أحسن وجهاً منها , فقلت :
تالله إن فعل هذا بكِ من الاعتدال والسرور , فقالت : كلا والله إن لدي أحزاناً وخلفي همومُ , وسأخبرك :
كان لي زوج وكان لي منه ابنان فذبح أبوهما شاة في يوم عيد الأضحى والصبيان يلعبان , فقال الأكبر للأصغر :
أَتريد أن أُريك كيف ذبح أبي الشاة . قال : نعم , فذبحه . فلما نظر الدم خاف ففزع نحو الجبل فأكله الذئب فخرج
أبوه يبحث عنه فضاع فمات عطشاً فأفردني الدهر . فقلت لها وكيف أنتِ والصبر ؟؟؟
فقالت لو دام لي لَدُمتُ له ولكنه كاااان جرحاً فَشُفِي .



القصة الخامسة : حدثت للشافعي رحمه الله عند موت ابنه , فقال : اللهم إن كنت ابتليت فقد عافيت وإن كنت أخذت فقد أبقيت , أخذت عضواً وأبقيت أعضاء , وأخذت ابناً وأبقيت أبناء .



لله درهم من صابرين , صبروا على مصائب تَهد الجبال واحتسبوا الأجر من عند الواحد المنان , لأنهم عرفوا
فائدة الصبر وأجره العظيم عند الله , وتغلبوا على هذه المصاءب بقوة ايمانهم وثقتهم بالله سبحانه وتعالى

بـ أبوها ـنت
بـ أبوها ـنت
بَراءة - قصة واقعية ورائعة في الصبر على البلاء


هي طفلة مصرية في العاشرة من عمرها والديها طبيبان سافرا للسعودية بحثاً عن عيشة أفضل ، كانت براءة طفلة غاية في النباهة والذكاء لدرجة أنها حفظت القرآن الكريم كاملاً بأحكامه في هذا السن ، معلمتها كانت تقول لها دوماً لابد وأن تكوني في المرحلة الإعدادية وليس الإبتدائية ، أسرتها هي أسرة سعيدة صغيرة ملتزمة ، وفجأة ودون سابق إنذار شعرت الأم بآلام شديدة وبعد الفحوصات تأكدت أنها مصابة بالسرطان بل في مراحله المتأخرة ، فكرت الأم كثيراً كيف تخبر ابنتها خاصة إذا استيقظت يوماً ولم تجدها ، وأخيراً بعد طول تفكير قالت لها : ( يا براءة أنا هاسبقك على الجنة ، والقرآن اللي حفظتيه لازم تقرئيه كل يوم عشان هو ده اللي هيحفظك في الدنيا ) لم تفهم براءة الأمر بصورة واضحة ، ولكنها شعرت بالتغيير حينما تركت أمها المنزل وأقامت بصفة دائمة في المستشفى ، فكانت براءة تذهب صباحاً للمدرسة وتعود إلى المستشفى تلازم أمها تقرأ لها القرآن ولا تبرحها إلا في المساء حينما يأتي أبيها ..

وفي صباح أحد الأيام اتصلت على غير المعتاد إدارة المستشفى بالوالد وأخبرته أن زوجته في خطر وعليه الحضور الآن ، فأسرع الوالد من عمله إلى مدرسة براءة وأخذها في يده وأسرع إلى المستشفى ، وحينما وصل إلى المستشفى طلب من براءة المكوث في السيارة حتى يطمئن على أمها ثم يعود لها ليأخذها لتراها ، هو أبى أن يأخذها معه حتى لا تصاب بالصدمة مباشرةً إذا ماكانت الأم قد ماتت ، فخرج الأب مسرعاً من سيارته عيناه تملؤها الدموع وعقله شارد بالتفكير ، وأثناء عبوره الطريق للدخول للمستشفى صدمته سيارة مسرعة فمات من فوره أمام عيني براءة ، فنزلت براءة مسرعة تبكي في حضن أبيها الذي تركها في السيارة ليموت وحيداً في الطريق ..

يا سادة مأساة براءة لم تنته بعد ، تم إخفاء خبر الوفاة عن الأم التي ترقد داخل المستشفى ولكن بعد خمسة أيام فقط … رحلت الأم ، رحل الأب ورحلت الأم ولم يبق إلا براءة في الحياة . أصبحت وحيدة بعد أن مات أبواها ولا تعرف أي قريب في السعودية ، واجتمع أصدقاء الوالد وأهل الخير من المصريين والسعوديين ، لإيجاد حل لوضع براءة ، وكيفية الترتيب لتوصيلها لأهل أبويها في مصر ..

ولكن وبدون سابق إنذار تشعر براءة بآلام شديدة وبعد الفحوصات تعرف الطفلة الصغيرة أنها تحمل نفس مرض الأم ، فتبتسم الطفلة الصغيرة وتقول أمام الجميع ( الحمد لله هشوف بابا وماما ) الجميع كان في ذهول واندهاش عجيب ، ابتلاءات تعقبها ابتلاءات تنزل على رأس الطفلة الصغيرة وهي صابرة سعيدة بقضاء الله ، بدأت قصة براءة يعرفها الناس رويداً رويداً داخل المجتمع السعودي وتكفل بها رجل سعودي صالح أبى أن يعرف الناس حتى اسمه ، وسفرها على نفقته الخاصة إلى بريطانيا للعلاج من هذا المرض كبيراً ، وهي في المستشفى اتصلت بها قناة الحافظ على الهواء لتطمئن على صحتها وطلبت منها قراءة بعض آيات من القرآن فقرأت بصوت عذب جميل ما سمعت في حياتي كلها صوت أجمل ولا أعذب من صوت براءة ..






واتصلت بها مرة أخرى قبل غيبوبتها الأخيرة وأنشدت الفتاة أنشودة للأم أبكت ملايين المشاهدين وأعقبت ذلك الدعاء لوالديها بالرحمة ..





وتستمر أيام الألم في المستشفى في بريطانيا ويستشرى هذا الورم الخبيث في جسدها ويقرر الأطباء بتر ساقيها على الفور ، وهي صابرة راضية بقضاء الله تقضي فترات وعيها في الحياة في قراءة القرآن ، وبعد مرور أيام سرح المرض مرة أخرى ووصل للمخ ، فقرر الأطباء إجراء جراحة عاجلة لها في المخ من أسبوع ويرقد جسدها الصغير الآن في غيبوبة كاملة ..










دعواتكم لها
ام رولي
ام رولي
الله يسعد من رد علي ويسعد جميع من فاالمنتدى